خطبة الجمعة (315) 28 صفر 1429هـ – 7 مارس2008م
مواضيع الخطبة:
*متابعة للحديث عن خوف الله تبارك تعالى *”قولوا لا إله إلا الله تفلحوا” *توعدٌ بحرق غزة وانتظار *رخص المساجد والحسينيات
“… قولوا لا إله إلا الله تفلحوا” هذه كلمة الحرية الصادقة، كلمة العدل والمساواة كلمة الخير كله، كلمة السعادة في الدنيا والآخرة، قولوها لأنفسكم الأمارة بالسوء، قولوها لكل التحديات في داخل النفس، قولوها لكل التحديات في الخارج، قولوها لكل الفراعنة والطغاة.
الخطبة الأولى
الحمد لله واسع المغفرة والرحمة، شديد العقاب، لا يأس مع رحمته، ولا طاقة لأحد على نقمته ، لا خوف على من أجاره ، ولا ملجأ لمن طرده، ولا مجير لمن طلبه ،ولا أمن لمن أخافه.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم تسليماً كثيراً.
أوصيكم عباد الله ونفسي المقصّرة بتقوى الله المنجية لأهلها من العيوب، المنزّهة لهم من الذنوب، الآخذة بهم عن الضلال ، البالغة بهم الكمال. والتقوى غاية صوم الصائمين، وصلاة المصلين، و زهد الزاهدين، وعبادة العابدين، وهي وزاد السالكين ، وذخر الصالحين، من نالها ربح الحياة، ومن قصر عنها خسر الحياة ، وكان في المعذّبين.
اللهم اجعل لنا من التقوى زاداً يقرّبنا إليك،ويرفع درجتنا عندك ويصوننا عن مزالق الشيطان، وعثرات الضلال.ربنا اغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين إنك أنت التواب الرحيم. اللهم صل على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
أما بعد فهذه متابعة أخرى للحديث عن خوف الله تبارك وتعالى:
تقول الكلمة عن الإمام الباقر عليه السلام:”ولا خوف كخوف حاجز ولا رجاء كرجاءٍ معين…”(1).
وخوف الله دائماً هو خوفٌ حاجز عن الشر… عن الظلم… عن الفساد… عن السقوط… عن التسافل، ورجاء الله عز وجل مركب من مراكب عباده الصالحين للصبر عن المعصية، والصبر على الطاعة، ومواجهة الصعاب والتحديات. إذا كان أي خوف آخر يسقط بالإنسان، يشل حركته – وكل خوفٍ من دون خوف الله وليس على خط ذلك الخوف إنما يفعل ذلك – فإن خوف الله سبحانه وتعالى لا يدفع إلاَّ للخير، ولا يقف بصاحبه إلا عن سوءٍ وشر. وفي الكلمة عن الإمام الصادق عليه السلام :”إن حب الشرف والذكر لا يكونان في قلب الخائف الراهب” المعنيُّ الشرف الذي يراه الناس شرفاًً وهو ليس عند الله كذلك، أو يكون شرفاً عند الله، ولكن لا يكون فيه المنظورُ هو الله سبحانه وتعالى وإنما المنظور فيه الناس. والشرف ينقلب سقوطاً وينقلب ضعةً، إذا انصرف النظر بصاحبه فيه إلى الناس لا إلى الله. والذكر المعنى هنا ذكر الناس بمعنى حب الظهور والإطراء على ألسنة الخلق، على أن يكون المنظور في كل ذلك هم الخلق. هذا الشرف والذكر وهما دونيان وشعوران ساقطان لا يكونان في قلب الخائف الراهب ذلك لأن الأولين إنصرافٌ إلى المخلوق وإكبارٌ له واشتغالٌ بالمخلوق عن الخالق، استقاء للقيمة وللمعنوية من المخلوقين دون الخالق، أما الرهبة من الله عز وجل فهي قائمة على تعظيم العظيم الأعظم. الخائف الراهب من الله عز وجل مشغولٌ بعظمة الله وجبروت الله وبجمال الله وجلاله، والمشغول بالشرف والذكر في الناس متجهٌ إلى الأرض مشغولٌ بها، مشغولٌ بالمحدودين عن الكامل المطلق سبحانه وتعالى، فهما متنافيان حيث أن أحدهما صغير والآخر كبير.. أحدهما في تسافل، والآخر في علوٍّ وصعود.
“… نظر أمير المؤمنين عليه السلام إلى رجل أثر الخوف عليه(2)، فقال: ما بالك؟ قال: إني أخاف الله، فقال: يا عبد الله خف ذنوبك، وخف عدل الله عليك في مظالم عباده، وأطعه في ما كلفك، ولا تعصه في ما يصلحك، ثم لا تخف الله بعد ذلك فإنه لا يظلم أحدا، ولا يعذب فوق استحقاقه(3) أبداً إلا أن تخاف سوء العاقبة بأن تغيّر أو تبدّل، فإن أردت أن يؤمنك الله سوء العاقبة، فاعلم أن ما تأتيه من خيرٍ فبفضل الله وتوفيقه، وما تأتيه من سوء فبإمهال الله وإنظاره إياك وحلمه وعفوه عنك”(4).
الحديثُ غنيٌ بالعطاءات والمعاني الكبيرة والدروس الحية المربية،والوقفة هنا مع النصوص دائماً قصيرة.
واضحٌ جداً أن الله عز وجل لا يخاف منه إلا عدلهُ. الناقصُ يُخاف من جهله..يُخافُ من غفلته..يُخافُ من ظلمه..من سوء تقديره. تأتي بالجميل فيحسبهُ الناقص قبيحاً فيأتي الجزاء أليماً، وقد يجزيك الظالم سوءاً وإن أحسنت، وقد تجر الغفلة صاحبها إلى الخطأ والإضرار بالغير. أما الله سبحانه وتعالى فلا نقص فيه، ولا يُتوقع أن يُوقع بالإنسان سوءاً إلا أن يظلم الإنسانُ ويعدل الله. الخوف عند الإنسان من الله عز وجل راجعٌ إلى هذين الأمرين أن أظلم وأن يطبّق الله عز وجل عدله عليَّ ولا يعفو، ومن دون ذلك لا خوف من الله سبحانه وتعالى،ويخاف العارفون حرمان الله لهم ذكره وهذا راجع كذلك إلى عدل الله، فلا يحرم الله سبحانه وتعالى عبداً من عبيده حلاوة ذكره واللذة المسكرة لذكره، إلا أن يقصّر ذلك العبد وأن يحدث على يديه أو في قلبه ما يبعدّه عن الله عز وجل، ثم إذا عاقب الله عز وجل فبمقتضى عدله أنه لا يعاقب بأكثر مما يستحق المذنب.
وهناك قضية الاستقامة على الخط أو عدم الاستقامة، فالإنسان معرّضٌ دائماً إلى الميل عن الخط القويم، إلى الإنحدارة، إلى أن تزل قدمه عن الخط السوي فيجد نفسه في الهاوية فيُخاف على العبد سوء العاقبة بسبب أن يغيّر اتجاهه عن طاعة الله إلى معصيته، فما الذي يؤّمن من هذا؟ ليس إلا التوكل على الله سبحانه وتعالى وأن يعيش العبد هذه الرؤية، ويذّكر نفسه بها، ويعمّقها فيها وهي رؤيةُ أن ما أأتيه من خير، لا بفضلٍ مني وإنما بفضلٍ من الله وتوفيق،وهذا يعصمُ من الغرور، فإذا تركّزت هذه الرؤية وهذا الشعور في النفس عندها دائماً، وفي كل المواقف كان في ذلك عصمةٌ من الله لهذا العبد عن الميل عن خط الطاعة غروراًُ ونسياناً وغفلةً.
القضية الثانية هي قضية أن تأخر العقوبة عن مواقف التقصير ومواقف التفريط من العبد في التعامل مع الله سبحانه وتعالى،ليس عن عجزٍ من الله سبحانه، ليس عن أي أمرٍ آخر إلا التفضّل والحلم والعفو منه تبارك وتعالى، وهذا يقطع على النفس الأمّارة بالسوء أن يغريها تأخير العقوبة فتسيء الأدب وتستمر على المعصية، فذكرُ أني دائماً تحت رقابة الله عز وجل، وذكر أفضال الله ونعمه وأني لا أعيش لحظةً إلا بتفضّل منه، وبعطائه ومدده، وأني محكومٌ لقدرته لا أملك أن أغيّر أو أبدّل ..لا أملك أن أفرّ من هذا الكون، هذا كله يعطي للنفس عصمةً من الانحراف.
“لا يرجون أحد منكم إلا ربه، ولا يخافن إلا ذنبه”(5) عن علي عليه السلام.
وهذا يصبُّ في معنىً سابق، وهو أن الخوف ليس إلا من العدل الإلهي ومن الذنب، أمَّا الرجاء فلا ينبع من فعل الإنسان وإنما رجاء أي نفسٍ يجب أن يكون لسبب إحسان المحسن تبارك وتعالى وتفضله وعفوه وتجاوزه.
{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}(6) مرةً يكون الخوف من عقوبة الله،وهذا المستوىً من الخوف ينجي حسب المعروف، ولكنه من المستوى الهابط من الخوف، أما الخوف الآخر فهو خوف مقام الله سبحانه وتعالى، الخوف من رقابة الله الحية الدائمة وعلمه الذي لا تخفى عليه خافية، الخوف بمعنى المهابة من عظمة الله والإشفاق من مفارقة ذكره، من خسارة الارتباط به، من فقد الطمأنينة واللذة الروحية لتعطّل ذكر القلب له، وأضرب هنا مثالاً: تلتقي بعظيم من عظماء الناس لتوّك، يتجلى لك منه جمال وتقوم في نفسك من شخصيته هيبة لما له من سمو روح، ومن شفافية قلب، ومن طهر نفس، شخصيته نفاذةً لئلألاة. وبما لها من لألاء وبما لها من جمال، لا تتوقع من هذا الإنسان أن يعذبك أو أن يؤذيك حين تخالفه ولكنك تشفق على نفسك أن يطردك من حضرته، ذلك بأن تخسر المعاني الكبيرة التي قامت في نفسك والجمال الروحي الذي نلته من لقائك به، وإنك لترى في الاستمرار على التلقي منه غذاءً روحياً لا تستغني عنه، هنا تخاف أن تحدث معه ما يستوجب نفرته منك، في حين لا تتوقع منه جزاءً مادياً من نوع الإنعام أو من نوع العذاب.
ومقام الله سبحانه وتعالى مقام الجمال المطلق، والجلال المطلق .. مقام الكمال المطلق، والنفوس الحية الشاعرة تشفق على أن تفارق ذكر الله لحظة، وشعورها في لحظة بعدم الرضا الإلهي يمثّل في وجودها أكبر عذاب.
وغفر الله لي ولكم ولوالدينا وإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وصلّى الله على محمد وآله الطاهرين.
اللهم اجعلنا نخشاك ولا نخشى أحداً سواك، وأسعدنا بتقواك ، ولا تشقنا بمعصيتك، وآمن روعتنا يوم منقلبنا إليك، ونجنا من فزع الدنيا والآخرة وكربهما وسوئها يا أرحم الرحمين ، ويا أكرم الأكرمين.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ}
الخطبة الثانية
الحمد لله الخالق غير المخلوق، الدائم غير الزائل، الحي الذي لا يموت، المعطي غير السائل، الغني الذي لا يفتقر، القوي الذي يضعف، الكبير الذي لا كبير سواه، المالك وكلّ من عداه وما عداه مملوك له.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم تسليماً كثيراً.
عباد الله علينا بتقوى الله والأخذ بدينه الذي ارتضاه لعباده، وجلّ ربّنا عن أن يرضى لعباده إلاّ الخير وما فيه صلاحهم للدين والدنيا، وهو العليم الذي لا يَضلُّ ولا يَنسَى، والعدل الذي لا يجور، وهو أحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين. وكلً شرع غير شرع الله متّهم، وشريعة الله غير متهمة في عقل ولا في وجدان، ولا عقوبة بنار لا تخمد لولا ينقضي أمدها على مخالفة لغير الله سبحانه، ولا بتوبة بجنة الخلد على غير طاعته، فلا عذاب كعذاب مخالفة الله، ولا نعيم كنعيم أعدّه لأهل تقواه، فأيّ شريعة أولى بأن تتبع.
اللهم اغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، ربنا أعذنا من مخالفتك، ووفقنا لطاعتك، واجعلنا من أوليائك والصالحين من عبادك،وأهل الكرامة لديك، وأقرب المقربين إليك يا محسن يا متفضل يا رحمن يا رحيم.
اللهم صل وسلم وزد وبارك على حبيبك المصطفى محمد بن عبد الله خاتم النبيين والمرسلين، وعلى علي أمير المؤمنين وإمام المتقين، وعلى فاطمة الزهراء الصديقة الطاهرة المعصومة.
وعلى الأئمة الهادين المعصومين: الحسن بن علي الزكي، والحسين بن علي الشهيد، وعلي بن الحسين زين العابدين، ومحمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق، وموسى بن جعفر الكاظم، وعلي بن موسى الرضا، ومحمد بن علي الجواد، وعلي بن محمد الهادي، والحسن بن علي العسكري، ومحمد بن الحسن المهدي المنتظر القائم.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وعجل فرج ولي أمرك القائم المنتظر، وحفه بملائكتك المقرّبين، وأيده بروح القدس يارب العالمين.
عبدك وابن عبديك، الموالي له، الممهد لدولته، والفقهاء العدول، والعلماء الصلحاء، والمجاهدين الغيارى، والمؤمنين والمؤمنات أجمعين وفقهم لمراضيك، وسدد خطاهم على طريقك، وأعزهم بعزك، وانصرهم بنصرك يا قوي يا عزيز.
أما بعدُ أيها الإخوة والأخوات المؤمنون والمؤمنات فهذه وقفة مع بعض الموضوعات:
“… قولوا لا إله إلا الله تفلحوا”(7):
“… قولوا لا إله إلا الله تفلحوا” هذه كلمة الحرية الصادقة، كلمة العدل والمساواة كملة الخير كله، كلمة السعادة في الدنيا والآخرة، قولوها لأنفسكم الأمارة بالسوء قولوها لكل التحديات في داخل النفس، قولوها لكل التحديات في الخارج، قولوها لكل الفراعنة والطغاة، قولوها في موقفٍ صعبٍ شائك، قولوها عند كل شهوة ثائرة، وعند كل إغراءٍ مستفز وعند كل رعبٍ مزلزل، هذه هي الكلمة الأولى التي جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وانبثقت منها وسارت على خطها كل رسالته بكل في تلك الرسالة العظمى من تفاصيل، هذه رسالة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهي رسالة كل الأنبياء والمرسلين والأولياء والصالحين،صلوات الله وسلامه على جميع أنبيائه ورسله.
الغاية هي الانتشال.. غاية الرسالة هي انتشال الخلق من كل مشكل، والمنطلق الأول للانتشال هو التغيير الصالح الإيجابي للإنسان، والمغيّر الوحيد على طريق صناعة النفس الصناعة الإيجابية والصناعة الصالحة ليس هو إلا التوحيد.
قولوها عقيدة صادقة، ومشاعر حية ومنهج حياة،قولوها علاقات هادفة، قولوها سلوكات منضبطة، قولوها في كل لحظة من لحظات الحياة، وفي كل موقفٍ من مواقفها، هي قبل ذلك ليست كلمة لسان وليس أثقل ما فيها أن نقولها لساناً، هي عقيدة..هي شعور..هي رؤية..هي منهج ..هي مواقف، “قولوا لا إله إلا الله” أمرٌ .. نصيحةٌ.. توجيهٌ.. دعوةٌ إلى أن تأخذ هذه القضية مركز المحور الوحيد في كل حياة.
الإصلاحات الصغيرة والكبيرة المفصولة عن محور التوحيد، عن منهج الله لا يمكن أن تمثّل الغاية في نظر الإسلام، وهي غير قادرةٍ على أن تحل المشكلة الحل الجذري، ولا يتأتى لها على الإطلاق أن توفر السعادة المطلوبة في الحياة والآخرة،دون أن تسمو بالإنسان السمو الذي خطط له الإسلام.
نعم من حق الناس إذا ضغطت عليهم الأوضاع الظالمة أن يتحركوا لدفع الخطر العاجل ولتخفيف المأساة، ولكن ليس لهم أبداً أن تستغفلهم الأوضاع وأن تصرفهم المشاكل عن الهدف الكبير، هدف التوحيد الذي يضمن سعادة الدنيا والآخرة، ويعطي حلاً لكل مشكلة.
من جهة أخرى يتفق المسلمون ويختلفون حول ما يريده القرآن الكريم في بعض الموارد، وحول ما يريده الرسول الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم في موارد تلتقي أو تختلف عن تلك الموارد، دعونا من موارد نختلف على فهمها قرآناً وسنة، ولكن كم هي الموارد التي نتفق عليها ..ما أكثر الموارد التي يتفق المسلمون عليها؟ لم نختلف في هذه الموارد التي نتفق أن القرآن نادى بها وأصرّ عليها، وأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، الانتقال من الحديث عن الخطر الإسرائيلي إلى الحديث عن الخطر الإيراني إلى الحديث عن الخطر الشيعي، أيقول مسلمٌ أنه يفهمه من القرآن والسنة؟ ألا نعلم جميعاً بأن القرآن الكريم والسنة المطهرة آخى بين المسلم والمسلم؟ وفرض عليهم أن يكونوا صفاً واحداً في مواجهة الغزو الكافر، أيختلف مسلمان على هذا؟ فمن أين جاز لنا قرآناً أو سنة أن تتحدث الصحافة العربية والقنوات العربية..الإذاعات العربية ..التصريحات العربية عن خطر على العرب تتحدث عنه أمريكا وتشيع ثقافته أمريكا… أمريكا هي الصديق والشيعة هي العدو؟ أمريكا التي تستعمر ..التي تقتل.. التي تستعبد.. التي تستنزف خيراتنا في كل البلاد العربية، أمريكا التي ما وقفت في يوم من الأيام مع العرب ضد إسرائيل،وما وقفت في يوم من الأيام الموقف الحيادي في الصراع العربي الإسرائيلي.. أمريكا صديق مخلق والشيعة عدو؟؟!!(8).
توعدٌ بحرق غزة وانتظار:
توعدٌ من الجانب الإسرائيلي وانتظار للمحرقة من العرب، الخيار ليس إما أن تتوقف صواريخ القسّام وإما أن تحرق غزة وتتحول إلى محرقة للفلسطينيين صغاراً وكباراً شباناً وشيوخاً، الخيار هو إما أن تستلم غزة.. تنتهي حكومة حماس وتعطي يد الذل لأمريكا وإسرائيل وتدخل غزة في المؤامرة على الأمة وتقبل بالسيادة المطلقة لإسرائيل وإما أن تحرق، وهو ليس خياراً إسرائيلياً فحسب فهو من المؤكد جداً أنه خيار أمريكا وخيار أوربا وخيار كثير من دول الكفر، والشعوب تظن أنه خيار دول عربية كثيرة، ذلك لحساسية مفرطةٍ جداً من الإسلام السياسي، ذلك لحساسية مفرطةٍ جداً تعيشها كثير من الأنظمة من الإسلام السياسي.
في كل المواقف ومن أكثر التصريحات تعرف التوافق على رفض ومواجهة الإسلام السياسي وكل مقدماته وحتى البعيد منها، بل تعرف التوافق على مواجهة الإسلام الرافض للاستسلام.
وفي القضية اجتمع وزراء الخارجية العرب وخرجوا بنتيجة تاريخية ضخمة في صالح إنقاذ غزة، ذلك أنهم نددوا بالحملة الإسرائيلية الأولى للمحرقة، التنديد الذي تفعله جمعية صغيرة ..فرد من أفراد الأمة ..مسجد صغير، ورئيس السلطة الفلسطينية علّق المفاوضات مع إسرائيل مؤقتاً، وإلى متى سيستمر هذا التعليق بعد مقابلة عباس لرايس الأمريكية سيدة المنطقة؟ قد لا يطول التعليق بعد هذه المقابلة، نعم أمر صاحبة الأمر والنهي مقدّم على كل شيء في المنطقة العربية.
أما أصل المشكلة في وجهة نظر السلطة الفلسطينية المتمثلة في الرئيس الفلسطيني وحكومته وفي نظر دول عربية كثيرة من الدول صاحبة التأثير الكبير فهو تمسك حماس بإطلاق الصواريخ في اتجاه الجوار الإسرائيلي المحتل وليس أصل الاحتلال للأرض الفلسطينية، والجرائم المستمرة التي ينفذها الصهاينة في حق المنظمات الفلسطينية الحية التي لا تقبل الاستسلام والحلول المفروضة من العدو.
وأما الأمة فإن دور الأمة العربية في تقلّص، وتكاد الأمة أن يتلخص وجودها في واقع الأنظمة التي رضيت التبعية الذليلة للغرب، وهان عليها أن تعترف لإسرائيل بالسيادة المطلقة، تنتظر ولادة جديدة لإرادة الأمة، إنبعاثة جديدة لإرادتها ولن يكون طريقٌ إلى ذلك إلا بأن ينتشر الوعي الإيماني والصحوة الإسلامية أكثر من واقع اليوم.
وإذا أردنا أن نحسن الظن في الموقف العربي الرسمي فلنا أن نقول بأن الكثير من الحكومات العربية تعيش حالة الانتظار السلبي والبارد لتنفيذ العدو الإسرائيلي تهديده بالمحرقة الواسعة لغزة وأهلها، لتندب غزة وأهلها كما تندب العجائز الثكلى أبناءها، أما حرق حماس فهو أمنية وليس أمراً لا يكترث له فحسب،وذنب حماس أن طرحها يرفع شعار الإسلام، وأنها تصر على مواجهة الغزو الإسرائيلي.
رخص المساجد والحسينيات:
قرار وزير العدل والشؤون الإسلامية بعدم إصدار رخص بناء المساجد أو حسينيات من وزارة البلديات إلا بعد الموافقة الخطّية من وزارته، هو أمرٌ من سياقٍ مستهدفٍ للوضع الديني.
الموافقة السياسية شرط رئيس! حسب هذا البيان أن الموافقة السياسة شرط رئيس وإن تمت كل الشروط والمقتضيات الأخرى وألحّت المساجد إلى المسجد أو الحسينية، حين لا مواقفة سياسية لا مسجد لا حسينية.
قانون أم هذا يعني قانون أمن الدولة بدأ يظهر في وجهة إشادة مسجد أو حسينية أو إعادة بناء مسجد أو حسينية،هذا قانون أمن دولة خاص بالقضية الدينية ومؤسساتها ونشاطاتها،وهذا قانون توزيع دوائر انتخابية جديد يطبق في حق دور العبادة،ومطاردة سوفييتية للدين في بلاد الإسلام والمسلمين من حكومات هذه البلاد وليس من الإتحاد السوفيتي المنتهي.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
اللهم شافنا وشاف مرضانا والمرضى المؤمنين والمؤمنات اجمعين، وأكشف كروبنا وفرّج همومنا، واستر عيوبنا ، وانصرنا على من ظلمنا، وأعزنا ولا تذلنا ، وانتقم لنا من عدوك وعدونا يا قوي يا عزيز.
اللهم انصر حماة دينك، والمحامين عن شريعتك، والمنتصرين لمستضعفي عبادك، والمغضبين لانتهاك حرماتك، الساعين للعدل في أرضك ، الساخطين للظلم في بريتك فإنك تغلبُ ولا تغلب ، وتهزم ولا تهزم يا من هو على كل شيء قدير.
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}
_____________________________
1 – بحار الأنوار ج75 ص 164.
2 – كان الخوف يبين في ملامح وجهه وينعكس على سلوكه.
3 – استحقاق ذلك الأحد.
4 – بحار الأنوار ج67 ص392.
5 – نهج البلاغة، خطب الإمام علي (ع) ج4 ص18.
6 – الرحمن 46.
7 – بحار الأنوار ج18 ص202/ وجاء كذلك في مصادر أخرى كثيرة. وهذه المقولة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وهي كالتالي: قال طارق المحاربي: رأيت النبي (صلى الله عليه وآله) في سويقة ذي المجاز عليه حلة حمراء وهو يقول:”يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا” وأبو لهب يتبعه ويرميه بالحجارة وقد أدمى كعبه وعرقوبيه، وهو يقول: يا أيها الناس لا تطيعوه فإنه كذاب.(اللجنة الفنية)
8 – هتاف جموع المصلين بـ(الموت لأمريكا والموت لإسرائيل).