آية الله قاسم: الموقف العمليّ أنْ نرفض هذا القانون وأيَّ تطبيق له على الأرض
أكّد كبار العلماء حرمة التوقيع على أيّ تعهُّد بخصوص قانون مكبِّرات الصوت، حيث اعتبروا أنَّ مسؤولي الحسينيَّات وقيِّمي المساجد لا يملكون الحقَّ في ذلك؛ لأنَّ المسجد ليس ملكًا شخصيًّا، ومالك الحسينيَّة ليس مالكًا للشأن الحسينيِّ، وأنَّ كلَّ تعهُّد جرى من قِيِّم مسجد أو متولِّي حسينيَّة هو تعهُّد باطل لا قيمة له من الناحية الدِّينيَّة.
وفي إشارة إلى المظاهر العاشورائيَّة ذَكَر آية الله الشيخ عيسى قاسم بحضور جمع كبير من المسؤولين والقيِّمين مساء الاثنين، أنَّه: “ما من شيعي يستوحش من هذا المظهر، المهرجان الكبير الذي فيه إحياء الدِّين، وإحياء ذِكر أهل البيت، أمَّا الأمور الشاذَّة فهي معالجة من داخل وعينا الدِّيني، ومن داخل حكمنا الشَّرعيِّ، الموقف العملي أنْ نرفض هذا القانون، وأيَّ تطبيق له على الأرض”، لافتًا إلى “أنَّهم إذا أرادوا أنْ يسجوننا جميعًا فليسجنونا، وإذا سُجن قيِّم أو مسؤول مأتم، فعلى جميع رؤساء الحسينيَّات وقيّمي المساجد وفي مقدمتهم العلماء أنْ يتقدَّموا للسجن”.
وحول التبريرات التي تتذَّرع بها السلطة؛ لتطبيق القانون من قبيل تقديم الكثير من النَّاس للشكاوى من مكبرات الصوت، قال: “إذا تطلَّب الأمر أنْ نستفتي الشعب، فسنستفتيه في مسيرة حسينيَّة جماهيريَّة”.
وتابع: “ربما تعهَّد بعض قيِّمي المساجد على ما جاء في قانون منع مكبرات الصوت في خروج الصوت إلى خارج المسجد، كان هذا تسرُّعًا من الإخوة (حفظهم الله)، ولم يكونوا يملكون ما يسمح بهذا التَّعاون؛ لأنَّ المسجد ليس ملكًا شخصيًّا، وحتى صاحب الحسينيَّة التي لم يوقفها هو مالك للحسينيَّة ولكن ليس مالكًا للشَّأن الحسينيِّ وقضيَّة الحسين (عليه السلام)؛ فكلُّ تعهُّد جرى من قيِّم مسجد أو متولِّي حسينيَّة هو تعهُّد باطل لا قيمةَ له من النَّاحية الدِّينيَّة”.
ومن جهته، أوضح العلّامة السيد عبد الله الغريفي أنّ “ما نواجهه هو استهداف طائفي، حيث إنّنا لسنا أمام إجراء مكبِّرات صوت فقط، إنَّه إجراء ضمن حزمة إجراءات، لدينا حديث عن مكبِّرات صوت، وضوابط خطاب دينيِّ، وحديث عن علماء دين يدعمون العنف، ومال دين يدعم الإرهاب، ومؤسَّسات خارج القانون، اجمعْها كلَّها؛ لِتعرِفَ أنَّ هذا هو استهداف طائفيٌّ”.
وتساءل سماحته: “الآن البلد تضج بالمنكرات التي تتحدَّى قِيمَ الناس، ودين الناس، هذا ليس إيذاءً للناس؟!، أين راحة المسلمين؟، وأين راحة المواطنين؟، راحة المواطنين فقط عندما نغلق سماعة في عشرة أيَّام وعدد من الأيَّام التي لدينا؟!
إنّ البلد تضج بالمنكرات والمفاسد، وتضجُّ بأوضاعٍ صارخة تهزُّ مشاعر الناس، وأنت تقول: أنا أسعى من أجل راحة الناس”؟!، مردفًا: “أؤكد أنَّ المسؤوليَّة الشرعية أنْ نرفض وإنْ كلفنا ذلك ثمنًا غاليًا”.
وأمّا العلامة الشيخ عبد الحسين الستري، فقال: “إذا كان المسؤولون يريدون أنْ يحجِّموا الصوت الحسينيَّ بشكل عام فهذا مرفوض، ولا يجوز لأيِّ مؤمن يؤمن بالله تعالى، ويصدِّق بأهل البيت (سلام الله عليهم) أنْ يوافق على مثل هذه الأمور، أو مثل هذه الوصايا والقرارات”.
يذكر أنّ هذا الاجتماع التاريخي والمهم لكبار العلماء في مأتم السنابس عقد بحضور العلامة السيد جواد الوداعي، وآية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم، والعلامة السيد عبد الله الغريفي، والعلامة الشيخ عبد الحسين الستري مع عدد من العلماء، وجمع حاشد من مسؤولي الحسينيَّات، وقيِّمي المساجد، حيث امتلأت القاعات المخصَّصة لهذا اللقاء بالحضور الكبير، وبهتافات النصرة للإسلام، ودعم العلماء.
دعا لمقاطعة الحسينيَّات التي توقِّع على قانون حظر المكبِّرات آية الله قاسم: لا كرامة لمواطن يوم أنْ تُمسَّ كرامةُ الدِّين
قال سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم: “بأنَّ معنى أنَّنا موطنون أن نعيش إسلامنا، وأن نعيش إيماننا مَن أراد أنْ يعترف لنا بمواطنية، فعليه أنْ يعترف بإسلامنا وإيماننا أوَّلًا، هذا البلد الكريم وجد فيه مذهبان ليس منهما ما هو طارئ وكلُّ له خصوصيّته، وستبقى الخصوصيَّة المذهبية أمرًا مؤكّدًا عليه، ولن يغادر مذهب خصوصيَّته، ولن يسمح بأنْ تسلب منه، نريد أنْ نحترم الآخر، ونريد أنْ يحترمنا، نحن نعترف بالآخر، ولا نسمح إلّا أنْ يعترف بنا، نؤمن بأمن الوطن ونحرص عليه، ولا نسمح بالمساس به؛ ومن أجل ذلك كلّه فإنّنا أحرص على الدِّين، وأثبتُ عليه، وأكثر فداءً له؛ لأنَّه لا أمن بلا دين ولا قيمة لوطن في نظرنا يُحارب فيه الدِّين، ويُستقصد”.
وأضاف: “إنَّه لبلد إسلام وإيمان، ويجب أن يبقى كذلك، ويبقى الإصرار على كلِّ مظاهر الإيمان والإسلام فيه، نطلب أن تتقدم هذه المظاهر وتنتشر، ولا نعطى لأنفسنا سماحًا على الإطلاق لأنْ تتقلص أو تتوارى”.
وتابع: “إنَّ المسألة ليست مسألة مكبِّرات صوت في المسجد والحسينيَّة، وليست مسألة خروج هذا الصوت إلى الشارع، حجم المسألة أكبر، المطلوب دين، المطلوب أنْ تَخلُص هذه البلد من كلِّ مظهر دينيٍّ لا ترضاه السياسة، المصرح به أنْ يتقزَّم الخطاب الدِّيني، وأنْ يخفت صوت الدِّين في المسجد والحسينيَّة، وأنْ يتقوقع في داخل المسجد والحسينيَّة؛ ليختفي غدًا”.
وأردف: “كان المشروع ولازال هو أنْ يُمسَك برقبة المسجد والحسينيّة والموكب وخطيب الحسينيَّة والحوزة وكلّ مفصل من مفاصل الدِّين، والمطروح اليوم هو واحد من تطبيقات طموح كبير للسياسة يقوم على مفسدة الدِّين، ويحارب أصالة الدِّين، ويتحكَّم في كلِّ جزئية من جزئيَّات الدِّين”، متابعًا: “لسنا وجودًا لتحريك مواجهة، إنَّنا أحرص ما نكون على استقرار هذا البلد وأمانه، وعلى أنْ يهدأ الخطاب، ولكن لا على حساب الدِّين، ولا على حساب الحقوق، ومن منطلق الدِّين نجد أنفسنا أكثر حرصًا من كلِّ الآخرين على الحفاظ على أمن هذا البلد ومصلحته واستقراره، ولكنْ لا استقرار، ولا أمن، ولا كرامة لمواطن يوم أنْ تُمسَّ كرامة الدِّين”.
وأوضح: “إذا قُزِّم الدِّين في هذا البلد، وهو أعزُّ ما يكون على مواطنيه الأصليين، فقد قزِّم كلُّ صوت حر، وألغي كلّ حق، ووئدت كلّ حركة إصلاح؛ فالمفرط في أمر الدِّين عليه أنْ يعرف أنّ تفريطه في الدِّين تفريط في أمنه، وفي مصلحة الوطن، وكلّ حقوق المواطنين، ومن لم تحركه غيرة الدِّين على أنْ يرفع صوته عاليًا في وجه الزَّحف الذي يريد أنْ يطاله لم تكن له غيرة تحرّكه في اتجاه أي أمر خطير آخر”.
وقال بعد هتافات التكبير: “الموكب العزائيُّ في المنامة طرقه، أزقّة ضيقة، صوت الموكب، ومكبرات الموكب، وصرخات الموكب يصل إلى المريض، والمسنِّ، والنائم في كلّ بيت، طلبنا من الدولة أنْ ينتقل مسار العزاء من الأزقة الضّيِقة إلى الشارع العام؛ درءًا لأخطار كثيرة قد تحصل للموكب في طريقه الحالي؛ أي حدث حركة خيل، دعاية مغرضة، يمكن أنْ تستتبع قتل كثيرين، والدولة أصرّت أنْ يبقى المسار هو المسار”.
وتساءل: “الدولة التي تطلب سكينة المواطنين، وأمن المواطنين، وراحة المواطنين، ما هو المنطلق لقانون مكبرات الصوت؟!، إذا كان منطلق السكينة والراحة والطمأنينة للمواطنين لماذا الإصرار أن يبقى مسار الموكب العزائي بما فيه الألوف في أزقة ضيقة؟ أين راحة المعزّين؟، وأين راحة أصحاب البيوت؟، وأين الاهتمام بالمواطن؟، إنَّه لضحك على الذقون بأن منع خروج صوت مكبِّرات الصوت من المسجد والحسينيَّة لراحة المواطنين، …لا، الهدف غير ذلك”.
وأضاف: “القرار والقانون وأمثاله لا نستطيع أن نفسره تفسيرًا سياسيًّا بمعنى أنَّه أمر تضطَّر إليه السياسة، المنطلق اندفاعة طائفيَّة تحكم توجه الأمَّة، ليس من مصلحة السياسة اليوم أن تستفزَّ مئات الألوف لمثل هذا القرار في حالة توتُّر سياسيّ، وفي حالة اضطراب سياسيّ”، لافتًا إلى أنَّنا “نربط بين التَّصعيد الأمني الذي حصل في هذه الآونة، وبين ما تستهدفه الحكومة من وضع اليد على كامل مفاصل الدِّين”.
وتابع: “أرادت أن تخلق جوًّا أمنيًّا مخيفًا جدًّا ومرعبًا جدًّا، توقعًا منها بأنّ الصوت المعارض لأي قرار وإنْ كان فيه ذبح الدِّين سيكون خافتًا وستحكم وضعية الخوف والرعب نفسيَّة المواطنين بحيث يسمح ذلك بتمرير أيِّ قرار، وإن كان فيه وطء كلمة الدِّين وإسقاط قيمته، ما كان هنالك تبرير واضح للظروف الأمنيَّة الصاعدة.
إنَّه مطلب أبعد من سجن بعض الإخوان، وهو مطلب أنْ ينفذ المشروع المناهض للدِّين، ربما تعهُّد بعض قيِّمي المساجد على ما جاء في قانون منع مكبِّرات الصوت في خروج الصوت إلى خارج المسجد”، موضحًا: إنَّ ذلك “كان تسرُّعًا من الإخوة (حفظهم الله)، ولم يكونوا يملكون ما يسمح بهذا التعاون؛ لأنَّ المسجد ليس مُلكًا شخصيًّا، وحتى صاحب الحسينيَّة التي لم يوقفها هو مالك للحسينيَّة، ولكن ليس مالكًا للشأن الحسينيِّ وقضية الحسين (عليه السلام)؛ فكلُّ تعهّد جرى من قيِّم مسجد أو متولِّي حسينيَّة هو تعهُّد باطل لا قيمة له من الناحية الدّينية”.
وشدّد على أنّه “على كلِّ أصحاب الحسينيّات وقيِّمي المساجد أنْ يواجهوا طلب التعهُّد بأنَّنا لا نتعهد بما لا نملكه في هذه القضية، وهي قضية دين وقضية الحسين (عليه السلام)، ثمّ من بعد ذلك هي قضيَّة طائفة، وليست لنا يد على الدِّين، ولا يد على الحسين (عليه السلام)، ولسنا قيّمين على الطائفة، وأيِّ تعد على مكبِّر الصوت من مكبَّرات الحسينيَّات هو لغة عمليَّة صارخة في التعدِّي على الحسين (عليه السلام)، على هذه الطائفة، على شعائرها”.
وأشار سماحته إلى أنّ “مسألة إيذاء مريض، ومسألة حرب الصوتيَّات مسألة محلولة من داخل الوعي الدِّيني والحكم الشرعي، وهو أنَّه لا يجوز لأيٍّ منَّا أن يحوّل قضية الحسين إلى قضيَّة حرب صوتيات بين الحسينيَّات، هذا يجب أن نلتزم به من ناحية دينيَّة، أمّا خروج الصوت إلى الشارع فإنَّنا محتاجون إليه في أصغر مأتم”.
وأردف: “المأتم يفتح أبوابه في أيِّ وقت من الأوقات المناسبة، فيعرف المؤمنون أنّ هنا مجلس فاتحة، مجلس حسينيّة، من غير دعوة من غير تحضير ينساق المؤمنون إلى المأتم”، مشيرًا إلى أنَّ “قرانا كلّها تتحوَّل في أيام الوفيات ومناسبات الفرح وفي عشرة عاشوراء إلى مهرجان خطابي يشترك فيه الصغير والكبير…، وإنَّ المريض هو نفسه يحاول أن يصل الحسينيَّة في بعض المناسبات تشرّفًا”.
وبيَّن سماحته: إنَّ “ما من شيعي يستوحش من هذا المظهر.. المهرجان الكبير الذي فيه إحياء الدِّين، وإحياء ذِكر أهل البيت، أما الأمور الشاذة فهي معالجة من داخل، وعينا الدِّيني ومن داخل حكمنا الشرعي، الموقف العملي أن نرفض هذا القانون وأيَّ تطبيق له على الأرض”، لافتًا إلى أنَّهم “إذا أرادوا أن يسجنونا جميعًا فليسجنونا، وإذا سجن قيِّم أو مسؤول مأتم، فعلى جميع رؤساء المآتم وقيّمي المساجد وفي مقدمتهم العلماء أن يتقدّموا للسجن”.
وأضاف: “ولتعي الحكومة تمامًا أننا أشد ما نكون على أمن هذا البلد، ولكن هذا لا يعني السكوت على الحقوق سواء كانت دينيّة أم دنيوية”. وحول التبريرات التي تتذرّع بها السلطة لتطبيق القانون من قبيل تقديم الكثيرين من النّاس للشكاوى من مكبرات الصوت لها قال: “إذا تطلب الأمر أن نستفتي الشعب فسنستفتيه في مسيرة حسينيّة جماهيريّة”.
وحول موقف أصحاب الحسينيّة إذا أعطى رئيس الحسينيّة تعهّدًا للسلطة بشأن حظر المكبرات، لفت سماحته إلى أنّ “عليهم أن يُعلنوا رأيهم من هذا الموضوع، ويفارقوا المأتم ولو كان هذا المتعهّد أخي؛ لأنَّ عليهم بالالتزام بالناحية الدّينية، وأن يقولوا له: أنا لست معك في موسم محرّم الآتي”، مؤكدًا: “إنَّنا إذا وقفنا هذا الموقف، فإنّ الواحد الّذي يتجرأ على التوقيع لن يوقع”.
وبالنسبة للبيانات الدّاعمة أشار إلى: “أننا لا نريد أن نوسع موجة المعارضة، نتريث قليلًا، إذا وجدنا أن هنالك إصرارًا على الموضوع، ومحاولة جدية في التطبيق، فهناك تأتي الحلول الأخرى ومنها كما تقدم مسيرة جماهيرية حسينيّة واسعة ترفض الواقع.
تهدف إلى فرض وصاية كاملة على الشأن المذهبي العلّامة الغريفي: نحن نواجه قرارات تستهدف الدِّين والطائفة
من جهته، قال العلامة السيد عبد الله الغريفي: “نحن لا نمارس ضغطًا سياسيًّا في خطاباتنا وتجمعاتنا، ولا نمارس توتيرًا أمنيًّا، ولا نمارس اصطفافًا طائفيًّا، وإنَّما نواجه استهدافًا طائفيًّا، والفرق كبير بين العنوانين بين أن تمارس اصطفافًا وبين أنْ تواجه استهدافًا طائفيًّا”، متسائلًا: “هل نحن اليوم نواجه طائفة أخرى، ونواجه مذاهب أخرى؟، أبدًا”.
وتابع: “نحن نواجه قرارًا رسميًّا، وإجراءات رسميَّة تستهدفنا، وتستهدف الدِّين، وتستهدف الطائفة، نحن لا نمارس اصطفافًا طائفيًّا وإنما نواجه هذا الاستهداف الطائفيِّ وقراءتنا لما يجري أنه استهداف طائفي، لماذا؟”.
وأردف: “قراءتنا للمسألة أنه استهداف طائفي، كيف نقرأ ما تحرّك من إجراءات على أنه استهداف للطائفة؟، أولًا: هذه خطوة في سياق خطوات، اليوم مكبّرات الصوت للحسينيّات، وغدًا مكبرات صوت مواكب حسينيّة، وبعد غد المواكب الحسينيّة نفسها؛ لأنّ المواكب الحسينيّة تربك النظام العام، فإذا المواكب جعلها تتوقف فبعدها الحسينيّات، والحسينيّات ليست في كلّ وقت تعمل، فهي مصدر لتأجيج طائفي، ولا بد من أنْ يتقنن وضع الحسينيّات، ولا تفتحوا حسينياتكم في أي وقت، وليس كلِّ خطاب تتحركون به، إنَّها خطوة في سياق خطوات تنتهي إلى هيمنة وفرض وصاية كاملة على الشأن الدّينيّ والمذهبيّ”.
وأوضح سماحته: إنّ “ما نواجهه هو استهداف طائفي؛ حيث إنّنا لسنا أمام إجراء مكبّرات صوت فقط، إنه إجراء ضمن حزمة إجراءات، كيف؟، لدينا حديث عن مكبرات صوت، وضوابط خطاب دينيّ، وحديث عن علماء دين يدعمون العنف، ومال دين يدعم الإرهاب، ومؤسسات خارج القانون، اجمعْها كلَّها؛ لِتعرِفَ أنَّ هذا هو استهداف طائفي”.
وتساءل سماحته: “الآن البلد تضجُّ بالمزعجات، والبلد تضجّ بالمنكرات التي تتحدَّى قِيم الناس، ودين الناس، هذا ليس إيذاءً للناس؟، أين راحة المسلمين؟، وأين راحة المواطنين؟، راحة المواطنين فقط عندما نغلق سماعة في عشرة أيَّام وعدد من الأيَّام التي لدينا.
إنَّ البلد تضج بالمنكرات والمفاسد، وتضج بأوضاعٍ صارخة تهزُّ مشاعر الناس، وأنت تقول: أنا أسعى؛ من أجل راحة الناس”، مردفًا: “أؤكِّد أنَّ المسؤوليَّة الشرعيَّة أن نرفض وإنّ كلَّفنا ذلك ثمنًا غاليًا”.
وبيّن سماحته: إنَّ هذه الإجراءات تأتي “في ظلِّ واقع سياسيّ به تمييز مذهبيّ صارخ، وفي ظلِّ تجنيس، وفي ظلِّ تقرير بندر، نحن لا نتحدث من فراغ، بل نتحدث من واقع، لدينا قراءتنا وهي لا تعبِّر عن قضيَّة انفعالية، إنّما هي قراءة متأنّية ومدروسة تحسب حسابًا لكلّ النتائج”، مردفًا: “نحن قراءتنا أوصلتنا إلى قناعة بأنَّ هذا استهداف طائفي وليست إجراءات أمنيّة بحتة، ولا شك في ظلّ أوضاع من هذا النوع، فإنَّ الثقة تهتز، لو كنّا في أوضاع غير هذه الأوضاع لحملنا السلطة على أكثر من محمل للصحَّة، ولكن في هذا الوقت الذي نرى فيه استهدافات صارخة، تمييزًا صارخًا، تجنيسًا، مشروعات واضحة الاستهداف”، متسائلًا: “بهذه البساطة أستلم الإجراء، وأنا أعيش في واقع يفرض عليّ أن أعيش القلق والخوف، أنت إذا تريدني أنْ لا أعيش قلقًا أو خوفًا طمئنِّي طمأنة حقيقية، دعني أرى تنفيسًا لقضايا الطائفة، أما أن تضغطني بهذا الضغط، وتقول: إجراء عادي أنا لا أستطيع تفهيمًا وتبريرًا من هذا النوع بهذه البساطة”.
وقال: “موسم عاشوراء ليس موسمًا ينحجز ضمن أربعة جدران، المنطقة الشيعية، البلد الشيعي كلّه يضج في يوم عاشوراء، صوت الحسين يتحرّك في كلّ موقع، تريد أن أحجز صوت الحسين؟!”
وإذا كانوا يدافعون عن مرضى وعجزة وعن رضّع أقول “حتى الرضع يريدون أنْ يسمعوا صوت الحسين في يوم عاشوراء، أنت لو تحجز سماعة لضجّت عليك المنطقة وفي مقدمتهم المرضى، وقالوا: نحن لا نتمكن من الوصول إلى المأتم دعنا نصل إليه بالسَّمَّاعات”.
وأضاف: “إنَّ علماءَ في مقدمة الرَّكب يرفضون، كلَّ علماء البلد يرفضون، كلَّ خطباء البلد يرفضون، مسؤولو الحسينيَّات، وقيّمو المساجد يجب أنْ يعلنوا رفضهم بكلّ قوة، جماهير هذه الطائفة تعلن الرفض بكل قوة، نصيحتنا للمسؤولين أن لا يزجوا البلد بمعترك جديد لن يوصلنا إلّا إلى مزيد من التداعيات الخطيرة، وكما قال سماحة الشيخ: التزموا بالضوابط الشرعية وضوابط الدّين ونحن سنعالج أوضاعنا بلا فرض وصاية، ولا تعطوا مبررات، ونحن في داخلنا سنعالج الكثير من أوضاعنا وإشكالاتنا، ولا يحتاج أن نفتح المجال إلى فرض وصاية وهيمنة، وهذا تكليف شرعي وليس من حق أحد أنْ يقول: أنا أوقع تعهّدًا، توقِّع تعهدًا على أيِّ أساس؟!”.
وتابع: “أنت لست وكيلًا على الشأن الحسينيّ، ولا على الخطاب الحسينيِّ، ليس من حقِّك أنْ توقّع، وكما قال سماحة الشيخ حتى لو ولي شرعي، الولي ليست له صلاحية أنْ يعطل، الولي يسقط يوم يخون ولايته، لسنا بصدد توتير وضْعٍ، هذا شأن مذهبي لا نسمح أن يصادر، مستعدون أن نلتقي ونتحاور، ولكن أن تفرض وصاية على مسجدي وحسنيتي ومؤسساتي سنبقى نصرّ وسنبقى نقف ما دام الأمر يحاول أن يمس وضعًا دينيًّا، ووضع طائفة”.
العلّامة الستري يجدّد رفض محاصرة الصوت الحسينيّ
وفي السياق ذاته، قال العلّامة الشيخ عبد الحسين الستري: “إذا كان المسؤولون يريدون أن يحجِّموا الصوت الحسينيَّ بشكل عام، فهذا مرفوض، ولا يجوز لأيِّ مؤمن يؤمن بالله، ويصدِّق بأهل البيت (سلام الله عليهم) أنْ يوافق على مثل هذه الأمور، أو مثل هذه الوصايا والقرارات”.
ولفت سماحته إلى أنَّ “من واجب أهل الحسينيات عندما يطلب منهم التعهّد أو التوقيع على مثل هذه الأمور أنْ يقولوا: نحن لا نملك الحق في أن نتعهّد في هذا الأمر الذي تطلبون، هذا حق للناس، حق للطائفة ككل، وليس من حقنا كفرد – مثلًا – أو رئيس حسينية أن أمتنع من هذا المكبّر”.
واختتم حديثه بقوله: “أشكر وجودكم، وحضوركم، وتلبيتكم، وأرجو – إنْ شاء الله تعالى – أنْ تكونوا مع الدِّين ومع علماء الدِّين؛ ليرتفع صوت هذه الطائفة عاليًا – إن شاء الله تعالى -“.