فلنمُت من أجل أعراضنا
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
فلنمُت من أجل أعراضنا
الشيخ سعيد المادح
لم تكن هذه الكلمات شعارًا في خطبة الجمعة الأخيرة، بل حكمًا شرعيًّا إلهيًّا واجبًا وملزمًا.
لقد مارس المرتزقة المستوردون أشنع صور التَّعدِّي على حرائرنا وأعراضنا، وكلُّ ذلك بمرأى السُّلطة، بل وتحت أمرها، فالكلُّ يعلم أنَّ أولئك المستورَدِين لا يخطُون خطوة من غير أمر!
وحيث إنَّ خصمك هو القاضي، فمَن عساك تُقاضي؟!، وهل ستطلب من المرتزقة الجُناة حماية عِرضك؟! أم هل ستطلب ذلك من أسيادهم؟!، وكلُّ انتهاك إنَّما حصل بإمرتهم!
قد نصبر على كلِّ ظلم، ولكن لا صبر على انتهاك العِرض والشَّرف، فالصَّبر هنا عار وشَنَار، نموت أو نعيش بشرفٍ، ولا توجد منطقة وسطى بينهما، ولا خيارَ ثالث بعدهما، فمن بعد دين اللهِ كلُّ شيءٍ يرخص من أجل العِرض، والعِرض لا يرخص من أجل شيء آخر، هذه عقيدة ودين، وليست حالة حماسيَّة يمكن أنْ تزول، فإمَّا أن نكون مؤمنين أو لا نكون، ذلك هو الامتحان الإلهي.
هذه القضية لا علاقة لها بالسِّلميَّة، فالدِّفاع عن الدِّين والعِرض والنَّفس والمال، كلُّ ذلك من صميم الحقِّ الشَّرعيِّ الذي لا يختلف فيه عاقل لا دين له، فضلًا عن أهل العقل والدِّين، فلا أحد يقول: انظر إلى عرضك كيف يُعتدى عليه، ثم لا تُحرِّك ساكنًا في الدِّفاع عنه!
هل من مجنون يقول ذلك؟!، حتى الحيوانات تغار على عِرضها، إلَّا الخنازير، فإنَّها لا تغار!
شعبُنا أعزَّ وأشرف وأطهر وأنقى من أنْ تُمتهنُ كرامة نسائه. وإنَّ هذه التَّضحيات العظيمة التي لم تتوقَّف، ولن تتوقَّف هي خير برهان على غيرة هذا الشَّعب الأبيِّ، وإنَّ المرحلة الجديدة التي أعلنها سماحة آية الله الشَّيخ عيسى أحمد قاسم (دام ظلُّه)، والمتمثِّلة في استراتيجيَّة (السَّحق) لكلِّ مَن يتطاول على أعراضنا من أولئك الغرباء عن ثقافة هذا الشَّعب وقِيَمِه الرَّفيعة، هذه الاستراتيجية – حتمًا – لن تكون الأخيرة إذا لم تتوقَّف الأيدي العابثة بالعِرض والشَّرف. فالدِّفاع عن الأعراض ليس يقف عند حسابات سياسيَّة، ولا يقف لأجل ضخامة الخسائر، بل لا يقف حتى لو سالت الدِّماء أنهارًا.
هكذا يفهم فقهاؤنا من دين الله تعالى، وشريعة رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، وهكذا تربَّت الأمَّة الإسلاميَّة على العزَّة والشَّرف والكرامة، ولن يتحوَّل المسلمون في يوم من الأيَّام إلى مسخٍ كما يشتهي الطَّواغيت والظَّالمون.
إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.