خطبة الجمعة رقم (251) 25 جمادى الثاني 1427هـ – 21 يوليو 2006م
مواضيع الخطبة:
التوفيق + يقول حزب الله
إننا لا نشكو من الإخوة السنة، إنما نشكو من سنيٍّ عميل ومن شيعيّ عميل، نشكو من سنيٍّ ساذج ومن شيعي ساذج،
نشكو من سنيٍّ لم يقرأ الإسلام القراءة الصحيحة، ومن شيعي لم يقرأ الإسلام القراءة الصحيحة، من سني يفرح لآلام الشيعة على يد الكفّار، ومن شيعي يفرح لآلام السنة على يد الكفّار، نشكو من شيعي لا ينصر أخاه السني في إسلامه، ومن سنيّ لا ينصر أخاه الشيعي في إسلامه.
الخطبة الأولى
الحمد لله وكفى به هاديا ونصيراً. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الخلق والملك والأمر والنهي وإليه المصير، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله هدى به إلى صراطه القويم، وأنجز به أمره، وأصدقه وعده، وأظهره على عدوّه، وأكرم به عباده المؤمنين، صلى الله عليه وآله وسلم تسليما كثيرا كثيراً.
أوصيكم عباد الله ونفسي الخاطئة بتقوى الله، وأن نُكرم النفس بطاعته، فما كرُمت نفس وهي تعصي الله، وتسلك غير منهجه، وما هانت نفس ولا صغُرت وهي متّجهة لله، آخذة بتعاليم دينه، مهتدية بهداه، فعن علي عليه السلام:”ليس على وجه الأرض أكرم على الله سبحانه من النّفس المطيعة لأمره”( ) وهل من صدق لكرامة ليست عند الله كرامة، وهل أصدق من كرامة يحكم بها الله ويهبها لعبده؟!
اللهم صل وسلم وزد وبارك على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم. اللهم أكرمنا لديك، وارفع منزلتنا عندك، واجعلنا من المقرّبين الصالحين الأبرار.
أما بعد فالحديث الآن تحت عنوان التوفيق:
كثيرا ما ندعو الله بالتوفيق، فما هو التوفيق؟
التوفيق هو المرحلة الأخيرة التي تنتهي بها مقدمات الفعل ولا تنتج بدونها. كل مقدمات الفعل التي يملكها العبد، والتي يمكن أن تنتجه تكون لاغية إذا لم يكن التوفيق.
من التوفيق حضور الرؤية الصحيحة عند المرء، وتوفّر الرغبة في الخير، والزهد في الشر، وأن يدفع الله الموانع، ويسهِّل الشروط.
وقد جاء في التوفيق عن علي عليه السلام:”التوفيق عناية الرّحمان”( )، “من أمدَّه التّوفيق أحسن العمل”( ).
إنها العناية الخاصة من الرحمن، واللطف الكريم منه تبارك وتعالى وقد فُتحت الأبواب أمام العباد أن يتسبّبوا للطف بالطاعة، تتسبب له، ولا يملك التوفيق إلا الله، وفاعلية كل المقدمات محكومة بإرادة الله، وما من سببٍ إلَّا وأمره بيده، ولا سلطان لسببٍ على
مسبب الأسباب ومالكها.
فليس من فعلٍ أملكُ أسبابه فيما يتراءى لي هو تحت يدي، الفعل لا يكون مقدورا للعبد وإن ملك من الأسباب ما يملك؛ فلا مالكية له إلا بتمليك من الله، أقول: لا فاعلية للعبد ولو عندئذ إلا بتوفيق من الله سبحانه وتعالى.
فليس حيث تكتمل الأسباب يخرج الفعل عن قدرة الله، فحتى بعد أن تكتمل الأسباب يبقى الفعل محكوما بإرادة الخالق العظيم تبارك وتعالى.
تقول الأحاديث: وهي هنا ثلاثة:
عن علي عليه السلام:”لا ينفع إجتهاد بغير توفيق”( ).
الاجتهاد سبب كبير من أسباب النجاح، ولكنه ليس العلة التامة له، فإذا اعتمدت على اجتهادك ولا شيء آخر غير اجتهادك، ورأيت فيه السبب الكافي للنجاح ولو قطع الله تبارك وتعالى عنك التوفيق فهذا غروره، والصحيح أن اجتهادك وحده لا يوصلك إلى المطلوب. مطلوب لك أن تجتهد، بل عليك أن تجتهد، فإن الوصول إلى النتائج قد جُعلت له أسباب طبيعية، ولكن لا يدخل في ذهنك أبداً أن اجتهادك هو الذي جمع لك هذا المال، أو حصّل لك هذا العلم، أو بوّأك هذا المركز، فلست تستطيع بجهدك وجهادك وحده وإن اجتمع الناس كلهم في إرادة واحدة
معك لمطلوبك أن تصل إلى المطلوب من دون إرادة الله وتوفيقه.
الحديث الآخر يقول:”لا ينفع علم بغير توفيق”( ).
والحديث الثالث يقول:”لا قائد كالتّوفيق”( ).
لا قائد للخير، للنجاح كالتوفيق، فالتوفيق لا بد منه لنجاح كل المقدمات التي تتوفّر بيد العبد مكتسبة كانت أو غير مكتسبة.
هذا يدفعنا دائماً للتوكّل على الله، واللجأ إليه، والشعور المعمّق بعدم الاستقلالية في أي حركة أو سكون عن إرادته وتقديره.
وإنه لا استقلال للعبد أبدا {إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ}( ). لا ناصر للعبد من داخل
نفسه لو أراد الله هزيمته، ولا ناصر للعبد من كل القوى العالمية لو أراد الله هزيمته، والنصر إذ يتحقق يتحقق عبر الأسباب، ولكنَّ كل الأسباب كما تقدّم لا فاعلية لها من دون إرادة مسبِّب الأسباب، ولا إنتاجية لها إلا بتقديره، إنه التوحيد، التوحيد الذي يجعلك تشعر في كل مواقعك، وفي كل نجاحاتك، وفي كل نشاطاتك بأنك محكومٌ لإرادة الله عز وجل، وما أنت في فاعليتك، وما أنت في تفكيرك، وما أنت في إنتاجيتك إلا سبب من أسباب قدرها الله تبارك وتعالى، وما أنت إلا شيء من إفاضات الله عز وجل في هذا الكون.
يقول الحديث عن الرسول صلى الله عليه وآله:”… إنّ المعاصي يستولي بها الخذلان على صاحبها حتّى توقعه بما هو أعظم منها”( ).
هناك مقدمته توفيق، ويقابل التوفيق الخذلان، التوفيق له مقدمة من العبد، والخذلان له مقدمة المجانسة من العبد. التوفيق طريقه الطاعة، والأخذ بمنهج الله، واللجأ إليه، الخذلان طريقه الاستكبار على الله عز وجل، ومن الاستكبار على الله الاستكبار على الأسباب التي سببها الله عز وجل والانفصال عن منهجه. وأكبر الخذلان ما كان تركاً للعبد ونفسه فيما يتعلق بأمر المصير من الجنة والنار.
وإن المؤمن ليُعامل من قبل الله عزّ وجل معاملة غير معاملة الكافر، نقول هذا لأنه سيدخل في نفسية البعض بأن الكافر قد يُحقق نجاحات أكبر مما يحققه المسلم. يلتفت إلى أن الله يمهل، وأن الله يستدرج، وأن الله يمتحن، وأن الله يؤدب، وأن المؤمن حسابه وهو عالم بمنهج الله وقد آمن به، وأبصر من أمر الدين ما أبصر، فهذا المؤمن يعامله الله عز وجل حتى في الدنيا معاملة على قدر وعيه، وقد لا يعامل الكافر نفس المعاملة التي يعامل بها المؤمن في مجال معيَّن. وما قد يتراءى للعين العادية نجاحاً هو في حقيقته إخفاق لكونه إملاءً للعبد ينطوي على الاستدراج وهو عقوبة، وما قد يتراءى إخفاقاً هو نجاح لكونه تأديباً يردُّ العبد عن الخطأ.
و كفى بالكافر إخفاقا أن يخسر الآخرة، وأن يخسر نفسه، النجاح الأكبر هو أن تنجح الذات، هو أن تسمو الذات، هو أن تصمد الذات، النجاح الأكبر هو أن يخرج أحدنا من هذه الحياة الدنيا وقد انبنى إنسان كريما له نفسية وعقلية وروحية على طراز ما للملائكة من ذلك.
وإن أكبر الخذلان للكفار أن تكون كل جهودهم في الحياة، وكل إنتاجاتهم الكبيرة، وكل الإنجازات الضخمة التي حققوها طريقا لهم إلى النار والسقوط.
الطريق للتوفيق:
“أيُّها النّاس، إنّه من استنصح الله وُفّق، ومن اتّخذ قوله دليلا هُدي {لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ }( ) فإنّ جار الله آمن، وعدوّه خائف”( ) ونصيحة الله موجودة في الأرض، نصيحة الله موجودة في الناس، نصيحة الله منهجه، ومنهجه واضح، فاستنصاح الفرد لله، واستنصاح الأمَّة لله هو أن نقف على معالم المنهج الإسلامي، وعلى رؤاه وأحكامه فنأخذ بها، ثم يأتي من استنصاح الله عز وجل أن تلجأ إليه، وتطلب منه التسديد والتقويم، ويأتي ذلك مع بذل الجهد في فهم المنهج الذي وُفّر لك، وأن تجعل خطاك مقتدية بخطاه.
اللهم اغفر لنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
اللهم صل وسلم على محمد وآل محمد، واعف عنا وعن إخواننا المؤمنين والمؤمنات واغفر لنا جميعاً وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، اللهم لا حول ولا قوة إلا بك، ولا توفيق إلا منك فمُدّنا في الخير بحول منك وقوة، ووفقنا لطاعتك، وخذ بيدنا لمراضيك، وافتح علينا أبواب الهدى والرشد والصلاح، واغلق عنا أبواب الضلال والسفاهة والفساد، وباعد بيننا وبين ما يباعد عنك، وسهل لنا سبيل الوصول إليك، وارأف بنا في ديننا ودنيانا يا رحمن يا رحيم.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ
شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)}
الخطبة الثانية
الحمد لله أهل الغنى كلّه، ومن عداه أهل الفقر كلِّه، ولا غنى لأحد إلَّا من عنده، ولا يبلغ غناه أحدٌ من خلقه، ولا يأتي على أحدٍ أبداً أن يستغني عنه، فالغنى كلُّه ابتداءً واستمراراً بيده، ولا يخرج منه شيء عن ملكه وتصرّفه.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم تسليما كثيرا كثيراً.
عباد الله علينا بتقوى الله فهو الخالق المدبِّر المالك الرازق الذي حياة ولا موت، ولا نفع ولا ضرّ إلا بيده فمن أحقُّ منه بأن يُتّقى، ومن أولى منه بأن يُخشى؟! ومن تكون له الطاعةُ إن لم تكن له؟! ومن يُرجى ويُؤمَّل إن لم تتعلق الآمال به؟! ولمن يكون الحب والشوق إن لم يكن له؟!
عباد الله إنَّ الدين لحقّ، والحياةَ لجدّ، والعمر لمنقضٍ، والموت لمترصِّد، والحسابَ لقادم، فلا تلهُ أيها العبد إذا لها الآخرون، ولا تنسَ إذا نسوا، ولا تعبث إذا مالوا إلى أن يكونوا عابثين. يقول سبحانه في سورة الأنعام:{وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا…}( ). وعن علي عليه السلام:”فإنه والله الجدّ لا اللعب، والحقُّ لا الكذب، وما هو إلا الموت أسْمَعَ داعيه( )، وأعْجَلَ حاديه، فلا يغرّنك سوادُ النّاس من نفسك…”( ). التفت إلى النفس، ليس إذا لهى الناس جاز لي أن ألهو، هذا الذوبان في الناس وإن ضلّوا غير صحيح على الإطلاق، وإن لم تبقَ إلا أنت الواحد المسلم فلتبق كذلك، وإن ضلّ كل الآخرين.
اللهم إنا وإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين نعوذ بك من أن نتّخذ الحياة لعبا، والدين هزوا، وأن نستخف بشيء من وعدك، أو يهون علينا شيء من وعيدك، وأن نكون للظالمين
عضُداً، وعلى المظلومين عوناً. اللهم اغفر لنا ولوالدينا وأرحامنا وجيراننا وأصدقائنا وإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين ومن أحسن إلينا منهم إحساناً خاصّاً وتب علينا إنك أنت التوّاب الرحيم.
اللهم صل وسلم وزد وبارك على حبيبك المصطفى محمد بن عبدالله خاتم النبيين والمرسلين، وعلى عليٍّ أمير المؤمنين ، وفاطمةَ الزهراء الصّدّيقة الطاهرة المعصومة.
وعلى الأئمة الهادين المعصومين: الحسن بن علي الزكي، والحسين بن علي الشهيد، وعلي بن الحسين زين العابدين، ومحمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق، وموسى بن جعفر الكاظم، وعلي بن موسى الرضا، ومحمد بن علي الجواد، وعلي بن محمد الهادي، والحسن بن علي
العسكري، ومحمد بن الحسن المهدي المنتظر القائم.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وعجّل فرج وليّ أمرك القائم المنتظر، وحُفَّه بملائكتك المقرَّبين، وأيِّده بروح القدس يا رب العالمين.
عبدك وابن عبديك، الموالي له، الممهد لدولته، والفقهاء العدول، والعلماء الصلحاء، والمجاهدين الغيارى، والمؤمنين والمؤمنات أجمعين وفّقهم لمراضيك، وسدِّد خطاهم على طريقك، وانصر أمة الإسلام على أمة الكفر جمعاء.
أما بعد أيها الأعزاء من المؤمنين والمؤمنات فالحديث تحت عنوان:
يقول حزب الله:-
يقول حزب الله، أمينُه العام السيد نصر الله، رجالاتُه المؤمنون، شجعانه الغيارى، بصيرته الإيمانية، انتماؤه الإسلامي الحق، وعيُ مدرسته العلويَّة، يقولون من خلال المواقف المستبسلة، من خلال المكابرة الإيمانية العنيدة، من خلال روح الفداء، من خلال الوقفة الإيمانية الصامدة المستلهمة الصبر من الله، من خلال العزم الصارم على نصرة الإسلام والأمّة، يقولون: بأن المسلم أخُ المسلم لا يخذله ولا يُسلمه ولا يتفرَّج على
مأساته وظلم الأعداء له وسحقه وإذلاله. إنهم يعلّمون الأمة بأن موقف الخذلان للإسلام وللمجاهدين الغيارى موقفٌ غير إسلامي لا يستقيم مع القرآن والسنة على الإطلاق. المسلم لا يخذل أخاه المسلم شيعيّا كان أو سنّيّاً، عربيّاً كان أو تركيّاً أو فارسيّاً أو من أي قومية أخرى، ومن هنا توجَّب في وعي حزب الله، وفي إيمان حزب الله، وفي مدرسة حزب الله أن يهبّوا لمناصرة إخوانهم المسلمين في فلسطين، والوقوف معهم في خندق الجهاد المشترك، وكان هذا أحدَ المنطلقات للواجب الذي تحمّل عبئه حزب الله.
ويقول حزب الله: بأن آلام المعركة ومتاعبها وخسائرها يُقدِمُ المسلم الحقُّ مختاراً على تقاسمها مع أخيه المسلم وإن وسعه جدّاً من ناحية عملية أن ينأى بنفسه عنها، وإنْ وقف كل الآخرين منها موقف المتفرِّج كما عليه وضع الكثير الأكثر الأكثر من أنظمة الأمة في معركة اليوم.
ويقول حزب الله، من خلال كلّ ما تقدّم، من خلال تضحياته، وصبره وجهاده، ومن خلال مواقفه المستبسلة: بأن أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام ليسوا كفّاراً – كما يُخطئ البعضُ القولَ – ليحاربوا المسلمين، ويحاربهم المسلمون، وإنما هم مسلمون بصدقٍ وحقٍّ، وفي مقدّمة المسلمين الذين لا يصبرون على إراقة الدم المسلم الحرام ظلما في أي مكان، ولا على سلب شبر من الأرض الإسلامية، ويبذلون كل الجهد في حماية الإنسان المسلم، وأرض الإسلام ومقدَّساته، ولا يُفرّقون في الذود عن المسلمين بين سنيٍّ وشيعيٍّ، وعن الأرض الإسلامية بين أرض وأرض، وبلدٍ وآخر.
ويقول حزب الله، من خلال كل ما تقدم، وباللغة العملية الإيمانية المضحّية: بأن أنهار الدماء الزكية المسلمة التي تدفّقت وتتدفق في أرض العراق ظُلماً كان الصحيح أن يُحتفظ بها لمواجهة أعداء الله والإنسانية والأمة من مثل الصهاينة المستكلبين المستهترين، وأنها لجاهلية حمقاء تلك التي تستهدف النفسَ المسلمة المصونة، والدم المسلم الحرام في العراق، والمستضعفين هناك من شيب وولدان ونساء ورجال أبرياء.
ويقول حزب الله: بأن على الأنظمة في بلاد الإسلام ألا تُغْرِق الشعوب المسلمة في المشاكل الداخلية، وتصرف همَّها عن معركتها المصيرية مع أعداء الله وأعداء الإنسانية في الأرض، وأن لا تضع عليها مِن تخلّف الأوضاع، ومن الأوضاع الإرهابية الرسميّة والقوانين الجائرة قيداً يعيقها عن مواجهة أعداء الأمة وناهبي أرضها، والعابثين بدم وأمن وكرامة وعيش الشعب المسلم في فلسطين.
إن نصرة حزب الله لإخوانه المجاهدين في فلسطين ليست بالتصفيق والمجاملات والابتسامات المخادعة… إنها نصرة بالدم القاني والأرواح الغالية والنفوس المؤمنة الزكية، وشهداء المجد والإباء والشموخ والإيمان والكرامة.
إن حزب الله قد دخل مختاراً نابهاً ملتفتاً ذكيّاً معركةً واسعةً شرسةً مكلفة مع كل قوى الضلال في الأرض ومنها الصهيونية العالمية بعدوانيتها المنفلتة، وهو يُقدِّر حجم الضريبة الغالية التي عليه أن يدفعها من أرواح أبنائه وفلذات كبده، ومن أمنه واستقراره، وإنه ليقدّر كم سيكون استهدافه من كل القوى الشيطانية في شرق الأرض وغربها.
دخل هذه المعركة المكلفة نُصرةً لدين الله، وإسناداً للإخوة المجاهدين في فلسطين، وتحمّلا للمسؤولية الجهادية الواجبة معهم، وحفاظاً على الأرض، وتحريراً للأسرى من يد لعدو، وإنقاذاً للكرامة، وصوناً للعزّة، وذوداً عن الأمة، وحماية للإسلام.
وإنه لعارٌ على الأمة أن يُفرد حزب الله أو يُخذل فضلاً عن أن تنطلق الكلمات موجعة من هنا وهناك في هذا الوقت الحرج لتصبَّ في صالح العدو الصهيوني، وتُسوِّق لعدوانه، وتختلق له الحجّة، وتعين على الإسلام وأهله، وتفت في عضد المقاومة، وتضر بالإسلام والمسلمين.
الآن وقد اصطفّت كل قوى الشر والطغيان والاستكبار في العالم ضدّ أمتنا ووجودنا، والأرضُ تلتهب تحت أقدام المجاهدين في لبنان وفلسطين ويُمطر الآمنون بالنار، وتدكّ البيوت على رؤوس أهلها المؤمنين، وتشرّد الأفواج من ديارهم وتُقطَّع بهم السبل، ويُلاحقهم الموت والدمار أينما وطأت لهم قدم كيف يسوغ لمسلم في أي موقع من المواقع، ولأي دولة من الدول الإسلامية أن تعين الكفر والظلم والعدوان بكلمات هي أشد ضرراً
وفتكا بالإسلام والمسلمين من نيران الأعداء ومن قنابلهم؟!
ومن الكتّاب المسلمين في الساحة الإسلامية من يخاف على أمة الإسلام، ووحدتها، وأمنها، ودينها، ومصالحها في معركة من معارك المصير التي تخوضها المقاومة في لبنان وفي فلسطين على يد حزب الله وحماس ضدَّ العدو الصهيوني وغطرسته الجاهلية، ويندد بهما انتصاراً لإسرائيل التي تُؤمّن كلَّ العز والمجد والرخاء والأمن والاستقلال والكرامة للإسلام والمسلمين. إسرائيل تؤمّن كل ذلك، والخوف على كل ذلك من حماس وحزب الله في نظر هؤلاء الكتّاب؟!
وما أصدق تعبير هؤلاء الكتّاب عن ضمير الأمة التي لا يخدعها شيء عن عِداء إسرائيل الدفين لها، وما أنطقَها من لغة بوعي الأمة الرافض لهذه الأفكار السوداء القاتمة المسمومة، والمشاعر السقيمة، والأصوات النشاز البغيضة؟!!
ممَّ خوف هؤلاء الكتاب ومن وراءهم؟ خوفهم عندي وعندك، وعند كل الواعين من الإسلام شيعيه وسنيه، من الإسلام بكل قومية من قوميات أبنائه لا فرق بين عربٍ وفرسٍ وترك وغيرهم. إنه الخوف حقَّاً من الإسلام.
خوفهم لا من الإسلام الشيعي فحسب، فحماس وهي مخوفة منهم ليست شيعيّة، إنهم يعادون حماس كما يعادون حزب الله، وحماس ليست شيعية، وحماس كذلك لا تُتّهم بأنها ستُمكّن للفرس على حساب العرب، فليس من عاقل يذهب إلى أن الحس الفارسي في قلوب أبناء حماس قد طغى على
الحس العربي، وأن انتصارهم سيكون للفرس على حساب العرب، فلِمَ تُبغض حماس، ولِمَ تُحارب حماس، وتُحاصر حماس، وتُعان أمريكا وإسرائيل على حماس، وهي السنية العربية؟!
وهل أمريكا وإسرائيل قد أصبحتا متسنّنتين ونحن لا ندري؟! وهل أمريكا وإسرائيل قد أصبحتا عربيتين، ليقف معهما العرب ضد الفرس وضد الشيعة؟! وحتّى ضد حماس السنية العربية؟! وهل تكتفي كل من أمريكا وإسرائيل بما هو أقل من السيطرة التامة على البلاد السنية العربية وأن تكون لهما الكلمة العليا والمصلحة الأولى؟ !يُخاف من استعمار إسلامي؟! ومن امتداد سياسي إسلامي؟! ويُؤمن للامتداد الأمريكي والإسرائيلي؟! بأي لغة إسلامية نتحدّث؟!
يا كتّاب من هذا النوع ممن تتواجدون في الساحة الإسلامية هنا وهناك إنّها العمالة، وإنها المهزلة، وإنها السخرية بالأمة، وإنه الاستغفال للجماهير بالتخويف من التشيّع، والتخويف من الفرس. أخوفٌ من الشيعة ومحاربة لهم وهم المسلمون والعرب وهم الأقلّية في مجموع البلاد الإسلامية؟! واطمئنان ونصرة لأمريكا وإسرائيل، وارتماءٌ في أحضانهما، ووقوف معهما في خندق واحد، وأمريكا وإسرائيل ليستا مسلمتين ولا عربيتين وهما القوتان الباطشتان في الأرض والتي حق أن يُخاف منهما؟!
لقد حزن المسلمون الأوائل وقلقوا كثيرا لانتصار الفرس يوم أن كانوا يعبدون النار على الروم لأنهم أهل دين سماوي حتى طمأنهم الله بأن أهل الدين سينتصرون، فما لكم أيها المسلمون تفرحون بانتصار الكفر، وتمدّون الكفر بأسباب النصر، وتقفون في مؤامرة مشتركة ضدّ المسلمين؟! لئن كان الشيعة في نظركم ليسوا مسلمين خالصين فهل إسرائيل وأمريكا أقرب إلى الإسلام وأصدق إسلاماً؟! الصحابة الذين تحتجّون بسيرتهم كانوا قد حزنوا لانتصار من لا دين له على من كان له أصل دين سماوي. عجباه!!!.. يطلع عالم من علماء الإسلام على الأمَّة ليقول بأنَّ حتى الدعاء لحزب الله حرام. من أين هذا الفهم؟!
طائفة من كتّابنا وسياسيّينا المسلمين تفرح لانتصار الطاغوتية الأمريكية والصهيونية الحاقدة على المسلمين بحجة أنهم شيعة، وأنهم من مذهب واحد مع الفرس، وهو شعار لخداع الجماهير المسلمة السنيّة، شعار للخداع فقط، ولتنفصل جماهير من المسلمين عن معركة الأمة في اليوم الحاسم، وتُعطي الفرصة سانحة لانتصار أمريكا وإسرائيل. أقول إنه خداع، لأن حماس سنية عربية، ويكره هؤلاء كلهم انتصارها في قبال إسرائيل وأمريكا، ولئن الفرس ليسوا كلهم شيعة، ولو كان حزب الله لا صلة له بإيران أبداً وكان على إسلامه ومبدئيته بقي بُغضه مكينا في نفوس هؤلاء، ولن تشفع له عروبيته عند من لا يريدون الإسلام، ويخافون من أيام الإسلام. ولا نخطئ، ولا ننسى فإن الشريحة الواسعة من المسلمين السنة الحق الذين تخفق قلوبهم بحب الإسلام، ويتطلّعون إلى نصرته، ويعادون أعداءه، ويحبّون أحباءه ليقفون مع حزب الله ومع حماس. منهم السياسيون غير المرتبطين بالسياسة الرسميَّة، ومنهم الكتّاب، ومنهم الطلاب، ومنهم الجماهير الأخرى من (أبناء الأمة).
إننا لا نشكو من الإخوة السنة، إنما نشكو من سنيٍّ عميل ومن شيعيّ عميل، نشكو من سنيٍّ ساذج ومن شيعي ساذج، نشكو من سنيٍّ لم يقرأ الإسلام القراءة الصحيحة، ومن شيعي لم يقرأ الإسلام القراءة الصحيحة، من سني يفرح لآلام الشيعة على يد الكفّار، ومن شيعي يفرح
لآلام السنة على يد الكفّار، نشكو من شيعي لا ينصر أخاه السني في إسلامه، ومن سنيّ لا ينصر أخاه الشيعي في إسلامه. إنها معركة واحدة، وعلى الأمة أن تتوحد في هذه المعركة، وتبذل كل ما في وسعها، وتقف بالكلمة وبالمال وبأي جهدٍ قلّ أو كثُر مع حماس، مع حزب الله، مع القيادة المؤمنة.
وغفر الله لي ولكم.
اللهم اغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم. يا ناصر المستضعفين انصر حزب الله وحماس على أعداء دينك من الصهاينة وقتلة الأنبياء، يا هازم المشركين يوم بدر اهزم جموع الكفار والمشركين في حربهم الظالمة على المسلمين
في فلسطين ولبنان والعراق، اللهم انتصر لدينك وعبادك المؤمنين والمستضعفين بعبدك المجاهد في سبيلك نصر الله، وجندك المستبسلين معه في سبيلك.
اللهم صل على محمد وآل محمد، اللهم أعز الإسلام وأهله، وأذل الكفر وأهله والنفاق وأهله، يا قوي يا عزيز يا شديد الانتقام، يا من لا يقوم لبطشه شيء في أرض ولا سماء، ولا يردّ أخذه جبّار عنيد.
{ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى
عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }