آية الله قاسم : احتماء المطبّعين من خطر محور المقاومة هدف رديء يمثل جرماً.. والأمة الناهضة لن تنام عن هضم الحقّ
قال سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم في الكلمة التي ألقاها بمؤتمر كبار العلماء الذي نظمته أربع منظمات إسلامية يوم الخميس 24 سبتمبر 2020 عبر الفضاء المجازي بشأن الإساءة للرسول الأعظم (ص) وحرق القرآن واتفاقيات العار والخيانة، بأنّ احتماء المطبّعين من خطر محور المقاومة هو احتماء بسياسة ترامب وسياسة نتنياهو وجيشهما العدوِّين اللدودين لكلٍّ من الأمة العربية والإسلامية، مشدداً على أنّه هدف رديء يمثّل جرماً فاحشاً من الناحية الأخلاقية والدينية.
وأضاف سماحته في المؤتمر الذي عقده مركز الأمة الواحدة للدراسات الفكرية والاستراتيجية بالتعاون مع مؤسسة عاشوراء الدولية وتجمع علماء المسلمين في لبنان ومجلس علماء المسلمين في فلسطين بمشاركة 18 عالماً من الطائفتين الكريمتين بأنّ هدف الاحتماء من خطر محور المقاومة فيه حسن ظن كبيرٌ أبلهٌ بمن لا ينبغي حسن الظن به، وكل التجارب معه تنفي أن يُحسن به الظن، مؤكداً بأنّه يوم أن تجدُّ معادلات في الساحة المحلية والعالمية لن يكونا إلاّ عدوّين لمن وعدا بنصرته في وقت كان الموعود بنصرتهما قد تخلّى عن أمّته.
وشدّد سماحته في كلمته التي جاءت تحت عنوان “مآلات التطبيع” بأنّ طالِبُ النصرة من الرجلين لا يكون استنصاره إلاّ لباطل، إذ يستحيل منهما أن يقفا مع حقٍّ ضدّ باطل.
وأكد سماحته بأنّ الأمة الناهضة لن تستسلم ولن تستجيب لإرادة أعدائها من حكومات الاستكبار العالمي ولا لمن يستجيب لهم من حكومات عربية أو غيرها، ولن تنام على هضم الحقّ، لافتاً إلى أنّ مصير الحكومات المطبّعة مرهون بمصلحة أمريكا وإسرائيل.
للمشاهدة :
*فيما يلي نصّ كلمة سماحته:
-مآلات التطبيع-
من التصريحات لبعض الرسميين والإعلام شبه الرسمي أو ما يُفهم له بصورة قويّة بأنّ القضية الفلسطينية وقضايا الأمة ثانوية، والأولوية للمصلحة الوطنية.
ومن هذه التصريحات ما يُفهمك قويّاً جدّاً كذلك بأنّ التطبيع احتماءٌ من خطر محور المقاومة في الأمة في إطارها الواسع الجامع، وهو احتماءٌ بسياسة ترامب وسياسة نتنياهو وجيشهما العدوِّين اللدودين لكلٍّ من الأمة العربية والإسلامية. إحتماءٌ من الأمة الإسلامية بترامب ونتنياهو.
وهذان الهدفان رديئان جدّاً ويمثلان جرماً فاحشاً من الناحية الأخلاقية والدينية. وفيهما حسن ظن كبيرٌ أبلهٌ بمن لا ينبغي حسن الظن به، وكل التجارب معه تنفي أن يُحسن به الظن. فلا حسن ظنٍ أبداً بترامب ونتنياهو، فيوم تجدُّ معادلاتٌ في الساحة المحلية والعالمية لن يكونا إلاّ عدوّين لمن وعدا بنصرته في وقتٍ كان الموعود بنصرتهما قد تخلّى عن أمّته.
وطالِبُ النصرة من الرجلين لا يكون استنصاره إلاّ لباطل، إذ يستحيل منهما أن يقفا مع حقٍّ ضدّ باطل.
وعداؤهما للأمة مُحرَز، وحربهما عليها قائمة كان التطبيع أو لم يكن، والتطبيع الذي دَعَوَا إليه إنما هو استسلام من الطرف الآخر لإرادة الزعزعة لوجود الأمة والقضاء على هوّيتها وكيانها، لا لأن ذلك الطرف يفرض عليهما إرادته.
أمّا عن مآلات التطبيع المشؤوم إنْ انفتح له الطريق كما يهوى الطرف المخطط له وهو الطرف الأقوى في معادلة التطبيع فكارثية بالنسبة للفلسطينيين وشعوب البلدان العربية المطبّعة والأمة العربية والإسلامية كلّهم.
وكأنّ التصريح بما يُفيد تقدّم المصلحة الوطنية المحلية على مصالح الأمتين والشعب الفلسطيني قد اختار مع علمه بالآثار الكارثية على الأطراف الثلاثة كلّها للتطبيع أن يقدّم عليه ترجيحاً لما ادّعاه من المصلحة الوطنية في ذلك.
وهل يصح هذا في دينٍ أو ضميرٍ لو سُلِّم بأنّ في التطبيع مصلحة وطنية وهي غير ثابتة والأمر على العكس، هل يصح هذا الذي قالوه في ضمير أو دين؟ هل يصح أن نضحي بالأمة كلّها والقضية الفلسطينية من أجل مصلحة وطنية صغيرة مادية؟
مرّةً يكون الموقف السياسي محقِّقاً لمصلحة وطنية من غير أن يضر بمصلحة الأمة أو جزء منها وموافقاً للحق والعدل، وخالياً من العون على الباطل، ومثل هذا الموقف لا كلام فيه.
ومرّةً يكون الموقف السياسي الذي يُتوَقّع أن يعطي مصلحةً جزئيةً للوطن المحلي سبب تحطيم للأمة ووحدتها ودينها، وتآمراً وموقف نصرة عليها لأعداء الدين والإنسانية والعدل في الأرض، وهل يجوز لذي دين أو ضمير أن يتخذ هذا الموقف السياسي بحجّة أنّه يحقّق مصلحةً وطنية محليّة؟!
ولِنمرّ سريعاً بالنتاجات والمآلات التي يُفترض وقوعها على الأرض، التفاوت الكبير في قوة الأطراف المخططة للتطبيع والآمرة به من جهة، والمستجيبة له من جهةٍ أخرى.
الطرفان في التطبيع بعض الدول العربية الضعيفة بما لا يقاس بالنسبة للطرف الآخر القوي المتمثل في أمريكا وإسرائيل، الطرف الأمريكي الإسرائيلي المتغطرس الشديد في ترسانته الحربية وقواه المادية، هذا التفاوت كما يفرض وقوعها ما ظهر من تصريحاتٍ من كلّ أطراف التطبيع من استهداف الوجود الناهض المقاوم في الأمة باضعافه وإنهاكه وإفشال نهضته وتركيعه، وإذلاله إذلالاً للأمة كلّها، وإسكاتاً لأي صوتٍ حرّ لأيٍ من شعوبها وأبنائها. وهذه التصريحات تكشف تماماً عن نوع النتائج التي ستحصل من هذا التطبيع، وهي نتائج كارثية على الأمة والشعب الفلسطيني وشعوب الأمة.
ويفرضها ما سبق من تجارب التطبيع ومعطياته كما في التجربة المصرية والأردنية.
وإذا جئت للتطبيع في بُعده الإقتصادي؛ فهو تطبيعٌ بين سوق عربية في البلدين المطبعين جديداً، وهي سوق استهلاكية لا إنتاجية، وبين سوقٍ إسرائيلية نشيطة في الإنتاج والذي سيفتح التطبيع له فرصاً واسعة مغرية تضاعف نشاطه وأرباحه.
والتجربة الأردنية تعطي أنّ التطبيع مخطّطٌ له إسرائيلياً أن ينعش الاقتصاد الإسرائيلي ويفتح له سوقاً مربحة دون أن ينعكس بشيء يذكر من النماء للاقتصاد الأردني.
وإذا جئنا للتطبيع في بعده السياسي والأمني والثقافي والعسكري، فكل ذلك يعني إما أنّ الحقّ الفلسطيني وحقّ الأمة قد أستُردّ بالكامل، وهذا لم يحصل، أو أنّه أُخذ شرطاً للتطبيع، وهو شرطٌ لا وجود له، أو انكشاف أنّه لا حقّ للفلسطينيين ولا للأمة في ذمّة الصهاينة، وإما التنازل عن كلّ الحقوق الفلسطينية وحقوق الأمة وإعطاء قسم من الأمة يد الذل للعدو وهم صاغرون.
وكلٌّ من التطبيع السياسي والأمني والثقافي والعسكري ناتجه الحتمي لو أتيح له أن يبلغ أهدافه لا يقبل الشك في ظل ما يُفهم من تصريحات أطراف التطبيع كلّها بأنّهم جبهة في مقابل جبهة المقاومة بمعناها الشامل -مقاومة لعدوان العدو-، بأنّه الارتداد بالأمة مسافاتٍ ومسافات عن طريق تقدّمها وقفزة نهضتها، وتوّعد بإحداث زلزالٍ كبيرٍ مدمّر لكيانها.
أما مصير الحكومات المطبّعة فهو مرهون بمصلحة أمريكا وإسرائيل وقد وضعه المطبّعون تحت الإرادة الأمريكية والإسرائيلية، في تخلٍّ عن ركب الأمة ونأيٍ عن خطّها مما يزيد في سيطرة الإرادة الأمريكية والإسرائيلية.
أما الأمة الناهضة فلن تستسلم ولن تستجيب لإرادة أعدائها من حكومات الاستكبار العالمي ولا لمن يستجيب لهم من حكومات عربية أو غيرها، ولن تنام على هضم الحقّ إن شاء الله.