كلمة سماحة آية الله قاسم في تدشين شعار عاشوراء لعام 1437هـ
تغطية شاملة لكلمة سماحة آية الله قاسم في تدشين شعار عاشوراء لعام 1437هـ في مقر جمعية التوعية بالدراز – الجمعة 23ذوالحجة1437هـ – 8 أكتوبر 2015م
“عاشوراء للإسلام .. للإصلاح.. للوحدة”
للإستماع :
اضغط على الصورة لمشاهدة الألبوم :
للمشاهدة :
https://youtu.be/tFrXn0tgs-M
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الغوي الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين واللعن الدائم على أعدائهم إلى قيام يوم الدين.
عاشوراء للإسلام وعاشوراء للإصلاح وعاشوراء للوحدة أولا للإسلام وذلك يعني أن عاشوراء للثورة وللإسلام ولما لا نحتمل أنها لغير ذلك؟ هل لعشيرة أو لقومية أو لعز قطره أو لأي شيء آخر من الأمور التي كثيرا ما تهدر أرواح تبلغ بمئات الألوف والملايين من أجلها وهي أمور تبعد كثيرا عن الإسلام.
عاشوراء للإسلام ..
والضمان الذي يجعل عاشوراء للإسلام ولما نحتمل ولا يترك لنا مجال أنها لغير الإسلام وفهمنا كل موقف فيها أو لم نفهم؛ ذلك لأن مفجر الثورة هو الإمام الحسين عليه السلام وليس لأنه أبن رسول الله صلى الله عليه وآله وليس لأنه أبن فاطمة وعلي عليهما السلام وإنما لأنه من الذين ثبتت لهم العصمة فلا يشذ لهم فكر عن فكر الإسلام ولا هدف عن هدف الإسلام ولا شعور عن الشعور الذي يريده الإسلام ولا إرادة عن إرادة الله تبارك وتعالى فيما كان قد قام به وما ضحى من أجله بكل غالي فضلا عن الرخيص وليس شيء مما ضحى به أبو عبدالله عليه السلام مما يرخُض وإنما كل تضحياته كانت كبارا وضخمة وعزيزة.
كانت المسؤولية الإلهية التي لا تبارح عقله وقلبه وإرادته هي التي كانت وراء الثورة وتفجيرها والشاهد على أن الإمام الحسين عليه السلام معصوم من المعصومين الذي لم تأمن السماء على المسيرة البشرية في الأصل إلا منهم والحسين عليه السلام بشاهد من القرآن وشاهد لا يعني نصا واحد أو ظاهرا واحد من ظواهر النصوص وكذلك شاهد على عصمته من السنة النبوية المطهرة وثم شاهد عملي بمن غام عليه الأمر بدرجة ما من سيرته الطاهرة التي خلت تماما من أي موقف يسمح بحمله على منطلق آخر غير منطلق العصمة.
ذلك هو الإمام نوعا والذي يصح لكمال الله عزوجل وحكمته وعلمه ورأفته بالعباد أن يسند إليه قيادة المسيرة البشرية في الأساس وإذا كان شيء آخر وبدرجة أقل من العصمة فإنما ذلك على مستوى البديل الإضطراي حيث تفقد الساحة المعصوم لظروف يخططها الظلم في الأرض.
وكان وراء الثورة يوم ذاك ليس ظلم بني هاشم ولا فقرهم ولا تهميشهم فلقد كان بإمكانهم أن يكونوا كبارا على المستوى المادي وأن يكونوا من أغنى الأغنياء وأن يكونوا أصحاب مراكز متقدمة في الدولة وفي المجتمع العام ولكنهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ومن خلال إمامتهم وإنحصار هدفهم الأعظم في رضوان الله عز وجل فما كان من شأنهم أن يكون منهم شيء من ذلك وكان الخطر الذي حركهم هو الخطر على الإسلام فمن جهة هم حماة الإسلام الذين أختارهم الله عز وجل لحفظه وحمايته ومن جهة أخرى كان الخطر محدقا للإسلام ومهدد له في جذوره ومن أجل ذلك نقول بأن عاشوراء للإسلام، عاشوراء الثورة وعاشوراء الإيمان وعاشوراء التضحيات وعاشوراء الثكل وعاشوراء التيتم وعاشوراء التي صبت على أهل البيت صب الوابل الشديد كانت للإسلام وليس لشيء غير الإسلام.
وكان السبيل لإنقاذ الإسلام بأن تأخذ الإمامة دورها الفاعل في الأرض وتباشر قيادة المسيرة في البشرية بشكل كامل وكان إنقاذ الإسلام بقتل كامل ونصر كاسح يزيل كل مظاهر الجاهلية وبصورة فورية وحين تتأبى الظروف وتستعصي على مثل هذا الهدف أن يتحقق وحين تكون دنيا الجاهلية ذات قوة باطشة والناس غرقى في حب المادة ويسودهم الجهل وسقوط الإردة فحينئذ يأتي النصرالمعنوي والذي من أجله يطلب النصر المادي العسكري ولا يأخذ النصر العسكري قيمته إلا من خلال النصر المعنوي وتحققه وحين لا يتحقق النصر المعنوي في فهم دعاة الإسلام وقواده الميامين فإنها الهزيمة وليس النصر.
كان من تخطيط الإمام الحسين عليه السلام وبقدر ما تطيقه الظروف ولأقصى حد تحقيق النصر على المستويين وكان لابد من إحراز النصرين معا أو النصر المعنوي الذي هو الأهم وهو المقدمة وهو الذي يرتفع بمستوى الإنسان ويحلق به إلى أفاقه اللائقة بذاته المصنوعة صنع إلهيا مؤهلا لسمو واختراق آفاق كمالية ومعنوية كثيرة ومتعالية فكانت الثورة من أجل تحقيق الهدفين معا أو الهدف المعنوي والذي هو الغاية والنصر ولو على المستوى البعيد في صورته الكلية والنصر على مستوى انبعاثة الأمة وأخذ وعيها طريق النضج والنهوض من السبات وإزدراء الجاهلية ومعرفة الحق والتعشق للقيادة الحقة فهذا النصر قبل أن يجف دم الحسين عليه السلام بدأ يشق طريقه بكل نجاح وكانت ردات الفعل بقتل سبط النبي صلى الله عليه وآله وسلم والصفوة ممن معه كانت سريعة وعنيفة ومتوالية.
عاشوراء للإصلاح ..
عاشوراء للإصلاح لأمرين فإذا عاشوراء للإسلام ومن منطلق فهم إسلامي أصيل غير مشوه وغير ممسوس للهوى البشري ولغير بطر البشر وإذا كانت الثورة منطلقها منطلق قرآني صاف زلال فهي يلازمها الإصلاح فإسلام يعني إصلاح ويعني النهوض بالمستوى البشري وتغيير رؤية وطموح وتغيير أخلاقيات وسلوكيات وعلاقات ونمط حرب ونمط سلم ولو طبق القرآن لا تبقى الحياة غير آسنة في أي جنب من جنبات الخير ولا تبقى معطلة ولا يكون إنحراف في المسيرة ولا تكون هذه المشكلات فالقرآن علاج الله لمشكلات الإنسان ووقاية له أساسا من هذه المشكلات والحسين علية السلام هو القرآن الناطق ومن قبله كان رسول الله صلى الله عليه وآله والأئمة المعصومون هم القرآن الناطق وهم السبب الثاني المكمل والضروري للنجاة إلى الجنب القرآن والذي هو الأساس والذي لا يغادرونه في فكر ولا شعور ولا خطة عمل ولا علاقات قيد شعره فلو تحقق للثورة النجاح الشامل لفتحت أبواب الإصلاح على مصراعيها وفي جميع النواحي والجنابات بسرعة فائقة وكان التقصير تقصير أمة.
والإصلاح يعطيه الإسلام مختار من الله وليس الإسلام الذي يصنعه الهوى وتصنعه المصالح السياسيه ويطبل به الإعلام الكاذب وكانت الثورة للإصلاح وذلك ليس الإصلاح الجزئي وإنما الإصلاح الشامل وليس الإصلاح الناقص وإنما الإصلاح الكامل وليس الإصلاح القائم على الترميم وإنما الإصلاح الجذري وجذور الإصلاح الأساس في قلبك وقلبي وعقلك وعقلي ونفسك ونفسي، كيف تصاغ النفوس وكيف تصاغ العقول وكيف تصاغ النفوس وكيف تصاغ المشاعر وكيف تصاغ الإرادة وكيف يصاغ الهدف في داخل النفس؟ فمحتوايَ ومحتواك أساس صلاح أوضاع الحياة وهو في الوفت نفسه أساس فسادها.
الدنيا لا تصنع نفسها والأوضاع لا تفسد نفسها وإنما نحن نفسدها وجل المشاكل وأغلب المشاكل وعظيم المشاكل من صناعة الإنسان فحين يصح الإنسان أي مستواه الداخلي ومضمونه الداخلي تصح الحياة وكل ما فيها وحين يعتل الإنسان تعتل أوضاع الحياة والإسلام كذلك إصلاحه كلي وجذري ودائم وليس مؤقتا ولا يكون دائما حتى يكون جذريا وحتى تُتَعاهد القلوب وترعى ويذاد عنها الخبيث السيء والوارد الخبيث وهذا يحتاج إلى قيادة الإمام المعصوم عليه السلام وعلى المستوى البديل من هو أقرب للمعصوم.
عاشوراء ليس للإصلاح السطحي فهناك إصلاح جزئي على المستوى الاقتصادي وعلى المستوى السياسي وإنما عاشوراء للإصلاح الشامل لكل جنبات الحياة ولحال الفرد وحال المجتمع مجتمع الأسرة ومجتمع القرية والمجتمع الإنساني كله وليس الإصلاح السطحي وإنما الإصلاح الذي يبدأ من العمق وهو الإنسان وليس الإصلاح الذي يهمل دنيا أو آخرة فالإصلاح في الإسلام مترابط بين إصلاح ما هو للدنيا وبين إصلاح ما هو للآخرة فالأوضاع المتردية في الدنيا لا تسمح بإصلاح صحيح قوي شامل لبعد الآخرة فتتأثر عقائد الناس ويتأثر توجه الناس إلى الدين ويتأثر مزاج الناس وفاعلية الناس وانطلاق الإرداة الفاعلة الإسلامية في الناس فكل ذلك يتأثر سلبا أو إيجابا بصلاح أو فساد الظروف الدنيوية ومن هنا كذِب كل الكذب وزورٌ وافتراءٌ على الإسلام أن يقال بأن الإسلام يغض بطرفه عن أي بعد من أبعاد هذه الحياة الدنيا ولا يعطيه اهتمامه ورعايته ويتوجه إليه بالإصلاح.
ليس هناك من طريق للآخرة إلا هذه الدنيا فنحن نصنع آخرتنا هنا ربحا أو خسارة وكل محاولة لها مقدماتها ولها عواملها المساعدة وعواملها المثبطة وفساد الأوضاع الدنيوية مساعدة جدا ومثبط قوي لأغلب النفوس ولأكثر البشر حتى لمن تحدثهم أنفسهم بالإيمان فهذا الأمر يمثل عائقا لهم عن الطلب الجدي للآخرة.
عاشوراء للوحدة..
ولذلك لما يأتي
أولا: لأن الإسىلام ليس فئويا وليس عشائريا وفئويا ولا قطريا وإنما الإسلام رحمة للعالمين ومرسل الرسل ومنزل الكتب واستمرارية للناس رب الناس جميعا فلست أقرب إلى الله في الأصل من أي شخص آخر وليس أحد أقرب منك في الأصل عند الله عز وجل وإنما التقدم والتأخر بمعرفة الله وتقواه والله روؤف بكل عباده ومريد لنجاة العباد وسعادتهم والذي يقود ثورة إسلامية ويحمل هذا الوعي ومن أحق من الحسين عليه السلام بهذا الوعي ومن أصدق وخلص وأشفق على الإنسانية كلها من أبي عبدالله الحسين عليه السلام من بعد رسول الله صلى الله عليه وآله والطاهرين من علي والحسن عليهما السلام فمن هنا لابد أن تكون الثورة للوحدة، الوحدة الشاملة والعامة وتبداء من وحدة الأمة الإسلامية لتجمع هذه الأمة كل أبناء كل الأمم وكل الأرض تحت راية واحدة هي راية “لا إله إلا الله ومحمد رسول الله صلى الله عليه وآله“.
ثانيا: الإسلام قادر على تحقيق الوحدة البشرية وحريص عليها والوحدة في أي إطار من الأطر ضاق أو اتسع تحتاج إلى قاعدة قادرة على جمع الشتات وتوحيد القلوب وإلى عدل ينبسط على جميع الداخلين فيه وفي إطار هذه الوحدة، ومن أين تجد الدنيا غير الإسلام وغير الأطروحة الإسلامية وغير المنهج الإلهي والذي يستطيع أن يوفر لها قاعدة صلبة للوحدة الشاملة العامة للبشرية كلها فالناس أقوام ولكل قوم طباعهم ومزاجهم وتفكيرهم فهناك أقطار ومصالح مختلفة فحين لا يوجد جامع أكبر وأقدس من كل هذه الفوارق ومن كل هذه المنطلقات فلا مكان للوحدة البشرية العامة فأوجد قاعدة للوحدة الشاملة يمكن لك أن تقيم على هذه القاعدة مطلب الوحدة ومن دون ذلك لا فإن كان تقديسي كأمريكي للأمريكا ومعبودي أمريكا وأنت معبودك البحرين وذاك معبوده اليابان فكيف نلتقي فذاك محور حركته أمريكا ولمصلحة أمريكا ولظهور أمريكا ونصرها؟ قل لي كيف ألتقي معك وأنت لك محورك الخاص الذي تدور حركته حوله، لا يمكن.
هناك القومية العربية والقومية الفارسية والقومية التركية فكيف نلتقي إذا كان منطلقنا في الحياة هي القومية أو عز قومي أو سؤدد قومي أو نصر قومي أو سيطرة قومي أو غنى قومي هو الذي أذوب فيه واعشقوه والذي يستحوذ على فكري همي فكيف تلتقي معي وألتقي معك ولك محورك الخاص ولي محوري؟ لا يمكن.
الطبقة العاملة حين أقدسها وأضحي بكل الآخرين من أجل الطبقة العاملة ولا شيء في هذه الدنيا إلا الطبقة العاملة وأن كان شعارا كاذبا وليس له أي إخلاص للعامل ولو كان هذا صدقا وأن ربح العامل هو المحور ونصر العامل هو المحور وسيادة العمال هي المحور فكيف أجمع معهم الآخرين وهكذا لو كنت طبقيا مع الميل للضعفاء أو المستضعفين أو المستكبرين فكيف ألتقي مع الآخر وفي الطرف الآخر فكل الأسس التي تقوم على أطروحات الأرض لا يمكن أن توحد البشرية تحت راية واحدة ولكن أنت من أي مكان ومن أي قومية ومن أي لغة ومن أي عنصر تستطيع أن تقر بالحق وبوحدانية الله عز وجل ففي داخلك الزاد الكافي والحجة الكافية على أن توحد الله وتوحيد الله من الأمريكي ليس فيه إذلال لنفسه أمام الياباني وتوحيد الله من الياباني ليس فيه إذلالا لنفسه ولا إنصياعا إلى الأمريكي وإنما الانصياع لله تبارك وتعالى فهذا الذي يمكن أن يتخذ هذا شعار والصدق مع هذا الشعار في مقام العمل وليس أنه إذا تحققت الدولة باسم أنها دولة الحق ودولة الإسلام[1] فرّق المسلم العربي وبين من هو مسلم من قومية أخرى فهذا يفسد القضية.
خذ القومية شعارا وطبقها فسوف تبعد ولا تقرب بين الناس ولكن خذ الإسلام شعارا وطبقه على كل من دخل الدولة الإسلامية فستقرب الناس وحين نتحدث عن عاشوراء فنحن نتحدث عن الإسلام ونتحدث عن الإمام الحسين عليه السلام وليس عليه السلام شيئا آخر غير الإسلام.
ثالثا: إذا كان الإسلام يريد النهوض بمستوى الإنسان وإحداث نقلة إلى جديد إيجابي يبقى ويتنامى وينهض بفكر الإنسان وبعقله وتفكيره وروحه ومشاعره وإرادته وهدفه وسلوكه ومثل هذا الهدف لا يمكن تحققه على مستوى الأرض مع الفرقة والاقتتال القومي والقطري والفئوي والعشائري ومع اقتتال بين الشرق والغرب وبين أي فئة من الفئات مع الأخرى حتى ينهض الإنسان ويستقيم على الطريق وتنفتح له أفاق الرقي الصحيح يجب أن ينتهي الاقتتال ويجب أن ينتهي لصراع المرير على الدنيا والتنافس على السيطرة ويجب أن ينتهي أمر التملعق المادي ولو بفساد أوضاع الإنسان.
ولهذا لابد أن تكون ثورة الإمام الحسين عليه السلام للوحدة وتبدأ الوحدة من وحدة هذه الأمة أمة الإسلام والتي لم يوجد ربما في تاريخها هذا الحال من الافتراق والاقتتال والفوضى والعشوائية في القتل مثل ما هي عليه اليوم فما أحوجنا إلى عاشوراء.
ويكون إحياء عاشوراء يجب أن يكون في طبيعة من طبيعتها وهدفه من هدفها وفي أخلاق من أخلاقيتها وفي علاقة من علاقتها وفي حرص على أخلاقية الأمة من حرصها وإحياء عاشوراء وقبل أن ينطلق وفي كل عام لابد من مراجعة دروس كربلاء وعطاءات كربلاء وأهداف كربلاء ولما كانت تلك التضحيات الكبيرة وإخلاص القيادة في كربلاء والإلتفاف الصادق من أنصار تلك القيادة على قلتهم وروح التضحيات الكبيرة والروح الفدائية الحقة الصدق المتعلقة بجزاء الله عز وجل.
وبذل المال الكثير وإعطاء الوقت الكثير والسهر وكل االفعاليات وكل الإبداعات لا تساوي شيئا وربما أكسبت إثما حينما تنحرف عن الحسين عليه السلام وتقصد غير قصده وتنحو غير منحاه.
والحمد لله رب العالمين
[1] إذا كان الحق في الإسلام.