خطبة الجمعة (128) 28 شعبان 1424هـ – 24 أكتوبر 2003م

مواضيع الخطبة:


نفحات من القرآن 
– الحفل الماجن وسيله العارم

السفينة واحدة، والسقف يظل الجميع، والمأوى الواحد إذا انهدم انهدم على كل قاطنيه، وإذا استقام واستمر
قوياً عاد بالنفع والأمن والطمأنينة على الجميع.

الخطبة الأولى

الحمد لله رب العالمين، خالق الخلائق أجمعين، الكافل لمن خلق وما خلق، العليم بما لحق أو سبق، شاهد كل نجوى، وسامع كل شكوى. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النور الساطع، والهدى الشائع، صلى الله عليه وآله وسلم تسليما كثيرا.
عباد الله اتقوا الله وأطيعوه فقد سفه امرء لا يطيع ربه الذي برأه ورزقه، وتدبيرُهُ وكل أمره بيده.

اللهم إنا نعوذ بك من سفه الرأي، وغلبة الهوى، وضلال السعي، وسوء الخاتمة. اللهم صل وسلم على محمد وآل محمد، ولا تجعل لنا مغادرة عن طريقهم، ولا مفارقة لهداهم يا كريم.

أما بعد فأحسن القول، وأصدق الكلم، وأهدى الهدى كتاب الله العزيز الحكيم، وقد قال سبحانه: ” تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ

وليكن الحديث في ضوء الآيتين، ويأتي في نقاط:

1- تبارك الله مصدر الخير كله، فخيره لا يُحدُّ ولا يجِف ولا يتوقف، وهو منزه عن الضيق والشح والبخل، ذلك أن لا ملك إلا وهو له، وبيده وفي قبضته، لا تسرُّب لشيء منه لغيره، ولا تصرُّف لمن دونه فيه بغير إذنه، ولا يخرج الشيء بالعطاء عن سلطانه، حيث لا حدوث ولا بقاء إلا بمدده، ولا تضيق قدرته، ولا فقر في ذاته، فكل أسباب الشح والبخل منتفية عنه، فلا منع إلا لحكمة، ولا حرمان إلا أن يقصر الشيء من الخلق عن استقبال الفيض، والانتفاع من الخير.

والله الذي بيده الملك وهو المتفرد بخلق الأشياء وتدبيرها بيده الموت والحياة لأنه لا خالق غيره لهما. وإذا كان موت البدن توفي الروح عنه وتمتعها بالحياة دونه، وقد تزداد شعورا عما كانت عليه في علاقتها به، وتتضاعف قوة انطلاق فوق ما هو لها في ظل تلك العلاقة ناسب أن يتعلق الخلق بالموت كما في الآية الكريمة، وقد يكون لهذا التعلق معنى فوق ما تحوم حوله الظنون.

ولدفع توهم المجازية في التعبير القرآني في المورد عُلّق الخلق بالموت “الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ ” وقد قُدِّم الموت على الحياة في تعلّق الخلق بهما، وعُطِفت على الموت الحياة بدل المترقب مما هو العكس.

2- يترتب على الملك المطلق لله المتعال، والقدرة الشاملة، والفيض المتدفِّق، والخير المتصل منه عز وجل، وتفرده بكل ذلك أنّ رجاء العبد إنما يدعوه للتعلق به سبحانه لا بغيره، ويصرف الوجه إليه عمن سواه، إلا أن تضل النفس، فيخطىء النظر، وتتيه الرؤية بسوء ما كسب المرء فيكون التوجه لغير الله، والطلب من الفقير دون الغني، ومن البخيل دون الكريم، ومن الفاقد لا الواجد، والثقة بالخيال لا الحقيقة، والاطمئنان للسراب لا الماء.

والمؤمن وقد رأى نفسه وفقره ومسكنته، ولم يرَ قادرا غنيا كريما غير الله تجده يائسا من كل الخلق، آملا في الله، واثقا به، مطمئنا إليه، مستريحا إلى جوده وكرمه.

3- وخلق الموت والحياة، أو قُل جَعْل الحياة حياة دنيا، وحياة آخرة كما في الآية للإمتحان والجزاء. وفي الدنيا السِّباق، وأكبر النتائج في الآخرة – لا أقول لا نتائج في الدنيا، إنما أقول أن أكبر النتائج في الآخرة -. فما هو من أجله الدنيا السباق في الخيرات، وأن يتحقق خارجا أيكم أحسن عملا… أيكم أعبد لله…. أيكم أتقى وأنقى وأخلص وأصفى وأسمى فعلية وأرقى… أيكم أعلم وأدق وأوفى بدوره الخلافي في الأرض، ووظيفته الكبرى في الإعمار والتنمية والتطوير للأنفس والأوضاع.

وصاحب الدور الخلافي الأدق والأصح، ومن هو أحسن عملا يساوي تماما الذات الأكثر سموا، والأجل شأنا وقدرا. والناس في مراتبهم بحسب سموّ أو سقوط ذواتهم. فالعمل الأحسن بحقٍّ بما وراءه من خلفية العلم الدقيق والإرادة الخيرة، والشعور الكريم، والهدف العالي، والقلب السليم، والروح الطاهرة، ونية التقرب الصادق للمولى العظيم صورة شفافة عن ذات ملؤها جمال لم ترضَ إلا الله، وقد رضي الله عنها.

فأيكم أحسن عملا قضية هي الهدف، هي السباق. وكل السباقات الأخرى سباقات فاشلة، وكل الأهداف الأخرى المجافية أهداف باطلة ساقطة.
سباق المال، سباق الجاه، سباق العلم…. سباق المتعة الدنيوية والجمال الدنيوي، وكل سباق آخر يتحرك خارج الإطار للهدف الإلهي من الموت والحياة، وينفصل عن الخلفية العقلية والنفسية المشعة لما هو أحسن عملا… للنفس التي هي أحسن عملا؛ يُسجل بلاهة شديدة، وخسارة فادحة إذ يُسقط هدف الحياة الكبير، ويُلغي دورها الخلاق العملاق.

4- على الذين ينحرفون بهدف الحياة فيصرفونها عن طلب ما هو الأحسن عملا لتتحول على أيديهم فسادا في الأوضاع والقلوب والأرواح، وتخريبا للإنسان أن يعلموا بأن شيئا من هذا كله لا يعني أن لهم إرادة تقاوم إرادة الله، ولا قدرة تناهض قدرته، فالله هو العزيز الذي يغلب ولا يغلب، ويقهر ولا يقهر، والممتنع بقدرته وسلطانه وحاكميته التي لا تُدانى، وإنما هي الحكمة الإلهية المتعالية التي اقتضت بأن يُقدَرَ الإنسانُ ابتلاءً على الأخذ بدرب الطاعة أو المعصية إتماما للحجة، وتأسيسا للمثوبة والعقوبة.

وليعلم الذين أسرفوا على أنفسهم أن الله غفور لا يؤيس من مغفرته، رحيم لا يقنط من رحمته عسى أن يؤبوا خاشعين بعد الاستكبار، ويرجعوا نادمين بعد الإدبار.

اللهم صل على محمد وآل محمد، وارزقنا وإخواننا المؤمنين والمؤمنات توفيق الطاعة، وبُعد المعصية، واجمع لنا جميعا خير الدنيا والآخرة واغفر لنا ولهم، ولكل ذي حق خاص علينا منهم ووالدينا وأرحامنا وأزواجنا وجيراننا ومن علّمنا علما نافعا من مؤمن ومؤمنة، ومسلم ومسلمة يا أكرم من سُئل ويا أجود من أعطى.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ(4))

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي دلَّ على الخير ودعا إليه، ووعد بالمثوبة فاعله، وبيَّن الشر ونهى عنه وتوعّد مرتكبه بعقوبته. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الربُّ الذي لا يَستغني عنه مربوب، والملك الذي تفتقر إليه الملوك، وتذِلُّ له كل الخلائق. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله عصمه وكفاه وأعلاه صلَّى الله عليه وآله الهداة.

عباد الله علينا جميعاً بتقوى الله فهو أهل التقوى وأهل المغفرة، والتقوى زاد العبد في الدنيا وزاده في الآخرة، فبها تتنزل عليه الرحمة في الحياة، وفي الممات وفي برزخه ويوم يبعثون، فلا ربح كربح من اتقى، ولا خسارة كخسارة من أساء وطغى. اللهم إنا نؤمن بك ونتوكل عليك ونستغفرك ونتوب إليك.

اللهم اجعلنا وإخواننا المؤمنين والمؤمنات من أهل التقوى، وجنِّبنا أن نكون من أهل الضلالة والشقاوة في الآخرة والأولى.
اللهم صل وسلم على البشير النذير، محمد بن عبدالله السراج المنير، المبعوث للأمم، وكاشف الظلم، الصادق الأمين وآله الطاهرين، وصل وسلم على علي أمير المؤمنين وإمام المتقين، وصل وسلم على فاطمة الزهراء الصديقة النوراء، وصل وسلم على السبطين الزكيين، والإمامين الهاديين الحسن بن علي وأخيه الحسين، وصل وسلم على الهداة البررة علي بن الحسين السجاد، ومحمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق، وموسى بن جعفر الكاظم، وعلي بن موسى الرضا، ومحمد بن علي الجواد، وعلي بن محمد الهادي، والحسن بن علي العسكري الأئمة الأخيار والقادة الأطهار.

وصلّ وسلم على وليّك الحجة بن الحسن، المذخور لكشف الكرب والمحن، الإمام القائم المنتظر والمؤتمن.
اللهم الموالي له، المعادي لأعدائه، الممهد لدولته، المناصر لقضيته، والفقهاء العدول والعلماء الأخيار والمجاهدين الغيارى والمؤمنين والمؤمنات أجمعين أيدهم وسدد خطاهم وبارك جهدهم وجهادهم في سبيلك وادرأ عنهم يا قوي يا عزيز يا رؤوف يا رحيم.
أما بعد أيها المؤمنون فالحديث حول هذا الموضوع المرّ – الحفل الماجن وسيله العارم.

إنه جزئية قذرة من سيل عارم اشتُهر منه، الحفل الساقط للشواذ، ويعيش هذا السيل في صورة منكَرة في الأحياء الطاهرة في العاصمة، في صورة ملاهٍ وأماكن فساد باسم النوادي أو الجمعيات، وهو يحرق أخلاق هذا البلد، ويدمر إنسانيتها فيما يقام في كل ليلة من حفلات راقصة ماجنة عابثة في الفنادق، والبلد لا تفتأ تستورد من ساقطات الدنيا من شرق أو غرب لمحو الصورة المشرقة الإسلامية لهذا الشعب الإيماني العريق.

السفينة واحدة، والسقف يظل الجميع. والمأوى الواحد إذا انهدم انهدم على كل قاطنيه، وإذا استقام واستمر قوياً عاد بالنفع والأمن والطمأنينة على الجميع.

المؤمنون في البحرين وهم شعبها إلا ما استُثني لهم موقع في هذه السفينة، لهم مأوى في هذا البيت، لهم حظ من ظلال سقفه أولا؟! إن هذا الشعب ليهمّه من أمر دينه ما قد لا يهمّه من أمر دنياه، والدليل على هذا في كل الشعوب الإسلامية أنّها في موقف يُهدد فيه الدين تنسى كل غالٍ ورخيص، وهذا برهان جلي على أن الناس في البلاد الإسلامية ممن يؤمنون بالإسلام، ويذوبون فيه يقدمون دينهم على دنياهم وآخرتهم على أولاهم.

ألا يكفي هذا بأن يعلم الجميع أن الدين عزيز على نفوس المؤمنين؟! وأن الشرف والكرامة والطهر والعفة أول ما يطلبونه في هذه الحياة؟! وهل للجشع المادي لحفنة قليلة من الناس أن تسحق عامة الشعب، وتدوس كرامته بأن تطلب المال من كل باب وإن كان الباب الذي يغلق باب الدين؟! ومن كل طريق حتى الطريق الذي يقطع الطريق إلى الله؟ أي ديموقراطية هذه التي تتجاوز رأي مئات الألوف لخواطر عشرات ممن لا تشبعهم الدنيا كاملة، وقد لا يكونون إلا عشرة واحدة.

هل الحفل الماجن الساقط جاء لتخريب الأجواء الروحية الرمضانية؟! أهو مطروح على مستوى المنافسة المضادة لمدرسة الصوم؟! مدرسة الصوم تصنع، وهذا الحفل الماجن يصنع، وما يصنعه الصوم إنسانية ورجولة وهادفية كبرى ونظيفة وسمو ذاتي، وقدرة مقاومة للزحف الحضاري الغربي الفاسد، وشهامة وإرادة صلبة، واستعداد للفداء في سبيل المبدأ، وأمن وأمان، وروحية انسجام، وحفاظ على المملتكات والأموال والأنفس وكل عزيز محترم… ما يصنعه شهر رمضان تقدم على المسار الدنيوي وتقدم على المسار الأخروي، وما يفعله الحفل الساقط وسيله العارم هدم لإنسانية الإنسان، سقوط في العزيمة، تردي في الكفاءات، بعثرة اجتماعية، عدوانية، شهوانية، عصاب، عقد نفسية، نسيان للهدف، استسلام للعدو الكافر الغازي، ذوبان رجولة، ميوعة، سرقة لروحية الشاب والشابة. هل تأتي هذه الجزئية وحدة من وحدات برنامج مُعدّ ليقاوم أهداف شهر رمضان ويلغي عطاءاته ويحلّ محله البديل الحضاري الصديدي الساقط النتن؟

الذين يبحثون عن المال لجيبوهم الخاصة وليس لاقتصاد البلد ولا لرفاه البلد هل انسدّت عليهم كل أبواب المال والاستثمار إلا هذا الباب للمال الحرام الذي لا يُبقي ولا يذر من عزيمة شبابنا وشاباتنا ومن طهرهم وعفتهم، هذا الباب الذي لا يدخل على أبناء هذا البلد بسقوط العفة وذوبان لا الطهر ليقف عند هذا الحد وإنما ليقلب كل الموازين وليفصل عن الخط القويم بالكامل، وليخلق الاضطراب في هذا البلد ويزعزع الأمن ويحدث الفتنة؟!

وزارة الإعلام هل تعرف طبيعة هذا البلد المتديّن وانتماءَه أو لا تعرف؟ هل اطمأنت إلى انفصال شعبنا عن رساليته، عن تاريخه، عن أصالته، عن قرآنه، عن سنة نبيه، عن سيرة أوليائه؟ أو هي على علم وكما شهدت كل التجارب بأن أول ما يفكر فيه هذا الشعب هو دينه، وهو أخلاقيته، وهو كرامته واستقامته على الدرب؟! إن كان الأول فهو غباءٌ بالغ لا يؤهّل من يقوم على هذه الوزارة أن يقوم عليها، وإن كان الثاني فهو الفتنة المقصودة، ومحاولة النسف المتعمّد لأي مشروع إصلاحي صادق، ولأي لون من مدّ جسور التقارب والتفاهم بين الشعب والحكومة وهو محل حرصنا الشديد.

الوزارة كانت تقدّر رد الفعل أو كانت لا تقدّره، أنا لا أصدّق أنها لا تُقدّره، وأنا لا أصدّق أنها لا تعرف طبيعة هذا الشعب، الوزارة تعرف طبيعة هذا الشعب، وتعرف نوع رد الفعل لهذا الشعب إذا مُسّ بالصريح دينه، إذا قيل له أنت لست هنا، والأرض ليست لك، الأرض لأمريكا والأرض لأوروبا.

هل تشطب التاريخ جرة قلم؟ اليوم توجد من الأسلحة الفتّاكة ومن القنابل الذرية ما يأتي على أمة بكاملها وعلى أهل الأرض بكاملهم في لحظات لكن لم يوجد بعد ما يلغي تاريخ أمة، وما ينسي الإنسان المؤمن إنسانيته، وما ينحدر بالأمة عن طريق ربّها سبحانه وتعالى وستبقى هذه الأمة عنيدة مقاومة شرسة صبورة فولاذية حين تتحدّى في إسلامها وفي كرامتها.

الاستمرار على هذا المنهج _منهج الحفل الماجن وتمييع الشعب_ من أي وزارة يعني عدم صلاحية القائمين عليها.
أفكّر الوزير وفرّق بين كون التصرف تصرفا شخصيا وبين كون التصرف تصرفا في حاضر أمة ومستقبلها؟ وأنه تصرف بصياغة خاصة لأجيالنا الصاعدة وشبابنا وشاباتنا في الحاضر والمستقبل؟!

هذا اللون من التصرف ليس تصرفاً شخصياً، أنا شريكك في السفينة، أنا أسكن معك هذا البيت، أنا بما أنا مؤمن؛ بما أنا سني أوشيعي في هذا البلد مئات الألوف، وأنت كم؟ أنت المشتهي،وأنقل الحديث هنا من حديث مع شخص إلى حديث مع نوع قد لا يكون له إلا مصداق واحد أو مصاديق شحيحة – أنت الذي تشتهي هذا الطريق وتؤمن به كم أنت؟ والذين ينكرون هذا النوع من التصرف كم هم؟
أنا أقول لمن يتشدق بالديموقراطية كذبا من صحفي أو صحفية لا ينصفون الإيمان والمؤمنين، هل تجدون للديموقراطية أثرا هنا أو هو تغييب كامل للديموقراطية؟ حيث أن مئات الألوف تنكر المرة بعد المرة مثل هذا اللون من النشاط الهدّام ثم يأتي الاستمرار عليه.

شبابنا الأعزاء شاباتنا الكريمات.. أيها المجتمع المؤمن.. أيها الأخوة والأخوات المسلمون والمسلمات لا بد من إنكار للمنكر، ولا بد من أمر بالمعروف، ولابد من ضرب أروع المثل في رقي أساليبنا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلينا دائما أن نبرهن بأننا أحرص من كل الآخرين على المال العام، وعلى المال الخاص، على الأنفس والأعراض، وأن نتقدم بأساليبنا الإسلامية النقدية والاحتجاجية التي لا تقدم أصعب على أسهل، ولا تختار ما فيه ضرر على ما ليس فيه ضرر.

أنا لا أحتاج أن أعبر عن هذه الأساليب بالأساليب الحضارية وإنما علي أن أعبر عنها بأنها أساليب إسلامية أعني الأساليب الأكثر تأثيراً والأقل خسارة ليس بالنسبة لي أنا المحتج فقط وإنما بالنسبة لكل نفس.

وإذا كان للحضارة رقي، وإذا كان للحضارة أدب، وإذا كان للحضارة أخلاق، وإذا كانت هناك أساليب حضارية يقال عنها حضارية إطراء فهي أساليب مقتبسة من الإسلام.

أنا أؤكد على حالة الأمن والاستقرار وأن نخلص لهذه الحالة، وأن نسعى جادين لهذه الحالة، ولكن لن يفوق شيء حرصنا على إسلامنا وإيماننا، وكلنا إيمان بأن مصلحة الأمن والاستقرار ومصلحة كل المواطنين، ومصلحة العلاقة الإيجابية بين الدولة والشعب إنما تثبت وتستقر وتنمو وتتركز في ظل اقتراب أكثر فأكثر للمنهج الإسلامي والأخلاقية الإسلامية والطهر والعفة التي ينادي بها الإسلام.

اللهم صل على محمد وآل محمد، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين أبداً، وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، ولوالدينا وأرحامنا وجيراننا ولكل ذي حق خاص علينا من مؤمن ومؤمنة، ومسلم ومسلمة يا أرحم الراحمين ويا أكرم الأكرمين.

“إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ”

زر الذهاب إلى الأعلى