خطبة الجمعة (512) 29 شعبان 1433هـ ـ 20 يوليو 2012م
بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة الجمعة (512) 29 شعبان 1433هـ ـ 20 يوليو 2012م
الخطبة الاولى :
الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولم يكن له ولي من الذل له وحده الجلال بلا شائبة والجمال بلا حدود والكمال بلا نهاية أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم تسليما كثيراً كثيرا.
عباد الله الخير كل الخير في معرفة العبد ربه والآخذ بطاعته والاستقامة على طريقه لتكون حياته كلها صعودا وكل أيامه كسبا رابحا ويحيا مجيدا ويموتا ويبعث سعيدا
{إنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.
والاستقامة تحتاج إلى استمرار في الاستنارة وتربية للإرادة وجهادا للنفس ومقاومة للهوى لا هوادة فيها تحتاج إلى استحضار واستشعار حي قوي لقدرة لله سبحانه ورقابته تعيش به النفس أشد قرحا.
اللهم صلي وسلم وزد وبارك على حبيبك المصطفى محمد بن عبد الله خاتم النبيين والمرسلين واله الطيبين الطاهرين وأغفر لنا ولإخواني المؤمنين والمؤمنات أجميع وتب علينا انك أنت التواب الرحيم.
اللهم أعنا على نفسنا ويسر لنا سبيل طاعتك وأغلق عنا في عافية أبواب معصيتك ولا تجعل لنا مفارقة عن طريقك وجعل جهادنا فيك وسعينا لمرضاتك وقنا كل سوء يا كريم يا رحيم.
أما بعد أيها الأعزاء من المؤمنين والمؤمنات
فإذا هذا الموضوع لماذا العبادة الإنسان مادة تغنى بالحياة بالإحساس والحركة والدوافع والغرائز ولها حاجاتها وضروراتها وهو إلى جنب ذلك روح علوية متعلقة بالغيب والكمال ولها أشواقها الكريمة وغاية السامية وهدفها البعيد ولكي يعيش الإنسان على الأرض لابد له من ضروراته وحتى يبلغ غايته لابد له من الارتفاع إلى مستوى أشواقه والحياة على الأرض في كل من بعدها الفردي والاجتماعي لا تستقيم ولا تهنئ ولو أهمل جانب الروح وكان كل انشداد الإنسان إلى الأرض لذلك كان دين الله عز وجل بناءا متكاملا يرعى جانب الروح والبدن من وجود الإنسان حتى تصلح الحياة ويبلغ هذا المخلوق الغاية والإسلام عقيدة تنطلق من الواقع الكوني المحتاج إلى الله ومجموعة أنظمة متلاقية فيما بينها ومنطلقة من قاعدة العقيدة كل مكوناتها متعاونة متناصرة ويؤدي واحدها وظيفته الضرورية في البناء ويساعد على الفاعلية الناجحة للمكونات الأخرى الإسلام قاعدة متينة صادقة أمينة تتمثل في عقيدته وبناءا فوقيا يجسده نظامه وهذا النظام العام الفوقي يدخل فيه المكون السياسي والمكون الاجتماعي والآخر الاقتصادي ويمثل المكون العبادي مساحة واسعة من النظام الإسلامي الفوقي العام بينما تسري الروح العبادية في كل جنبات البنية الفوقية لهذا الدين والنظام العبادي لتعميق روح التقوى في نفس المسلم وتركيزها لان غاية الحياة عند الإنسان المتمثلة في الكمال الذي يطيقه وجوده لا تحقق لها إلا بمقدار انشداده فكرا وشعورا وعملا بربه وقصده إليه ولان التصميم الدقيق للنظام الإسلامي لا يحقق له النجاح المطلوب في سوق حياة مستقرة عادلة كريمة سعيدة في غياب من التقوى والروح فقدت شعورها والشعور بالقيمة والجمال بالانفصال عن الأرض.
النظام الإسلامي دقيق ولكن نجاحه الكامل يتوقف على الجانب العبادي فيه ما لم تسري روح التقوى وما لم يعمل الشوق إلى الله في النفس في كل مجالاتها فإن النظام الإسلامي لا يمكن أن يحقق أهدافه السامية وان كان في نفسه على تصميم دقيق لا يجارا.
لا نجاح لأي نظام كامل في حياة الناس إذا غابت من النفوس التقوى وجفت الروح واتجه كل النظر عند الإنسان للدنيا وبهذا نستطيع أن نتفهم شيئاً من الأهمية العالية لقوله سبحانه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} شهر رمضان من أجل روح يقظة واعية نابهة قادرة على استشعار الجمال المعنوي تعيش إحساس الحاجة الجادة للكمال وإرادة السير على طريقه شهر رمضان للانفتاح بالنفس بصورة واسعة ومركزة على كل أنواع الطاعة والعبادة لله عز وجل وأنواع البر والصلاح والدفع بإرادة الخير عند الإنسان إلى الأمام وتدارك كل القصور وتصحيح كل خطأ والعدول عن كل انحراف واستباق إلى كل مكرمة والارتفاع عن كل السقوط.
شهر رمضان من أجل التقوى والتقوى حالة من رقي النفس وصفائها وتعلقها بالله ورضاه وإشفاقها من غضبه وحبها وشوقها إليه تجعلها شديدة التوقي من مخالفته وتستسهل كل صعب في طلب المكانة عنده لذلك تتجه بالمتحلي بها في السير صاعد بلا الانحدار واستقامة بلا انحراف إلى كمال بلا تراجع وسعادة بلا شقاء من الدعاء المروي عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) إذا دخل شهر رمضان (وَالْحَمْدُ للهِ الَّذِي حَبَانَا بِدِينِهِ، وَاخْتَصَّنَا بِمِلَّتِهِ، وَسَبَّلَنَا فِي سُبُلِ إحسانهِ، لِنَسْلُكَهَا بِمَنِّهِ إلى رِضْوَانِهِ، حَمْدَاً يَتَقَبَّلُهُ مِنَّا، وَيَرْضَى بِهِ عَنَّا. وَالْحَمْدُ لِلّه الَّذِي جَعَلَ مِنْ تِلْكَ السُّبُلِ شَهْرَهُ شَهْرَ رَمَضَانَ، شَهْرَ الصِّيَامِ، وَشَهْرَ الإِسْلاَم، وَشَهْرَ الطَّهُورِ، وَشَهْرَ التَّمْحِيْصِ، وَشَهْرَ الْقِيَامِ، الَّذِي أُنْزِلَ فِيْهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ، وَبَيِّنَات مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقَانِ).
يلفت هذا الكلام الشريف نظرنا إلى أن الدين يمثل عطاء كريم من الله سبحانه لعباده نحن ننظر للدين بما هو تكليف فيه ثقل فيه مؤنه والإمام (عليه السلام) ينظر إليه بما هو منة وعطاء كريم من الله وكم هو الفرق في التعامل النفسي مع الدين بين النظرتين نظرة تشعر بالامتنان إلى الله وتذوب في الدين وتركض وراءه وتأنس به ونظرة أخرى تعيش حالة الاستثقال والاستبطال والاسترخاء والملل.
يلفت هذا الكلام الشريف نظرنا إلى إن الدين يمثل عطاء كريما من الله سبحانه لعباده وما فيه من تكاليف خفت أو ثقلت إن هي إلا نعم كبرى وسبل إحسان من إحسانه تصل بالإنسان إلى أكرم مقام لنيل رضى ربه تبارك وتعالى وهذا العطاء والنعم وسبل الإحسان التي فتحها الله إلى خير عباده مستوجبة للحمد ومستلزمة للشكر.
نظرة تمن على الله أن قامت بتكاليف دينه ونظرة ترى أن عليها أن تحمده وتشكره لأنه عداها لدينه وشهر رمضان وفريضة صومه سبيل من سبل الإحسان الإلهي التي يسرها الله لعباده وجعلها طرق موصلة إلى رضوانه ونيل الكرامة من لدن مما يستوجب حمده وشكره على عظيم امتنانه.
هذا شهر للصيام والتعالي على الضغوطات الحاجات المادية والمشتهيات البدنية حتى وان حلت في غير أيامه فضل عما حرم الله وارتفاع بمستوى الإرادة وانشدادا للغاية وتقديما للهدف وإيثارا لجانب الروح وترويضا للنفس وانتصارا على العوائق وهزيمة للتحديات.
هذا الشهر لاكتساب شخصية إيمانية رسالية لدرجة جديدة متقدمة من القوى والصلابة والمقاومة والقدرة على الاستقامة والإثبات على طريق لله رغم كل الصعاب وخشونة المواجهات أنه لطهر الذات الإنسانية ولزكاتها ولخلوصها من كل ما يشدها إلى الأرض تمحيص ممن معناه تخليص الذات من الشوائب ومما معناه الامتحان أنه لطهور الذات الإنسانية ولزكاتها ولخلوصها من كل ما يشدها إلى الأرض يقطعها عن السماء يقعد بها عن الغاية ويثبط من خطاها على طريق الكمال ويرجس أجواها النقية وينغلق بها عن لله العلي العظيم.
اللهم صل وسلم على حبيبك محمد وآله الطيبين الطاهرين وأغفر لنا ولإخواني المؤمنين والمؤمنات أجميع وتب علينا انك أنت التواب الرحيم.
اللهم اقبل بقلوبنا على موائد الرحمة والكرامة لهذا الشهر الذي فضلته على الشهور وزد فيه زاد تقوانا ونقي سرائرنا وأصلح ما فسد منا وارزقنا صيامه وقيامه وتقبله منا واعدنا على أمثاله في خير ونصر وعز يا رحمن يا رحيم يا كريم.
بسم الله الرحمن الرحيم
{قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ * اللهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ}.
الخطبة الثانية :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي لا مؤمل سواه ولا قاضي للحاجات غيره ولا منفس للكرب من دونه ولا معز ولا مذل عداه وهو القاضي بالحق بين عباده والآخذ لكل مظلوم من ظالمه ولا يستوي في حكمه محسن ومسيء وعادل وجائر اشهد أن لا إله إلا الله وان محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم تسليما كثيراً كثيرا عباد الله من عرف الله اتقى ولا يتخلى عن تقوى رب العظيم إلا قلبا غافل ومريء جاهل ونفس استولى عليها سفهها فمن ذا الذي يرى قدرة الله فلا يهابه ومن ذا الذي يستحضر إحاطة علم لله فلا يراقبه ومن ذا الذي يذكر نعم الله فلا يستحيي منه، ومن ذا الذي ينتبه إلى إحسان لله وتنفح روحه على جلال وجمال وكمال لله فلا يحبه، وهل يعصي لله من أحبه واستحيى منه وهابه وعلم أنه لا يغيب عن علم لله ولا يفلت من رقابته وأي قلب لم تسد منافذ رؤيته لا يعرف من الله سبحانه ما يجعله يحبه ويستحي منه ويهابه ويخشاه ويشعر دائما برقابته.
اللهم صلي وسلم على حبيبك محمد وآله الطيبين الطاهرين وأغفر لنا ولإخواني المؤمنين والمؤمنات أجميع وتب علينا انك أنت التواب الرحيم.
اللهم إنا نعوذ بك من رين القلوب وطبعها وختمها وزيغ البصائر فقدها وكدورة الروح وظلمتها والإنس للهوى والاطمئنان للشيطان اللهم أنقذنا من ظلمات العقول والقلوب والأرواح ونورنا بنور الهداية والإيمان وبلغ بإيماننا درجة اليقين واجعلنا من أهل الصلاح والفلاح يا رؤوف يا رحيم يا كريم.
اللهم صل وسلم وزد وبارك على حبيبك المصطفى محمد بن عبد الله خاتم النبيين والمرسلين الصادق الأمين وعلى علي أمير المؤمنين وإمام المتقين وعلى فاطمة الزهراء الصديقة الطاهرة المعصومة وعلى الأئمة الهادين المعصومين حججك على عبادتك وأنوارك في بلادكم الحسن بن علي الزكي والحسين بن علي الشهيد وعلي بن الحسين زين العابدين ومحمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد الصادق وموسى بن جعفر الكاظم وعلي بن موسى الرضا ومحمد بن علي الجواد وعلي بن محمد الهادي والحسن بن علي العسكري ومحمد بن الحسن المهدي المنتظر القائم.
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرج ولي أمرك القائم المنتظر وحفه بملائكتك المقربين وأيده بروح القدس يا رب العالمين عبدك وبن عبديك الموالي له والممهد لدولته والفقهاء العدول والمجاهدين الغيارى والمؤمنين والمؤمنات أجمعين وفقهم لمراضيك وسدد خطاهم على طريقك وانصرهم نصرا مبيناً عزيزا ثابتاً دائما قائما.
أما بعد أيها الإخوة والأخوات في لله فالحديث حول هذا العنوان (الأمن الاجتماعي) والأمن الاجتماعي حاجة كل المجتمعات ومطلب كل سياسة عادلة وواجب كل حكومة وهدف عالم من أهداف الدين القويم وشرط من شروط النمو والازدهار والتقدم.
ولا هناءة لمجتمع يحكمه العدوان ويسوده الخوف ويقع فيه المال والعرض والنفس والدين في دائرة الترصد والتهديد والوعيد وللأهمية البالغة للأمن في نظر الدين جاء التركيز عليه في عدد من النصوص الإسلامية تقول الآية الكريمة {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ} فالآية الكريمة تركز على نعمة الأمان.
وعن الرسول (صلى الله عليه وآله) نعمتان مكفورتان الأمن والعافية مكفورتان تفسر بمعنى مستورتان فالكفر الستر تنستر كل من نعمة الأمن والعافية عن ذهن الإنسان وذكره بوجودهما وتظهر له أهميتهما بفقدهما حيث تقلق حياته ويعيش الشلل في الحركة ويشعر بالتهديد الجدي للوجود وبانهيار الأمن الاجتماعي وتحطم جسور الثقة بين أهل المجتمع الواحد وتوقع الضرر والإضرار من كل الأطراف ترتفع موجة الاضطراب في النفوس ويشقى الجميع وتتقطع سبل الحياة ويشل الإنتاج الصالح ويشعر الكل بأنه محاط بالموت من كل مكان وعنه (صلى الله عليه وآله) في قوله تعالى {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} الأمن والصحة فجعل الأمن والصحة مصداقيين بارزين ومن أجلى مصاديق النعيم الذي يسأل عنه الإنسان في توظيف له يوم القيامة ذلك باعتبارهما روح النعيم في الدنيا كما تفيده الكلمة عن الإمام الصادق (عليه السلام) النعيم في الدنيا الأمن وصحة الجسم وتمام النعمة في الآخرة دخول الجنة (وما تمت النعمة على عبد قط ما لم يدخل الجنة) صحتك مالك جاهك كل نعم الدنيا تذهب هباً هي نعم ولكن النعمة الكبرى لا تتم إلا بدخول الجنة فأسعى إليها يا نفس اسعي إلى النعمة الكبرى.
والسياسات الظالمة تفسد الأوطان وتنشر الفتن وتزرع الأحقاد وتثير الفوضى وتقوض الأمن الاجتماعي وتزلزل الأوضاع وتشقي الحياة.
أمن الناس تمثله السياسة الظالمة التي تحتل أمن الناس وتحيله السياسية الظالمة إلى خوف وبلد الخير تحوله إلى بلد شر وفساد وتقول الكلمة عن الإمام علي (عليه السلام) (شر البلاد بلد لا أمن فيه ولا خصب) وحيث لا أمن لا خصب ولا سعة في الإنتاج ولا تفرغ للبناء والتقدم بمستوى الحياة وعنه (عليه السلام) (شر الأوطان ما لم يأمن فيه القطان) ساكنوه.
السياسات الظالمة تحدث الفرقة والفرقة فتاكة بأمن الناس وهي بما تثيره من الاحتراب وتؤدي إليه من استباحة الدماء لونا من مر العذاب يقول الكتاب الكريم: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ} وأي سبب من لتقويض الأمن الاجتماعي أن تطلق السياسة الظالمة يد الإرهاب والسطو لتعيث فساد ليل ونهار في المناطق السكنية في القرى والمدن وتقتحم على الآمنين بيوتهم من غير أذن وتكسر عليهم أبواب غرف نومهم الخاصة وأماكن استحمامهم وتضرب من تضرب وتدمي من تدمي وتنهب من تنهب وتصطحب معها من تريد اصطحابه للسجن والتعذيب لا بل ماذا بقي من الأمن الاجتماعي لهذا الشعب الذي تعامله السلطة المسؤولة عن أمنه معاملة العدو اللدود وتسومه سوم العبيد.
إن الممارسات الدنيئة والعدوانية الصارخة التي ترتبك بحق هذا الشعب المسلم تعبر عن تنكر تام وتجاوز فاحش لدين والضمير والقيم الأخلاقية والأعراف الحميدة وحقوق المواطنة وحرمة الإنسانية والدساتير والقوانين المدنية ومواضعات المجتمع الإنساني يصل الأمر إلى كسر الباب على امرأة مؤمنة حال استحمامها في حمام منزلها فأي دين بقي وأي خلق وأي عرف وأي غيرة وأي حس إنساني وأي حياء وأي حمية وأي ضمير وأي حرمة لمواطن وأي قيمة لإنسان ألستم تفجرون غضب الناس بمثل هذه الاستفزازات التي تحرك الجماد وتنسي الإنسان أي قيمة للحياة وتزهده في البقاء في ظل هذا الوضع المذل المهين ألستم تدفعون الشعب بمثل هذه الحماقات أشد الدفع إلى المطالبة بكل إصرار وأن استشهد أي عدد من أبناءه وأن سجن أو عذب بكامل حقوقه صوناً لدينه وكرامته وعزته وعرضه ودمه وماله الشعب صار يخاف على دينه وصار يخاف على أرضه وصار يخاف على كرامته على دمه وماله لو ألقاء عصى السير والشعب الذي عشق الحرية وصمم صادقا أن يسترخص حياته ثمن لها لا توجد حكومة في الأرض تستطيع تركيعه الشعب الذي يقول أما الحرية أو الشهادة لا يمكن إذلاله الشعب الذي لا يحدد سقفاً لتضحياته في سبيل حريته وكرامته وحماية أرضه ودينه لا يفصله فاصل كبير عن نيل ما يطمح إليه من الحرية والكرامة والعز والمجد الرفيع، الشعب الذي كسر حاجز الخوف من الموت وآمن بأن الحياة في الموت في عز وأن الحياة في ذل هي الموت واستعذب المنية في سبيل دينه وحريته يكون قد أفشل كل أساليب البطش والتنكيل التي تحاول إجباره على الخنوع ونسيان ذاته لا يحاولن أحدكم مع هذا الشعب لإذلاله أكثر مما حاول فانه لن تنكسر إرادته بإذن لله ولا ينال أحد من عزيمته ليفرض عليه ما يريد من ما يأبى.
اللهم صلي وسلم وزد وبارك على حبيبك المصطفى محمد بن عبد الله خاتم النبيين والمرسلين وآله الطيبين الطاهرين وأغفر لنا ولإخواني المؤمنين والمؤمنات أجميع وتب علينا انك أنت التواب الرحيم اللهم أقبض عنا يد كل ظالم واكفنا شر كل ذي شر وحمنا من كل غائلة ولا تجعل يدينا يد عدوان على أحد ولا تجاوزا منا على حد من حدودك ولا تعديا على حكم من أحكام دينك واجعلنا من المتقين.
اللهم أرحم شهدائنا و موتانا وفك أسرانا وسجنائنا واشف مرضانا وجرحانا ورد غيابنا في خير وسلامة وكرامة يا سميع يا مجيب إنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحسان وَإيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ.
(ناقصة من المصادر)