ماذا يهم الحسين “عليه السلام”؟
بسم الله الرحمن الرحيم
ماذا يهم الحسين “عليه السلام”؟
إنّ للإمام الحسين “عليه السلام” همّاً كبيراً رئيساً على خطّ طاعته الصدق وعبادته الحق لله وحده. هذا الهمُّ يتعلّق بالإنسانية كلّها، وبالأمة الإسلامية وبشيعته وهو ألاّ تنحرف عن طريق الله، ولا تخرج في شيء عن طاعته سبحانه، ولا تتخذ من طريق الشيطان طريقا، ومن سبيل الضالين والمضّلين سبيلا.
ولا يريد الحسين “عليه السلام” من شيعته أن يتخذوه على ألسنتهم إماماً، ويقيمون مأتمه، ويتشدقون بثورته، ويفاخرون بإبائه وبسالته، ويُشيدون بفدائه وتضحيته، ويذرفوا الدمع غزيراً لفاجعته، ويلعنوا عدوه، بينما الفاسق منهم لا يغيّر من فِسقه الذي هو عليه، والعميل للظلمة الطغاة لا يرجع عن غيّه، وقاطعُ الرّحم لا يرعى حرمةً لرحمه، والمتساهلُ في دَيْن أخيه المؤمن لا يتوب عن تساهله، والسافرة على خلاف ما نهى الله عزّ وجلّ، والمتزيّنة بما حرّم، والراكضةُ وراء الأزياء الفاتنة لا ترتَدُّ عن معصيتها، ولا تأبه أن الدّين نهى عمّا تعلّق به هواها مما يفتك بدينها، وأن ما تلبسُه مما يغري السفلة بها، أو تتزيّن به مما يجعلها محط تعطش المتهافتين على الحرام، أو تشاهده مما يسقطها في الرذيلة، أو تسمعه مما يَبُعُد بها عن الهدى ويُغضب الله عزّ وجلّ، ويأخذ بها إلى نار جهنم، أو تقرأه مما يُشرّق ويغرّب بها عن الحق، أو تكتبه مما ينشر الضلال، ويشيع الفحشاء والمنكر.
أندري أننا جند من جند ابليس ويزيد وكل معاد لله في الأرض، وأننا محاربون لله عزّ وجلّ ورسوله “صلى الله عليه وآله”، وللحسين “عليه السلام”، ولكل مصلح في الأرض وداعٍ إلى الله ومقاوم للظلم، وإنْ أقمنا مأتم الحسين “عليه السلام”، وذرفنا الدموع ولطمنا الصدور وأَجَدْنا الشعارات وبذلنا الكثير من الوقت والجهد والمال باسم الحسين والتشيع وكربلاء.
إذا رفعنا شعار الحسين “عليه السلام، ولكن حققنا أمل الشيطان وأعداء الحسين “عليه السلام” في سلوكنا بأنْ جاريناهم في سلوكهم، وأخذنا بما يهوون لنا، وتركنا الأخذ بما يُرضي الله سبحانه من حقّ القول، وصالح العمل، وجميل الأخلاق، وحسن المعاملة، وطهر الضمير، ونظيف الأفعال، وزهدنا في العفّة، وقربنا من القبيح، وهان علينا ارتكاب الفحشاء والمنكر وما حرّم الله، والتخلّي عما أوجب.
إذا رفعنا شعار حبّ الحسين “عليه السلام” وكان عملنا محققاً لأمل الشيطان وأتباع الشيطان فينا مغضباً لله ورسوله “صلى الله عليه وآله” والحسين “عليه السلام”، إذا تخلّى شبابنا أو شاباتنا عن العفة والشرف والنزاهة، وكان ما نسمع ونقرأ ونشاهد ونلبس ونأكل ونشرب ما تشتهي النفس ويدعو إليه الشيطان وينكره الدين، ولم نراع شريعة الله ورضاه في فعل أو ترك في كثير مما نفعل وندع، فماذا بقي من فرق بيننا وبين من جاء فيهم “قلوبهم معك -أي الحسين عليه السلام- وسيوفهم عليك”.
إنّ كلّ تبذّل وسقوط خُلقي، وتنازلٍ عن شرف العرض من رجل أو مرأة، وكل إشاعة لزيّ يفسد، ولكل سلوك قذر، وفتح أي باب من أبواب المعصية أيّاً كانت في الأسرة المسلمة والمجتمع المسلم يعني تقوية جبهة الباطل في الأرض وإضعاف جبهة الحق، ويعني مناصرة أعداء الدين، ومحاربة أنصاره، يعني نوعاً من المقاتلة في خندق يزيد ضد خندق الحسين، يعني هدماً لما يريد الله، وإشادة لما يريد الشيطان، يعني دعماً فعليّاً قوياً مقصوداً أو غير مقصود للمخطط العدواني الواسع المستهدف للقضاء على الهوية الدينية للأمة.
فليتق المسلمون جميعاً أن يكونوا بما يتركون من واجبات، وما يأتون من محرمات في دين الله جنوداً للشيطان وأئمة الضلال من أتباعه في حربهم على الله ورسوله، وعوناً على أنفسهم، وأن يستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير.
المفسد في المجتمع المسلم عضو نشط في حزب الشيطان، وجندي فعّال في جبهة الكفر والضلال وإنْ كان مسلماً، فليحذر المسلم الذي قد يصلي ويصوم أن يكون كذلك وإنْ صام وإنْ صلَّى.
عيسى أحمد قاسم
24 أغسطس 2020