النص الكامل لخطاب العلامة الغريفي في الاعتصام العلمائي تضامنًا مع آية الله قاسم
النص الكامل لخطاب العلامة الغريفي في الاعتصام العلمائي تضامنًا مع آية الله قاسم
الدراز :
ألقى سماحة العلامة السيد عبدالله الغريفي خطابًا تاريخيًّا عصر أمس الأحد 19 مايو 2013م، في ختام الاعتصام العلمائي بجامع الإمام الصادق (ع) في الدراز، والذي دعا له كبار العلماء استنكارًا لاعتداء مرتزقة وجلاوزة النظام في البحرين على منزل آية الله قاسم، وترويع النساء والأطفال.
وقد شهد الاعتصام حضورًا علمائيًّا وشعبيًّا بارزًا، كما لاقى الخطاب تفاعلًا جماهيريًا كبيرًا لما احتواه من مضامين مهمة وتوجيهات علمائية شاملة وحاسمة، ونظرًا إلى أهمية ما جاء في الخطاب وضرورة وصول الرسائل واضحة إلى كل من يعنيه الأمر؛ على المستويين الشعبي والرسمي، ينشر المركز الإعلامي بالمجلس الإسلامي العلمائي هنا نص الخطاب كاملًا:
نص الخطاب التاريخي:
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الغوي الرجيم
بسم الله الرحمن الرجيم
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلوات على سيد الأنبياء والمرسلين، سيدنا ونبينا وحبيبنا وقائدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم أيها الأحبة ورحمة الله وبركاته
ماهي الرسائل التي يريد النظام أن يوجهها اإليكم أيُّها الشعب، من خلال هذا الاعتداء الآثم – الجريمة -؟
النظام يريد أن يوجّه إليكم أربع رسائل:
الرسالة الأولى، الموجّهة لكم أيّها الشعب، من النظام (وقد صرّحوا بها في خطابهم):
أن لا خطوط حمراء.
قلنا لهُم: هدمتم بيوت الله، قالوا: لا خطوط حمراء!
قلنا لهم: مزّقتُم كتاب الله، قالوا: لا خطوط حمراء!
قلنا لهُم: أهنتم الشعائر الدينية، قالوا: لا خطوط حمراء!
قلنا لهُم: سفكتم الدماء البريئة، قالوا: لا خطوط حمراء!
قلنا لهُم: هتكتُم الأعراض الشريفة، قالوا: لا خطوط حمراء!
قلنا لهُم: ملأتم السجون والزنزانات، قالوا: لا خطوط حمراء!
وأخيرًا، تمّ الاعتداء على الرمز الكبير، وقالوا: لا خطوط حمراء [1].
شكرًا أيّها النظام – اسمحوا لي أن أضع شكرًا بين قوسين واستسمحكم -، وصلت الرسالة الأولى، ما جوابكم أيّها الشعب؟ [2]. شكرًا لشعبنا فقد أجاب على الرسالة الأولى.
الرسالة الثانية، التي يوجهها النظام إليكم:
لا خيار إلاّ الخيار الأمني..
وهذا يعني ليس إلاّ لغة الرصاص والسجون والزنزانات والمعتقلات، هذا أولاً وأخيرًا [3].
أجاب شعبنا على الرسالة الثانية وسيستمر بالإجابة عليها إن شاء الله.
الرسالة الثالثة، التي يوجهّها النظام إليكم أيّها الشعب:
يجب أن تُكسر هيبة هذا الرجل الذي تعملق كثيرًا [4].
إنّ هيبةً صنعها الله لا يمكن أن تكسرها كلّ طواغيت الأرض، وإن قامةً شامخةً أنتجها الدين لا تقوى كلّ الدنيا أن تُحنيها [5]، وإنّ رمزًا – الشيخ الأب القائد – ذابت في حُبّه كلّ القلوب لا يمكن أن تنفرد به سلطةٌ أو نظام [6]. نعم وراء هذا الرمز شعبٌ يسترخص الدماء والأرواح دفاعًا عنه.
الرسالة الرابعة، إليكم أيّها الشعب، أيّها الجماهير:
يريد النظام أن يمتحن مواقفكم [7].
هذه بعض رسائل أراد النظام أن يبعثها إلى هذا الشعب، وهذه عيّنة من إجاباتٍ لشعبنا الواسع الواسع، الكبير الكبير. جاءتنا الرسائل، وأجبنا إجاباتٍ سريعة.
ما هو المطلوب؟
أولاً: من العلماء، والحوزات، وخطباء المنابر، وكلّ أصحاب الفكر والثقافة؟
ثانيًا: من القوى السياسية المعارضة؟
ثالثًا: ما هو المطلوب من جماهير شعبنا؟
أولاً: يجب على علماء الدين والحوزات وخطباء المنبر:
1. استنفار خطاب الاستنكار. أيّها العلماء أيّها الخطباء، يا أبناء الحوزات، يا أصحاب الخطاب الفكري والثقافي، استنفروا خطابكم استنكارًا لهذه الجريمة وإلاّ فهي خيانة.
2. استنفروا خطابكم المدافع عن هذا الرمز. لا تُسلِموا هذا الرمز أيّها العلماء – لا تُسلموه -، قولوا الكلمة، قولوا الموقف، ارفعوا صوتكم عاليًا وإلاّ استفرد به النظام [8].
3. التفّوا التفافًا حقيقيًا مُساندًا لهذا القائد الرمز، بكم يقوى، بكم يصمُد، بكُم يقولُ الكلمة.
4. عبّئوا الجماهير لكي تلتفّ حول هذا القائد، وتتفانى في الدفاع عنه.
5. عبّئوا الجماهير روحيًا وثقافيًا وسياسيًا، لكي تواصل حَراكها المطالب بالحقوق السياسية.
6. طالبوا وبصوتٍ عالٍ وقوي بمحاسبة المسؤولين المتورّطين في هذه الجريمة النكراء [9].
ثانيًا: يجب على القوى السياسية المعارضة، وعلى رأسها الوفاق:
1. استنكار الاعتداء بكلّ الوسائل الممكنة والمشروعة.
2. الدفاع عن هذا الرمز من خلال كلِّ الأدوات القانونيّة والسياسيّة، المحليّة والدوليّة.
3. دعم الموقع القيادي السياسي لهذا الرمز الوطني.
4. استمرار الحَراك المُعارض حتّى تتحقّق الأهداف.
5. مطلوبٌ من قوى المعارضة وعلى رأسها الوفاق، أن تُعيد صوغ استراتيجيّتها في ظلّ المعطيات التي أفرزها هذا الاعتداء [10]، وفي ضوء إصرار السلطة على تجاوز كلِّ الحدود الحمراء.
ثالثًا: وأمّا أنت أيّها الشعب الأبي الصامد، وأمّا أنتم أيّها الجماهير، فيجب على جماهير شعبنا:
1. أن تُعلن غضبها واستنكارها لهذا الاعتداء الآثم، وأن تواصل الغضب والاستنكار حسب توجيهات العلماء وقيادات الحَراك حتّى يتمّ محاسبة الجُناة. لا تفرّطوا أيّها الجماهير في هذا الرمز الذي ذاب في حبّكم، وتحمّل العناءات من أجلكم امتثالاً للمسؤولية الشرعية، وأبى إلاّ أن يشارككم في كلِّ عذاباتكم، فاقتُحم منزله كما اقتُحمت منازلُكم [11]، وروّعت نساؤه وعياله كما روّعت نساؤكم وعيالكم.
2. اعلنوا الولاء والالتفاف حول هذا الرمز القائد.
3. دافعوا عنه كما دافع عنكم، إنّه عنوانٌ لكرامة هذا الشعب [12]، وعنوانٌ لعنفوان هذا الشعب، وعنوانٌ لوحدة هذا الشعب، وعنوانٌ لأمن هذا الشعب، فالاعتداء عليه اعتداءٌ على كرامة هذا الشعب، واعتداءٌ على عنفوان هذا الشعب، واعتداءٌ على وحدة هذا الشعب، واعتداءٌ على أمن هذا الشعب، ولكي يكون الشعب أمينًا وفيًّا على كرامته، على عنفوانه، على وحدته، على أمنه، يجب أن يدافع عن هذا الرمز وإلاّ كان خائنًا، وشعبُنا لن يخون، شعبُنا وفيٌّ لمرجعيّته وقيادته.
قالوا: لا أحد فوق القانون!
ولكن نسألهم أيّ قانون هذا؟ قانون الإرهاب الظالم؟ القانون الذي يُشرعن للفساد؟ للظلم؟ للتمييز؟ القانون الذي يخدُم مصالح الحكّام والمتسلّطين؟ القانون الذي لا يمثّل إرادة الشعب؟ القانون الذي يُجنّس بغير حساب – كما يقول سماحة الشيخ -؟
لا أحد فوق القانون، كلمة حقٍّ يُراد بها باطل، قالها عليٍّ (عليه السلام) حينما رفع الخوارج شعار “لا حُكم إلاّ لله”، قال عليٌّ (ع): “كلمة حقٍّ أرادوا بها باطل”، لكم الحكم مع عليٍّ أم مع أولئك؟ حكم الله الذي يعرفُه عليٌّ (ع) أو الذي يعرفه الخوارج؟ الآن يقولون: لا أحد فوق القانون، نقول: أيّ قانونٍ هذا؟ القانون الذي فصّلتموهُ أنتم كما تريدون؟ أم القانون الذي يُريدُه الشعب؟
ثانيًا: سلّمنا أن القانون عادل ولا أحد فوق القانون، فهل يطبّق هذا على كلّ الناس من قمّة الهرم إلى أصغر إنسان؟ يطبّق القانون على الذين سرقوا آلاف الكيلومترات من أرض البحرين؟ يطبّق هذا القانون؟
ويبقى إصرار شعبنا على مواصلة هذا الطريق، وتبقى مواقفُ شعبنا شاهدة للتاريخ على نضال وصمود هذا الشعب.
وأخيرًا..
إنّني باسمي وباسم كبار العلماء، نوجّهُ هذا النداء إلى كلّ شعبنا في البحرين:
قلنا خطوةٌ تتبعُها خطوات، اعتصامنا اليوم خطوةٌ أولى، الخطوة الثانية: إنّنا – والكلام باسم كبار العلماء – ندعو جماهير شعبنا، كلّ جماهير شعبنا، رجالاً، نساءً، كبارًا، صغارًا، كلّ القادرين، ندعو (الخطاب لكلّ قرانا، لكلّ مُدُننا، لكُلّ زقاقنا، لكلّ شوارعنا، لكلّ بيوتنا)، العلماء يدعونكم إلى اعتصام جماهيريٍّ حاشد – هذا الاعتصام اعتصام علماء، نريد الشعب أن يُبرهن على موقفه – في الدراز عصر يوم الجمعة القادم، ندعوكم والدعوة لكلّ جماهير شعبنا، لا نستثني أحدًا.
المشاركة في هذا الاعتصام مسؤوليّةٌ شرعيّة وسياسية ووطنيّة، مشاركتكم وثيقةُ وفاء تبقى للتأريخ والأجر الكبير عند الله، فهل تُوقّعون على هذه الوثيقة؟
الرحمة لكلّ شهدائنا، والفرج لكلّ أسرانا، والشفاء لكلّ جرحانا، والنصرُ لكلّ شعبِنا، حسبُنا الله ونعم الوكيل.
{إن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ}.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
_________________
[1] هتاف الجماهير: “بالروح بالدّم نفديك يا فقيه”.
[2] هتاف الجماهير: “هيهات منّا الذلّة”، “فليسمع رأس الدولة.. هيهات منّا الذلة”، “لن نركع إلاّ لله”، “هل من ناصر مقاوم.. لبيك عيسى قاسم”، “عيسى قاسم.. خطٌ أحمر”.
[3] هتاف الجماهير: “هيهات منّا الذلة”.
[4] هتاف الجماهير: “هيهات منّا الذلّة”، بالروح بالدم نفديك يا فقيه”.
[5] هتاف الجماهير: “لن نركع إلاّ لله”.
[6] هتاف الجماهير: “سير يا قاسم كلّ الشعب ويّاك”.
[7] هتاف الجماهير: “بالروح بالدم نفديك يا فقيه”.
[8] هتاف الجماهير: “بالروح بالدم نفديك يا فقيه”.
[9] هتاف الجماهير: “سُحقًا ُسحقًا للعُملاء”.
[10] هتاف الجماهير: “الله أكبر.. النصر للإسلام”.
[11] هتاف الجماهير: “معكم معكم ياعلماء”.
[12] هتاف الجماهير: “بالروح بالدم نفديك يا فقيه”.