خطبة عيد الأضحى المبارك 10 ذو الحجة 1432هـ – 07 نوفمبر 2011م
مواضيع الخطبة:
الخطبة الأولى: فعل الخير
الخطبة الثانية: عطاءات الحج – عيد وحرائر المسلمين في السجون – تذكير عن الأضحية
الخطبة الأولى
الحمد لله الذي خضعت لقدرته الأشياء، وذلَّ لعزِّه الأعزّاء، ولا غِنى عنه للأغنياء، ولا مُغني غيرُه للفقراء، ولا غوثَ إلاّ من عنده، ولا فَرَجَ إلاّ من فضله، ولا نَصْرَ إلاّ بإذنه، ولا أَمْرَ يجري إلاّ بمشيئته.
أشهد ن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم تسليماً كثيراً كثيراً.
أُوصيكم عبادَ الله ونفسي المقصِّرة بتقوى الله، وإصلاح العمل قبل معاجلة الأجل، وإعمار الآخرة قبل فوات الدنيا، واغتنام الفرصة قبل يوم الغُصَّة. الطاعةَ الطاعةَ لمن له حقّ الطّاعة، ولا تُغني عن طاعته طاعة، ولا تضرُّ مع طاعته معصية(1). ألا من استكبر عن طاعة الله كان في الأذلّين المعذّبين، ومن أطاع ربّه العظيم كان في العليّين المنعّمين.
اللهم صلّ وسلّم وزد وبارك على حبيبك المصطفى محمد بن عبد الله خاتم النبيين والمرسلين وآله الطيبين الطاهرين، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التوّاب الرحيم.
اللهم ارفع قدرنا بطاعتك، وأعزّنا بعبادتك، وأسعدنا بمعرفتك، ولا تهنّا بمعصيتك، ولا تخزنا بهجرانك، وارحم ضعفنا، ولا تسلمنا لجهلنا يا كريم يا رحيم.
.
أما بعد أيها الأعزّاء من المؤمنين والمؤمنات:
فعن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال:”افعلوا الخير ولا تحقروا منه شيئاً، فإن صغيره كبير، وقليله كثير، ولا يقولن أحدكم: إن أحداً أولى بفعل الخير منّي، فيكون والله كذلك. إن للخير والشر أهلاً، فما تركتموه منهما كفاكموه أهله”(2).
عندنا حياةٌ الطريق فيها لنا مفتوح لأن نكون من أهل الخير، أو من أهل الشر، أو نمزج بين خيرٍ وشرٍّ فيما نعمل في هذه الحياة(3). وكلّ سيجني ثمرة ما يفعل، ونتائج هذه الخيارات متفاوتة متباعدة، والذّوات التي تنتجها هذه المسالك بينها تباين شديد(4).
فاخترْ أن تنشُر في الحياة خيراً، أو شرّاً، أو تُعطّر جوَّها بخير حيناً، وتسممه بشرّ حيناً آخر(5)، واختر أن تكون الذات الطاهرة التي تعبق بالطيب والرائحة الزكية أو ذاتاً أخرى يُشَمّ منها الخبيث، ويصدر منها الأذى.
واختر أن تلقى الله عزّ وجلّ مُحسناً فيزيدَ في إحسانك، وتسعد في الآخرة، أو تلقاه مُسيئاً فيجزيَك بإساءتك، وتمكث في النار خالداً، وتشقى.
اليوم لا أحد يجبرك، وغداً لا أحد ينقذك من عذاب الله، ولا تنفعك شفاعة الشّافعين من دون إذنه(6).
أليس عليك بعد هذا في ميزان العقل والمصلحة والشفقة على الذات والإكرام لها أن تفعل الخير كما هو أمر الإمام عليه السلام ولا تخلِط به شرّاً؟!
وكلما عظم الخير الذي يأتي على يدك كان أعظم بركة لك وللأمّة وأجدى، وإذا استطعت الكثير من الخير فلا تقنع بما هو القليل(7)، ولكن لا تتوقّف عن فعل أيّ خير تستقلّه لأن الصغير منه كبير، والقليل كثير كما يقول عليه السلام(8).
قليل الخير كثير لأن الله سبحانه يباركه، ولأن فعل الخير يدعو لمثله، ويشجّع على معاودته، ويدفع الآخرين إلى الاقتداء به، ولأنّ مثوبته يوم نلقى الله سبحانه فوق ما تظنّ النفس، وربما كانت نجاة العبد يوم القيامة بفعل خير كان يستقلّه، وربما كان دفع بلاء عظيم في الدنيا بفعل خير جاء به المرء مستصغراً له، وما كان يراه شيئاً(9).
واستصغار الذّنب يُعظِّمه، واستقلال الخطيئة يزيد وزرَها لأنّ في ذلك ما ينافي عظمة الربّ الذي عصاه العبد، ولم يقف عند نهيه، ولم ينزجر بزجره.
وانظر إلى نفسك أنّك أهلٌ لفعل الخير، واحمِل النفس عليه، وجاهدها في سبيله. فمهما استطعت من فعل خير فلا تُعطِ للنفس أن تقعد عنه، وتسترخي أمامه، وترى أنَّ الغير أولى منك بفعله.
ويقول الإمام علي عليه السلام أنَّك لو استسلمت للشّعور السّلبي القائل بأنَّ غيرك أولى منك بفعل الخير لجاء الأمر كذلك، وكان الغير فعلاً أولى منك به، وجرى على يديه، واقتطف ثمرتَه، وحُرِمت أنت ثوابَه وبركته في حين لو جاهدت النفس، وبذلت ما في الوسع لتحقّق على يدك وظفرت به، حتّى أنَّ الإمام عليه السلام يُقسم فيقول:”فيكون والله كذلك”(10).
ولا يظنن أحداً أن تخلّيه عن الخير سيُقْفِل باب فعله، وسيتخلّى الناس كلهم عنه. وأيّ امرؤ تخلّى عن الخير يكون قد اختار للخير أن يفعله غيرُه، ويُحرَم هو بركتَه. فكلٌّ من الخير والشر يجد له في حياة الناس من يفعله. ولكلٍّ منهما أهلٌ يجري على أيديهم، ويجنون ثمرته(11).
وكل امرئ مسؤول عن نفسه، وعليه النّظر في أمره، وتحديد خياره، وهو مستوفٍ حسابه، وجانٍ ما كسبته يداه، وما فعل من خير أو شر عائد عليه.
اللهم صل وسلّم وزد وبارك على حبيبك المصطفى وعلى آلك الطيبين الطاهرين، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، ولوالدينا وأرحامنا وجيراننا وأصحابنا وأزواجنا وكلّ من يهمّنا أمره، ومن أحسن إلينا من مؤمن ومؤمنة، ومسلم ومسلمة، وتب علينا جميعاً إنك أنت التوّاب الرحيم.
اللهم اجعلنا من أهل الخير، الآخذين به، الدّاعين إليه، غير المتخلّفين عن موطنٍ من مواطنه، ولا المتردّدين في الإقدام عليه، ولا المستخفِّين بشيء منه، ولا الرّاضين بقليله، واجعلنا من أنأى من نأى عن الشرّ من خلقك، وأنزهِ من تنزّه عن رجسه من عباده، وفي مقدِّمة من ينهى عنه، ويُحذّر من عاقبته وآذاه يا حميد، يا مجيد، يا رؤوف، يا رحيم.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{وَالْعَصْرِ، إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ }(12).
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي لولا هو لما خرج شيء من عدمه إلى الوجود، وما كانت حياة لحيّ، ولا عقل لعاقل، ولا شعور لذي شعور. لا حركةَ في الكون كلّه إلا بإذنه، وتحت علمه، ولا حياة قائمة، أو مستجدّة إلا بفيضه، ولا نهاية لشيء إلاّ بتقديره، ولا موت لحيّ إلاّ بأمره. كلّ شيء يُسبّح بحمده، ويسجد له، ويشهد بوحدانيّته. تبارك الله أحسن الخالقين.
عباد الله ألا فلنتّق الله الذي لا يستغني عنه المخلوقون لحظة، ولا يردون له قضاء وقدراً ولو اجتمعوا له، ولا يُغني بعضهم عن بعض شيئاً.
ولينظر أحدنا إن كان له من مفرٍّ من مُلك الله، ومن مَهربٍ عن علمه، ومن مأوى عن أخذه، ومن غِنى عن رَفده، ومن نصير يدفع عنه غضبَه وانتقامَه(13). وحيث لا شيء لأحدٍ من ذلك فَلْيُسْلِم المخلوقون أمرهم للخالق، والمملوكون للمالك، والمرزوقون للرّازق، ولا يردّوا له أمرا، ولا يرتكبوا نهياً، ومن عاند فإنما أهلك نفسه، وأساء إليها.
يا معاذ العائذين، ويا ملاذ اللائذين، بك نعوذ، وبك نلوذ فأعذنا من كلّ سوء، وادرأ عنّا كلّ شرّ، وأقبل بنا على ما يرضيك، واحمنا من كلّ ما يُغضبك. عليك توكّلنا وإليك ننيب.
اللهم ما سألناك من خير فمُنّ به علينا وعلى المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وما استعذنا بك منه من شرّ فاكفنا إيّاه بفضلك والمؤمنين والمؤمنات أجمعين، واغفر لنا ولهم وتُب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
اللهم صلّ وسلّم وزد وبارك على محمد بن عبد الله خاتم النبيين والمرسلين الصادق الأمين، وعلى علي أمير المؤمنين وإمام المتقين، وعلى فاطمة الزهراء الصديقة الطاهرة المعصومة، وعلى الأئمة الهادين المعصومين؛ حججك في عبادك، وأنوارك في بلادك: الحسن بن علي الزكي، والحسين بن علي الشهيد، وعلي بن الحسين زين العابدين، ومحمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق، وموسى بن جعفر الكاظم، وعلي بن موسى الرضا، ومحمد بن علي الجواد، وعلي بن محمد الهادي، والحسن بن علي العسكري، ومحمد بن الحسن المهدي المنتظر القائم.
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد، وعجِّل فرج وليّ أمرك القائم المنتظر، وحفّه بملائكتك المقرّبين، وأيّده بروح القدس ياربّ العالمين.
عبدك وابن عبديك، الموالي له، الممهِّد لدولته، والفقهاء العدول، والعلماء الصلحاء، والمجاهدين الغيارى، والمؤمنين والمؤمنات أجمعين، وفِّقهم لمراضيك، وسدِّد خطاهم على طريقك، وانصرهم نصراً عزيزاً مبيناً ثابتاً دائماً مقيماً.
أما بعد أيها الإخوة والأخوات في الله فإلى أكثر من عنوان باختصار:
عطاءات الحج:
مما يستطيع الإنسان المتبصّر أن يستبين منه عظمة الإسلام نظامُه العبادي، وأيُّ عبادة منه. فأي عبادة من عبادات الإسلام الثابتة يؤدي النظر فيها إلى الإيمان بألوهية هذا الدين، واستقامته، وعظمته من حيث التصميم الدقيق المحكم الذي تتمتع به كل العبادات، وروحُ التوحيد الخالص السارية فيها، والارتفاع بمستوى الذات الإنسانية التي تُحقِّقه للعابد، والمعالجة الشاملة للنفس البشريَّة، والاستجابة لحاجة الربط الناجح بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة فيما يتطلبانه من توجه الانسان ونشاطه وحركته بصورة تخلق حالة الانسجام في شعور الانسان وحركته الخارجية، وتحقّق تقدّم الدنيا وهدف الحياة فيها، وهو هدف الإعداد للآخرة، وبناء النفس الإنسانية البناء الذي يتناسب ورُقيّها.
ونظرةٌ متبصّرة في الحج تجعلك تؤمن إيماناً عميقاً بعظمة هذا الدين وتعاليه على القدرة البشرية. الحج عبادة تغنى بالعطاء الروحي، والنفسي، والاجتماعي، والسياسي، والعلمي، والاقتصادي، وتصنع الفرد العابد الموحّد والأمة العابدة الموحد، وتعطيها فرصة الظهور في مظهر القوة في تواضع، وتوحّد صفوفها في غير عصبية عمياء.
الحج عبادة تُمثِّل إذا أُحسنت دعوة بليغة للإسلام على مستوى العالم، وتُطمِعُ كل المستضعفين في الأرض أن يلتحقوا بركبه الكريم، ويستظلوا تحت رايته الهادية، عندما يرونه(14) في صورته الحقيقية كيف يساوي بين الملك والمغمور من الناس من غير تمييز في كل المشاعر، ليُريَ كل من يرون أنفسهم كباراً أو يرى لهم غيرهم ذلك لما لهم من دنيا وسلطان أن ليس لأحد من ميزة في هذا الدين القويم إلا بالتقوى والعمل الصالح، وما أدَّى إلى ذلك من علم، ولتتعلّم الأمة كلها أن لا تعترف لأحد بفضل إلا مما اعترف به الإسلام نفسه له من فضل.
والحج الثرّ بعطاءته الكبيرة النافعة أهم ما يركز عليه من العطاءات توحيد العبد لربِّه، وتنقيةُ الفرد والأمة من مظاهر الشرك وشوائبه، وهو يقضي على التعملق الكاذب لأي ذات بشرية مما يعطيها توهُّم الربوبية، وفرضَ مقتضياتها على الآخرين، ويبعد بهم عن الوقوع في هذا الوهم، واستجابتهم لموجَبه، وفي ذلك ضلال العابد والمعبود وهلاكهما، وفساد الحياة، وضياع الهدف الكريم للإنسان، وانحطاط قدره، وسوء مصيره.
وعطاءات العبادة ومنها الحج تتفاوت بتفاوت الأفهام وما عليه صفاء القلوب والأرواح، ومقدار ما عليه استعدادُها للتوجُّه للعبادة، وما تبلغه درجة المعرفة عند العابد بواجبات العبادة ومستحبّاتها وشروطها وموانعها ومراعاته لكلِّ ذلك، وما يصل إليه فهمه من أسرار العبادات، وما يَعنيه كلُّ جزء فيها، ويرمز إليه كل شرط ومانع أُخذ فيها.
فمن طاف وهو لا يدرك من طوافه إلاَّ أنه حركة جسدية حول الكعبة المشرّفة لا يخرج من طوافه بعطاءِ من كان يعيش في هذه الحركة طواف قلبه حول إرادة الله سبحانه مستقطَباً لها، لا ميلَ له عنها إلى ما تشتهيه نفسه، أو يشتهيه له غيره مما يخالف محبوب ربه… يعيش انجذاباً مستوعِباً مهيمِناً على كل شوقه وانبهاره إلى جلال الله الجليل تبارك وتعالى، وجمالِه وكمالِه، ورجاءاً خالِصاً في عطفه ورحمته وعطائه، وخوفاً عميقاً من سخطه وعقابه.
إنَّهما طَوَافان(15) مجزيان عن الواجب إذا توفر في كلٍّ منهما جميعُ ما هو معتبرٌ فقهياً في صحِّة الطواف، ولكنّ تفاوتهما عطاءاً في بناء الذات والسموّ بها، ومن حيث المثوبة واسع جداً، وأمره واضح(16).
هذا مثال واحد تجد نظائره في كل أعمال الحج وشعائره.
عيدٌ وحرائرُ المسلمين في السجون:
يعظمُ قُبحاً أن تسجن حكومةٌ مسلمةٌ أيّ مؤمن، وأي مسلم لمطالبته بالعدل، وتَمسُّكِه بالحرية التي يرتضيها الله عزّ وجل والكرامة التي كرَّم بها الانسان، ولإصراره على استرداد حقوقه المسلوبة.
أما سجن الحرائر من المؤمنات والمسلمات للانتصار للحقّ والعدل والحريّة والكرامة فهو أعظم قُبحاً وبشاعة، وأشدّ وقعاً، وأكثر أذى، وأبلغ إيلاماً.
سجن الحرائر المسلمات البريئات إلاَّ من ذنب التمسّك بالحقّ والعدل، وبالمطالبة بتصحيح الأوضاع، والأخذ بما فيه رضا الله ورسوله، وصالح المؤمنين في بلدٍ مسلم على يد حكومة مسلمة عار يعمّ كل آمر وفاعل ومشجّع، وساكت يدّخر شيئاً من الإنكار مما يسعُه.
إنَّ إثم مثل هذا المنكر ليعمّ كلّ المسلمين بفئاتهم ودولهم وهيئاتهم وأفرادهم ممن لو قالوا كلمة لأثّرت، وهم يجدون الكلمة، ولو وقفوا موقفاً لردع، وهم قادرون على الموقف.
وما أكثر هؤلاء وأولئك، ولكنَّ وزن الحقّ والدّين قد خفَّ في النفوس.
وينسى الناس أنَّه بالسّكوت على المنكرات الظاهرة يعمُّ العذاب الشديد.
والفخر للحكومة أن يأتي العيد بعد العيد وحرائر المسلمين رهائن في السجون بعيدات عن الآباء والأزواج والأولاد والأهل في العذاب.
والفخر لها أن لا يمرّ عيد إلا ويُطلُّ دمٌ حرام، ويودَّعُ شهيد من أبناء الشعب ليؤدّيَ شهادته بين يدي الله عزّ وجلّ على ما لاقى من ظلم وبطش، وما خلَّف من مأساة شعبٍ يرزح تحت الاضطهاد.
والفخرُ لها أنَّ هدايا غازاتها السَّامة تقتحم في ليالي العيد على المواطنين ساعات نومهم، وبيوتهم وغرفهم عسى أن يختنقَ من يختنق، ويمرضَ من يمرض، ويموتَ من يموت.
والفخر لكلّ الناس، ولكلّ المؤسسات، ولكلّ الهيئات الإسلامية، والوطنيّة، ولكلّ الدّول التي تقف مع هذه البطولات وتباركها(17).
وغداً يكون بين يدي الله الحساب.
تذكير:
من التوفيق الذي حصل للمؤمنين في هذا البلد أن أُحييت عبادات وشعائر وسنن إسلامية كانت منسية مهمَلة لظرف وآخر لزمن ليس بقصير. ومما حصل التوفيق إليه من ذلك إحياءُ سُنّة الأُضحية، وذلك مما يجب له الشكر للمنعم تبارك وتعالى، فله الحمد بلا أمد، والشكر بلا عدد.
وما ينبغي للمؤمنين هو ألا يُضيّعوا النعمة، وأن لا تخفى من واقعهم هذه السُنّة، وأيُّ سُنة، وأن ينشطوا في إحيائها، والاستقامة على طريق أداء ما نَدَبَ الله إليه، ورغّب فيه مراعين الأحكام الشرعيّة المتعلّقة بكل ما يأتون به من أمور الدين وشرائعه.
اللهم صلّ وسلّم على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
اللهم اجعلنا من مُحيي السُّنن، ومميتي البدع، والمستقيمين على طريق ولايتك، الثّابتين على طاعتك، الملازمين لأوليائك، المفارقين لأعدائك.
اللهم أحينا خير حياة، وأمتنا خير ممات، وابعثنا خير مبعث، يا رحيم، يا رؤوف، يا كريم.
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (18).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- ألا وهو الله ربّ العالمين.
2 – نهج البلاغة ج4 ص99 ط1.
3 – الطريق مفتوح، وأنت تختار، وأنا أختار.
4 – إنّ مسلكي يُنتجني على نحو من الأنحاء، وإن مسلكك يُنتجك على نحو من الأنحاء، فليس نتيجتي من مسلك السّوء كنتيجتي من مسلك الخير على الإطلاق.
المرء اليوم شيئ وإذا سلك مسلك الخير مكان الشر، أو مسلك الشر مكان الخير كان شيئا آخر.
5 – نحن إمّا أن نُعطّر الحياة بما نفعل من خير، أو نُسمّم الحياة بما نفعل من شر.
6 – من تُحضر، أباً، أمّاً، قوماً، عشيرة، أمّة؟ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم لا يحضرك إلا بأن يأذن الله له في ذلك.
7 – أحدنا هنا وأمامه ربح مليون دينار لا يقتنع بنصف مليون، وأمامه عشرة دنانير لا يقتنع بخمسة دنانير، فلا تقنع بالقليل من خير الآخرة وإن كان كثيراً، واطمع في المزيد.
8 – صحيح أنّ علينا أن نسعى للكثير من الخير، ولكن لا نستخف بشيء من الخير لقلّة نراها فيه، قليل الخير كثير.
9 – رُبَّ خير يسير في نظرك أنقذك من ورطة كبرى في الدنيا، وربما أتيت بخير تراه قليلا وكانت فيه نجاتك يوم الآخرة.
10 – إذا اعتبرت الغير أولى منك بفعل الخير يقول الإمام عليه السلام “فيكون والله كذلك” كما حكمت على نفسك.
11 – للخير أهل، وللشر أهل، والشر لا يتعطّل يوماً لأنه يجد من يفعله، والخير لا يتعطّل يوماً لأنه يجد من يفعله. واختر أنت أن تكون من هؤلاء أو من أولئك.
12 – سورة العصر.
13 – ولا يعصينّ أحدنا إلا أن يجد من الله مفرّاً.
14 – أي يرون الإسلام من خلال الحج.
15 – طواف من يطوف بجسده، وطواف من يطوف بجسده وقلبه. 16 – طواف الجسد مع نية القربة مجزٍ إذا توفر على بقية الشروط وكلّ المطلوب فقهيا. وطواف من يطوف بقلبه، مستقطبا بكل ذاته لجمال الله وجلاله طواف آخر يبعد عن الطواف الأول بمسافات لا تُقاس عطاء ومثوبة.
17 – أو تسكت عنها وهي قادرة على أن تقول الكلمة المؤثّرة.
18- 90/ النحل.