خطبة الجمعة (204) 10 جمادى الأولى 1426هـ – 17 يونيو 2005م

مواضيع الخطبة:


 الرزق +  جاء الصيف… جاء السفر + دورٌ غير مبرَّر + هدم وبناء + أراضي الوقف +الدستور والبحرين

 

 على الحكومة وهي حكومة مسلمة تتعامل مع شعب مسلم مؤمن يعتز بدينه وقيمه وإنسانيته، ويستمسك بأحكام الشريعة الحقة وأخلاقها الكريمة أن لاتذهب في سياسة الإعمار لبنايات الحجر والحديد والأسمنت على أنقاض القيم، وأشلاء الخلق، ولتمزيق الشرف وهدر الكرامة وهدم النفوس.

 

الخطبة الأولى

الحمدلله كثير الخيرات، منزل البركات، سامع الدعوات، كاشف الكربات، دافع البليَّات، غافر السيئات، مقيل العثرات، المنجي من الهلكات. إنه رؤوف رحيم، وهَّاب كريم، ليس مثله شيء وهو العلي العظيم.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم تسليما كثيراً كثيراً.
علينا عباد الله بتقوى الله الذي لاتضيع عنده طاعة المطيعين، ولاتفوته معصية العاصين، ولايخيب عنده المحسنون، ولايهرب منه المسيئون. وإيَّانا والحطَّ من قيمة النفس، وبيعها بثمن بخس. وما ظلم أحدٌ نفسه، وما احتقرها وأهانها كما يفعلُ من يعدل بالله أحداً، ويبتغي من دونه ملتحداً. ومارفع النفس إلى أعلى أفق من الكمال يمكن لها كما يفعل الإيمان بالله، والاستقامة على طاعته، فطوبى للمطيعين، وويل للمذنبين.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الكريم. اللهم أعذنا وإيَّاهم من أن يستزلنا الشيطان الرجيم، وتخدعنا النفس الأمارة بالسوء، فيحق علينا عذابك الأليم، وسخطُك الذي لايطاق. اللهم ارحم ضعفنا وتولّ بلطفك أمرنا، وارزقنا الهدى والعفاف والغنى، وألزمنا التي هي أقوم وأرضى.
أما بعد أيها المؤمنون والمؤمنات الكرام فنذكر من عناوين من موضوع الرزق:
تفاوتٌ في عدل:
{إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ…}(1)، وهناك بسطٌ عام للرزق وقبض عام قد يعَّرضان على المجتمع الواحد. فمرة يعيش المجتمع حالة البسط في الرزق، ومرة يعيش حالة القبض، كما أن هناك بسطاً بالنسبة إلى أفراد، وقبضا بالنسبة إلى أفراد آخرين، ولايعني القبض بالضرورة التضييق إلى حد الإقتار الشديد، إنما المسألة مسألة تفاوت في الرزق، ولكلٍّ كتب الله تبارك وتعالى الرزق الذي يقوم به.
فلاينصرف من معنى التقدير، ومعنى القبض أن كتب الله على بعض الناس في أصل الرزق أن تضيق بهم الحياة، ولايتّسع رزقهم لما تتطلّبه حياتهم من ضرورات وحاجات قريبة من الضرورة.
{وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ…}(2)وفي الآية الأخرى {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ…}(3) ونقرأ عن الإمام علي عليه السلام “فإن الأمر ينزل من السماء إلى الأرض كقطرات المطر إلى كل نفس بما قُسِم لها من زيادة أو نقصان، فإن رأى أحدكم لأخيه غفيرة في أهل أو مال أو نفس فلا تكونن له فتنة”.
فهناك تفاوتٌ في الرزق في أصل التقدير الإلهي، فمن الناس غنيّ، ومن الناس فقير. حتّى لو كان عدل، وحتّى لو كان حكم بالحق، لكنّ تفاوت في الشريعة الإلهية لايصل بالغني إلى حدّ التعملق الذي يضرّ به، ولايصل بالفقير إلى التواضع الذي يفرض عليه الضعة، وضيق الحال، وشدّته.
يقول أحد المفكرين الإسلاميين بأن الفرق بين الاقتصاد الإسلامي والاقتصادي الرأسمالي هو أن الاقتصاد الإسلامي فيه تفاوتات ولكنه من تفاوت التلال المتقاربة. هناك تلالٌ تتفاوت، ولكن تفاوتها في تقارب، أما الاقتصاد الرأسمالي فتفاوتاته تفاوتات شاسعة ففيه الجبال الشاهقة، والقمم الاقتصادية العالية، وفيه الوديان السحيقة.
الحالة الأولى حالة طبيعية، يفرضها تفاوت القوى، وتفاوت المواهب والنشاط الشخصي للأفراد والجماعات، فليس من يبذل الجهد الكبير كمن يبذل الجهد الضئيل، أو لايبذل أي جهد، ولايُساوى كسول بجاد، ولايمكن أن ينتج الغبي كما ينُتج الذكي. لكن مع تفاوت الإنتاج بحسب تفاوت القوى يأتي التشريع ليُقيم نظاما اقتصاديا يقضي عل الفاقة، ولاتتحول معه الحياة إلى حياة شاقة في حق فئة من فئات المجتمع، ولايعطي فرصة لفئة أخرى أن تتعملق التعملق الطاغوتي. ولاتعملق في المال إلا على حساب فئة محرومة. لايمكن أن تتعملق فئة اجتماعية تعملقا اقتصاديا كبيرا إلا من سرقة، من نهب، من نظام اقتصادي جائر، من عدم إخراج الحقوق، من مصادرة الثروات في صورتها الطبيعية، وفي حال الإنتاج.
أما إذا عمّ العدل، وكانت القسمة قسمة إلهية في المال فإن جدّ الجاد مقدّر له، وتقدير جدِّه لابد أن يعطيه امتيازا فيما أنتجه عما عليه حال الخامل الكسول الذي لايستجيب للتشريع الذي يناديه ببذل الجهد في العملية الإنتاجية العامة.كما لا يبقى فقير مسحوق لأنه لا يقوى على العمل أو لا يجده، أولا يكفيه ما يتيسر له عن طريقه.
نقرأ {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ…}(4) وراء تقدير المال إلى الحد الذي أراده الله تبارك وتعالى وعدم انبساط الثروة العامة إلى الحد الكبير الواسع حكمة إلهية لأن بسط الرزق بشكل مفتوح يخلق لنا نفسيات منهارة، يغير نفسية هذا الإنسان. هذا الإنسان يعيش محدودية جسمية، ومحدودية عقلية، ومحدودية نفسية. المحدودية الجسمية تفرض عليه تحمّل ثقل خاص، والمحدودية العقلية تصل به إلى خطّ يقف عنده تفكيره، والمحدودية النفسية تجعله يتحمل قدرا من الغنى، يتحمل قدرا من الجمال، يتحمل قدرا من الجاه، وحين يتجاوز الإنسان القدر الذي يتحمّله يعيش حالة الانهيار، ويعيش حالة السقوط، وحالة الانهزام.
يمكن لنا أن نصبر على درجة من الجمال، ودرجة فوق تلك الدرجة يمكن أن تسبب لنا سقوط تاما. في بعض الكلمات ما معنا لو أن حورية من الحور العين أطلّت على الدنيا بوجهها لتحوّلت أجمل فتاة في العالم بالقياس إلى تلك الحورية إلى عجوز شمطاء. وكم هم الذين يصمدون أمام فتنة الجمال، ويصمدون أمام أجمل فتاة في العالم حتى يمكن لهم الصمود أمام تلك الحورية التي قد يصعق لجمالها خلق كثير من الناس؟!
تجدون كثيرا من الناس يعيشون حالة التوازن، وحالة الاعتدال، ويستطيعون أن يمسكوا أنفسهم حتى إذا تجاوز بهم المال حدا معينا، وصار لهم رقم أعلى من المال، خسروا دينهم، خسروا شرفهم، خسروا موقعهم الاجتماعي لأنهم لايملكون أن يتحملوا ذلك الحجم من الثروة.
الناس كل الناس بما هم على عقل محدود، وعلى نفسية محدودة لهم قدرة من التحمل في كل حيثيات حياتهم، نحن نتحمل قدرا من العبادة، ونتحمل قدرا من الصبر، ونتحمل قدرا من المقاومة، هي من حجم مستوانا العقلي، من حجم مستوانا النفسي، من حجم خبرتنا، من حجم تجربتنا، من بعد ذلك لانستطيع أن نقف أمام العاصفة كانت عاصفة فقر، أو كانت عاصفة غنى، أو كانت عاصفة قوة وصحة دفّاقة، أو كانت عاصفة مرض. في الكلمة عنهم عليه السلام ما مضمونه أن من الناس من لايصلحهم إلا الغنى، ومنهم من لايصلحه إلا الفقر، ومنهم من لاتصلحه إلا الصحة، ومنهم من لايصلحه إلا المرض، فوراء تفاوت الأحوال وتفاوت المستويات حكمة إلهية، وتدبير إلهي لايُخطئ.
“وقدر الأرزاق فكثّرها وقلّلها، قسّمها على الضيق والسّعة، فعدل فيها، ليبتلي من أراد بميسورها ومعسورها، وليختبر بذلك الشكر والصبر من غنيّها وفقيرها”.
نظام الحياة لايقوم إلا على أن يُسخّر هذا لذاك، ويسخّر ذاك لهذا، الذكي ذكاؤه ليس له وحده، والقوي قوته ليست له وحده، القوي عضلياً يعمل ويكد ليصل من جهده إلى المفكّر، والمفكّر يضع النظرية ويصل للاكتشاف، ويوفق للاختراع ليصل من خير تفكيره، ومن أثر تفكيره إلى من لايستطيع هذا المستوى من التفكير.
فضلا عن خدمة الإنسان للإنسان وتسخير الإنسان للإنسان قد تمتد فكرة التسخير المتبادل، والتسخير المشترك إلى سائر الأجناس والأنواع في علاقتها مع الإنسان. فالنملة قد تقوم بدور إيجابي بالنسبة للإنسان، والإنسان المفكر، والإنسان العامل يقوم بدور إيجابي بالنسبة للنملة، الحشرات التي تعيش في بيوتنا، والطير الذي يعيش معنا، والحيوانات التي تقوم عليها حياتنا كما تُقدّم لنا خدمة نقدم لها خدمة، أما الإنسان فلا تقوم حياته إلا على التكامل بين مراده وعلى تبادل نتائج الجهد وثمرات الكسب والكد، وهكذا هو نظام الحياة كما أراد الله سبحانه وتعالى.
فنظام الحياة يتطلب تفاوتا في الرزق، ولولا التفاوت في الرزق والتفاوت في المواهب والقدرات لما كان هناك تعاون، ولما كان هناك تكامل، ولأصرّ كل واحد من بني الإنسان على أن يكون له الموقع الأول في القيادة والريادة.
الشيء الآخر من وراء التفاوت في الرزق هو الابتلاء والامتحان، فالغني مبتلىً بغناه، والفقير مبتلى من خلال فقره. يُمتحن الغني بما في يده، وهل يمسك نفسه أمام غناه، وقد أغناه الله تبارك وتعالى في القسمة العادلة إلى الحد الذي لايتجاوز تحمّله، ويمتحن الفقير بما يفقد وقد أفقره الله نسبيّاً في تكوينه العادل، وتشريعه الحقّ إلى الحدّ الذي لا يتجاوز تصبرّه. هناك درجة من التصبّر عند الفقير والغني، وقد قسّم الله عز وجل الأرزاق بما لايحدث تفاوتها انهيارا للغني، ولاانهياراً لنفسية الفقير، وإذا كان هناك تجاوز عن الحد المعقول في هذا التفاوت فهو من ظلم الإنسان للإنسان، على أنه كلما زاد ابتلاء عبد كلما عظم أجره، وكلما ارتفع مقامه عند الله تبارك وتعالى عندما يصبر على البلاء، وينجح في الامتحان.
وأذكّر دائما بأن رزق الله تبارك وتعالى قد يكون مشروطا بالجهد، مشروطا بالعمل، فمن كسل وتخلّف عن العمل فقد فوّت عليه رزقه المكتوب المشروط، وقد يكون من الشرط أن يسعى المجتمع لاستنقاذ حقوقه المغصوبة، ولقمته المسروقة التي كانت له فصارت عند الأغنياء لظلم من الأغنياء الذين لايراعون حكم الله.
لك رزق، وقد يكون هذا الرزق في يد غني ظالم، في يد نظام طاغ، وعليك أن تبذل الجهد، وتسعى في المطالبة، وتقاوم من أجل أن يصل إليك رزقك. كما تسعى برجلك صباحا إلى عملك الخاص طلبا لرزقك، قد يكون عليك أن تسعى بقدمك في مطالبة، في مقاومة للطبقية الفاحشة التي قد يفرضها نظام اقتصادي ظالم.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت التواب الوهاب.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4) كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7) ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8) }


الخطبة الثانية

الحمدلله الذي لايخيب آمله، ولاتضيع ودائعه، ولايشقى عابده، ولايضلُّ طالبه. هو الله أحقُّ من عُبِد ولا عبادة لشيء سواه، وأكرم من سُئِل، وقد خاب من سأل من عداه، وأعظم من قصد، ولا مقصود غيره، وأجود من أعطى والجود الحق الأصل له. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم تسليما كثيراً كثيراً.
أوصيكم عباد الله ونفسي الخطَّاءة بتقوى الله، والانصراف عن اللهو واللغو وما تضيع به الحياة، وتتفه النفس، ويسقط القَدْر، وتتّضعُ القيمة، وما تخاف منه العقوبة من الله، والموقفُ الشديد المخزي بين يديه. وإن الخطى للأجل لواسعة، والفسحة ليست ممتدة ولا كبيرة، والمدة متصرّمة، والأيام راكضة، والمطّلع مهول، والبرزخ طويل، والحساب عسير، والمنقلب خطير، فرحمةً بالنفس وإشفاقاً، وإنقاذاً لها وإخلاصاً.
اللهم اغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم. واشغلنا جميعاً بما يرضيك عما لايرضيك، واصرفنا إلى ما ينجينا عما يهلكنا، وأقبل بنا على ما جزاؤه عندك النعيم عما عقوبته في قضائك العادل الجحيم.
اللهم صل وسلم وزد وبارك على حبيبك المصطفى محمد بن عبدالله خاتم النبيين والمرسلين، وعلى علي أمير المؤمنين وإمام المتقين، وعلى فاطمة الزهراء الصدّيقة المعصومة.
وعلى الأئمة الهادين المعصومين الحسن بن علي الزكي، والحسين بن علي الشهيد، وعلي بن الحسين زين العابدين، ومحمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق، وموسى بن جعفر الكاظم، وعلي بن موسى الرضا، ومحمد بن علي الجواد، وعلي بن محمد الهادي، والحسن بن علي العسكري، ومحمد بن الحسن القائم المنتظر المهدي.
اللهم عجل فرج ولي أمرنا القائم المنتظر، وحفه بملائكتك المقربين، وأيده بروح القدس يارب العالمين، وانصره نصراً عزيزا، وافتح له فتحاً مبيناً.
عبدك الموالي له، الممهد لدولته، والفقهاء العدول، والعلماء الصلحاء، والمجاهدين الغيارى وفقهم لمراضيك، وسدد خطاهم على طريقك، وافعل ذلك كله بسائر المؤمنين والمؤمنات.
أما بعد أيها الأعزاء من المؤمنين والمؤمنات فإلى المحاور التالية:
جاء الصيف… جاء السفر:
خطاب لك أيها الأخ المؤمن… لكِ أيتها الأخت المؤمنة:
سافرا لراحة بدن.. لراحة نفس.. لتجديد نشاط.. لمعلومات جديدة مفيدة.. للتعرّف على أحوال الشعوب.. لتجارة حلال.. لزيارة أقرباء.. لزيارة مؤمنين أو مؤمنات.
سافرا لعلم.. لنموّ روح.. لطهارة قلب.. لزكاة نفس.. لاقتباس نور.. لاستلهام فضيلة.. لتقويم خلق.. لسموّ ذات.
سافرا لمهمة رسالية.. خدمة اجتماعية.. تفرّغ لبحث علمي.. تزود بخبرات نافعة.
سافرا أداءً لواجب.. استجابة لمستحب.. تمتُّعاً بحلال..
ولاتسافرا لبيع دين.. هدم شرف.. تنازل عن كرامة.. ركضاً وراء الحرام.. تلبية للشيطان.. من أجل خسارة سمعة، وصحة، وتأهل للخير.
إن أحداً لايعلم وهو يسافر ليُفسد أيعود أو لايعود. وما أشقى من مات في سفره وهو على نية الفساد والإفساد!
أيخرج أحدنا من بيته، أتخرج إحدى المؤمنات من بيتها لتسافر في معصية الله؟ على أن وعدا من الله عز وجل لهما بالعودة؟ لايوجد.
أجمعٌ للمال طوال العام من أجل هدم نفسكَ نفس زوجك، نفس ولدك، نفس بنتك؟ أهكذا يُعمل بالرزق إن كان من حلال؟ أو هكذا يجمع الإنسان بين الرزق من غير حلٍّ، وبين إنفاقه في الحرام؟ أهكذا يُبذل العمر من أجل النار؟
وما أقبح بالعبد من عبيد الله والأمة من إمائه أن يكون سفرهما عند الناس لعمرة أو زيارة، والله يعلم منهما أن تجارتهما مع الشيطان، وأن ما يقصدان إليه هو معصيته.
وما أشنعها جريمة أن يكون سفر المؤمن، سفر المؤمنة ترويجاً للفساد والمنكرات بعنوان العمرة والزيارة وفي بيوت أذن الله أن تُرفع ويذكر فيها اسمه!!
حذارِ من الدخول في هذه الحرب المضادرة لله وللرسول وللمؤمنين.
دورٌ غير مبرَّر:
1. الحكومة وأي حكومة أخرى شديدة الحساسية من أي دور سياسي محلي لأي دولة أو مؤسسة أجنبية. وهذا مفهوم ومقبول عند السياسة والسياسيين من كل الحكومات والشعوب.
ونسأل ماهو الاستثناء الذي تمثله حالة NDI ومبرراته؟ وهو تابع لأي سياسة؟ وماذا يعني دوره تماماً وإلى أي شيء يهدف؟ أهو محتضن مطلوب أم مفروض مرفوض؟ صديق مرحب به أم ضيف ثقيل يُتمنّى رحيله؟
حسناً لو أجابت السياسة بوضوح ومن غير لفّ ودوران على هذه التساؤلات. ورأينا أن NDI يقوم بأكثر من تسويق للخارج، لا على المستوى السياسي فحسب، وأنه لايصح الاستقواء به مطلقاً سواء كان فيما ظاهره أنه للحكومة أو للشعب، وعليها أو عليه.
وما ينفي الشعارات التي يطلقها المعهد المذكور، ويسقط دوره الدعائي الذي قد ترى الحكومة في السكوت عليه مصلحة لها، أو دفع ضرر عنها هو حركة إصلاح جدّية، وعدم تجميد المطالب الشعبية.
ضرورة الإصلاح الداخلي :
فلنسرع بالإصلاح من الداخل حتّى لايتسلل الخارج المعادي بذريعة الإصلاح.
إنه لايتسلل لإضرار الحكومات فقط، وإنما إضراره للشعوب بدرجة أكبر، إنه غازٍ حضاري، إنه عدو دين، إنه عدو مصالح دنيوية، ومصالح أخروية لشعوب هذه الأمة المسلمة المؤمنة.
هدم وبناء:
على الحكومة وهي حكومة مسلمة تتعامل مع شعب مسلم مؤمن يعتز بدينه وقيمه وإنسانيته، ويستمسك بأحكام الشريعة الحقة وأخلاقها الكريمة أن لاتذهب في سياسة الإعمار لبنايات الحجر والحديد والأسمنت على أنقاض القيم، وأشلاء الخلق، ولتمزيق الشرف وهدر الكرامة وهدم النفوس.
وعلى تقدير أن ترضى الحكومة بذلك، أو تتساهل فيه فعلى الشعب أن يقول كلمته، لأن الحاضر حاضره، والمستقبل مستقبله، ولأن المصير خطير.
أراضي الوقف:
إذا كانت أراضي الوقف غير المسجلة في السجل العقاري في النبيه صالح وحدها مائة وسبع قطع فكم نتصور مجموع القطع من هذا النوع في البحرين كلها ومنها الضائع ومنها ماهو في معرض الضياع؟!
لابد أن ترتفع كل الأصوات بالمطالبة بتسجيلها حفاظاً لها عن الضياع.
ودائرة الأوقاف تتحمل مسؤولية خاصة في هذا المجال، ولو قصّرت لم يصح لبقية المؤمنين أن يشاركوها التقصير.
الدستور والبحرين:
قُلتَ البحرين أولاً، أو قلتَ الدستور أولاً، أو قلتَ من أجلك يابحرين فأنت صادق محق إذا كنت تريد أن إنسان البحرين أولاً؛ معيشته، كرامته، حريته الإنسانية الراقية، أمنه، دينه. ولن يكون خير ولا أمن ولا رخاء عامٌّ ولاحياة كريمة ولاعدل ولا إنصاف ولا محبة حين لايكون دين ولاتترسخ قيمه وتُحترم أحكامه.
ولن يكون للبحرين وزن كبير، ولاحاضر مجيد، ولامستقبل واعد بلا دستور عادل منصف يأخذ بالعلم والدين، وبالوزن الحق للدنيا والآخرة.
فشعار البحرين أولاً، ومن أجلك يابحرين يلتقيان تماماً بشعار الدستور أولاً، على أن يكون دستوراً يحتضن العلم والدين ويحترم الإنسان، ويعتمد العدل والإنصاف.
والتعديلات الدستورية المطروحة إنما هي مرحلة من المراحل التي ينبغي للدستور أن يتطور على طريقها.
ولايكون شعار من أجلك يابحرين، والبحرين أولاً جدّياً وذا مضمون واقعي حق من غير ذلك الدستور المتطور على الخطّ الصحيح.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم. اللهم نقّ قلوبنا من الشرك، وأخلص طاعتنا لك، واجعل توكّلنا عليك، وارفع همتنا إليك، وصيّرنا إلى رضوانك، وارزقنا لذيذ مناجاتك، وأسكنا فسيح جناتك ياكريم يارؤوف يارحيم.
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 – 30/ الإسراء.
2 – 82/ القصص.
3 – 36/ سبأ.
4 – 27/ الشورى.

 

زر الذهاب إلى الأعلى