خطبة الجمعة رقم (250) 11 جمادى الثاني 1427هـ – 7 يوليو 2006م
مواضيع الخطبة:
حديث في الوسوسة + بئس الأخوّة ياعرب + قانون الإرهاب
أين المنظَّمات النسائية المتباكية على حقوق وكرامة المرأة وشرفها، والمطالِبة بقانون منقذٍ لها تشارك فيه كل أطياف المجتمع لتعلم شريعة الله العدل والرحمة والحكمة في تشريع أحكام الأسرة، ولتنقذ المرأة من قصور الشريعة وقسوتها وظلمها كما يفترون؟!أن تُغلق مكاتب مقاطعة البضائع الإسرائيلية في وقت يشتدُّ فيه القصف الإسرائيلي والقتل والاختطاف وتدمير البنية التحتية، وخلخلة قدرات الحكومة الفلسطينية، ومحاولات شلّ عملها وإسقاطها، وانتهاك الأرض الإسلامية في فلسطين من قبل الصهيونية المتغطرسة.
الخطبة الأولى
الحمد لله على حلمه بعد علمه، ومغفرته لأهل معصيته، وزرقِه لمن عانده، وإحسانِه لمن حاربه، لا يفرُّ منه جانٍ، ولا يتجاوز قدرته عاصٍ، ولا يضرّه جاحدٌ، ولا يُكابره معاند.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم تسليماً كثيراً.
أوصيكم عباد الله ونفسي الخاطئة بتقوى الله، وأن نزن الآخرة والدنيا بما وزنهما الله، ولا تعدل الدنيا الآخرة وزناً عند خالقهما العظيم، فقد قال سبحانه في كتابه الكريم:{انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً}(1)، {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}(2). وإذا اختلف الوزن بين الدنيا والآخرة اختلف العمل لهما، فلا تستوي الدنيا عملاً وجدّاً واجتهاداً وتضحية وهي الحقيرة عند الله، مع الآخرة وهي الجليلة في نظره، فرحم الله امرءاً قدّم الآخرة على الدّنيا، وكان جِدّه العظيم لها.
اللهم صل وسلم وزد وبارك على حبيبك المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
اللهم اجعلنا ممن يُقدِّم الآخرة على الدنيا، ولا يتردَّد في ذلك أبداً، وارزقنا خيرهما، وجنّبنا شرَّهما يا كريم يا رحيم.
أما بعد أيها الأخوة والأخوات في الإيمان فهذا حديث في الوسوسة:
إنه ولئن كان في النفس أصول للخير وفيرة، ورصيد كبير من فطرة الهدى إلا أن لها حديثا في داخلها بالباطل، وإغراءً بالشر، وقد يُمعن هذا الحديث للإخلال بالرؤية القلبية، وإرباك النظر، وإثارة الشك في الحق، وإحداث الريبة والتحريك للشر، وإتيال القبيح، وتجاوز حدّ الاعتدال إلى الإفراط.
وكما تُحدِّث النفس نفسها بهذا أو ذاك يكون للشيطان معها حديث مثل ذلك حتى يبلغ منها ما يريد من سوء، أو يندحر عنها تحت المقاومة الإيمانية، وبإيوائها إلى ركن شديد من الاعتصام بالله القويّ العظيم، وكفى بالله عاصماً ووليّاً مرشداً.
ومن مناشئ الوسوسة أمراض تلحق بالنفس، قد يكون المدخل إليها مشاكلَ تلمّ بالشخص، وضغوطات لا يحتملها، وحرماناً لا يقدِرُه، ومشاقَّ لا يصبرُ عليها، وجهلاً يتّصف به.
وتتعلّق الوسوسة بالعقيدة، وبالعبادة، وبالصحة، وبالعلاقات الاجتماعية وغيرها، وتُخرج صاحبها عن الحدِّ العقلائي، وتتجاوز بتصوّسراته وتصديقاته مقتضيات العقل، وتضطرب بسببها موازين النفس، ويتعدّى السلوك حدّ الاعتدال، ويشقى الشخص، وتسوء حياته، وتنغلق في دائرة الأوهام السخيفة، والأخيلة المحطِّمة، وتُشلّ منه روح الإنتاج الخيِّر والفاعلية المثمرة، وتُهدر طاقات الإبداع عنده، وتتعطّل أو تفقد كثيرا من قيمتها العملية المعطاءة.
ومن أسبابها التربية السيئة، والوراثات الضعيفة، والبيئة المتخلّفة والمرهقة، وتكليفُ النفس الكثير مما لا تطيق، والقسوة البالغة على النفس في مشتهياتها المحلَّلة بما يتجاوز قدرتها على الاحتمال.
وما كان على عكس ذلك من الأسباب فإن فيه وقاية من الوقوع في الوسوسة، والارتكاس فيها، وإنّ الدين الواعي، والأخذ بهدى الله، وبهدى رسله وأوليائه، والعوذَ به، واللجأ إليه، وإلى حمايته ورأفته ورحمته لينقذ من شرِّ هذا الداء، بما يُقوّي النفس، ويمدها بالاعتدال، ويلهمها الرشد، ويسدّد منها الخطى، وينأى بها عن المنزلقات والمنحدرات.
ومما ينبغي أن يُلتفت إليه في باب الوسوسة أنّ مما يباعد عنها، ويُخلِّص منها هو أن يواجه الشخص الأسئلة والمشاكل التي تعترضه أولاً بأول وبعقلانية وقوّة، وأن لا يختزن هذه المشاكل، ويترك لها أن تتراكم في داخله، وينطوي عليها من دون أن يبوح بشيء – وإن لم يوجب الله ستره – لمن يُؤتمن على السِّر، ويملك الرأي، ويقدِّم النصيحة، ويواسي في الشدّة، على أن هذا المتكتّم على أمره ممن لا يُطيق كل هذا الشحن والاختزان، ويُخاف على نفسه الانفجار.
وإذا التفت الشخص إلى مطالع الوسوسة في نفسه، وبداياتها الأولية اشتدّت حاجته إلى المباكرة بالاسترشاد والاستنصاح من أصحاب الاختصاص الذين يأتي منهم عالم الدين المتمكِّن المخلص في اختصاصه، وعالم النفس وطبيبها في اختصاصه حتى لا تترسخ الحالة، وتتعمق المشكلة، ويستفحل الوضع، وتشقّ المعالجة.
بعد هذا فلنقف مع بعض نصوص الموضوع:-
1. مصادر الوسوسة:
يقول تبارك وتعالى:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ}(3).
ويقول عزّ من قائل:{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ (6) }(4).
فنفس في الداخل توسوس لصاحبها، والشيطان عند قلب المرء ينفث فيه ما استطاع من الوسوسة ما تأتّى له ذلك، فهناك قعيدان للإنسان من نفس ومن شيطان يوسوسان له دائما وأبدا، ويتطلب منه ذلك الاحتراس، والبحث عن العُدّة التي يواجه بها مثل هذه الوسوسة من داخل النفس ومن شيطان مترصّد له بشكل دائم(5).
2. وسوسة سائدة:
“عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبدالله عليه السّلام قال: جاء رجلٌ إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله هلكتُ، فقال له عليه السّلام: أتاك الخبيثُ(6) فقال لك: من خلقك؟ فقلت: الله، فقال لك: الله من خلقه؟ فقال: إي والّذي بعثك بالحقّ(7) لكان كذا، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: ذاك والله محض الإيمان.
قال ابن أبي عمير: فحدَّثت بذلك عبد الرَّحمن بن الحجّاج فقال: حدَّثني أبي، عن أبي عبدالله عليه السّلام أنَّ رسول الله صلّى الله عليه وآله إنّما عنى بقوله هذا (والله محض الإيمان) خوفه أن يكون قد هلك حيث عرض له ذلك في قلبه”(8).
الوسوسة تتمثل في هذا السؤال: من خلق الله؟ ومحض الإيمان يتمثّل في خوف العبد من أنّه بذلك قد انهدم إيمانه، إنه شديد الحرص على إيمانه، لا يجد بدّاً من الإيمان بالله، ويرى قضية الإيمان في قلبه لا غبار عليها، وحين يأتيه هذا السؤال يرى فيه أنه قد أفسد إيمانه ونقضه، فيهلع، ويتمنّى أن لو سقط من جبل ولم يحدث له مثل هذا الخاطر، هذا الخوف منه يعني محض الإيمان.
تأتي المعالجة لذلك بذكر الله تبارك وتعالى، والوسوسة تختلف عن الشك الفكري العلمي. هناك سؤال فكري عقلي يُجاب عليه بالدليل والبرهان، وهناك وسوسة في النفس؛ نفس مبتلاة، نفس مريضة، والنفس المريضة لا يُعالجها الجواب العقلي، لا يعالج مرضها الدليل والبرهان، يُعالج مرضها أمرٌ آخر هو الإيحاء بالفكر الصحيح، وأكبر من ذلك أن تلجأ إلى الله تبارك وتعالى.
الطريق إلى الإقناع الفكري مفتوح من خلال طلب الدليل والبرهان، فعلى العبد أن يجيب على أسئلته الفكرية بالسعي العلمي، لكنه قد يُبتلى في نفسه بوسوسة فلا يجد من دليل العقل معينا له على دفع وسوسته، إنه المرض النفسي الذي يحتاج إلى نوع من المعالجة النفسية.
لو قرأتم الأحاديث وجدتم هذا: وهو أن العلاج الذي تطرحه هو علاج أقرب في نوعه إلى العلاج النفسي.فالأحاديث ليست بصدد معالجة إشكال فكري، الإشكال الفكري يُجاب عليه بالدليل العقلي، وإشكال من خلق الله تبارك وتعالى، إشكال مدفوع بكل وضوح وجلاء، لأن الله عزّ وجل ما دام هو حقّ الوجود، ومحض الوجود، والوجود الكامل، وحقيقة الوجود الكامل لا تتثنّى، وليس بعد الوجود إلا العدم، وليس ما يقابل الوجود إلا العدم، ولا يمكن أن ينبع الوجود من العدم، فلا يمكن أن يكون لله عزّ وجل وهو الوجود الكامل الحقّ خالق العدم. العدم لا يمكن أن يخلق الوجود، الوجود يغلب العدم، وليس العدم وهو غير فاعل يمكن أن يغلب الوجود، ويمكن أن يعطي الوجود، العدم لا فاعلية، لا إرادة، لا عقل، لا حركة، إنه لا شيء في الخارج ولا الواقع على الإطلاق.
فإذا كان الله عزّ وجل هو الوجود الحق، وليس شيئا ينضاف إليه الوجود؛ فالوجود الحق لا يقبل أن يوجده العدم، وليس هناك فيما يقابل الوجود إلا العدم.
3. وسوسة العبادة:
“عن عبدالله بن سنان، قال: ذكرت لأبي عبدالله عليه السّلام رجلاً مبتلى بالوضوء والصّلاة وقلت: هو رجل عاقل(9)، فقال أبو عبدالله: وأيّ عقل له وهو يطيع الشيطان؟!(10)
فقلت له: وكيف يطيع الشيطان؟ فقال: سله هذا الذي يأتيه من أيّ شيءٍ هو؟ فإنّه يقول لك من عمل الشّيطان”(11).
ومعروف جدّاً من الفقه بأن كثير الشك يسقط عنه حكم الشك، فضلا عمن كان مبتلى بالوسوسة، والوسوسة درجة أكبر من الشك في كونها مرضاً نفسيّاً.
قبل أن يصل المرء إلى حدّ الوسوسة قد عالجت الشريعة أمره بأنه لو كان كثير الشك فإنها تُلغي عنه حكم الشك المترتّب في الشريعة من إعادة غسل عضو أو إعادة ذكر في الصلاة، والعفو عن الإعادة لأصل الصلاة في الوقت يحتاج عندهم إلى درجة الوسوسة ولكن لا يمكن عادة أن يصل المرء إلى حدّ الوسوسة لو أخذ بحكم كثير الشك في كل عباداته، فإن الآخذ بحكم كثير الشك في عباداته يكون قد عالجته الشريعة بحيث لا يصل أمره إلى حدّ الوسوسة.
اللهم صل وسلم وزد وبارك على حبيبك المصطفى، وعلى آله الطيبين الطاهرين، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين مغفرة جزماً حتماً، وتب علينا إنك أنت التوّاب الرحيم.
اللهم أبرئ صدورنا من الشكوك المكدِّرة للإيمان، والوساوس المفسدة للجَنان، والمبعّدة عن الرّحمن، وبلِّغ إيماننا أكمل الإيمان، وارزقنا أفضل اليقين، وانتهِ بنيّاتنا إلى أحسن النّيّات، والطف بنا في كل الأمور يا رحمن يا رحيم، يا أجود الأجودين، ويا أكرم الأكرمين.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ (4) وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6) }
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي لا يَبلغ حمدَه حامد، ولا يفي بشكره شاكر، ولا تُحصى نعمه، ولا تُعدُّ آلاؤه، ولا تُنال جنّتُه إلا برحمته، ولا يُردُّ غضبُه إلا باللجأ إليه، ولا مفرَّ من عدله إلا إلى عفوه ومغفرته وجميل إحسانه.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وزادهم تحية وبركة وسلاماً.
عباد الله علينا بتقوى الله، والورعِ بتجنّب محارمه، والابتعادِ عن معاصيه في الملأ والخلأ. وقد جاء عن الرسول (صلى الله عليه وآله):”من لم يكن له ورع يردّه عن معصية الله تعالى إذا خلا بها لم يعبأ الله بسائر عمله، فذلك – أي الورع – مخافة الله في السّرّ والعلانية، والاقتصاد في الفقر والغنى، والعدل عند الرّضا والسّخط”(12).
ويُختبر خوفُ العبد من ربّه جلّ وعلا بالتّنزّه عن المعصية وهو بعيد عن أعين الناس مع القدرة. والممتنع عن المعصية في الملأ، المرتكب لها في الخلأ قد عظُم في عينه المخلوق، وصغر الخالق، وذلك من عمى القلب، وغياب البصيرة، وهو خسرانٌ مبين.
اللهم اغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
اللهم اجعل عظمتك حاضرةً في نفوسنا، وهيبتك آخذةً بمجامع قلوبنا، وطاعتك غير مفارقة لنا، ومعصيتك بعيدة عنا يا أكرم الأكرمين، ويا أرحم الراحمين.
اللهم صل وسلم وزد وبارك على حبيبك المصطفى محمد بن عبدالله خاتم النبيين والمرسلين، وعلى عليٍّ أمير المؤمنين وإمام المتّقين، وعلى فاطمةَ الزهراء الصّدّيقة الطاهرة المعصومة.
وعلى الأئمة الهادين المعصومين: الحسن بن علي الزكي، والحسين بن علي الشهيد، وعلي بن الحسين زين العابدين، ومحمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق، وموسى بن جعفر الكاظم، وعلي بن موسى الرضا، ومحمد بن علي الجواد، وعلي بن محمد الهادي، والحسن بن علي العسكري، ومحمد بن الحسن المهدي المنتظر القائم.
اللهم صل وسلم على محمد وآل محمد، وعجّل فرج وليّ أمرك القائم المنتظر، وحُفَّه بملائكتك المقرَّبين، وأيِّده بروح القدس يا رب العالمين.
عبدك وابن عبديك، الموالي له، الممهد لدولته، والفقهاء العدول، والعلماء الصلحاء، والمجاهدين الغيارى، والمؤمنين والمؤمنات أجمعين وفّقهم لمراضيك، وسدِّد خطاهم على طريقك.
أما بعد فإلى موضوعين:
الأول: بئس الأخوّة ياعرب:-
جاء قبل ما يقارب من أسبوعين في الصحافة المحلية خبر مفجع قاتل لا تحتمله غيرة الإنسان المؤمن، وهو أن مئات من الفتيات والنساء العربيات من بلد عربي واحد فقط في البحرين وحدها للدعارة.
صدر التصريح من مستوى مسؤول من ذلك البلد الذي يتمتع بمستوى متقدم في حقوق المرأة على الطريقة الغربية، ويُتّخذ مثلاً يُحتذى به في النداءات المحلّيَّة المطالبة بقانون للأحوال الشخصية ينصف المرأة على خلاف ما عليه وضعُها في مساحة هذه الأحوال في فقه الشريعة الإسلامية كما يزعمون.
فبئس الأخوّة ياعرب:-
أن تُصدّر بلد عربي واحد هذا العدد من شريفات أو نفايات النساء لهذا الغرض تساهلاً أو قصداً لبلد عربي شقيق إسهاماً في إفساده وتدهوره الخلقي وإسقاطه، وانتشار الرذيلة في أوساطه.
وبئس الأخوّة ياعرب:-
أن يتصدّى بلد عربي كالبحرين لاستقدام الأخوات العربيات والمسلمات من أكثر من بلدٍ شقيق عربي ومسلم بأعداد كبيرة بالاتفاق الصريح أو التحايل والتغرير ليكُنَّ مقضى الشهوة الحرام، والعبث الجنسي الفاحش، والمتاجرة بالأعراض العربية والمسلمة، والكسب بالفروج التي حرَّم الله، والاستغلال البشع للإنسان على مستوى استغلال الحيوان وبصورة أفظع.
إنه سحق للشرف والكرامة الإسلامية والعربية، كلّ ذلك من أجل ازدهار السياحة، ونموّ التجارة، وإشباع النهم الحيواني، ولتتعاظم الثروة المتعاظمة أصلاً بيد الطبقة المترفة.
الخبر الرسمي من ذلك البلد العربي يقول بأن المعاملات الرسمية البحرينية في ذلك البلد تُسهَّل كثيراً لنزول بضاعة رقيق الجنس العربي والمسلم في البحرين بتدفّق وانسيابية تامَّة.
هذا ما نُشر ولا أعرف صدور ردٍّ عليه من الجهة المسؤولة التي لا تتغاضى عادة عن الرد على ما لا تريد الاعتراف به.
وبئس الأخوّة ياعرب:-
أن تنحدر أفواج من طالبي الهوى والجنس الحرام والفحشاء كلَّ ليلة جمعة من بلدان الجوار العربي لهذا البلد الكريم لإحياء السّياحة الساقطة، وإعمار فنادقها الفخمة النَّجسة، وملأ جيوب المترفين، وتدنيس سمعة هذا البلد الكريم الشريف، ومحاربة إسلامه، وهدم خلقه، ونسف قيمه.
ولك أن تسأل: أين المنظَّمات النسائية المتباكية على حقوق وكرامة المرأة وشرفها، والمطالِبة بقانون منقذٍ لها تشارك فيه كل أطياف المجتمع لتعلم شريعة الله العدل والرحمة والحكمة في تشريع أحكام الأسرة، ولتنقذ المرأة من قصور الشريعة وقسوتها وظلمها كما يفترون؟!
ولماذا تشفق هذه المنظمات على المرأة من أبيها وأخيها وزوجها، وتطلق صرخاتها عالية في هذا الجانب، وتلوذ بالصمت المخزي أمام استغلال المرأة أبشع استغلال والمتاجرة بعِرضها وشرفها لمصلحة الجيوب المليئة، والأرصدة المتضخمة والشهوات الحيوانية المتسعِّرة؟!
لماذا لا توضع الميزانيات الضخمة، ولا تُنظَّم حملات التوعية الواسعة المستمرة، ولا تُكثَّف المؤتمرات والندوات والكتابات حول هذه الممارسات القذرة في حقِّ المرأة، ويكون كل ذلك وبأقصى درجة ممكنة، وباسم حقوق المرأة في مسألة قانون الأحوال الشخصية الذي يُراد له جدّاً أن ينأى بوضعنا عن الشريعة ويُيمّم بنا شطر الغرب الذي يُستغل فيه جسد المرأة أقبح استغلال، ويُتاجر به على المكشوف؟!
ثم بئس الأخوّة ياعرب:-
أن تُغلق مكاتب مقاطعة البضائع الإسرائيلية في وقت يشتدُّ فيه القصف الإسرائيلي والقتل والاختطاف وتدمير البنية التحتية، وخلخلة قدرات الحكومة الفلسطينية، ومحاولات شلّ عملها وإسقاطها، وانتهاك الأرض الإسلامية في فلسطين من قبل الصهيونية المتغطرسة.
تقارب مع الصهاينة ومحابّة وموادّة وفتح أسواق أمام السلع الإسرائيلية في وقت يُقتل الأخوة ويُحرقون وتُدكّ الديار الإسلامية ليلاً ونهاراً، وتشق حياة المسلمين هناك بلا ماء ولا كهرباء بفعل العدوان الهمجي الذي تشنُّه إسرائيل.
وبئس الأخوّة ياعرب:
أن تُبعثر هذه الأخوّة الوحدة الوطنية في العراق، وتُلغي نفسها والأخوة الإسلامية هناك، وتزرع الفتن، وتُغذّي الإرهاب، وتُشجّع على الفتك بالأبرياء؛ من شيوخ ونساء ورُضّعٍ ومصلّين ومتهجّدين، وتنشر الدمار والرعب والهلع في صفوف الآمنين المسالمين، ومن مناشئ هذا الدور الهدّام إرادة الاحتماء من ديموقراطية قد تقوم هناك على قدمٍ وتترسّخ.
ثانياً: قانون الإرهاب:
1. الإرهاب الظالم مرفوض عقلاً وعقلائياً ودينياً من أي مصدر وتحت أي عنوان كان.
2. والقانون الذي يُمرّر في المجلس النيابي باسم قانون مكافحة الإرهاب يُمثل تقنيناً للإرهاب وإعطاءً للشرعية له وهو من أقبح الإرهاب. وفي القانون مواد تُلاحق أمن المواطن، وتُشرِّع لإرهابه وإنزال أقصى العقوبات الظالمة به.
إنها تحتاط لأمن الدولة بدماء النَّاس، يسجنهم، بإرعابهم، بملاحقتهم، وأمن للدولة لا يمكن أن يتمّ في مثل هذه الأجواء.
3. وويل لنائب يساهم في تمرير هذه المواد بالتصويت لها أو الكلمة المناصرة، أو الصمت عن النطق بالحق، وترك المعارضة.. ويل له من يوم حساب شديد بين يدي الله العزيز الجبّار… ويلٌ له من مسؤولية كل قطرة دم تُطلّ، من مسؤولية كلّ أنّة سجين، من مسؤولية كلّ مرارة طفل يتيم، منمسؤولية كلّ امرأة تُرمّل، كلّ أسرة تهدَّم مما تتسبب فيه من غير حق مواد ظالمة في القانون المسمّى بقانون مكافحة الإرهاب.
4. يُسأل: أي مشروع قانون تقدَّمت به الحكومة إلى المجلس النيابي فرجعت خائبة أو احتاجت إلى مجلس الشورى لتمريره؟! لا تجد مشروع قانون أمّلت الحكومة في المجلس النيابي أن يتآمر معها على الشعب بالنسبة لهذا القانون قد خاب أملها فيه، ولا تجد أن الحكومة احتاجت إلى أن تستعين بمجلس الشورى في أي قانون تريد تمريره.
هذا والنواب نواب للشعب فأعان الله الشعب على نوّابه الذين لا يقصر بعضهم ضراوة على الشعب من حكومته.
5. موقف مضى كان متعلّقاً بقانون أمن الدولة في المجلس الوطني في السبعينات، ذلك الموقف لو قارنت بينه وبين المجلس النيابي اليوم لرأيت فرقا شاسعاً. ما كانت الكتلة الدينية تشعر بأي تهديد فعليّ في ذلك الوقت من قانون أمن الدولة، فمن ناحية فعلية آنذاك كأن قانون أمن الدولة لم يكن يعني الكتلة الدينية بلحاظ نفسها بشيء، لأنها ما كانت تقود صراعا مع الحكومة، والعمل الإسلامي كان في بداياته. ولكن الكتلة الدينية كانت هي الأشد صلابة في الموقف من ذلك القانون، وكان موقفها هو الموقف الحاسم الذي منع ذلك القانون من أن يُمرّر باسم الشعب. وما كان وراء رجال الكتلة الدينية في المجلس وظائف تنتظرهم في الخارج، وما كانت الأمور ميسّرة لهم من ناحية مادية على الإطلاق، كان كذلك موقف السبعينات، واليوم يُمرّر قانون هو بمستوى قانون أمن الدولة وبيسر. يبدأ المجلس في مناقشاته لهذا القانون أو في استقبال هذا القانون بضجّة، ثم ينتهي إلى موافقة عليه ولا ندري ما وراء تلك الموافقة من وعود ومن إكراميات ومن منح وجوائز.
أما الذين يتصوّرون اليوم أن القانون المسمّى بقانون مكافحة الإرهاب إنما يعني غيرهم ربما عضّوا على إصبع الندم غدا وحيث لا ينفع الندم، ولا يُتدارك ما فات.
اللهم صل وسلم على حبيبك المصطفى محمد وآله الأخيار الأطهار، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين وتب علينا إنك أنت التوّاب الرحيم.
اللهم أصلح ما فسد من أمور المسلمين، واجمع كلمتنا على التقوى، وخذ بأيدينا إلى ما تحب وترضى، وأبدلنا عن الضعف قوة، وعن الهزيمة نصرا، وعن الذلّ عزّاً يا أقوى من كلِّ قوي، ويا أعز من كل عزيز.
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 – 21/ الإسراء.
2 – 64/ العنكبوت.
3 – 16/ ق.
4 – سورة الناس.
5 – وإذا كان شياطين الجنّ له مقعد للوسوسة عند قلب الإنسان، فإن الشياطين من الإنس لينفذون إلى قلبه من بعيد بالفعل والكلمة والإشارة ليخرجوا به عن صلاحه إلى فساد كبير.
6 – الخبيث: الشيطان، الخاطر الشيطاني.
7 – هذا هو الخاطر الشيطاني الذي جاءني وهو السؤال عمن خلق الله تبارك وتعالى.
8 – ميزان الحكمة ج10 ص449.
9 – وصفه السائل بأنه رجل عاقل.
10 – هذا الذي يوسوس في وضوئه وصلاته ويعيد الوضوء بعد الوضوء من غير هدى من حكم شرعي هذا يعبد الشيطان.
11 – ميزان الحكمة ج10 ص451.
12 – ميزان الحكمة ج10 ص428.