خطبة الجمعة (58) 27 صفر 1423هـ – 10-5-2002م

مواضيع الخطبة:

الأقومية في الإسلام  –  التقدم والنكسة في القرآن  –  ولاءالوطن ورموز الجهاد والإيمان  –  الانتخابات

نحن نقف مع كلّ قيادة محليّة تخلص للإنسان والإسلام، ونحن نقف مع كلّ قيادة عالمية مع أي قيادة ولو كانت في أمريكا. في موقف القيادة إذا كانت قيادة مع الإنسان والإسلام.

الخطبة الاولى

الحمد لله وحده ، ولا معبود سواه ، ولا قادر من دونه ، ولا معوّل إلا عليه ، ولا فيض إلا من لدنه . اشهد ان لا إله إلا الله الحي القيوم ، لا تأخذه سنة ولا نوم ، وأشهد ان محمداً عبده ورسوله سيد المرسلين وخاتم النبيم صلى الله عليه وآله أجمعين .
عباد الله اوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله ، وأن نبتغي الوسيلة إليه ، ونأخذ بالمنهج الذي أمر به ، ونسلك الطريقة التي أذن بها ، فلن يكون نهج كنهج الله تماماً وكمالاً ، ولا طريقة كطريقة دل عليها هداية وجلالاً ، ولن تجد البشرية صدقاً ولا عدلاً ، ولا تأكيداً جاداً على الكرامة وأصول الرقي ، وقواعد التقدم ، وأسس النجاح كما يمكن أن تجده في ألإسلام ، ولن نجد أنفسنا في فطرتها الصافية ، وضميرنا في نقائه الوضيء ، وانسانيتنا في صدقها العميق ، وطموحنا في علوّه الشاهق ، واخوتنا وتماسكنا وتعاطفنا وتعاوننا في الخير وجدّنا على طريقة في شيء كما يمكن أن نجد كل ذلك في احضان الإسلام وفي ضوء تربيته وحاكميته .

أما بعد فلنتوقف عند هذه الآيات الكريمة ولو قليلاً لنستضيء بشيء من هداياتها على قدر المتكلم لا على قدرها .
(وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين(37)) 37 يونس.
ماكان : تستعمل لنفي الشأنيّة ، أي ليس من شأن القرآن ، ولا من مستواه ، ولا من حجمه ، أن يستطيع أحد ان يفتريه فيقدّمه للناس ، لا يمكن لأي مفترٍ لأن يقدم صناعة القرآن ، لا يمكن لأي مخلوق أن يزور كتاباً كالقرآن ، فالقرآن فريد في مستواه ، رفيع عن كل المخلوقين شأنا ومتناولا.

وما كان هذا القرآن : أي قرآن ، هذا القرآن ، هذه المادة التي تقرؤنها ، بما وراءها من فكر ، بما وراءها من حق ، بما وراءها من علم لا يخطىء ، من تقدير لا يضل ، من شفقة ورحمة وحنان على البشرية ، من تقييم لوزن الإنسان بدقة بالغة لا يتخللها خلل على الإطلاق .

وما كان هذا القرآن : هذا القرآن الذي ثمرون عليه مروراً عابراً ، هذا الذي تتعاملون معه باستخفاف في موقع السياسة ، وفي موقع الإجتماع ، وفي معترك الحياة ، وفي مواقفكم الشخصية والإجتماعية .

وماكان هذا القرآن أن يفترى من دون الله : كلما تحاول البشرية وينضاف إليهم الجن ، على أن يأتوا بمثل هذا القرآن افتراءاً على الله ، لا تنال قدرتهم ذلك . ( …. ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين(37) يونس 0.
(قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا(88) 88 – 89 الإسراء.
قل : قل متحدياً ، قل منازلاً ، كلمة تقولها لكل الأجيال ، لكل الأمم ، لكل المستويات ، ليتبرهن عجزها عن مواجهة القرآن ، عن الرد على التحدي القرآني ، عن تحدي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالقرآن ، ويكفي كل الناس بأي مستوى من مستوياتهم ،ليؤمنوا به ،لأن يسلموا بحكمه ، أن ينصاعوا لرأيه ، هذا التحدي الذي عجزت البشرية كلها بأن ترد عليه .
قد لا تمتلك فلسفة للبرهنة على عظمة الإسلام ، قد لا تكون لك المطالعة التي تسمح بأن تثبت لنفسك جازماً ، بأن الإسلام أعظم اطروحة ، قد تنسد عليك كل سبل البرهنة على عظمة الإسلام ، ولكن أليس أمامك هذا البرهان الواضح الصارخ ؟! ألا ترى أن الكفر كله يضاد الإسلام ، ويبذل بلايين الدولارات من أجل محاربة الإسلام ، وإسقاط الإسلام لا يحتاج منه كل ذلك ، لو كان يستطيع أن يرد على التحدي القرآني؟!
فلتجتمع امريكا وأوربا كلها ، المستشرقون والمتغربون من العرب ، وروسيا وكل الدنيا ، على أن تنتج قرآناً مثله ، بل عشر سور من مثله ، بل سورة من مثله ، ليسقط التحدي القرآني وينقضح الإسلام ، وحاشاه..
(قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا(88). الإسراء. في عملية تعاون شامل كامل بين الإنس والجن ، لا يستطيع الإنس والجن مجتمعين على أن يردوا على تحدي القرآن،أن يأتوا بصياغته، بعمق أصالة أطروحاته، بصدق عقد يته، بدقة تشريعاته، بالأصول العامّة الأصيلة للتشريع فيه، بالرؤى الدقيقة التى يقدّمها بقواعد المعرفة الثابتة التى يتوفر عليها، بكنوز العطاء المعرفي التى يزخر بها بتوفيقه الرائع بين كل مافي الإنسان من متقابلات تعجز عن التوفيق بينها أى أطروحة من صنع الإنسان.
(ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل فأبى أكثر الناس إلا كفورا(89) الإسراء. كل اصل من اصول التشريع ، وكل أصل من أصول حركة الإجتماع الناجحة ، السياسية الناجحة ، الأقتصاد الناجح ، الإجتماع الناجح ، التربية الناجحه ، لا بد أن يكون هذا الأصل متوفراً عليه كتاب الله ، والمسالة مسألة إنسان قادر على أن يكتشف من كنز القرآن ما يثري الحياة ، ويغذي حركة الإنسان .
والحجم الذي يساوي القرآن هو حجم المعصوم ، وإذا تصاغرت الأحجام التي يمكن أن تتعامل مع القرآن ، تعاملاً معتبراً شرعاً، فلا يصح أن يهبط الحجم إلى حد المثقف بالثقافة الغربية مطلقاً .
(ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن..) التفتوا؛ دائماً التعبيرات في الآيات كلها : (هذا القرآن). (ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن..)، الذي يسر إليكم ، وضع بين ايديكم ، لتنكب عليه كل جهودكم دراسة وتمحيصاً وتدقيقاً ، وتتعاملوا معه بخبرة ليمدكم بالخبرة الجديدة ، وبالفهم الجديد، و بالرؤية الفسيحة المضافة .. (فأبى أكثر الناس إلا كفورا) و الواقع يشهد .

(إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم..)
أطروحة الحياة الكامله ، خارطة المسارالدقيقة ، الطريق الوحيد الواصل ، الذي يمكن أن ترقى من خلاله الإنسانية وتبلغ غايتها ، ان تشهد قضاء على التناقضات في داخلها ، وأن تتوفر على المستوى الإنساني الذي يؤهلها إلى جنة الخلد وإلى معايشة صف الأنبياء ،وإلى تجاوز مستوى الملائكة. كل ذلك إنما يهدى أليه القرآن، وليس أى كتاب آخر من جهد البشر.
(إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم…)
ما لكم تفتشون عن أطروحات في الشرق والغرب ؟ ما لكم تقرؤن لمثقفة العرب المتغربة ؟ وحتى للعمامة المبهورة بالغرب ؟ و لأركون ولغير أركون .. ، من عشاق الفكر الغربي ، ما لكم تبحثون هنا وهناك تفتشون عن أطروحة تحل مشكلة الحياة ؟
القرآن أهل البيت، وأهل البيت القرآن. تجدون مئات من الأحاديث تربط بين القرآن وأهل البيت (ع) وبين أهل البيت عليهم السلام والقرآن. وأهل البيت لهم ورثة ، ولقد أكدوا أن لهم ورثة ،و جعلهم الحديث ورثة رسول الله صلى الله عليه وآله ، وهم فقهاء الإسلام .
(إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا(9)الإسراء .
أجراً يشهدونه في الحياة وأجراً يعيشونه في الآخرة ..
والقرآن يتحدث عن شأن الرسول (ما ينطق عن الهوى(3)إن هو إلا وحي يوحى(4). النجم.
وهذا هو الخط الثاني في الإسلام ، هناك وحيان : وحي الكتاب ووحي السنة ، القرآن موحىً بمضمونه ولفظه ، والسنة موحاة بمضمونها ولا يخطئ الرسول صلى الله عليه وآله ، في المضمون الذي حمّله ربه أمانته .
” وما ينطق عن الهوى. إن هو إلا وحي يوحى” فيما يأتي به من قرآن ، وفيما يأتي به من سنة ، على مستوى القول وعلى مستوى الفعل وعلى مستوى التقرير .
حبل مدود من السماء إلى الأرض ، حبل النجاة ، حبل الرقي ، حبل السمو ، حبل الكمال ، وليس هناك من حبل آخر لذلك الكمال ، ولذلك الخلاص ، ولذلك الإنقاذ غير حبل الكتاب وأهل البيت الذين بيدهم السنة النقية الصافية وعلم الكتاب الدقيق.
نقف على بعض النقاط التي تدخل في الأقومية للأطروحة الإسلامية :
أولاً: التي هي أقوم:
1. يحدثك المنهج الإسلامي بما تجيش به فطرتك: إنها تشدك إلى الله وهو يشدك إليه سبحانه. تدعوك إلى الكمال وهو يدعوك إليه – إلى العلم والعدل وهو يشاركها دعوتها هذه… تبحث أنت عن الخلود وهو يبرهن عليه – وتبحث عن السعادة وهو يرسم طريقك إليها ..
فمامن أصل من أصول الفطرة ـ والفطرة لا تكذب ـ إلا وتجدله اعترافاً في الإسلام ورعاية له.
والإنسان ليس بهيمة يبحث عن الإكتراش فقط. الإنسان يبحث عن الحقيقة ، يتعلق بها ، يعشق أن يلتحم بها ، يبحث عن الخلود ، يبحث عن الرقي ، عن العدل ، عن الصفاء ، عن أجواء المحبة ، عن الطهر. كل هذه حاجات في داخل النفس لا تفارقها ، وإن حاولت الحضارة المادية ان تطمرها ، ولا يمكن أن تلبى هذه الحاجات إلا على طريق الله وفي ضوء منهج الإسلام.
2. أنت تعيش بفطرتك ميل الاجتماع وإحساس الأنا معاً ، والإسلام يوفق لك بينهما، يعترف لك بذاتك ، بخصوصياتك ، بحبك لذاتك. وكل سلوكك راجع ومنطلق من حبك لذاتك. نعم .. قد تخطئ ترجمة هذا الحب من خلل في الفكر ، ومن خلل في الشعور ، فتخطئ بذلك السلوك ، ولكنك حين تتصرف، تتصرف دائماً من منطلق الحب للذات . الإسلام لا يلغي حب الذات ، إنما يستطيع وبشكل دقيق ورائع ، أن يوفق بين حب الذات ، والميل إلى الاجتماع، ومصلحة المجتمع وضرورات نمو الفرد تفرض أن يندمج في مجتمع. الإسلام له اطروحته الرائعة هنا ، والتي توفق بين حاجات الأنا وحاجات الاجتماع . ولن تجد اطروحة في الأرض تفعل لك كل ذلك وتقدم كل ذلك ، إلا أن تحاكي القرآن حرفا حرفا .
3. لك بفطرتك حاجات بدن وتطلعات روح ، والإسلام يحدث فيك الانسجام بينهما. تعمل للحياة بهم الآخرة ، تبذل للآخرين بهم الآخرة ، تعتني بصحتك الجسمية ، تعتني بأوضاعك الأسرية ، تبني مجتمعاً قوياً في الحياة ، تطلب التقدم على مسار الصناعة والزراعة ومختلف مجالات الحياة بهم الآخرة ، وبحس الآخرة ، وبهدف الآخرة ، وذلك لا يحصل إلى في ظل التربية الإسلامية، والأصول التي تقوم عليها هذه التربية وتنطلق منها .
4. الإنسان لا يعيش في الأرض إلا بالواقعية، غير الواقعي ليس له مكان في الأرض . لا بد من واقعية ، وله في أعماقه تعلق بالغيب . فكيف يتم التوفيق بينهما ؟؟ الإسلام وحده هو الذي يوفق بين الواقعية في حياة الإنسان ، وهي ضرورة حتمية كي نبقى ولو يوماً واحداً على ظهر الأرض ، ومن دون هذه الواقعية لا يمكن أن نبقى هنا في الحياة ولو ليوم واحدٍ أو لأقل من يوم ، وسر عظمتنا وسمونا هو تعلقنا بالغيب ، وليس تعلقنا بالواقعية ، الواقعية ضرورة ، أما الارتباط بالغيب فهدف ، الذي يرتفع بك يصنعك إنسان محلّقاً في أجواء الطهر و يجعلك إنساناً تشعر بالأبدية وتشعر بالخلود وتشعر بالامتداد والقوة والسمو والرفعة ارتباطك بالغيب، وليس ارتباطك بالأرض والواقعية. كيف يتم التوفيق بين الضرورة وبين ما هو سر الكمال، – الارتباط بالغيب – إنه الإسلام وحده الذي جاءت أطروحتة في كل زاوية من زواياها وفي كل حكم من أحكامه لتبرهن على الانسجام الكامل الذي خلقه الإسلام بين الواقعية والغيب ولكم أن تراجعوا الأحكام الشرعية والتعاليم الشرعية بعقلية الباحث المتبصر لتعرفوا هذا يقينا، نعم الإنسان لا يعيش في الأرض إلا بالواقعية، وله في أعماقة تعلق بالغيب، والإسلام ينظم لك العلاقة بين ما تعيشة من روح الواقعية وما تغنى به من الإيمان بالغيب.
ثانياً: القرآن والسنة يخاطبان فينا أصولاً فكرية نابتة في الفطرة، ويخاطبان فينا منابع خلقية تثرى بها- أيّ الفطرة – ، وروحاً علوّية تتطلع إلى المطلق، وتتشوف إلى الانشداد إليه، هذا كلة مخاطب من القرآن في الإنسان. إنه – أيّ القرآن – يتحدث للإنسان باللغة التي يتلقاها بكل هذه الأبعاد في ذاته، بعقله، بحسه ، بقلبه، بروحه، بتطلعه إلى المطلق، بكل ما فيه من حاجه وبكل ما فيه من ضر وره وبكل ما فيه من تقديس للهدف، القرآن لا يخاطب بعداً من أبعاد الذات الإنسانية، القرآن كله في خطابه يخاطب الإنسان في كل هذه الأبعاد، وبذلك يعتمد مدى فهمنا للقرآن على حيوية وحضور هذه الأبعاد كلها. لا يكفي أن تكون لك حيوية فكرية لتفهم القرآن، لا يكفي أن تكون لك شفافية روحية لتفهم القرآن، لا يكفي أن تكون لك خبرة ميدانية لأن تفهم القرآن، وبذلك يعتمد مدى فهمنا للقرآن على حيوية وحضور هذه الأبعاد كلها في تعاملنا مع لغته، حيث أن لغته تخاطب فينا كل هذه الأبعاد، فلا بدّ أن يكون لكلّ هذه الأبعاد حضورها، حيويّتها، لكي تفهم من لغة القرآن، الشيء النافع، الشيء الداخل في صورة من التكامل. ومن فقد الذوق الخلقي الرفيع، وخبا إشعاعه الروحي، وتضررت فطرته الإنسانية بالموبقات ولم يبق له إلا فكره الرياضي لن يسمع من القرآن إلا مخاطبة بعد واحد، ومركز واحد من مراكز التلقي لمضامين القرآن وإيحاءاته واشعاعاته، وهنا لا بدّ أن يخرج بفهم مجزوء مبتور، لا يمكن أن يمثل اطروحة الحياة في فهم القرآن. وهذا البعد عن أجواء القرآن لابد أن يؤثر على الفهم الفكري لمضامينه خاصة إذا انضاف إلى ذلك، التشبع بمفاهيم ورؤى ومقاييس الثقافة المعادية لثقافة القرآن.
ويظهر من هذا واضحاً عدم صحة الاعتماد على قراءات المتغرّبين ومقلدة الفكر الأجنبي والذين يعانون من انعكاسات الحضارة المادية على المستوى الروحي والنفسي للكتاب الكريم. فهمهم للكتاب الكريم لا يعتمد عليه. وأن الثقافة القرآنية – أي التي تصح نسبتها للقرآن وإن لم تمثله بالكامل،(1) هي الثقافة التي تتمخض عنها قراءة المختصين ممن يتوفرون على الحيوية الفكرية والطهر الخلقي وصفاء الفطرة وإشعاع الروح، ويعيشون أجواء الإسلام والقرآن، ويستنشقون نسيم هذه الأجواء ، وينفعلون بها من خلال أبعاد شخصيتهم الإنسانية الرفيعة كلها .
ولنقرأ في هذا قوله تعالى: الم(1)ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين(2)الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون(3)والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون(4). البقرة/ 1- 4.
وقوله سبحانه: الم(1)تلك آيات الكتاب الحكيم(2)هدى ورحمة للمحسنين(3). لقمان. إلى آخر الآيات.
اللهم صل وسلم على محمد وآل محمد ، ولا تحرمنا هداك ، ولا تمنعنا رحمتك ، ولا تجعلنا فريسة الشبهات ، واكفنا أن تزلّ بنا الطريق ، وأن يستحوذ علينا الشيطان ، وينال منا بغيته . اللهم اغفر لنا ولوالدينا واخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين ومن كان له حق خاص علينا منهم يا غفور يا رحيم يا علي يا عظيم .
بسم الله الرحمن الرحيم.
قل هو الله أحد(1)الله الصمد(2)لم يلد ولم يولد(3)ولم يكن له كفوا أحد(4). الإخلاص.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): توضيح:

أنا عندما أقول أنّ نتاج محمد حسين الطباطبائي – أعلى الله مقامه – يمثل ثقافة قرآنية، نتاج قلم الصدر الكبير يمثّل ثقافة قرآنية، نتاج الخميني العملاق يمثل ثقافة قرآنية، نتاج بقية المراجع والعلماء والمثقفين الإسلاميين الحقيقيين يمثل ثقافة إسلامية، لا أدعي أن هذا هو القرآن بالكامل، وأنّ هذا هو الفكر الإسلامي الدقيق لكن تصحح لي الأحاديث، وتصحح لي النصوص، أن أنسب هذه الثقافة للقرآن والإسلام على خلاف ثقافة منتجة على يدي فكر تلوّث بالفكر المادي الغربي، غربيا كان أو شرقيا.

الخطبة الثانية

الحمد لله ولي النعم دافع النقم نور المستوحشين في الظلم مبير الظالمين قاصم الجبَّارين. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له برأ الخليقة بقدرته، ودّبر الأشياء بحكمته، وهدى العقول إلى معرفته، وأنطق الكائنات بتسبيحه.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله جعله رحمةً للعالمين وهدى به المؤمنين، وقمع به الشياطين. صلى الله عليه وآله أجمعين.
عباد الله اتقوا الله العظيم الذي يملك عليكم أنفسكم وما يتراءى لكم أنَّكم تملكون، وتحصّنوا عن السقوط بذكره، ومن الهلكة بالتمسك بحبله، وابتغوا إليه الوسيلة تأمنوا، واطلبوا رضاه بطاعته تسعدوا. وما نسي عبدٌ ربّه إلاَّ وكان فريسة الشيطان، وما هجر دربه إلا وكان في خسران. فلنحذر من أن تكون حصيلة العمر، وثمرة الحياة موقعاً في لظى، ورفقة لأهل الشقاء. وربما وجدتَ غداً أخاً لك في الحياة تفترسه العيون ولا يؤبه به، في أعالي الجنة ينعم في زمرة السعداء؛ ويقرّب من مجالس الأنبياء. ولئن تكن في جولة الحياة سعادةٌ ورغد وليس كذلك عند الإمعان في واقع البعيدين عن الله، فهي قصيرة قصر الحياة، قلقة قلقها، والسعادة الحقة والهناء الغزير الدائم في الآخرة التي هي الحيوان ولكن أكثر النّاس لا يعلمون. وجنة الله لأهل طاعته، ولا يخدع الله عن جنته. ولأهل معصية الله ومكابرته السعير.

اللّهم صلّ على محمد وآل محمد. اللّهم صلّ وسلم على البشير النذير والسراج المنير صاحب المعالي والمكارم حبيبك المصطفى أبي القاسم. اللّهم صل وسلم على فارس بدر وحنين، المصلّي للقبلتين، أمير المؤمنين أبي الحسنين. اللّهم صلّ وسلم على البضعة الطاهرة، والدّرة الفاخرة، الرشيدة المهديَّة فاطمة الرضيَّة. اللّهم صلّ وسلم على علمي الهدى، ورايتي التقوى الحسن المجتبى والحسين الشهيد بكربلاء. اللّهم صلِّ وسِّلم على الراشدين المهديين والصالحين المرضيين قادة الدنيا والدين علي بن الحسين زين العابدين ومحمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد الصادق وموسى بن جعفر الكاظم وعلي بن موسى الرضا ومحمد بن علي الجواد وعلي بن محمد الهادي والحسن بن علي العسكري العابدين الشاكرين.

اللهم صلّ وسلم على زعيم التقوى، والمنقذ من البلوى، معيد العزة والكرامة، سليل بيت النبوة والإمامة، الرشيد العالم، المهدي القائم. اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه ومكّن له ولا تمكن منه، وعجل فرجه وسهل مخرجه وأنقذ به المؤمنين وشرد به الكافرين و المنافقين، اللهم الناصر له والسائر على دربه والمهتدي بهدية زدْ توفيقه توفيقاً، وعزّه عزّا َونصره نصراً وسدّد قوله، وصوب فعله، واشدد في الخير عزيمته وأيد وسدد وانصر كل قادة الدين وعز المؤمنين وحمى الشريعة والدين يا ولي المؤمنين وناصر المستضعفين.
أما بعد فعلى طريق بناء وعيٍ إيمانيٍّ رصين وتكوين رؤية إسلامية صحيحة لابد من الاهتداء بهدى القرآن والاستنارة بعطاءاته الفيَّاضة، وهاتان آيتان من آيات الكتاب الكريم تقدِّمان لنا بصائر تحتاجها في الحياة وبعد الممات وكل القرآن بصائر وإنارات ودروس للهداية.
(ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون(96) الأعراف.
الآية تقدم سبب التقدم وسبب النكسة، للتقدم سبب في نظر القرآن، والتقدم في القرآن ليس تقدماً اقتصادياً فقط. حينما نتحدث عن التقدم إنما نتحدث ونحن في ظلال القرآن عن التقدم الإنساني الشامل على مستوى حياة البدن وحياة الروح، يا أخي إذا تقدمت الجنبة الاقتصادية لتقتل إنسانيتي لتفتك بإنسانيتي لتهرب بي بعيداً عن خط النجاة عن خط الله فأنا متقدم أو متأخر؟ إننا لا نقيس التقدم، لا ننسبه إلى ما بيدي الإنسان، المحاسبة لتقدم الإنسان. إذا تقدم الإنسان تقدمت كلّ أوضاعه، وإذا تخلف الإنسان قد تتقدم بعض أوضاعه ولكن على حسابه، هذا خسارة، وهذا تخلف. التقدم أن تكتسح مشاكل الحياة، أن تكنس من الحياة مشاكلها، وأن تكون إنساناً راقياً وهذا هو منهج الإسلام، منهج الإيمان والتقوى، الذي يعبّر عنه الارتباط بالعقيدة والشريعة؛ الارتباط في السياسة، في الاقتصاد، في السلم في الحرب في الحياة الشخصية، في الحياة الأسرية، في الحياة الاجتماعية، في المساحة الكاملة من حياة الفرد والمجتمع. (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات…) نلتفت إلى كلمة فتحنا. البركات موجودة، بركات السماء والأرض تتسع لتدفق الأجيال مهما كانت، ولكن بركات السماء والأرض، وخزائن الله، التي لا تشح، ولا تشكو من شح ولا قلة لها مفتاح، ما هو المفتاح؟ استعمل مفتاح قوانين الله ينفتح عليك. فتحنا بقوانيننا ولا يلزم أن تكون هناك غيبية فوق العادة، الغيبية غير المنظورة هنا، غيبية قوانين الاجتماع، وقوانين الحياة التي تحكم الحياة، وتحكم الاجتماع. (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض..) الكون صمم تصميماً إلهياً دقيقاً لا يمكن أن تنفتح فيه ثغرة من خلال نقص النظام، نعم من خلال سوء التعامل مع النظام يصح أن يترتب خلل، ويحصل نقص (ولو أنّ أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض..) والقرى هي المجتمعات والشعوب والأمم والبركات عامة؛بركات مادية بركات اجتماعية بركات أمن، بركات هدايات، بركات طمأنينة، بركات نصر، كلّ البركات ، بركات هنا للتعظيم، حسب السياق. “ولو أنّ أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذّبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون” سبب النكسة دائماً هو التكذيب بآيات الله، أمريكا تعاني من نكسة نكسة الإنسان، نكسة الأمن، كلّ الدنيا الآن تعاني من نكسة، وليس بلداً دون بلد، والسبب واحد، قوانين الحياة، بأنّ من زرع الشوك حصد الشوك، ومن زرع الورد جنى الورد، ولا تزرع الورد إلا بأن تتبع منهج الله، وحيث تنحدر عن منهج ا لله فزراعتك شوك، زراعة الحضارة المادية شوك، ولا بدّ من أن تذوق مرّ ما زرعت.
الآية الكريمة الثانية:
(ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون(41) الروم.
(ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس..) في نفس السياق، تسألون لماذا المشكلات؟ لماذا الخوف؟ لماذا الابتسار في الحالة الاجتماعية؟ لماذا الفوضى؟ لماذا الحروب؟ لماذا الفقر؟ لماذا تفشّي الأمراض النفسية؟ تسألون عن هذا؟ خذوا الجواب: (ظهر الفساد في البّر والبحر..) أنت وبيئتك تفسدهما، وتدخل بالسوء عليهما وتفتك بعوامل الصحة فيهما والعطاء، عندما تجني اليد سوءاً في مخالفة لله العظيم (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس..) والتفتوا، (ليذيقهم بعض الذي عملوا..) هذه المشكلات ليست المردود الكامل لما كسبته أيدينا، هذه المشكلات بعض مردود ما كسبته أيدينا، والمستحقّ أكثر، والآية الكريمة تقول: (ليذيقهم بعض الذي عملوا..) ولماذا؟ (..لعلهم يرجعون) تربية يا أخي، رحمة من الله، هذا الذي نذوقه من نتائج انحرافنا عن الخطّ الإلهي، فهو نداء عملي تكويني، ينطلق من الرحمة الإلهية لهذا الإنسان أن ارجع إلى خطّك الصحيح، ارجع إلى ربّك أيّها العبد الذي لا تملك لنفسك نفعاً ولا ضرّاً، كنتَ فرداً، أو كنت أمّة أو كنت البشرية كلّها.
اقرأ سريعاً بعض النقاط استضاءةَ بالآيتين الكريمتين:
1. الارتباط العلّي ويعني أننا نشهد هنا ارتباطاً عليّاً بين المهج الالهي وبين التقدم الواسع، وبين التخلف عن هذا المنهج وتحوّل الحياة إلى حياة مشكلات.
2. مشكلات البر والبحر والفساد الذي يغطى المساحة الضيقة والواسعة منهما في صورة مآسي بيئة واقتصادية وأمنية واجتماعية وصحية وإنسانية جريمة بشرية ونتيجة للانحراف في موقف الانسان نفسه عن خط الله.
3. الجزاء الذي يرتبه القانون الإلهي التكويني في مساحة الاجتماع تربويّ نابعٌ من الرحمة الإلهية الواسعة.
4. هذا يعلمنا من أين نبدأ حلّ المشكلة، وأن المعالجات السطحية لا تقدم حلاً كاملاً… وأن المشكلة أساساً هي مشكلة الإنسان؛ أيّ منهجٌ يختار؟ أيّ موقفٍ يقف… يفسد أو يصلح… يكون خليفة الله… أو وكيلاً هنا في الأرض عن الشيطان؟
5. وهذا يعلّم الشعوب والأمم بم تطالب أنظمة الحكم فيها. تطالبها بالاقتراب من منهج الله أو بأطروحاتٍ أخرى… ويُعلّم الحالة الشعبية التي تبحث عن الانقاذ كيف تثقف الناس وبأيّ أخلاقية تربطهم، ولأيّ منهجٍ تشدّ حركتهم وعقولهم وأفئدتهم.
6. وهذا يجعلنا لا نتوقع إلا مزيداً من المشكلات ما دام منهج الله عزّ وجل في عزلة عن حركة الحياة، وإن جاء كل يومٍ جديد من اطروحات الأرض، ومبتدعات صنّأع الحضارة المادية أو الروحية المنحرفة عن الدين.
7. ويجعلنا لا نخون أجيالنا التي نتحمّل مسؤولية تربيتها بتقديم أي بديل عن منهج الله الذي اختاره لسعادة عباده. علينا أن نفني كلّ لحظة من لحظات حياتنا على هذا الخط التربوي المخلص للإنسان كلّ إنسان.
8. ويجعلنا أثقل من أن تستخفنا الاطروحات المصنّعة في معامل المستكبرين وإن جاءت كل يومٍ في ثوبٍ جديد وبعناوين تجتذب المغفلين.
9. ويجعلنا لا نلتف أبداً، ولا نقيم وزناً أصلاً لأي قيادةٍ تتقدم باسم الثورية والتغيير وهي تؤمن بغير الإسلام أو تعيش واقعاً يكذّب دعوى صدقها مع منهج الله.
أيها الأخوة المؤمنين والأخوات المؤمنات:
ولننتقل إلى التعليق على بعض الأمور وبصورة مقتضبة جدّاً من شؤون الساحة العملية الآنية:
1. طرحت الصحافة بلغةٍ استفزازية التنافي بين الولاء للوطن والولاء لرموز الجهاد والإيمان من أبناء الأمة. أقول ماذا يعني (الالتفاف حول القضية الفلسطينية، يعني خيانة للأمة؟! أقول ماذا يعني التكريم والاعتزاز برجالات التاريخ المجيد في الأمة الاسلامية)؟! هل يعني انفصالاً عن الوطن؟! نحن نملك فهماً أدقّ من هذا الفهم المطروح المبتذل، فهمنا أنّه لا تنافي بين الولاء للوطن والولاء للأمّة، ورجالات الأمة، الرجالات الرساليين، رجالات الإنقاذ، الرجالات المخلصين. نحن نقف مع كلّ قيادة محليّة تخلص للإنسان والإسلام، ونحن نقف مع كلّ قيادة عالمية مع أي قيادة ولو كانت في أمريكا. في موقف القيادة إذا كانت قيادة مع الإنسان والإسلام. يوم أن يتحول الأمريكي إلى إنسان مسلم سنتعلق به، سنعشقه سنلتف حوله. هذا وأوصي جداً بالاعتزاز بالوطن لكن في ظل الفهم الإسلامي، والإخلاص للوطن على خطّ الإسلام.
2. المرشح العاقل الفائز في الانتخابات البلدية لا يحاول أن يخادع الشعب، ولا يختار أن يدخل في مواجهة معه. والشعب تفرض عليه مسؤولياته المتابعة لمواقف الفائزين بعضوية المجالس البلدية. والديموقراطية بلا وعي كافٍ وبلا يقظة روحية، وبلا رقابة تمثّل كارثة.
3. خرافة الوعد والوعيد على استنساخ الآيات المباركة لأي شيء تهدف يا إخوان: تعرفون هذه الخرافة؛ يأتيك في بيتك، من خلال بريدك الألكتروني، أو عن أيّ طريق آخر اكتب الآية الفلانية ثلاثين مرة، سبعين مرة، وزّع الحلويات وإلا أصبت بكذا، وإذا كتبت نلت كذا. تستهدف مثل هذه التهريجات:
‌أ. خلط الفكر الإسلامي الراقي بالخرافة من أجل تسخيفه وضربه واسقاط قيمته.
‌ب. اشغال الأوساط الإسلامية عن الاهتمامات الكبيرة.
‌ج. خلق مناخات مناسبة لتقبل دعوات المضلّين من أهل البدع الذين يخدمون أغراض الكفر العالمي، والسياسات الظالمة المعادية لدين الله.
‌د. ثمّ إنّ حكم الاستجابة لطلب الاستنساخ أنّها حرام حرام حرام. إذا كتبت الآية التي جاءك أن أكتبها لتفوز بكذا من قول هذا الفاسق أو ذاك وكتبتها استجابة لأمره فأنت قد ارتكبت حراماً وهدمت الإسلام.
4. لابد أنك اكتشفت نفسك في انتخابات أمس، وعرفت موقع الله العظيم سبحانه وتعالى في قلبك، وموقع الشيطان، وأن أيهما له منك رأيك وتوجهك وصوتك وولاؤك… وعرفت كذلك موقعك عند الله عزّ وجل، وما هو مصيرك لو متّ على هذا الحال. ولقد استطاع أحدنا في هذا الموقف البسيط أن ينكشف لنفسه وأنه حسيني حقاً أو يزيدي. كما أمكنه أن يعبّر عن مدى وعيه السياسي فيما قدّره من موقفٍ في ضوء مصلحة الدين والوطن.
5. أمريكا تطلب المستحيل، وأحلامها ليست واقعيّة. والارض الأسلامية لن تكون ساكنةً ومستقرةً تحت أقدام الأمريكان والأوروبيّين الذين جاؤا بغزوهم الجديد، وأن الأسلام لن يموت، وإنما قد يزيد انبعاثه. هذا الهجوم شرس عدواني وردود الفعلِ في البلاد المغزوة ستتواصل بقوة بما يسقط الرهان الأمريكي على هذه العمليات الفاشستية الظالمة.
اللهم صل وسلم وزد وبارك على الحبيب محمد وآل محمد وزدنا منهم قرباً، ومن شرار خلقك بُعداً، وفي الآخرة طمعاً، وفي الدنيا زُهداً، وفي الصالحات رغبة، وفي الطالحات بغضاً. اللهم انصر المجاهدين في سبيلك، والذائدين عن دينك واغفر لنا ولهم ولمن يهمنا أمره ولكل ذي حقّ خاص علينا ولجميع المؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك التواب الرحيم، الغفور الكريم.

{ إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون} النحل/90

زر الذهاب إلى الأعلى