خطبة الجمعة (527) 17 ذو الحجة 1433هـ ـ 2 نوفمبر 2012م
الخطبة الاولى : تتمة لموضوع الأسرة في الإسلام
الخطبة الثانية : عيد الغدير ، منع المسيرات والاحتجاجات
بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة الجمعة (527) 17 ذو الحجة 1433هـ ـ 2 نوفمبر 2012م
الخطبة الاولى :
الحمد لله الذي جعل ما بين خلقه من الناس روابط ومشتركات يأنس بعضهم إلى بعض وحوائج تضطرهم إلى التعاون بالتخلص منها وخصائص مختلفة تدعوهم إلى التكامل فيما يتطلب أمر حياتهم وكمالهم وجعلهم شعوبا وقبائل ليتعارفوا وأعلمهم أن سباق إلى منازل الكرامة والتقوى.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم تسليما كثيراً كثيرا.
عباد الله لا شرف لسباق كما هو شرف السباق في التقوى ولا كرم لعاقبة ككرم عاقبته ولا ربح لنتيجة كربح نتيجته ولا ينبغي لمن طلب المنزلة العالية والموقع الكريم عند الله سبحانه وتعالى أن يقنع بالقليل من التقوى ومن فاته السبق في ميدانها العظيم فلا يحرمن نفسه ولو من قليل من التقوى فيتعرض للمقت الإلهي ويكون من أرذل الأرذلين.
عن الإمام علي (ع): >اتق الله بعض التقى وأن قل واجعل بينك وبين الله سترا وأن رق<.
نعم على هذا العبد الظالم لنفسه أن يجعل بينه وبين غضب لله وعقابه الأليم ستراً وأن رق فلعل الله عند ذلك يرحمه ولا يبقى سترا للعبد عن غضب لله ولا عن ناره ما لم يكن له شيء من التقوى.
اللهم صلي وسلم وزد وبارك على حبيبك المصطفى محمد بن عبد الله خاتم النبيين والمرسلين وآله الطيبين الطاهرين وأغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين وتب علينا انك أنت التواب الرحيم.
يا من لا يطلب الخير إلا منه ولا يستدفع الشر إلا به منك نطلب ما في صلاح ديننا ودنيانا وبك نستدفع الشر كله فأمنن علينا بأوفى العطاء وأشد الوقاية واجعلنا في درعك الحصين الذي تجعل فيها من تريد.
أما بعد أيها الأعزاء من المؤمنين والمؤمنات فهذه حلقة أخرى من الحديث في موضوع الأسرة في الإسلام.
لمتانة البناء ومقاومته وثباته على المدى الطويل أسباب ولهشاشته وعدم قدرته على المقاومة وانهدامه بسرعة أسباب وبناء الأسرة حاله في ذلك حال أي بناء مما يسبب الهشاشة في العلاقة الزوجية ويعمل على تقويضها ما يأتي الإكراه لأي من الزوجين فالزواج يحتاج إلى حالة من الحب المتبادلة والانسجام المتبادل والرضا المتبادل لدرجة قادرة على التعايش المريح وإعطاء الشعور بالسعادة ويساعد على تجاوز على أخطاء الطرفين وغض النظر عن بعض جوانب القصور أو التقصير ومن غير هذه الدرجة من الانسجام والرضا لا يتوقع للعلاقة الزوجة أن تصمد أمام أخف العوارض وأبسط المشكلات الحادثة بين الزوجين فحيث يكره الزوج أو الزوجة على من لا يرضاه فتنفر منه نفسه فيكون الزواج فاقد لشرط الموضوعي والوضع النفسي لاستقراره وثباته ومهيأ للسقوط في أي لحظة وسبب للشقاء بدل أن يكون سببا للسعادة ولذلك فلا زواج شرعا مع الإكراه وحتى ولي البنت لا يملك أن يكرهها.
فعن رسول الله (ص) في مراعاة ذوق البنت >يعمد أحدكم إلى ابنته فيزوجها القبيح الدميم أنهن يردن ما تريدون<.
وفي الكافي عن بن أبي يعفور عن أبي الله جعفر الصادق (ع) قال قلت له أني أريد أن أتزوج امرأة وأن أبويه أراده غيرها قال >تزوج التي هويت ودع التي يهوى أبواك<.
يقول بعضهم إلى عدم وصول درجة التخالف إلى العقوق وإيذاء أبوين.
الغلاء في المهر المرأة ليست سلعة تشترى والمهر لا يدفع ثمن لها وهذا التقيد له وجهه الواضح الغلاء في المهر المرأة ليست سلعة تشترى والمهر لا يدفع ثمن لها وهي أكبر في قيمتها الإنسانية والإيمانية من أي مهر مهما غلاء ولا ينظر إلى قيمة المرأة من خلال حجم مهرها ومهر فاطمة (عليها السلام) لا يقاس بشيء من قيمتها المعنوية التي لا تجاريها الملايين النساء فيها صحيح أن المهر لم تحدد الشريعة سقفه الأعلى ولكن الأحاديث كرهت المغالاة فيه ودعت إلى تيسيره وجاء مهر فاطمة (ع) ليعلم المسلمين أن لا يبالغوا في المهور ولا ينظروا إلى الزواج فرصة لمغنم مالي للمرأة.
عن رسول الله (ص): >خير الصداق أيسره< والصداق المتصف بالعسر في زمن ميسر في آخر وما هو ميسر في زمن يعد معسر في زمن ثان حسب ما عليه الوضع الاقتصادي للمجتمع والقوة الشرائية للنقد السائد والمغالاة أثر سيء في بعض النفوس حيث قد تنعكس فيها المغالاة شعور بالإضعاف والاستنزاف للرجل مما يعاكس الوضع النفسي المطلوب للزوجين بعضهما البعض وهو جو الود والثقة والاندماج.
عن الإمام علي (ع): >لا تغالوا بمهور النساء فتكون عداوة< وليس كثيرا على الزوجة أن يهديها زوجها ما يهديها مما يسمح به حاله وتطيب نفسه فهي رفيقه وأنيس وعون له في هذه الحياة وعشرتهما معا عشرة طويلة ومعمقة.
الإيذاء ومنه الضرب أذى الزوج لزوجته ومنها ضربها أو إذاها له عامل يأتي على تماسك الأسرة ويهيرها كل أمل الزوجة أن تلقى من زوجها قلبا يحتضنها يشفق عليها يحن لها يرى فيها الإنسان الكريم المستحق للتقدير ولا يفترق أمل الزوج في زوجته عن هذا فإذا كان العكس حدثت صدمة غير محتملة وأثقل ما تكون على النفس مما يجعلها تنفر هذا الجو البغيض وتطلب الخلاص.
عن رسول الله (ص) >ألا أن الله ورسوله بريان ممن اضر بامرأة حتى تختلع عنه<.
وعن (ص) >أي رجل لطم امرأته لطمة أمر الله عز وجل مالك خازن النيران فليلطمه على وجه سبعين ضربة في نار جهنم<. >وأي رجل وضع يده على شعر امرأة مسلمة سمر كفه بمسامير من نار.
وعن الإمام علي (ع): >لا يكون اهلك أشقى الخلق بك<.
وعن الرسول (ص) >أي امرأة آذت زوجها بلسانها لم يقبل الله عز وجل منها صرفا ولا عدلا ولا حسنة من عملها حتى ترضي زوجها وان صامت نهارها وقامت ليلها وأعتقت الرقاب وحملت على جياد الخيل في سبيل الله هيأت جياد الخيل للجنود المقاتلين في سبيل الله من مالها وكانت أول من يرد النار وإذا كان الرجل لها ظالما<.
وفي طمع الزوجة وضغطها على زوجها في أمر النفقة ومضايقته والإلحاح عليه بما يستفز مشاعره ويؤذيه لحمله على ما لا يطيق وما يضيق عليه رزقه سببا من أسباب الفراق والطلاق.
وجاء من أحاديث الرسول (ص) مما فيه وعظ كاف المرأة مؤمنة تقدر بما للكلمة من وزن عظيم حيث تأتي من رسول الله (ص).
عنه (ص) >أيها امرأة أدخلت على زوجها في أمر النفقة وكلفته ما لا يطيق لا يقبل الله منها صرفا ولا عدلا إلا أن تتوب وتطلب منه فاقته< ما يستطير فالصرف قالت عنه اللغة التوبة والعدل الفدية.
وعنه (ص) >من كانت له امرأة لم توافقه ولم تصبر على ما رزقه الله تعالى وشقت عليه وحملته ما لم يقدر عليه لم يقبل الله منها حسنة تتقي بها حر النار وغضب الله عليها ما دامت كذلك< هذا من جهة الزوجة. أما من جهة الزوج فالمطلوب منه أن لا يألو جهدا وأن يبذل كل ما في مقدوره في السعي لطلب الرزق الحلال وأن يوسع على عياله مهما استطاع بغير إسراف ليكونوا أهله أسعد الناس بما وسع الله عليهم من رزق.
اللهم صلي وسلم وزد وبارك على محمد وآل محمد وأغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين وتب علينا انك أنت التواب الرحيم.
اللهم اسلك بنا طريق طاعتك واجعل حياتنا مهتدية بهدى دينك قائمة على أحكام شريعتك قصدها رضاك ومنتهاها المصير إلى جنتك وكرامتك يا ارحم من استرحم وأكرم الأكرمين وأجود الاجودين.
الخطبة الثانية :
بسم الله الرحمن الرحيم
{قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ * اللهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ }
الحمد لله العدل الذي لا يخالط عدله ظلم ولا يظلم ظالم لمظلوم ولا كافرا لمؤمن ولا عاصيا لمطيع ولا يتبدل عدله ولا يدخل الخلل حكمه ولا يملك أحد أن ينقض ما حكم به أو يؤخر ما أخذ به قضائه ولا مفر لأحد من حكومته.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبد ورسوله صلى الله عليه وآله وزادهم تحية وسلاما.
إن من الأمور ما هو بين وما هو غامض ولا أبين ولا أجلى في العقل والبرهان والفطرة والوجدان من مالكية الخالق المطلقة والمملوكية المحضة لحكم لمخلوق وإلوهية الله وربوبيته وعبودية كل ما عداه ورقيته ولا تردد في أن حاجة المخلوق إلى الخالق الذي لا يملك له غيره وجودا ولا حياة ولا ضر ولا نفعا ولا تنزل لشيء من ذلك عليه إلا بإذنه هي حاجة دائما بلا انقطاع ولا توقف وما لا غنى لمخلوق عنه لحظة ولا أقل من لحظة فمن السفه والجنون معصية على الإطلاق.
الدقيقة 20 ؟؟؟
فنرجع عباد الله إلى العقل والرشد حتى لا تحدث على أيدينا ولو معصية واحدة لله عز وجل فلنبلغ ولكن على الجهاد ولتكن التقوى هي الجادة التي لا نفارقها في هذه الحياة. فأعاننا الله على أنفسنا ووقانا من زيغ القلوب وزل الإقدام وإتيان الذنب والميل إلى الأفك وهو الرءوف الرحيم. فعل الله ذلك بنا وبإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين وجعلنا من أخلص عارفيه وطاعيه وعباده.
اللهم غفر لنا ولهم ولوالدينا وأرحامنا وأزواجنا وجيراننا ومن أحسن إلينا ومن علمنا علما نافعا لنا في الدين والدنيا لمؤمن ومؤمنة ومسلم ومسلمة يا ارحم الراحمين وأجود الاجودين.
اللهم صلي وسلم وزد وبارك على حبيبك المصطفى محمد بن عبد الله خاتم النبيين والمرسلين الصادق الأمين وعلى علي أمير المؤمنين وإمام المتقين وعلى فاطمة الزهراء الصديقة الطاهرة المعصومة وعلى الأئمة الهادين المعصومين حججك على عبادتك وأنوارك في بلادكم الحسن بن علي الزكي والحسين بن علي الشهيد وعلي بن الحسين زين العابدين ومحمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد الصادق وموسى بن جعفر الكاظم وعلي بن موسى الرضا ومحمد بن علي الجواد وعلي بن محمد الهادي والحسن بن علي العسكري ومحمد بن الحسن المهدي المنتظر القائم.
اللهم صلي على محمد وآل محمد وعجل فرج ولي أمرك القائم المنتظر وحفه بملائكتك المقربين وأيده بروح القدس يا رب العالمين عبدك وبن عبديك الموالي له والفقهاء العدول والعلماء الصلحاء والمجاهدين الغيارى والمؤمنين والمؤمنات أجمعين وفقهم لمراضيك وسدد خطاهم على طريقك أنصرهم نصرا عزيزا ثابتا مبينا دائما قائما.
أما بعد أيها المؤمنين والمؤمنات الأعزاء
الكلمة عن عيد الغدير ما أعظمه من عيد وما أعظم المناسبة التي انطلق منها، فلا أعظم من مناسبة إكمال الدين وإتمام النعمة واستيفاء الإسلام صيغته الإلهية الكاملة التي رضي الله بها دينا ثابتا لعباده لست تجد على الإطلاق مناسبة أعظم من هذه المناسبة وبوزن هذه المناسبة في الأرض.
نقف عند كلمة واحدة من كلمات صاحب الغدير الإمام علي (ع) وكل كلماته جواهر للآلة وشموس مشعة لا
تبلى مع الزمن ولا يتقادم معداها كلمة قالها (ع) للجد والتطبيق ومن موقع الحاكمية لمن يأمر فيستجيب وينصح فينتصح ويخضع للمراقبة والمسائلة والمحاسبة قالها مكتوبة في عهده الرسمي لمالك الاشتر حين ولاه مصر قال (ع) مخاطبا لمالك >وَأَشْعِرْ قَلْبَكَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّةِ وَالْمَحَبَّةَ لَهُمْ وَاللُّطْفَ بِهِمْ وَلَا تَكُونَنَّ عَلَيْهِمْ سَبُعاً ضَارِياً تَغْتَنِمُ أَكْلَهُمْ فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ وَإِمَّا نَظِيرٌ لَكَ فِي الْخَلْقِ يَفْرُطُ مِنْهُمُ الزَّلَلُ وَتَعْرِضُ لَهُمُ الْعِلَلُ وَيُؤْتَى عَلَى أَيْدِيهِمْ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَإِ فَأَعْطِهِمْ مِنْ عَفْوِكَ وَصَفْحِكَ مِثْلِ الَّذِي تُحِبُّ وَتَرْضَى أَنْ يُعْطِيَكَ اللَّهُ مِنْ عَفْوِهِ وَصَفْحِهِ فَإِنَّكَ فَوْقَهُمْ وَوَالِي الْأَمْرِ عَلَيْكَ فَوْقَكَ وَاللَّهُ فَوْقَ مَنْ وَلَّاكَ<.
خطاب الإمام علي (ع) لمالك يتجاوز الأخذ بالعدل إلى الإحسان والرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم ولا يصدق من هذه كله رحمة محبة لطف كل ذلك لا يصدق شيء منه إلا، ولا يصدق شيء من هذا كله في فهم علي (ع) لو جاء مجافيا للعدل وهادما له وأي سياسة من حاكم أروع من سياسة منطلقها قلبا تملئه الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم والرعية مأخوذة من الرعاية والحفظ حيث يجب على من يحكم الناس ويتولى شأنهم السياسي أن يبذل كل ما في وسعه للرعاية مصالحهم والحفاظ عليها والآخذ بكل ما فيه نمو هذه المصالح ورقي وتقدم من كل أمانة حكمهم ووكل في إدارة شأنهم العام والآخذ بمسار حياة الأمة إلى الأفضل في كل الأبعاد الصالحة المادية منها والمعنوية فالرعاية لا تعني أن الناس غنم بل الرعاية تعني أن على الراعي أن يحافظ على مصلحة الناس الذين يحكمهم وأن يكون العين الحارسة لسلامتهم وسلامتهم دينهم ودنياهم، فالرعية من الرعاية وحتى الراعي فمسؤولية الراعي لا يذبح إذا كان يذبح ذلك من حيثية أخرى أما من حيث هو راعي ماذا يفعل يصون الغنم عن الخطر ويوفر لها الماء والكلا ويأخذ بها إلى مواطن السلامة هذه هي وظيفة الراعي حتى راعي الغنم وظيفته وهبت من هذه الجهة.
ثانيا: يحذر الخطاب مالك من أن يغلبه هوى المال ويغريه موقعه السياسي وقوة السلطان ونفوذ أمره على دينه وإنسانيته فيتحول إلى سبع ضاري مجتري على أموال شعبه مولع بها يأكل ما وسعه أن يأكل ويقتطع ما شاء أن يقتطع ويبدر فيها كما أشتهى مذكرا له أن هذه الأموال طعام الشعب وشرابه وكسوته ومأواه وما به قيام مصالحه وهي له لا لمالك الأشتر.
ثالثا: ومصر لم يكونوا كلهم مسلمين ولا يمكن أن يضيع مسلم ولا غير مسلم في حكومة علي (ع) ولكن أن يظلم أو يجوع أو يعرى أو يهمل يكفي أن يكون المحكوم نظيرا للحاكم في الخلق أن يشترك معه في الإنسانية ليكفه ذلك عن ظلمه لأن يعرف له حق ليكون مسؤولا عن رعاية مصالحه وتشمله رحمته ومحبته وينالهم لطفه وعفوه وصفحوا وتسامحه من غير أن يخرج به ذلك عن العدل الذي فرضه الله وعن هدى دينه وأحكام شريعته.
رابعا: يرجع الخطاب أمر الناس إلى خالقهم مذكرا أن لا مرجعة للكون والحياة والإنسان غير مرجعية واحدة تنتهي إليها كل المرجعيات في شأن التكوين والتشريع والأمر والنهي والسلطان فإذا كان مالك الاشتر له ولاية اعتبارية على شعب مصر ولعلي (ع) ولاية عليه فشريعة كلا منهما أنما هي بإذن لله ولا شريعة لشيء منهما بغير إذنه وإذا كان لهما شيء من قوة وإذا شيء من نفوذ أمر ونهي من ناحية تكوينية أو تشريعية فإنما ذلك من فيضه وفي قبضته وهو قادرا بالقدرة المطلقة على سلبه وكلا صائر إليه ومحاسب على عمله وإذا كان حكم مالك الاشتر وحكم من ولاه إنما يأخذ
شريعته من إذن لله سبحانه وفي ضوء شريعته فليس لأي منهما أن يعدل عن هذه الشريعة أو يغير أو يخرج على حكم من أحكامها أو يستقل عن لله سبحانه في مرجعيته والكلمة فيها تهديد لمالك ووعظ لعلي (ع) لنفسه بذكر هيمنة الله عز وجل وفوقية سلطانه وقدرته على الانتقام لعباده المظلومين لو خان مالك أو غيره أمانته في حكمهم وتحول إلى سبع ضار يغتنم أكلهم ويخيفهم ويحصد رؤوسهم.
منع المسيرات والاحتجاجات
تقرر وقف جميع المسيرات والتجمعات وعدم السماح بتنظيم أي فعالية إلا بعد الاطمئنان إلى استتباب الأمن وتحقيق الاستقرار الأمني المنشود هذا هو صلب القرار الصادر يوم الاثنين 29 أكتوبر الماضي.
ما هي خلفية القرار هل يمكن أن تكون خلفيته إصلاحية وترميم للوضع وتقريب للمسافة بين الطرفين وسحب فتيل التوتر فالإجراء مقدمة بعيدة كل البعد عن هذا كله هل الخلفية قصد التصعيد الأمني وزيادة حالة الاحتقان والتوتر لا جزم بالنيات لكن المقدمة بطبيعتها أكثر انسجاما مع هذا من سابقه والبلد لا تحتمل مزيدا من الاحتقان والتوتر وهي أحوج ما تكون إلى تبريد الأجواء والاتجاه الجاد إلى الحل المتمثل في الإصلاح فالقرار يقول بوقف وعدم السماح بأي فعالية إلا بعد الاطمئنان إلى استتباب الأمن وتحقيق الاستقرار الأمني المنشود والملاحظ هنا إن الاستقرار الأمني وخلفيته بناء الثقة لا يحققه شيء كما يحققه الإصلاح وبتحقق الإصلاح لا موضوع أساسا للمسيرات والتجمعات ولابد أن تنتهي بصورة تلقائية فكيف يبدأ السماح للمسيرات والتجمعات والاحتجاجات بعد أن يكون الإصلاح.
أما أصل القرار فأين موقعه من الميثاق من الدستور والقانون وتوصيات لجنة تقصي الحقائق ومن توصيات جنيف ومن العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية ومن حرية التعبير السياسي السلمي الذي أصبح عرفا عالميا من مقياس الدين والعدالة أين موقعه من كل ذلك أين انسجامه من شيء من ذلك.
هل في قوة قرار وزاري أن ينسف كل ذلك ويحكم على كل هذه الأمور والمسلمات ويقدم عليها يمثل القرار تراجعا واضحا إلى الوراء في مسألة الحق السياسي والمدني وحرية التعبير عن الرأي ويسد آخر منفذ من منافذها ويأتي على آخر نفس لها ومتنفس.
وهل من شيء من حرية التعبير بعد إيقاف المسيرات السلمية وكل فعالية أخرى سلمية مساوية أو أقل منها بحسب العموم الذي يفيده القرار كان شيء قد تبخر.
ما جاء بشأن هذه القرار في وسط ليوم الخميس الأخير عن منظمة العفو الدولية هذا القول حتى وأن كانت هنا أو هناك حوادث عنف متفرقة أو فردية في أي تجمع فأن هذا لا يعطي السلطات الحق في إصدار منع شامل لكل صور الاحتجاجات وجاء في المصدر نفسه وأكدت المنظمة أن على حكومة البحرين سحب هذا القرار فوراً ودافع القرار وزير الدولة البريطانية لشؤون الخارجية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ( أليستر بيرت ) إلى التعبير عن قلقه واعتبار هذا القرار مفرط وتأكيده بأن المظاهرات السلمية حق ديمقراطي أمله أن تعيد الحكومية البحرينية النظر في هذا القرار بأسرع وقت ممكن.
وأما المتحدث باسم الخارجية الأمريكية مارتن رويتر فقد جاء عنه في الوسط عدد يوم الخميس الماضي الولايات المتحدة قلقة للغاية حيال منع السلطات البحرينية أي اجتماع عام ان حرية التجمع والجمعيات والتعبير عن الرأي من حقوق الإنسان العالمية إننا نحض الحكومية البحرينية على العمل مع منظمي هذه التحركات على إيجاد وسيلة للتظاهر بهدوء وأضاف كما في الصحيفة المذكورة إن تقييد حق التجمع مخالف لتعهدات البحرين في الإصلاح ولن يسهم في المصالحة الوطنية ولا في بناء الثقة بين الأطراف يأتي كل ذلك للمخالفة الواضحة لصورة لا تقبل التبرير التي عليها القرار بالميثاق والدستور والقانون وحقوق الإنسان وإنسانيته وتعهدات الحكومية وقضية الإصلاح وبناء الثقة ومصلحة الوطن وتوصيات تقصي الحقائق ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة كل ما عليه الاتجاه العالمي في توسع الاعتراف بحق حرية التعبير والسماع إلى إرادة الشعوب الصحيح لا تضييق والصحيح سلمية والصحيح إصلاح جدي وعاجل.
اللهم صلي وسلم وزد وبارك على حبيبك المصطفى محمد بن عبد الله خاتم النبيين والمرسلين وآله الطيبين الطاهرين وأغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين وتب علينا انك أنت التواب الرحيم.
اللهم سلم كل أوطان المسلمين من الاضطراب والفوضى بقيام العدل مكان الظلم والوحدة بعد الفرقة والاجتماع على الحق بعد الشتات وأعمر الأرض كلها بالحق والعدل والهدى والنور يا رحمن يا رحيم يا علي يا قدير {إنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.