خطبة الجمعة (181) 25 ذو القعدة 1425هـ – 7 يناير 2005م

مواضيع الخطبة:


 العقل والعاقل + لاتشجعوا الجريمة + المجلس النيابي للنيابيين + ما هو البديل؟ + أيام جاهلية

* وعلى الرساليين أن يبقوا أعياد الإسلام إسلامية نظيفة طاهرة مربّية كما يريدها الله.

*الربت على أكتاف السّرّاق والمختلسين يعني مؤشرا أخضر لاستمرار الاستنزاف الحرام لما هو قوام وقيام للناس – أعنى المال-.


الخطبة الأولى

الحمدلله. نحمده، ونستغفره، ونستهديه، ونؤمن به، ونتوكَّل عليه. لامرجع سواه، ولا ناصر من دونه، وهو الوليّ الحميد.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم تسليما كثيرا كثيرا.
أوصيكم عباد الله ونفسي الأمّارة بالسوء بتقوى الله؛ فهي سبيل النجاة، ومعراج الفلاح، وقد خاب من لا تقوى له، وما نجاحه إلا سقوط، وما ربحه إلا خسارة. فإنّما الأمور بعواقبها، وكل أمر بلا تقوى عاقبته سوء. فلنتق الله وإلا فهو السوء والشر والخيبة لاغير.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين. اللهم افعل بنا ما أنت أهله، ولا تفعل بنا ما نحن أهله ،يا أهل المغفرة والمنّ والإحسان والجميل.
أما بعد أيها المؤمنون والمؤمنات الكرام ،فمع بعض الروايات عن المعصومين (عليهم السلام) التي تتحدث عن العقل والعاقل، والعقل عقلان:
عقل ندرك به ما هو الواقع، وعقل ندرك به ما ينبغي أن يكون عليه الواقع. والعقل المعني في الكثير من الأحاديث هو عقل الحكمة، وعقل الموقف الصائب، وماينبغي أن يُفعل، وما ينبغي أن لا يُفعل.
1. “قدم المدينة رجل نصراني من أهل نجران وكان فيه بيان، وله وقار وهيبة، فقيل: يارسول الله ما أعقل هذا النصراني! فزجر القائل، وقال: مه، إن العاقل من وحَّد الله، وعمل بطاعته”(1).
البيان لا يعني مجرّد حسن الأداء، قد يكون البيان وراءه حكمة، وراءه فهم، معه علم، وكان هذا أو ما يشبهه لذلك الرجل النصراني. ووراء الوقار والهيبة عقل، وتفكير، وكان من ذلك شيء في ذلك النصراني.
ربما كان الرجل على قدر ملحوظ من العلم والبصيرة بالأمور، والإسلام لا يعادي الحق، ولا ينتقص منه أين كان، لكن نجد هنا أن شخصا من المسلمين يطرح إعجابه بذلك النصراني، ويُثني عليه بقوله: “ما أعقل هذا النصراني” في تعجّب، وفي استعظام، لكن الرسول صلى الله عليه وآله يزجر القائل “فزجر القائل، وقال مه، إن العاقل من وحّدَ الله وعمل بطاعته”.
من أجل أن يشرك أحد لابد من أن يأخذ المطلق محدوداًً، أو المحدود مطلقاً، وأن ينزل بالخالق إلى مرتبة المخلوق، أو يرتفع بالمخلوق إلى منزلة الخالق وإلا لم يكن الإثنان شريكين. وكل ذلك زورٌ وجنون، وفقدان للحكمة والبصيرة، ودخول في الوهم والخيال، وهو جنون قد تعلق بأعظم أمر، وأهم شأن؛ ذلك لأن التوحيد قضية إذا تعلق بها الخطأ سرى إلى كل المساحات والمستويات، وأصاب الحياة كلها بالتشويه، وأفقد المسيرة البشرية بكاملها صوابيتها، وتحوّلت كل النعم بيد الإنسان إلى نقم؛ ذلك لأن الحساب أكثر ما ينبغي أن يتجه إليه هو الغاية، وكل الخير ليس بخير إذا كانت عاقبته النار، وكل الشر ليس بشر إذا كانت عاقبته الجنة.
ضلال الغاية لا يغني عنه هداية المقدّمات، فمن توفرت بيده كل مقدمات النجاح إلا أنّه ضلّ الغاية، وركب مركب المقدمات إلى سوء فقد خسر.
والعقل في كل الأمور الثانوية الصغيرة لايعد شيئاً في قبال الجهل والسفه في أمر التوحيد، بل لاينتهي الأمر إلى العقل في القضايا الأخرى بعد الجهل في هذه المسألة.
حينما نجهل مسألة التوحيد، وتختلّ رؤيتنا المتعلقة بها لاننتهي إلى علم، ولا هدى، ولا نور.
ماذا تقولون في الرجل يُبدع في الطب؟ في الهندسة، في الاجتماع، في النفس، في أي علم من العلوم، تكون له الوفرة من الاكتشافات والاختراعات لكنه – وبعد ذلك كلّهِ- ينحني خاضعا لبقرة، يتوسّل لخشبة اشتراها من السوق؟! هو بكل علمه وخبرته وأحاسيسه يقف صاغرا أمام شيء من هذه الأشياء، فكيف يريد أحد أن نسمّي مثل هذا الشخص عاقلا؟!
والعاقل من عقل الحقيقة، وكان له الموقف المناسب منها. وهذا امرؤٌ ضلّ في رؤيته الحق، وأن يتعامل مع الله سبحانه وتعالى كما هو أهله.كبّر الصغير وألّهه، ونسي الكبير وأنكره.
فردٌ ، فئة ، شعب ، أمة ، حضارة لها التقدم العلمي، والسبق الصناعي والزراعي، وتعمى عن أكبر حقيقة، وتخطئ في أهم أمر، وفي أكبر قضية تأثيرا على الحياة والوجود لاتكون عاقلة، ولا يصح أن تقدم نموذجا للعقلاء.
ماذا أراد المثني على الرجل النصراني؟ أراد أن يقدّمه نموذجاً، أن يطرحه قدوة،أراد له أن يستقطب، أن يُتمحور حول شخصيته، وماذا أراد الرسول (ص) بزجره؟
بعد أن نعرف أنه من العدل أن ننصف الآخرين وإن كفروا وفسقوا، وأن نأخذ الحكمة من أي فم نطق بها، وأن لانبخس للناس أوزانهم، وأن نطلب كلمة العلم ولو كانت في الصين، إذن لماذا يزجر الرسول صلى الله عليه وآله ذلك المسلم وقد قرأ في النصراني حكمة، علما، هيبة، وقارا فنطق بذلك؟!
الدرس هنا هو أن نقدّم الآخرين بوزنهم، بما فيهم من إيجاب وسلب، فحين ننظر إلى الحضارة الغربية ننصفها، ونحكم عليها ولها بحق، نذكر ما لها ونذكر ما عليها، إما أن نتحدث عن الحضارة الغربية في إيجابياتها؛ لتنبهر عقول أجيالنا بها من غير أن يعرفوا سوءات تلك الحضارة فهذا ما لا يصح.
وهذا الكلام منسحب على حديثنا عن أي شخصية من الشخصيات المنحرفة، وحتى شخصياتنا غير المنحرفة، فإنه يجب أن نقدّمها للناس بوزنها، وأن لا نبخس أحدا حقّه، وأن لا نغرّر بالناس لحساب أحد.
فأنا حين أتحدث عن علم عالم، لابد أن لا أتحدث عنه بما هو شخصية تُطرح للقيادة إذا كانت مقوّمات القيادة الأخرى على شُحٍّ فيه، وإذا تحدّثت عن شخص فيما له من إحسان، وفيما له من نية طيبة فإنه لايصح أن أقدّمه للناس لأغريهم به من كل الحيثيات في حين أنّه يفتقد الخبرة.
2) قيل للصادق (عليه السلام): ما العقل؟ قال: ما عُبد به الرَّحمن، واكتُسب به الجنان؟ قلت: فالذي في معاوية؟ فقال: تلك النكراء، تلك الشيطنة، وهي شبيهة بالعقل، وليست بالعقل”(2).
العقل لا يخطئ في أكبر قضية، وفي أوضح قضية، العقل لا تتحول هداياته إلى ضلالات، ولا يأخذ بصاحبه على طريق ينتهي إلى الكارثة. وطريقُ الشرك، وطريق الفسق والفجور، وطريق الحضارة المادية، والفكر المادي طريق ينتهي بكل هذه الحياة إلى كارثة.
كان لمعاوية دهاء سياسي، وكان قادرا على أن يدير المسألة السياسية بكفاءة عالية بعيدة عن القيم من أجل كسب المعركة على حساب القيم، وعلى حساب إنسانية الإنسان، وعلى حساب اهتمامات الرسالة.
تراءى لسائل الإمام الصادق( عليه السلام) أن في معاوية عقلاً، كان جواب الإمام (عليه السلام) أن هذا ليس من العقل، العقل من الرحمن، ويقود للرحمن، ويدل على الرحمن، ويهتدي بهدى الرحمن. إذاً ما هذا؟ مسألة ذكاء وُضعت في غير موضعها.
القدرة على التحايل، القدرة على الاستغلال، والقدرة على الوسوسة، كلّها متوفرة للشيطان، والشيطان لو كان عاقلاً لما انتهى به عقله إلى معصية الله، وأن يكون مخلّدا في جهنّم. أي عقل ذاك الذي ينتهي بصاحبه إلى الخلود في النار؟!!
المؤدّى: العقل ينفع ولايضر، وما كان من فعلٍ ظاهرُه العقل، وضره أكثر من نفعه فليس عقلاً، وما كان من التوصل إلى الأغراض الدنيئة بالختل والحيلة والكيد والكذب والتدليس شيطنة ؛لأنه من فن الشيطان وتوجهه وممارساته، والشيطان ليس عاقلاً وقد خسر كل إمكاناته الضخمة بمعصية الله سبحانه.
وحين يخسر الإنسان على يد الحضارة المادية، والطرح المادي كل إمكاناته، وكل ثروات الحياة، وكل طاقاته ومواهبه، وينتهي به هذا الرصيد الضخم إلى النار فهي ليست حضارة عقل ولا حكمة ولا خير.
3 . عن علي (ع)”العاقل من تورَّع عن الذنوب وتنزّه عن العيوب”(3).
المهمل لنظافة ثوبه المهتم بنظافة طريقه سفيه، وغير الناظر في صحة بدنه المشغول عن ذلك بسلامة سيارته سفيه، والمنكبُّ على شؤون بدنه ولذائذ مطعمه ومشربه تاركاً لعيوب روحه، وأسقام قلبه، ومفاسد نفسه أن تتراكم متعاظمة ؛لتدمّره أكثر سفاهة وجهالة وضلالة.
أنا أعرف من نفسي أن هذا الجسد حالما تفارقه الروح سيتحول إلى شيء كريه، إلى شيء منفِّر، إلى جيفة، أنا لست ذلك الجسد، أنا روح، وتلك الروح قد تتنجس وتترجس، وينفر منها الذوق الإنساني الرفيع، والعقل المدرك أكثر من نفرتنا من جيفة الجسد، كما قد تسمو تلك الروح وتتعالى حتى تكون محلّ تعلّق القلوب، وعشق الأفئدة، وانجذاب العقول،أما الجسد فإن يجمُل حسيّاً، وإن يحلو، وإن يجتذِب فإنما ذلك كلّه إلى حين.
وترك الأهم للمهم ليس من العقل، وخسارة وزن الذات والشرف والمكانة والدين لغرفة نوم، ولصباغة بيت، وتنوع اثاث من الجنون لا العقل، ومن السفه لا الحكمة. فلنكن عقلاء.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، ولوالدينا وأرحامنا وجيراننا، ومن كان له إحسان خاص علينا من المؤمنين والمؤمنات. اللهم أوزعنا شكر نعمك، وارزقنا الحذر من نقمك، ووفقنا للوفاء بعهدك، واجعلنا من أهل جنتك ورضوانك ياكريم يارحيم.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ (4)}

الخطبة الثانية

الحمدلله المتفضّل بالخلق والرزق، والعلم والهدى والبصيرة، الدَّال على الخير، الداعي له، المكافئ عليه، المحذِّر من الشّرِّ الذائد عنه.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وزادهم تحية وبركة وسلاما.
أوصيكم عباد الله ونفسي الخاطئة بتقوى الله إحقاقاً للحق، فإنّ من حق الله أن يُتّقى، وطاعة للرب، وإصلاحاً للنفس، وتقويماً للمجتمع، وفوزاً بالمثوبة، ونجاة من العقوبة. علينا بتقوى الله فنحن عبيده الفقراء إليه، وهو الغني الحميد.
أعاننا الله على أنفسنا، وغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، ورزقنا هداه وتقواه ورحمته.
اللهم صل وسلم وزد وبارك على خاتم أنبيائك ورسلك محمد النبي الأمين، وصل وسلم على علي أمير المؤمنين، وإمام المتقين، وعلى فاطمة الزهراء الصديقة المعصومة.
وعلى الأئمة الهداة الحسن بن علي الزكي، والحسين بن علي الشهيد، وعلي بن الحسين زين العابدين، ومحمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق، وموسى بن جعفر الكاظم، وعلي بن موسى الرضا، ومحمد بن علي الجواد، وعلي بن محمد الهادي، والحسن بن علي العسكري، ومحمد بن الحسن المهدي القائم المنتظر.
اللهم عجّل فرج وليّ أمرك القائم المنتظر، وحفّه بملائكتك المقربين، وأيده بروح القدس يارب العالمين. اللهم انصره نصراً عزيزاً، وافتح له فتحا مبينا.
عبدك الموالي له، الممهد لدولته، والفقهاء العدول، والعلماء الصلحاء، والمجاهدين الغيارى، والمؤمنين والمؤمنات أجمعين وفّقهم لمراضيك، وسدد خطاهم على طريقك.
أما بعد يا إخوة وأخوات الإيمان الأكارم فإلى بعض كلمات:-
1. لاتشجعوا الجريمة:-
أيها المسؤولون لاتشجعوا الجريمة.
فإذا ثبت الاختلاس من المال العام فلا مهادنة ولا مصالحة ولا مساومة ولا تسوية، وتحرم التضحية بفلس واحد من مال الشعب.
ومن يصالح فإنما يصالح فيما يخص ماله لا فيما يتعلق بمال الناس. والمسؤولون ليس وكلاء مطلقين في المال العام. إنّه مال الأمة، والأمة تُحاسب كل موظّف وكل مسؤول، والمسؤولون رقباء ووكلاء في الحقِّ للشعب؛ أعينهم تحرس ماله، وأيديهم تقطع أيدي السراق.
الربت على أكتاف السّرّاق والمختلسين يعني مؤشرا أخْضَرَ لاستمرار الاستنزاف الحرام لما هو قوام وقيام للناس، أعني المال الذي يمثل الجهد والكد والتعب والتفكير والتخطيط وناتج أجيال متعاقبة طويلة.
2. المجلس النيابي للنيابيين:-
المجلس النيابي لا للشعب وإنما للنيابيين أنفسهم، هكذا يتّخذه عدد من النوّاب. ضمان ، تأمين صحي ،هدايا سخية ، رواتب عالية ، جواز دبلوماسي للعائلة. هذا كله للنواب، وللشعب زوابع كلامية تعقبها انسحابات وتراجعات، ومصافحة ومضاحكة، مع الناهبين والمختلسين، وهذا شاهد له من قضية صندوق التأمينات، وصندوق التقاعد، وله شواهد أخرى، وللشعب ميل إلى تخفيض الرواتب.
البلد تحتاج إلى مجلس نيابي، ولكنّه من نوع آخر، من نوع رجال شجعان، ورجال يكونون نوّابا للشعب يحملون اهتماماته ويدافعون عن حقوقه وقضاياه لا وصلاء عن أنفسهم. يبحثون عن مكاسب شخصية وامتيازات عديدة. ما اختارهم الشعب ليطالبوا بمزيد من صلاحيات لأنفسهم، إنما اختارهم الشعب للدفاع عن حقوقه، وتحسين وضعه.
ما يرتكبه عدد من النواب هو خلاف الوظيفة المنوطة بهم، وهذا لمّا تحوّل إلى ظاهرة في المجلس أسقط قيمته. وأقول بأن البلد محتاجة إلىمجلس نيابي ولكن من نوع آخر، ومحتاجة إلى تحسين الوضع السياسي من أجل أن يولد مجلس نيابي قادر على تلبية جزء من طموحات الشعب. ومن أجل مشاركة فاعلة واسعة في انتخابات المجلس النيابي نحتاج إلى تعديلات دستورية ملحّة.
ما هو البديل؟
– في العراق منادات بانتخابات يشارك فيها الجميع لاختيار حكومة وطنية وإن كانت العملية الانتخابية في ظروف اضطرارية، وغير عادية، ومع وجود المحتل. هذه الانتخابات لا يتوقّع لها أن تأتي كاملة وكما ينبغي، لكنها طريق من الطرق التي يمكن أن تؤدّي إلى ما يطمح إليه الشعب العراقي في النهاية.
الانتخابات تسقط حجة أمريكا من جهة، وتخلق لها إحراجا عمليا وما تبرر به بقاءها الطويل في العراق، وتعطي فرصة لتلاقي كل الأطراف العراقية من أجل توحيد المطالبة بخروج المحتل، ولذلك طريقان:
طريق المقاومة السياسية الموحّدة التي يشترك فيها الشيعة والسنة، وطريق المقاومة العسكرية التي تخضع لقيادة وطنية واضحة ومخلصة وكفوءة. هذا كله ممكن في طول قضية الانتخابات، وبروز حكومة وطنية بصورة وبأخرى من خلال تلك العملية،أما البديل فإما انقسام خطير، وفتك حرام بالأنفس المحترمة كما هو جارٍ الآن، وتأسيس لحرب طائفية طويلة المدى تستنزف العراق ورجالاته وخيراته، أو حرب ضد الأمريكان ولكن تحت راية الصداميين ؛لتقود هذه الحرب على تقدير اندحار الطرف الأمريكي لعودة صدام من جديد وحكمه العادل بما في ذلك الحكم من فتك مارسه صدّام بأهل وطنه، وأهل مذهبه، وأهل قرابته فضلا عن الآخرين.
الحرب في ظل صورتها الحالية الموجهة إلى صدور الأبرياء من العراقين هي انتصار لصدام، وانتصار لفكر متحجّر، انتصار لدكتاتورية لا تختلف عن دكتاتورية أمريكا، هي حرب تمثّل وفاء لصدام وجرائمه وانتهاكاته.
ثم إن العراق أراد الشيعة والسنة فيه أن يعترفوا بأنهم إخوة، أو أرادوا التنكر لأخوتهم الإسلامية، لايمكن على مستوى الحقوق والامتيازات، وفي الواقع العملي أن يكون شيعة بلا سنة، أو سنة بلا شيعة، ولا أن يكون الشيعة سنة، أو السنة شيعة. وفي العدل سعة، ولا يكون الظلم ملجأ عن الحق فإن الظلم قاصم ويفضي إلى البوار
3. أيام جاهلية:-
هكذا هي أعياد حضارة القرن الواحد والعشرين كما كانت أعياد القرن العشرين. نعم، هي محطات جاهلية وأيام للاستهتار المركّز. ومن ذلك عيد رأس السنة.
فحشاء قذرة … سكر فتاك… طفولة وجنون… خلاعة وعربدة… جرحى وقتلى ضحايا لمعارك الفسق واللعب والصبيانية،هكذا أعيادهم فكيف تكون أعياد الإسلام على يد المسلمين؟ وعيد الأضحى قادم علينا بخير إن شاء الله. إنه يراد لها أيضا أن تكون جاهلية كما هي الأعياد الجاهلية، وهناك عمل دؤوب، وخطط مستمرة لمحو الفارق بين أعياد الإسلام وأعياد الكفر والجاهلية لا لتقترب الجاهلية من الإسلام، وإنما ليذوب الإسلام في الجاهلية. وعلى الرساليين أن يبقوا أعياد الإسلام إسلامية نظيفة طاهرة مربّية كما يريدها الله.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، ولوالدينا وأرحامنا وجيراننا وأصدقائنا، ومن أحسن إلينا إحسانا خاصا من مؤمن ومؤمنة، ومسلم ومسلمة. اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة، تعزّ بها الإسلام وأهله، وتذل بها النفاق وأهله، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك، والقادة إلى سبيلك، يارحيم ياكريم.
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}
ــــــــــــــــــــــ
1 – ميزان الحكمة ج6 ص419.
2 – المصدر السابق.
3 – المصدر نفسه.

 

زر الذهاب إلى الأعلى