المطلوب رأس الطَّائفة في البحرين
المطلوب رأس الطَّائفة في البحرين
الشيخ سعيد المادح
لسنا طائفيين، ولكنَّنا ضحايا الاستهداف الطَّائفي!
كان شعبنا ولايزال يعض على جراحه، ويدفع ضريبة باهظة الثَّمن إزاء حرصه على عدم الانجرار إلى صراع طائفيٍّ لطالما دأبت السُّلطة على تأجيجه بين إخوة الدِّين والوطن! وفي الوقت نفسه لم ولن يسكت هذا الشَّعب عن أيِّ اعتداء على كرامة الطَّائفة على يد السُّلطة، ومرتزقتها.
لقد بات استهداف الطَّائفة من قبل النِّظام واضحًا للعيان، وبات سبُّ وشتم عقائدنا سلوكًا ممنهجًا يسلكه العناصر المكلفون بحفظ الأمن في وزارة الدَّاخليَّة! فيا ترى، أيُّ أمن وطائفة من المواطنين بأسرها تُهان وتُداس كلُّ مقدساتها على يد النِّظام والسُّلطة؟!
لقد أهينت مساجدنا بهدمها بصورة انتقاميَّة وحاقدة لم يشهد لها تاريخ البحرين من نظير، ولقد أهينت حسينيَّاتنا بحرق بعضها، وكتابة أقذع الكلمات داخلها، وبتمزيق وتكسير محتوياتها، وإهانة اللَّافتات والأعلام التي تمثل مظهرًا قدسيًّا في نفوسنا، ولقد أهينت شعائرنا الدِّينيَّة من صلوات وعبادات…
حتَّى صلاة الجمعة لم تسلم من الحصار والاعتداء على المصلِّين القاصدين لها، ولقد أُهين جميع علمائنا ورموزنا الدِّينية من خلال التَّعدِّي على طليعة العلماء سواء من كان في السِّجن أو خارجه، وفي هذا قصص يندى لها الجبين، وستبقى وصمة عار على هذا النِّظام لن تمحى أبدًا، وستبقى شعلة نار تتوقَّد في القلوب، ولن تهدأ حتى تأخذ المجرم من تلابيبه إلى يد العدالة والاقتصاص.
كلُّ ذلك نزرٌ يسير ممَّا نشهده هذه الأيَّام في بلد مسلم!
ولو رجعنا للتَّاريخ لواجهتنا قضايا السُّخرة، والاستعباد، والاغتصاب، والقهر، والعذاب، والتَّمييز الضَّارب في العظم لطائفة محدَّدة بعينها؛ لا لشيء فعله أهل هذه الطَّائفة سوى أنَّهم أرادوا أنْ يتساوى جميع أهل البحرين في الحقوق والواجبات، فلا فضل لقبيلة، ولا عائلة، ولا طائفة على أخرى، ولكن تلك العقلية المتغطرسة كانت – ولاتزال – ترى أنَّها الرَّب الأعلى، ولا يتساوى معها أحد سواها، سواء كان سنِّيًّا أم شيعيًّا بلا فرق، وحيث إنَّ هناك أناسًا لم يركعوا إلَّا لله، وجرى في عروقهم إكسير هيهات منَّا الذِّلَّة، فإذًا لا بدَّ من الحرب عليهم. تلك هي القضيَّة وجوهرها.
وماذا بقي لهذه الطَّائفة من عزِّ ترفع رأسها به ولم يُدَس؟!
نعم، بقي رأس يمثِّل رمزيَّة لكلِّ الطَّائفة بمختلف توجهاتها وانتماءاتها الفكريَّة، بل يمتد؛ ليمثل رمزيَّة إسلاميَّة ووطنيَّة تحترمها كلُّ الطَّوائف الدِّينيَّة والسِّياسيَّة، ليس في البحرين، وحسب بل في عالمنا الإسلاميِّ الواسع، إنَّه سماحة آية الله الشَّيخ عيسى أحمد قاسم (دام ظلُّه).
نعم، بقي هذا الرأس؛ لتكتمل سلسلة الإذلال للطَّائفة على وجه الخصوص، هكذا يشاهد الشَّعب مسلسل الجريمة الكبرى بكلِّ وضوح، وهذه الحلقة ستكون الأخيرة، ولكن ليس في مسلسل الإذلال والإهانة، بل في عمر هذا النِّظام المتغطرس والدِّيكتاتوري، فإذا كان قد أخذ قرارًا بقطع رأس الطَّائفة، فإنَّ الطَّائفة لن تنظر إليه كالخِراف يسوقها الجزَّار للذَّبح، وأعتقد أنَّ صراعًا ليس له حدود سيجر البلد إلى ما لا يتمناه كلُّ مشفِق حريص على وطنه!
ولذلك يجب على الجميع أنْ يؤدِّي دوره في لجم هذا التَّغطرس ووقفه عند حدِّه، فالطَّائفة لا يسعها أنْ تشاهد رأسها يقطع ولا تدافع بكلِّ دمائها، فما قِيمة الدَّم إذا فصل الرَّأس عن الجسد؟!