آية الله قاسم في ختام تكليف “شهركّان”: بدخولكم سنّ التّكليف تدخلون سنّ المسؤوليّة
آية الله قاسم في ختام تكليف “شهركّان”
بدخولكم سنّ التّكليف تدخلون سنّ المسؤوليّة
شهركان – عيسى أبو رويس
اختتم نشاط المسجد بقرية شهركّان فعاليّات مشروع شرف التّكليف الأول الذي أقيمت في الفترة بين 20 – 30 إبريل للعام 2009 م، برعاية أبويّة من لدن سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم (حفظه الله) الذي خاطب المكلّفين بالقول: بدخولكم سنّ التّكليف تدخلون سنّ المسؤوليّة، بداية حساب وكتاب ورصد لكلّ حركة وخواطر، والأفكار والطّموحات، والعزم على الفعل سواء كان طاعة أم معصية.
وفرصتكم لربح حياتكم، وأنتم في بداية التّكليف أنْ لا تسجّلوا نقاط سوداء في صفائحكم، حاولوا والله تعالى يوفّقكم أنْ تكون أعمالكم المسجّلة صالحة تمامًا، والله تعالى يعصم من يتوجّه له، ويريد الاستقامة…، فالحديث الشريف عن أهل البيت (عليهم السلام) يقول: “إنّ لنفوسكم ثمن، فلا تقبلوا لها ثمنًا غير الجنّة”، أي فلا تبيعوا أنفسكم بثمن أقلّ من هذا الثّمن.
وكان الحفل الذي تفضّل فضيلة فيه الشيخ صادق العافية بتسليم الطلبة شهادات التّخريج والهدايا قد أقيم بمأتم السباسبة بعد قراءة مولد السيّدة زينب بنت أمير المؤمنين (عليهما السلام) بكلمة للمنسق العام لنشاط المسجد السيد ضياء السيد حسن حيث أكّد فيها على أهمية مثل هذه البرامج في خلق جيل واعٍ ملتزم بتعاليم الدّين الإسلاميّ الحنيف، ومشدّدًا على ضرورة تواصل أولياء الأمور الأعزاء، وحثّهم أبناءهم على المشاركة في مختلف فعاليات التّعليم والتّدريس التي تُقام في القرية على مدار السنة.
يذكر أنّ مشروع شرف التّكليف يختصّ بتهيئة الطلبة لدخول هذه المرحلة المهمّة من عمرهم، وقد اشتمل على دورة فقهيّة مثقّفة قدّمها فضيلة الشيخ محمّد منسي على مدى ثلاث ليالٍ، أعقبها تقييم عمليّ فرديّ لأداء الطّلبة للوضوء، والصّلاة.
وشمل المشروع – أيضًا – لقاء للطلبة مع الأستاذ في علم الاجتماع عباس المهدي حيث اختصّ بشرح مشكلات مرحلة المراهقة، وكيفيّة تجاوز العقبات التي تواجه الشّاب في هذه المرحلة، وكذلك تمّ تنظيم لقاءات خاصّة مع أولياء أمور الطلبة حيث التقى الأستاذ المهدي بآباء الطّلبة المكلّفين، في حين التقت الدكتورة شعلة شكيب مع الأمهات في نفس اللّيلة.
وفي آخر فعاليّات المشروع تمّ تنظيم رحلة شيّقة شملت زيارة قبر المرحوم العلامة المجاهد الشيخ عبد الأمير الجمري (رحمه الله) حيث جلس الطّلبة عند قبره في سكون، وقرأوا ما تيسّر من آيات القرآن الكريم لروحه الطّاهرة، معاهديه على السير في طريق الحقّ الذي مضى في سبيله، ومؤكّدين على تمسّكهم بقيادتهم العلمائيّة الرّشيدة، وانتقل بعدها الطلبة للصلاة جماعة بإمامة سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم (حفظه الله) الذي خصّهم بلقاء أبويّ, وأكّد فيه على: “أنّ الإنسان في هذه الحياة مختار، خيّره الله سبحانه بين أنْ يصعد، ويسمو وبين أنْ يهبط ويدنو في مستواه، وقد رزقه الله تعالى العقل، ورزقه الله سبحانه الفِطرة التي تدفعه إلى التّوجه إلى الله عزّ وجلّ إلى الكمالات، إلى شفافيّة الرّوح، والصدق، والجدّ، والإخلاص، والنيّة الصالحة، والعمل الصالح، والإنتاج الكبير والمثمر، ويمكن لهذا الإنسان – أيضًا – أنْ يتحوّل إلى مستوى دجاجة، أو مستوى قطّة، أو مستوى عصفور.
الدّجاجة تصبح وتمسي واهتمامها محصور في البحث عن اللّقمة، والبحث عن المأوى، وعن ضرورات الحياة، وكما للدّجاجة وسائر الحيوانات حاجات وضرورات بدن، كذلك الإنسان له حاجات وضرورات بدن، لكن مع ذلك للإنسان مستوى غير مستوى الدّجاجة والحيوان، يميّزه عنهما هو العقل والرّوح، الجانب الرّوحي والمعرفيّ، الجانب الذي يشدّه إلى الكمال، هذه الرّوح التي تدفعنا للكمال، ونعشق العدل، ونعشق الخير والعلم، نحبّ أنْ نكون كعليّ بن أبي طالب (عليه السلام) صفاءً، ونحبّ أنْ نكون كعليّ بن أبي طالب (عليه السلام) تضحية واعية من أجل الله تبارك وتعالى.
نحبّ أنْ نكون كعليّ (عليه السلام) أرفع من الدنيا بكاملها، لا يستوقفه جمال الدنيا، إنّما هو مشغول بجمال المعنى وجمال الرّوح، يضحّي بالدّنيا من أجل الآخرة، يضحِّي ببدنه من أجل صفاء روحه، وصدق كلمته، فالحسين (عليه السلام) سقط شهيدًا، وضحّى بنفسه، وأهله، لماذا؟؛ لكي يرتفع في ذاته، ولكي يرتفع في معناه، ولكي يَقْرَب من الله عزّ وجلّ.
وأنتم الآن في مقتبل العمل، ودخلتم سنّ التّكليف، والآية القرآنية تقول: ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ الزلزلة: 7-8
نراه في هذه الحياة الدنيا ولكن لا نعيه، ولكن هناك رؤية حادّة ورؤية يقينيّة، وسنرى كلّ ذرة من عملنا، فإنْ كان خيرًا سنجده خيرًا، وإنْ كان شرًّا، فنراه شرًّا.
والدنيا امتحان، والنتيجة تعلن يوم القيامة على رؤوس الأشهاد، فنحن يعزّ على أحدنا في مدرسته أنْ يُعلن عنه أنّه ساقط على مسمع 500 شخص، وهناك يوم القيامة تُعلن النّتيجة على مسمع الأنبياء والمرسلين والأئمّة (عليهم السلام)، وكلّ الأجيال في كلّ العالم، يسمعون أنّ فلانًا بنَ فلان من أهل النّار، أو أنّ فلانًا بن فلان من أهل الجنّة، وهنا نصنع مستقبلنا.
الحديث الشريف عن أهل البيت (عليهم السلام) يقول: “إنّ لنفوسكم ثمن، فلا تقبلوا لها ثمنًا غير الجنّة”، فلا تبيعوا أنفسكم بثمن أقلّ من هذا الثمن.
والجنّة ما هي؟، الجنّة هي سعادة أبديّة لا انقضاء لها، وهذه السّعادة لا تنحصر في الأكل والشرب والشّهوات، بل إنّ سعادة الجنّة الأبديّة أنْ تشعر بأنّك مقدّر، أنْ لا تشعر بأيّ خوف فيها، لا خوف من مرض، أو جوع، فكلّ المنغِّضات، وكلّ المحقِّرات لا وجود لها في الجنّة. فاللّذة في الجنّة متكاملة، وشاملة لكلّ اللّذات النّفسيّة، والماديّة، والرّوحيّة.
بدخولكم سنّ التّكليف تدخلون سنّ المسؤوليّة، بداية حساب وكتاب، ورصد لكلّ حركة وخواطر، والأفكار والطموحات، والعزم على الفعل سواء كان طاعة أم معصيّة، وفرصتكم لربح حياتكم وأنتم في بداية التّكليف أنْ لا تسجّلوا نقاط سوداء في صفائحكم، حاولوا والله تعالى يوفّقكم أنْ تكون أعمالكم المسجلة صالحة تمامًا، والله يعصم مَن يتوجّه له، ويريد الاستقامة.
فالحياة واحدة، واليوم الذي ينقضي لا يعود، واللّحظة لا ترجع، فإمّا أنْ نعبِّئها بالخير وإمّا نقضيها في الشّر وإمّا نمضيها فارغة، ففي الآخرة يقف الإنسان على ثلاث خزّانات: الخزانة الأولى يرى فيها حسناته وأعماله الخيّرة التي ترضي الله تعالى، فيفرح بها، لأنّ فيها درجة عالية وفوز كبير.
الخزانة الثّانية فيها السيِّئات، فيفزع، ويحزن.
والخزانة الثّالثة فارغة تسبّب له حسرة، ومعنى أنّها فارغة أنّه فوّت على نفسه الأعمال الحسنة بلا عمل، كمثل ذاك الذي فوّت على نفسه الفرص، وقضى وقته في اللّعب، وانشغل عن الدّراسة والعمل، والتفت لنفسه بعد سنوات وإذا أقرانه سبقوه خطوات كبيرة، وهذه هي حسرة الدنيا، وهي بسيطة، وأين عنها حسرة الآخرة؟”
هذا ويستعد القائمون على المشروع لعمل جلسة تقييم للمشروع تشمل جميع جوانبه، وسيتمّ خلال الأيام القادمة إصدار النّشرة التّوثيقيّة لكافة فعاليّاته، وأنشطته.