خطبة الجمعة (139) 8 ذو الحجة 1424هـ – 30 يناير 2004م
مواضيع الخطبة:
الظلم – ملف التجنيس – تحية للجهاد والمجاهدين.
تحية إكبار وتقدير وامتنان ومباركة من الأمة الإسلامية للمقاومة الإسلامية في الجنوب اللبناني، مقاومة حزب الله – لبنان، وللدفاع المقدس ولدم الشهادة الحق.
الخطبة الأولى
الحمدلله محيياً ومميتاً، وباعثا ووارثا، وممرضا وشافيا، ومبتليا ومعافيا، ومعطيا ومانعا. الحمدلله على كل حال، ولا يليق به إلا أجلّ الحمد وأكمله في كل حال. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق ودين الهدى ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون. صلى الله على محمد وآله دعاة الحق وألسنة الصدق وسلم تسليما كثيرا.
عباد الله علينا بتقوى الله؛ فالله أحق من يُتّقى ويُطاع ويُخشى. وبالتقوى صلاح الآخرة والأولى، فعن أمر الآخرة قال تعالى: “إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ “(16)، وعن أمر الدنيا نقرأ من قوله عز وجل في كتابه الكريم: “وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى”، “اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى” وما أحوج صلاح الدنيا إلى العدل والعفو اللذين ينبتهما التقوى.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واجعل أخلاقنا وإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين أخلاق المتقين، ومنقلبنا منقلبهم، ومنزلتنا في الجنة في أعلى منازلهم يا رحيم ياكريم.
أما بعد فالكلام في موضوع الظلم:
أولاً: الظلم والضمير الإنساني:
إن للإنسان ضميراً فطرياً فطره الله عليه، وهو ضمير رافض للظلم، ميّال إلى العدل، يلوم على الظلم، ويقبّحه، ويُثني على العدل ويُحسّنه.
في الموقف الذي لا يكون لك مصلحة فيه من ناحية الظلم أو العدل بأن يكون الموقف أجنبياً عنك كنزاع بين شعبين ليست لك علاقة بهما أبداً إلا ما هو من علاقة الإنسان بالإنسان، حين يكون أحدهما معتديا والآخر معتدىً عليه، ضميرك يقف مع من؟ هل يقف ضميرك موقفا محايدا؟ هل يقف ضميرك مع الظالم؟ أم أن ضميرك يقف مع المظلوم وضد الظالم؟
ما دمنا على فطرتنا وعلى إنسانيتنا فسيكون جوابنا واضحا هنا وهو أن لنا ضميرا يقف مع المظلوم وضد الظالم.
إن هذا ليكشف عن أن رفض الظلم وقبول العدل، أن تقبيح الأول وتحسين الثاني ليس من مصدر تربوي ولا تأثير بيئي ولا ثقافي إنما هو الضمير المفطور عليه الإنسان أصلا، الضمير الحيّ الذي يُمثّل صوتا من صوت العدالة الإلهية الشاملة.
تجدون أيها الأخوة أن روسيا تظلم، أن أمريكا تظلم، أن كباراً يظلمون، أن صغاراً يظلمون لكنّ أحدا منهم لا يفتخر بظلمه، وإنما يحاول دائما أن يظهر ظلمه بمظهر العدل، لماذا؟
إنه يقف أمام ضمير عالمي، يشترك فيه الناس، هذا الضمير يرفض الظلم ويحارب من يتبجّح به، إن هذا الظالم ليعرف أنه لو تبجح بظلمه وافتخر لافتخر بما يسيء الإنسانية وبما يقبّحه الضمير الإنساني، وكأن ضميره يقول له: أنت ساقط، ساقط من ناحية ظلمك فلا تفتخر بما يسقطك.
فالضمير الإنساني رافض للظلم محتضن للعدل، وهذا ما عليه مذهب الحق؛ مذهب مدرسة أهل البيت عليهم السلام، وأن الإنسان بفطرته وبعقله الأوّلي العملي يرفض الظلم ويقبل العدل، يقبّح الأول ويُحسّن الثاني.
فالظالمون إذاً يسلكون مساراً غير المسار الذي يحدده الضمير العالمي، والفطرة الإلهية الهادية في نفس الإنسان، إنهم يسلكون مسلكا ملتويا، وهم شُذّاذ وإن كثروا، وهم محل محاربة الضمير الإنساني ولابد أن يكونوا في مواجهة القوى الإنسانية الخيّرة من ناحية الخارج.
ثانياً: التنافي بين الإسلام والظلم:-
الإسلام من صنع الله، والضمير الإنساني الحي الفطري من صنع الله، ولمّا كان الإسلام والضمير الإنساني الفطري معاً من صنع الله فلابد أن يتحدا في ندائهما، ولابد أن يتحدا في النور الذي يشعان به، وكيف لا يكون الإسلام نوراً، وكيف لا يكون الضمير الإنساني نوراً، وكيف لا ينطق الضمير الإنساني بالعدل، وكيف لا ينطق الإسلام بالعدل وهما من صنع العدل المطلق؟!
ماذا نرتقب من الإسلام في موقفه من الظلم والعدل وهو صناعة الله، وهو الأطروحة المتنزّلة من علم الله وحكمته وعدله؟!
مسألة العدل في الإسلام ليست مسألة شعار يُذرّ من خلاله الرماد في العيون، وتُستغفل الشعوب وتُلمّع صورة الأنظمة، العدل أساس مبدئيٌّ في الإسلام، ونداء أصيل في نسيجه، بل هو أساسه الأول، لأن العدل من التوحيد والإسلام للتوحيد والعدل والعلم، الإسلام إشعاع لأسماء الله الحسنى؛ إشعاع عقيدي، وإشعاع أخلاقي، وإشعاع تشريعي لتوحيد الله وأسمائه الحسنى.
ماذا يقول الإسلام عن الظلم؟ وهو قول حق وصدق لا رياء فيه ولا نفاق، ولا دعاية “ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم، والله لا يحب الظالمين” وهل العدل يُحب الظلم؟! وهل يجتمع ظلم مع عدل؟! لا أبداً.
الإسلام عدل كلّه، متنزل من العدل المطلق، والعدل لا يجتمع مع الظلم أبداً، فالعلاقة بين الإسلام والظلم علاقة تنافرية من الأساس.
فحين يأتي ظلم على يد باسم الإسلام يكشف عن أن وراء تصرفها انحرافا بيّناً عن الإسلام. الظلم للهدم لا للبناء، والظلم حجاب عن الحق، من ظلم انحجب قلبه عن الحق، وانسدّت منافذه عن رؤية نور الحقيقة، ومغرق في الضلال، من ظلم ضلّ، وما دام على ظلمه لا يهتدي، وسبب هدم ودمار؛ يهدم الفرد، ويهدم البنى الاجتماعية الرصينة، ويسقط الدول، وينهي الأمم، وفسادٌ الروح وعمى القلب، ونقرأ لذلك كله ما يأتي من آيات كريمة:
وهذه الآيات الكريمة تنطق بالآثار الموضوعية للظلم، وكل معصية لها أثران: أثر موضوعي، وأثر جزائي، تشريعي.
ما حرّم الله إلا ما فيه مفسدة، وما أوجب إلا ما فيه مصلحة، والممنوع يأتي به المكلف مرة عمداً ومرة سهواً، مرة عن علم ومرة عن جهل.
هناك محرمات، وإن غشيناها جهلا أو غفلة إلا أن لها آثارا موضوعية مترتبة، فمن شرب الخمر غفلة أو جهلاً لا عقوبة أخروية عليه، ولكن الضرر الجسمي والعقلي والنفسي والروحي للخمر مترتب حتماً. إلا أن يدفع الله.
هذا أثر موضوعي، يعني يتبع ممارسة الموضوع، كلما مُورس شرب الخمر فإن للخمر آثارا متعلقة بطبيعته تترتب عليه.
من شرب السّمّ عن جهل به أو غفلة فإنه لا يُعدّ منتحرا ولا يأثم، ولكن هل لا يموت؟ موته أثر موضوعي لابد من ترتّبه.
العقوبة أثر حكمي جعلي تشريعي، ترتبها موقوف على موضوع أكثر من شرب الخمر، وهو أن يشرب الخمر عالماً عامداً. موضوع العقوبة هو شرب الخمر عالما عامداً، أما الأثر الجسمي والنفسي والسُكر فمترتب على موضوع هو شرب الخمر فقط.
موضوع الموت في مثال السم هو السم خالصاً، السم خالصا، وليس السم مع العمد والعلم، أما ما هو موضوع العقوبة من السم فليس السم وحده، وإنما السم يُضاف إليه أن يُعلم ويتعمّد تناوله.
فهذه الآثار التي تذكرها الآيات آثارٌ موضوعية: “وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين”.
يُمكن أن نفهم من الآية الكريمة أن الظلم مانع من الهداية، هداية الله عامة متنزلة، وفيضه لا ينقطع ولا قصور فيه، ولكن الظالم لا يستقبل لظلمه فيض الهداية.
الظلم مانع من الهداية كمانع يكون في الجسم من تأثير الدواء. الدواء بطبيعته مؤثر ولكن قد يكون في الجسم ما يمنع من التأثير الإيجابي لهذا الدواء، هداية الله مؤثرة. هناك هداية عامة تتنزل على المؤمن والكافر، هذه الهداية قد لا تقبلها نفس، قد يعمى عنها قلب، قد يكون مانع لروح من استقبالها وامتصاصها، فمن هنا يأتي أن الله لا يهدي القوم الظالمين.
لله هدايات عامة وخاصة. وإذا كانت الهداية المعنية هي هداية خاصة فإن الهداية الخاصة موضوعها أن يتهيء العبد لها، والظلم لا يُهيئ العبد للهداية الخاصة وإنما يسقط استعداداته بدرجة أكبر، وقد يخسر المرء لظلمه كلّاً من الهداية الخاصة والهداية العامة، هذا أثر موضوعي، ولا يلزم أن يكون جزائيا من النوع الجعلي. أو قل أن هنا علاقة تكوينية ولا يلزم أن تكون العلاقة تشريعية، هنا علاقة تكوينية بين القلب العادل وبين قدرته على استقبال النور والهدى، وبين القلب الظالم، وبين فقده القدرة على استقبال النور والهدى، كما أن الجسم يمكن أن يستقبل الدواء مستفيداً منه، ويمكن أن يُداوى ولكن الدواء لا يُجدي لفقد الاستعداد في هذا البدن، أو لوجود المانع.
لابد أن نتفحص حياتنا، ننظر لماذا لا تستقبل قلوبنا درجة أكبر من الهدى، ودرجة أكبر من النور، مع الأسف الشديد فإن الظالم – وكلنا لا يخلو من ظلم – قد يخسر الهداية العامة كما سبق كما أنه يخسر الهداية الخاصة.
“إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُون” دولة تُؤسّس على الظلم لا تُفلح، تقول أمريكا مؤسسة على الظلم، ولكنها مفلحة، أقول لك ليست مفلحة، باختصار؛ لأن ليس من خسارة أكبر من أن يخسر الإنسان نفسه، وأي إنسان يتربى في ظل نظام ظالم ويتفاعل معه ويكون زاد روحه وزاد فكره وزاد قلبه من أجواء النظام الظالم ومن عطاءات النظام الظالم، ومن ترشحات النظام الظالم فإنه خاسر لنفسه، لا يأتي إنسانا كما يريد الله سبحانه وتعالى. والإنسان الناجح الكامل هو الإنسان الذي خططت له الأطروحة الإلهية المتعالية.
القصد من وجود الإنسان في الأرض هو قصد محدد، والغاية محددة وهو أن يتكامل هذا الإنسان، لا أن يبني قصوراً، ويحوّل أرض الدنيا كلها خضراء، ويثري سطح الأرض بما في داخلها من كنوز، ويبقى هو مقفرا في روحه وقلبه ونفسه.
المطلوب الأول من وجود الإنسان أن يغنى الإنسان قبل أن تغنى يداه، وإذا غنيت اليدان وبقيت النفس على فقر متقع، والروح قفراء فإن الإنسان لم ينجح، ولم يربح لأنه لم يحقق غاية وجوده.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولاخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين ولوالدينا وأرحامنا وقراباتنا ومن كان له حق خاص علينا من مؤمن ومؤمنة ومسلم ومسلمة، واجعلنا من أهل الحق والصدق والعدل، وممن يستوحش الظلم من نفسه قبل أن يستوحشه من غيره، وأعذنا من نسيان حقك وحقوق عبادك، وأن يجري على يدنا ظلم لأحد من خلقك يا رؤوف يارحيم يا عدل ياكريم.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3))
الخطبة الثانية
الحمدلله رب السموات والأرض وبديعهما، وهو بديع كل موجود، ورب كل مربوب، وصانع كل مصنوع، ليس لأحد فعل خارج إرادته، ولا صنع لا يعود إلى قدرته، ولا تصرف لا ينتهي إلى تدبيره. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم تسليما كثيرا.
أوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله الذي يُخاف من عدله، وتُخشى شدّة أخذه، ولا طَوْلَ لأحد أمام قدرته، ولا مفرّ من حكومته، وعلمه لا يُغادر كبيرة ولا صغيرة، فهو محصيها ومحيط بها، وكل العبيد وافدون عليه كراما أو لئاما، ومنتهون بحكمه إلى جنة أو نار.
عباد الله ما سابق أحد سباقاً أشرف وأربح وأبقى خيرا من السباق في سبيل الله، وما تنافس المتنافسون في أمر كريم فيه الفوز الحق، والنجاح الصدق، والسعادة الحقيقية كما هو التنافس في طاعته سبحانه وإخلاص العبودية له.
اللهم اجعلنا وإخواننا المؤمنين والمؤمنات سبّاقين في طاعتك، مخلصين في عبادتك، فائزين بمرضاتك.
اللهم صل على البشير النذير، والسراج المنير محمد وآله الطاهرين. اللهم صل وسلم على علي أمير المؤمنين، وإمام المتقين. اللهم صل وسلم على الصديقة الطاهرة، فاطمة الزهراء. اللهم صل وسلم على الحسنين الزكيين الطاهرين الحسن بن علي الزكي والحسين بن علي الشهيد.
اللهم صل وسلم على الأئمة الأخيار الأمناء الأبرار علي بن الحسين السجّاد، ومحمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق، وموسى بن جعفر الكاظم، وعلي بن موسى الرضا، ومحمد بن علي الجواد، وعلي بن محمد الهادي، والحسن بن علي العسكري الأطياب الأطهار.
اللهم صل وسلم على وليك القائم المنتظر، محمد بن الحسن الأغر.
اللهم عجل فرجه، وسهل مخرجه، اللهم انصره نصراً عزيزا، وأيّده تأييداً كبيرا، ومكّن له تمكينا، واجعلنا من أنصاره يا كريم.
عبدك الموالي له، الممهد لدولته، والفقهاء الأمناء العدول، والعلماء الصلحاء، والمجاهدين الغيارى والمؤمنين والمؤمنات أجمعين أيدهم وسددهم ووفقهم لمراضيك.
أما بعد يا أخوة الإيمان فالحديث في موضوعين:-
(ملف التجنيس – تحية للجهاد والمجاهدين)
نتناول من هذه الموضوعات ما أمكن.
ملف التجنيس:-
باختصار، ملف ساخن وحساس ومثير ومهم جدا، وله خطر كبير على حاضر الوطن وهو على مستقبله أخطر، وآثاره السلبية لا تقتصر على طائفة دون أخرى، وهي تطال كل من الشعب والحكومة؛ فإن الارتباط بالوطن، والإخلاص له، وتقديم مصلحته أمر لا يمكن أن يتخلّق في أيّام، والارتباط بأرضٍ جديدة بعد ارتباطٍ مكين شديد بأرض أخرى بحيث يحل الارتباط الثاني محل الارتباط الأول ليس بالأمر السهل.
الاختلاف على المخالفات في ملف التجنيس بين الحكومة والمعارضة، ثم بين لجنة التحقيق فيما بينهم يدفع الشعب إلى ضرورة المطالبة بتجلية الحقيقة وإتاحة الفرصة للدراسة المستفيضة للمسألة من فريق يتمتع بالحيادية والشفافية والموضوعية أو يشارك في هذا الفريق من هم بهذه الصفة على الأقل.
إن المخالفات في هذا الملف أكانت قانونية أو إدارية فهي اختراقات لابد من محاسبتها، وإسقاط كل جنسية تترتب أو ترتبت عليها، ثم إن أصل قانون التجنيس إذا تبيّن إضراره بمصالح الوطن والمواطنين فلابد من إعادة النظر فيه وتخليصه من هذا العيب الجذري فإنه ليس من قانون من القوانين البشرية ما هو بمنزلة القرآن الكريم لا يُمسّ.
ويرد بشأن التجنيس أكثر من سؤال:-
– من أي مستوى هم المجنسون؟ والأمر يختلف: علماء؟ خبراء؟ لامعون؟ شرطة عاديون؟ معذِّبون قساة؟
– ما وظائفهم التي صاروا يشغلونها في البحرين؟ وما هي وظائفهم يوم أن كانوا في أراضيهم الأصلية؟
– هل فيهم عاطل كما هم الكثيرون من المواطنين أصلا؟ هل فيهم من لا مسكن له؟ وهل بقي واحدهم ينتظر كثيرا قبل أن يحصل على المسكن؟ هل فيهم من يتوقع سقوط منزله عليه؟
– كيف صار المجنّس مواطنا من درجة متقدمة، ومواطنون أصليون كثيرون من درجات متأخرة؟
أسئلة ملحّة تتطلب جواباً جدّياً موضوعيا شفافا نزيها.
تحية للجهاد والمجاهدين:-
تحية إكبار وتقدير وامتنان ومباركة من الأمة الإسلامية للمقاومة الإسلامية في الجنوب اللبناني، مقاومة حزب الله – لبنان، وللدفاع المقدس ولدم الشهادة الحقَّة، وللبطولات الكبيرة التي أرغمت العدو الإسرائيلي على الانسحاب، ثم أرغمته على عملية التبادل للأسرى وإعادة رفات المستشهدين.
أما أنت أيها السيد القائد الفذ يا نصر الله فأنت مثال من أجدادك الأبطال الكرام. أذلَّ جبينَ الأمةِ كثيرٌ من السلاطين، وأعززتَ جبين الأمة العزيز.
أدخل الموقفُ الرسميُ لأكثر الأنظمة قناعةً يقينية مترسخة في كثير القلوب من من أبناء الأمة بأنها عاجزة عن الدفع عن نفسها، وعن مواجهة العدو الإسرائيلي وغيره، وأدخلت الأنظمة اليأس وأذبلت الرجاء في قلوب شباب من شباب هذه الأمة، وأحيَيتَ الأمل، وبعثتَ الرجاء، وقلت كما قال أجدادك الأطهار بأن هذه الأمة رائدة في ما تملك من رصيد، وفيما هي عليه من خط، وفي منطلقها، وفي هدفها، وفي منهجها، وفي تربيتها الإسلامية، ولابد أن تكون من ناحية عملية في موقع الريادة.
وقلت للعالم كلّه بأن المنقذ هو الإسلام، وبأن السواعد المؤمنة هي القادرة وحدها على الفتح، وأن الأمة لن تجد ملاذا ولا حصناً إلا في الصف الإسلامي المتراص؛ الصف المبدئي، الصف الرسالي، الصف الذي يقفو خطى الإمام الحسين عليه السلام.
واقتفاء خطى الإمام الحسين عليه السلام هو اقتفاء لخطى رسول الله صلى الله عليه وآله، لخطى أمير المؤمنين عليه السلام، والأئمة الأطهار، وللصحابة النجباء.
ألف تحية والألف لا يكفي والملايين من التحيات لا تكفي، هديةً للسيد القائد المغوار نصر الله الذي وعده الله بنصره.
نعم، أنت مثال لأجدادك الأطهار الكرام، الذين لا تضيق صدورهم رحبة ولطفا وحنوّاً وانفتاحاً على هموم الإنسانية بكاملها، أنت لا يحدك وطن، أنت لا تحدك طائفة، أنت لا تحدك مصالح الأنا، ولا مصالح القوم، ولا مصالح الانتماءات الضيقة، أنت للأمة كلها، أنت للإنسانية كلها، وأنت في هذا كله شيء من أجدادك الأوسع أفقا، والأكثر امتداداً.
نعم، القائد المؤمن، القائد على خط الحسين عليه السلام لا تقوقعه الطائفيات، ولا تؤطره الأرض، وهو مسلم لكل المسلمين، وهو إنسان لكل أبناء الإنسان.
هكذا قالت اللغة العملية لنصر الله حيث أصرّ على أن الذين يجب أن يتحرروا ليس أسارى طائفة معينة، ولا أسارى لبنان فقط، وهكذا يجب أن نكون، وهكذا نحن كما علّمنا أهل البيت عليهم السلام.
وإن للجهاد المقدّس والشهادة الحقيقية والخلود الكريم للدم منطلقاً لا يكون إلا إلهياً، وضوابط لا تكون إلا شرعية، وحين يكون الجهاد غير ذلك، الشهادة غير ذلك، الدم لغير ذلك، لمنطلق آخر لهدف آخر بلا ضوابط شرعية فلا يمكن أن يكون مقدسا ولا يمكن أن يكون الجهاد مقدسا ولا الشهادة حقيقية ولا الدم خالداً خلوداً كريماً.
والهدف لا يصح أن يكون علوّاً في الأرض ولا فسادا ولا شهرة، ولا رياء وإنما هو إحقاق حق وإبطال باطل، وتركيز عدل ومحاربة جور وبغي وفساد.
وإن الدرس الذي قدّمته المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان للأمة الإسلامية يُوجب عليها أن تتمسك بالتربية على الجهاد الشرعي، والشهادة الواعية الموضوعة في إطار المصالح الإسلامية الكبرى بعيدا عن الحركات العشوائية، وحالة الإنفلات الأمني والاجتهادات الطائشة، والتكفير لكل من خالف في الرأي؛ مع النظر إلى حرمة الدم وقيمة الإنسان وأن الهم الأول للإسلام إنما هو هداية الناس، وتوفير السعادة لهم، وإيصالهم إلى الكمال، لا إعمال السيف فيهم، وتصفيتهم جسديا، وإنما هو نشر الأمن والسلام، لا الرعب والقلق والاحتراب.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، ولأرحامنا وقراباتنا وجيراننا وأصدقائنا أجمعين.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما، إنها ساءت مستقرا ومقاما، ربنا اجعل لنا عندك قدم صدق يوم تزل فيه الأقدام.
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}النحل/90