خطبة الجمعة رقم (258) 18 شوال 1427هـ – 10 نوفمبر2006م

مواضيع الخطبة:

حديث في اليأس + صراع الدين والمال: + رقابة المرشّح: + فضيحة البندر: + حتى لا تتضاعف الخسارة: + الدرس المضيّع

تكفي نصيحة السيد الجليل الخبير الواعي سماحة آية العظمى السيد السيستاني وهو رجل لا يبني موقفاً شرعيّاً ولا نصيحة على جهل بالموضوع، الفقهاء يشتغلون جداً جداً بتحقيق الموضوع قبل أن يتفوّهوا بأي كلمة على مستوى الحكم بمعناه الشرعي أو اللغوى العام الشامل لمثل النصيحة..

الخطبة الأولى

الحمد لله خالق الأزواج كلها، جاعل الظلمات والنّور، فالق الحب والنوى، عالم كل نجوى، والسر وأخفى.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم تسليماً كثيراً كثيراً.
عباد الله وأبناء عباده وإمائه أوصيكم ونفسي وأنا عبده وابن عبديه بتقوى الله الذي لا تضاد قدرته، ولا تناهض إرادته، ولا تقوم السماوات والأرض لغضبه، ولا ملجأ منه إلى سواه. أوصي نفسي وإياكم بالهرب من غضب الله، وعدم الإقامة على معصية من معاصيه؛ فالشقاء في معصيته، والهلاك في مكابرته، ومن أُجِّل عقابُه عن أيام هذه المهلة كان ذلك أشدّ عليه وأشقى له، فلا يغرنّ أحدنا أن أجل عنه العقاب، وأُسدل على عيبه ستر من الله الذي يمهل ولا يهمل.
اللهم صل وسلم على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم. ربنا لا تظهر لنا عيباً، ولا تكشف لنا ستراً، واجعل فرارنا من معصيتك أشد من فرارنا من حر السيف وسكرات الموت، وخشيتنا منك، وتعففنا قربة إليك، وطاعتنا طمعاً في رضوانك يا الله يا كريم يا رحيم.
أما بعد فهذا حديث في اليأس ودليلنا فيه نصوص من كتاب الله العزيز الحكيم، وأقوال المعصومين عليهم السلام:
من آيات الكتاب الحكيم في هذا المورد:{وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُوسٌ كَفُورٌ (9) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاء بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (10) إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَـئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ }(1).
ونقرأ:{وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَؤُوساً}(2).
ونقرأ أيضاً:{وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ}(3).
الإنسان ضعيف خلقة، والإنسان مهزوز في داخله، وهو ابن الظروف حيث إن الظروف تغلبه وتستولي عليه، ليس الإنسان بالشيء الكبير الذي يستطيع دائماً أن يصمد أمام الظروف، وأن تثبت ذاته أمام الإعصارات، ما يثبِّت الإنسان، ما يقوِّيه، ما يعطيه الشخصية القوية، ما يمدّه بأسباب الصمود، ما يصنعه إنساناً مقاوماً هو الإيمان “إِلاَّ الَّذِين صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ” ويمكن أن نقف هنا، ويتم الاستثناء، وينقطع الكلام -والله العالم- ثم يأتي قوله تبارك وتعالى {أُوْلَـئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} الاستثناء يخرج هذه الفئة من الضعف، والوهن، واهتزاز الشخصية، وضياع إنسانية هذا الإنسان ودينه وشرفه أمام لحظة ضعف، فأنسان هذه الفئة قوي وإن طغت الظروف وعظمت الملمّات.
ينسى الإنسان أن الله معه، وهو لا ييأس إلا أن ينسى الله، ينسى لطفه، وينسى قدرته، وينسى علمه ورحمته. وإذا نُزعت منه النعمة صار يكفر بما أنعم الله عليه، يكفر تحت ضغط الظرف الضَاغطة ولو كان المؤمنَ ما كفر برحمة الله ولطفه ونعمائه في أي ظرف من ظروفه وهو في كل ظروفه تغرقه نعم الله عزّ وجل.
{وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاء بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي} فلنلتفت إلى تعبير الآية الكريمة، إنه لا يقول أذهب الله السيئات عني إنما يقول ذهب السيئات عني، وكأن يد الرحمة الإلهية لم تكن هي التي لطفت به وأنقذته من مأساته {إنه لفرح فخور} فرح البطر، وفرح الاستكبار، وفرح الروح الاستقلالية عن الله تبارك وتعالى، يفخر، فرحاً مربوط بالفخر، وكيف يفخر لو ذكر أن نعمته من الله، وعاش هذا الشعور بعمق، وأن ليس من نعمة وليس من فرج إلا من فضل الله تبارك وتعالى.
نعم، ويأتي بعد {فَخُورٌ (10) إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ} هؤلاء يعيشون خطاً واحداً هو خط الإيمان بالله، وذكر الله، والذوبان أمام عظمة الله، والاستسلام والعبودية لله أيّاً كانت الظروف، أكان الظرف ظرف نعمة أو كان الظرف ظرف نقمة. شخصية لا تتقلب بتقلب الظروف، ولا يأسرها الغرور مرة واليأس أخرى، إنها شخصية حرة أمام كل الظروف، وأمام كل الأحداث ليس لها من عبودية إلا العبودية الراقية، العبودية الصنّاعة، العبودية المكمّلة، وهي العبودية لله تبارك وتعالى.
{وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنسَانِ أَعْرَضَ}(4) أعرض إعراض النسيان، إعراض الاستغناء، إعراض الاستكبار، وكأن انتهت حاجة العبد من الرب، وكيف تنتهي حاجة عبد بعبودية حقيقية من رب بربوبية حقيقية صادقة؟ هذا العبد الذي وجوده فيض من الله في كل لحظة، وحياته فيض من الله في كل لحظة، وفاعليته فيض من الله في كل لحظة كيف يستغني؟ كيف يحق في العقل أن يشعر بالاستغناء؟ كيف يحق في الوجدان أن يستكبر؟ كيف يحق في كل موازين الحق والعدل أن يُعرض عن المنعم الذي لا يعيش لحظته إلا بنعمائه؟!!
{وَنَأى بِجَانِبِهِ} انفصال؟! هذا يعيش روحاً انفصالية عن الله بالنعمة التي أنعم بها الله عليه.
وإذا مسّه الشر كان يؤوساً، والمنطلق واحد منطلق هذا اليأس هو منطلق ذلك الإعراض. مَنْ ذكر الله لم يعرض حين الرخاء ولم ييأس حين الشدة واللأواء.
{وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها} لا يفرحون بفرج الله، وإنما يفرحون بها، ينسون الشكر، تشغلهم النعمة عن المنعم فينصب فرحهم على النعمة، ولو أفاق هذا الإنسان وطهرت مشاعره، وتقدست روحه لكانت له فرحة أكبر تشغله عن الفرحة بالنعمة وهي فرحة بكرامة الله، وبفرج الله سبحانه وتعالى.
{وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ }(5) السيئة هنا شدة، السيئة هنا فقر، السيئة هنا مرض، السيئة هنا مصيبة، وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون، يقعون في اليأس والقنوط، وحالما تصيبنا مصيبة ننتقل حالاً إلى معاتبة الله، ونرمي بالتهمة قدر الله، ويبدأ الشعور الكافر يغزو النفس، وتهجم الأوهام على النفس بأن الله لا يلتفت لنا، بأن الله عنيف في معاملته معنا، بأن الله لا يقدّر طاعتنا له، بأن رحمة الله قاصرة.
والآية الكريمة تقول لنا {بما قدّمت أيديهم} فلنبحث حين المأساة عن السبب في النفس، في السلوك، في تقصيرنا مع الله سبحانه وتعالى.
أحاديث في اليأس أقرأ بعضها قراءة خفيفة:
“لا تيأس من الزمان إذا منع ولا تثق به إذا أعطى وكن منه على أعظم الحذر” طبعاً الزمان لا يعطي ولا يمنع وكل الأمور منتهية إلى الله، وإنما هو التعبير المجازي. بمعنى أن أُعطيت في زمنك، أن منعت في زمنك فلا تيأس بمنع لأن الزاق موجود كريم رحيم وقد يمنع لحكمة ودرس، ولا يمنع بخلاً، ولا تثق بعطاء لأنك لا تملك ما أعطيت، والقدر ليس بيدك. وأن لم تحذر وفرطت في الشكر عَّرضت نفسك للنقمة وسلب النعمة.
“أعظم البلاء انقطاع الرجاء” واضح جداً أن اليأس محطِّم، وأن الرجاء والأمل يغذيان النفس بروح العمل والمقاومة، وإذا جفت منابع الأمل وانقطع الرجاء، وجاء اليأس انقتلت النفس، وفقدت حيويتها، والقدرة على الحركة.
لكن تأتي أحاديث لها وجوه أخرى ننتظر بها الحديث في المرة القادمة إن شاء الله.
اللهم صل وسلم وزد وبارك على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم. إلهي بك نحتمي، إلهي إليك نلجأ، وبك ننتصر، فلا حول ولا قوة إلا بك، يا علي يا عظيم.
اللهم ادرأ عنا، واكفنا كيد كل عدو ظاهر أو خفي، وادفع عنا كل ذي شر، واجعلنا في درعك الحصينة التي تجعل فيها من تريد.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ (4)}

الخطبة الثانية

الحمد لله وليّ الحسنات، غافر الخطيئات، معطي المسألات، قابل التوبات، سامع الأصوات، عالم الخفيَّات، دافع البليَّات، لا عفو كعفوه، ولا علم كعلمه، ولا دافع للبلاء غيره.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم تسليماً كثيراً كثيراً.
عباد الله علينا بتقوى الله؛ فما شقي امرؤ قام أمره على التقوى، وما ربح أحد عدل عنها، ونتاج الدين التقوى، وبها كماله فعن نبي الله عيسى عليه السلام:”بحق أقول لكم: إن الشجرة لا تكمل إلا بثمرة طيبة، كذلك لا يكمل الدين إلا بالتحرج عن المحارم”(6) وأين الدين ومدّعيه يرتع في الحرام، ويتمرغ في القبيح الذي نهى الله عنه؟!
أستغفر الله لي ولكم، ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، اللهم اغفر لنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
اللهم اجعل لنا حاجزا من تقواك عن مقاربة ما حرّمت في دينك، وحظرت على عبادك، وهمًّا عاليا ترتفع به أقدارنا عن الميل إلى دنايا أهل معصيتك، والتلذذ بغير ما يقرب إليك يا أرحم من كل رحيم، ويا أكرم من كل كريم.
اللهم صل وسلم علىحبيبك المصطفى محمد بن عبدالله خاتم النبيين والمرسلين، وعلى علي أمير المؤمنين وإمام المتقين، وعلى فاطمة الزهراء الصديقة الطاهرة المعصومة، وعلى الأئمة الهادين الحسن بن علي الزكي، والحسين بن علي الشهيد، وعلي بن الحسين زين العابدين، ومحمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق، وموسى بن جعفر الكاظم، وعلي بن موسى الرضا، ومحمد بن علي الجواد، وعلي بن محمد الهادي، والحسن بن علي العسكري، ومحمد بن الحسن المهدي المنتظر القائم.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وعجل فرج ولي أمرك القائم المنتظر وحفه بملائتكتك المقربين، وأيده بروح القدس يارب العالمين.
عبدك وابن عبديك، الموالي له، الممهد لدولته، والفقهاء العدول، والعلماء الصلحاء، والمجاهدين الغيارى، والمؤمنين والمؤمنات أجمعين وفقهم لمراضيك وسدد خطاهم على طريقك.
أما بعد أيها الأعزاء من الإخوة المؤمنين والمؤمنات فهذه وقفة مع بعض نقاط:
صراع الدين والمال:
بدأت الأخبار تتوارد من هذه الساحة عن قضية الإرشاء والارتشاء فيما يتصل بالعملية الانتخابية القادمة. والرشاوى درجات، منها ما يكون مثلا خمسة دنانير، ومنها ما يبلغ الألف، وأكثر من الألف حتى تأتي أرقام لا تكاد تُصدّق.
الأموال التي يوزّعها البعض تتجاوز مقدوره المالي، وتتجاوز أرباح المنصب حيث كل ما يدره عليه موقع النيابة لا يُساوي ما ينفقه في العملية الدعائية لانتخابه، وهنا ينطرح سؤال من أين تأتي هذه الأموال التي لا يسع جيب المرشح أن ينفقها، ولا تقتضي مصلحته المادية أن ينفق بقدرها، فلابد أن تكون أموالاً من غيره.
العملية عملية بيع وشراء، عرفنا أن المرشّح الراشي يعطي ثمناً من المال، ووعوداً مادية، ولكن الناخب ماذا يُعطي؟ إنه يُعطي دينه، وليس دينه فقط وإنما دين الآخرين، لأن هذا النائب نائب عن الشعب إن باع الدين بالمال فقد باع دين الناس كلِّهم من خلال تشريعات وقرارات مخالفة للدين.
إنه يبيع مصالح المحرومين والمستضعفين، وليس على مستوى جيل واحد وإنما على مستوى أجيال.
إنه يبيع أمن المواطن وحتى حياته من خلال مساعدته على الخيانة مساعدته على التشريعات القاسية الجائرة، وتمرير الأخطاء، والتستُّر على الخيانات والتلاعب.
إنه طريق لتمرير قانون مثل قانون التجمّعات، ومثل قانون الجمعيات، ولتمرير قوانين أشد وأقسى.
هذا الناخب يبيع كل هذه الأمور المهمة العالية بالثمن الذي يقبضه، وأحياناً يبيع صوته، وأحياناً يبيع صوته وصوت جمعيته أو عشيرته أو بيته أو أصدقائه الذين يستطيع التأثير عليهم.
وإذا باع أصوات عشيرة وصل الثمن إلى الألوف، وإذا استطاع أن يبيع أصوات قريته أو نصف أصوات قريته فقد يصل الرقم إلى عشرة آلاف وعشرين ألفا، وثلاثين ألفا. بورك له صفقة تأخذ به إلى النار.
وهنا يأتي صراع الدين مع المال، الرب في النفس المال أو الله؟ المكانة في النفس للمال أو الدين؟ صلاة أخينا حقيقية أو شكلية، صوم أخينا حقيقي أو شكلي، حج أخينا حقيقي أو شكلي، لئن كان له حج حقيقي، أو صلاة حقيقية، أو صوم حقيقي فإنه لا مال الانتخابات، ولا مالاً أكبر من مال الانتخابات بملايين المرات يستطيع أن يشتري منه موقفاً واحداً(7).
مصيبة الذين حاربوا الحسين الذين خذلوا الحسين عليه السلام ولم يحاربوا معه هي مصيبة دنيوية، وحتى لا تتكرر مأساة الكوفة مرة أخرى، ولا يخذل مسلم بن عقيل، ولا يخذل الإمام الحسين عليه السلام فلنستكبر على صنم المال، ولنتق الله، وليكن لنا معبود واحد ليس هو إلا الله سبحانه وتعالى.
أتظل سنين ابن المسجد والحسينية وتأتي لحظة امتحان يسيرة لتبيع دينك؟ وتبيع شرفك ووطنك وأمتك؟! وتبيع أجيالاً من بناتك وأبنائك وإخوانك وأخواتك؟! فلنرجع إلى ديننا يا إخوة. لنقل للدينار بئساً لك من دينار تقودني إلى النار، لنطرد المرشح الذي يقدم لنا مالاً يشتري به ديننا.
والمرشح الراشي اليوم هو نائب مرتشٍ غداً بلا إشكال، وإذا كانت عطاياه اليوم كبيرة، فقد بدأ قضية الارتشاء من يومه هذا.
رقابة المرشّح:
رقابة المرشح المتاحة له تساوي من خلال المراكز العامة العشرة للترشيح زائداً مركز دائرته، واحداً على أحد عشر. مواقع التصويت هي أحد عشر، والرقابة المتاحة له في موقع واحد، فكم تساوي هذه الرقابة؟ تساوي واحداً على أحد عشر، فهو غائب عن عشرة مواقع، حاضر من خلال نفسه أو موكّله في موقع واحد، فأقول إذا كانت رقابته كذلك فهذه النسبة تعني لا رقابة، فهي انتخابات بلا رقابة، وعلى كل المرشحين، وعلى كل المؤسسات، وعلى الشعب أن يصرّ على أن تُلغى المراكز العشرة العامة للتصويت.
فضيحة البندر:
الذين يتساءلون عن نتيجة ما قام به العلماء من خطوة في موضوع البندر هم على حق، لأن المسألة تهمهم جداً وتؤثر عليهم بصورة أساس، وعلى مدى بعيد.
وأنا واحد ممن دخل في هذه الخطوة فأقول: بأنه إذا كان أمل التجاوب مع الخطوة العلمائية لازال قائماً إلا أن شعوراً عميقاً بالتباطؤ، وملاحظة تآكل في الأمل تعيشها النفس. فالتجاوب مع المطلب العلمائي مطلوب، وسرعة التجاوب مطلوبة كذلك.
حتى لا تتضاعف الخسارة:
أصحاب المشاركة يرون أن الشعب يخسر سياسياً بموقف المقاطعة، وأصحاب المقاطعة يرون أن الشعب يخسر بموقف المشاركة، فهذه خسارة ثابتة قد اتفق عليها الجميع بعد أن انقسم الناس إلى مقاطع ومشارك، هذه خسارة، إذا أضفنا إلى ذلك التسقيط، والتسفيه، والتخوين، وأموراً أخرى من هذا السياق كانت خسارة أخرى. خسارة إضعاف الجميع، تشتيت الصف، هدم البناء، إفقاد الثقة، تحطيم المقاومة والمعارضة. أضف إلى ذلك خسارة أكبر من كل ما ذكرت تتمثل في التعاطي الجاهلي مع حالات الاختلاف في الرأي لما في ذلك من تعدٍّ لحدود الله واستحقاق لغضبه، فحين نمارس الطريقة الجاهلية في الاختلاف في الرأي فيستبيح هذا من أخيه سمعته وشرفه، ويستبيح ذاك من الأول ما استباحه منه فإننا سنخسر بهذا أكثر من كل الخسائر الملحوظة، وما خسر امرؤ أكبر مما يخسر من دينه، إذاً علينا أن لا ننسى أن حقوق الإخوّة الإيمانية لا تسقطها الاختلافات في الرأي، ومن أبرز هذه الحقوق حرمة عِرض المؤمن الذي يدخل فيه شرفه وسمعته وكرامة شخصيته.
كلمة كافية:
لا أريد أن أدفع جديداً باتجاه المشاركة بعد كل الذي كان ولكن اسمحوا لي أن أقول كلمة واحدة مختصرة. تكفي نصيحة السيد الجليل الخبير الواعي سماحة آية العظمى السيد السيستاني وهو رجل لا يبني موقفاً شرعيّاً ولا نصيحة على جهل بالموضوع، الفقهاء يشتغلون جداً جداً بتحقيق الموضوع قبل أن يتفوّهوا بأي كلمة على مستوى الحكم بمعناه الشرعي أو اللغوى العام الشامل لمثل النصيحة.
الدرس المضيّع:
الدنيا لا تدوم، عزها لا يدوم، غناها لا يدوم، سلطانها لا يدوم، كل شيء فيها لا يدوم، والنتيجة قبرٌ وحساب، هذا درس تحضرنا كل الدروس عن حكم الإعدام شنقاً على صدام ولا يحضرنا، وكثيراً ما نصارع على ما هو أقل بكثير مما صارع عليه صدّام وبأخلاقيته نفسها، أعاذنا الله من ذلك.
اللهم صل وسلم على حبيبك المصطفى، وعلى آله الأخيار الأطهار، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، ولوالدينا ولمن أحسن إلينا إحسانا خاصا من المؤمنين والمؤمنات أجمعين.
اللهم فقرنا لا يسدّه إلا غناك، وضعفنا لا يخرجنا منه إلا قوتك، وذلُّنا لا ينقذنا منه إلا عزُّك، وعيبنا لا يغطّيه إلا سترك، وكربنا لا تفرّجه إلا رحمتك.
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}
_________________
1 – 9،10،11/ هود.
2 – 83/ الإسراء.
3 – 36/ الروم.
4 – 51/ فصلت.
5 – 36/ الروم.
6 – ميزان الحكمة ج10 ص557.
7 – مقاطعة أحد المصلين لسماحة الشيخ بقصيدة حماسية كبّر خلالها المصلون بـ(لله أُعطي ولائي).

زر الذهاب إلى الأعلى