مقال : آية الله قاسم وضرورة الإحياء البيتي لمناسبات أهل البيت ( ع ) لـ شيخ غازي السماك
بسم الله الرحمن الرحيم
قال عز من قائل في محكم كتابه الكريم: ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ).
من أبرز مظاهر المودة – انطلاقا من هذه الآية المباركة- هو إحياء مناسبات أهل البيت ( سلام الله عليهم أجمعين )، وهو من أفضل العبادات والقربات.
ولهذا الإحياء أنماط متعددة على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع، فالإحياء الفردي يكون من خلال إظهار الحزن والفرح – تبعا للمناسبة – وانعكاس ذلك في اللباس والسلوك وغير ذلك.
بينما الإحياء المجتمعي يكون بالمشاركة في المآتم والحسينيات والفعاليات العامة.
أما الإحياء الأسري – البيتي – والذي أكد عليه آية الله قاسم، فهو محط الحديث والنظر في نقاط عدة:
أولا: هل هناك تعارض أو تزاحم بين الإحياء البيتي والإحياء في المآتم والحسينيات؟
الحديث عن الإحياء البيتي لم يطرح كبديل عن الإحياء العام في المآتم والحسينيات، وإنما هو نمط ضروري من أنماط الإحياء الرافد للإحياء العام، فلا ينبغي إثارة شبهة التعارض أو التزاحم في المقام، لأنهما يصبان في ذات الهدف العام – وإن كان لكل منهما ميزاته – .
ثانيا: لماذا الإصرار على الإحياء البيتي؟
الإحياء البيتي له عدة ثمار:
١- تعزيز أواصر الترابط والتربية الأسرية المبنية على ذكر الله تعالى وتلاوة القرآن الكريم و محبة أهل البيت ( عليهم السلام ) في عمق الجو الأسري، وهذا من شأنه أن يفتح العقول والقلوب والمشاعر على سيرة أهل البيت (عليهم السلام) فينعكس على البعد السلوكي للأسرة الواحدة في كل أبعادها.
٢- اكتشاف الطاقات الكامنة غير المعروفة عند أفراد الأسرة – وبالأخص الصغار – وصقلها وتنميتها، ومن ثم رفد الفعاليات العامة بها، مما يساهم في وفرة الكفاءات والطاقات التي تثري الإحياء العام.
٣- الإحياء البيتي له طابع تفاعلي من قبل جميع أفراد الأسرة الواحدة، فكل فرد يستشعر مسؤولية إحياء مناسبات أهل البيت ( عليهم السلام) ويشارك في الإحياء بشكل تفاعلي – لا يقتصر على الحضور والاستماع-، وهذا لا يمكن أن يتحقق ضمن الإحياء العام الذي يعتمد على التلقي، حيث إن الإحياء البيتي يرتكز على الإفادة، بينما الإحياء العام يرتكز على الاستفادة، ومن خلال الإحياء البيتي والإحياء العام يتحقق الغرض الأقصى المتمثل في الإفادة والاستفادة.
٤- الإحياء البيتي يحقق استمرارية إحياء مناسبات أهل البيت (عليه السلام ) في مختلف الظروف – وبالأخص الظروف الصحية الراهنة والمتغيرة- وهذا مبدأ مهم في عملية الإحياء.
ثالثا: كيف نمارس الإحياء البيتي؟
الفكرة الأساس هي الإحياء الأسري التفاعلي، بحيث يشارك كل فرد من أفراد الأسرة الصغيرة الواحدة بفقرة من فقرات إحياء المناسبة، مع مراعاة أجواء المناسبة من حزن أو فرح في الترتيب والإستعداد البيتي.
على سبيل المثال:
•فقرة تلاوة القرآن الكريم يتلوها أحد أفراد الأسرة.
•فقرة إلقاء الشعر، من خلال انتقاء الشعر المناسب مع الإحياء وتمرين الطفل على إلقائه، بحيث تكون عنده شجاعة للتحدث أمام الآخرين ومواجهة الجمهور.
•فقرة الكلمة المختصرة من خلال الإستعانة بكلمة مكتوبة ويقرأها أحد أفراد العائلة.
•فقرة العزاء أو قراءة المولد، من خلال التهيئة المسبقة والتمرين.
•فقرة المسابقة المبسطة مع توزيع الجوائز للفائزين.
•فقرة قراءة الدعاء الختامي.
وختام الحفل أو العزاء يكون بتناول الطعام المناسب مع ذلك الإحياء.
وإن كان بالإمكان توزيع هدايا بسيطة على جميع أفراد العائلة في إحياء المواليد فهذا نور على نور.
على أن يتم اختيار وقت أو يوم للإحياء البيتي بحيث لا يمنع من المشاركة في الإحياء العام الذي يقام في المآتم والحسينيات.
ختاما: الإحياء البيتي ضرورة ليس في إطار الحالات الإستثنائية فقط، بل هو مطلوب على نحو الإستمرار – في مختلف الظروف – كنمط من أنماط الإحياء الضرورية الهادفة.
سماحة الشيخ غازي السماك
٢٧ مارس ٢٠٢١