مقال : شعاع العزة
شعاع العزة ..
بقلم محمد حسن
“يا جماهير الأمّة، يا نخب الأمّة، يا غيارى الأمّة، يا وعاة الأمّة، من أراد منكم لنفسه ولأمّته وعشيرته عزّة فلا يطلبها من غير طريق الله والاستكانة بين يديه، ومن الاستكانة بين يديه التقيّد الكامل الدقيق في الحياة”﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً﴾. فاطر: 10. (1)
بتلكم الكلمات وبنبرات واثقة وبنفسٍ صادق أنعش عطش الجماهير الفتيّة التي تسمعه في كل مكان،حين كان يرويها بتوجيهاته التربوية الواعية، ويستكمل خطاب العزة العاشورائي الذي يتنظره الجميع بكل ترقّبٍ وحماس.
تستوقفك كلمات تجسّد واقعه اليوم في ذات الخطاب،حينما كان يوضّح ويناقش ” كان الحسين (عليه السلام) محاطاً بكل أسباب الذلّ الخارجي والمغلوبية على الأمر، أما نفس الحسين (عليه السلام) فكانت تزداد شعور بالعزّة وبالكرامة والشموخ والاستعلاء كلما قرب حين لقائها بالله تبارك وتعالى.
فهناك ذلّتان: ذلّة خارج، وذلّة داخل، ذلّة خارجية يمكن أن يفرضها الخارج عليك قهراً، وهناك ذلّة داخلية تختارها أنت اختياراً، وذلّة الخارج للشريعة فيها رأي..”(2)
ليس هنالك من درسٍ يقدّمه بكل بلاغة الموقف العملي، كمثل درس العزّة الذي طالما تحدّث عنه في خطابات عاشوراء السنوية، كان ممسكاً بزمام صدارة المشهد، أما وقد أصبح هو المشهد فليس عليك إلا أن تدقق في البلاغة والإبداع، كما تدقق في التميّز والانفراد.
سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم بعد التقصّد المباشر والحصار، وبعد إعتصام ومجزرة الفداء، درس معاصر في العزة والثبات على الدين والصلابة في التمسك بالمبدأ، والصبر والجلد مع كل الهدوء والسكينة والإطمئان والثقة بالله والسعي لرضاه، فإن كان المعتصمون والشهداء المضحوّن يجسدون النصرة ويتمثلون دور الأنصار فإنه لم يحد عن الإمتثال والاقتداء بدور الإمام الحسين (ع) وجسد الوفاء لهم كما كانوا أوفياء.
حركاته وسكناته وكلامه وصمته موقف له هيبته، فلم يجسد في مسيرته المشهودة إلا الدين والتجلبب برداء العزة الإيمانية التي لا تشوبها إنكسارة نظرة ولا لمحة قلة حيلة، فمن يمتلك قوة الحق والإيمان لا يملكه شيء ويمتلك كل شيء..هو هيبةٌ صنعها الله وأشعّها شعاعاً من أشعة عزة الإمام الحسين (ع)..
_____________________________________
(1)+(2) كلمة سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم ليلة العاشر من المحرم 1432هـ في العاصمة المنامة