خطبة الجمعة (9) 8 ربيع الأول 1422 هـ – 1-6-2001 م
مواضيع الخطبة:
الغرور– وفاة الإمام العسكري (ع) – التجنيس –الاحتفالات
وقيمة الوقت
مسألة التجنيس التي
مختلف على ثبوتها وعدم ثبوتها وإن أعطت الصحافة إشارات الثبوت هذه المسألة مسألة
تمس حاضر الوطن ومستقبله ومصلحة الشعب والدولة معاً الشعب كل الشعب الشعب صاحب
الأرض كل الشعب سنيه وشيعيه
الخطبة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله السميع العليم الذي يدبر الأمور والأحوال، ويقلب الليل والنهار، ويعلم ما ظهر وما بطن من الأسرار، ولا تدركه الأبصار، ولا تناله التغيرات ولا تمسه التحولات، ولا يفوته جزاء الأخيار والأشرار، الظاهر بقدرته في الآثار، الخفي كنهه عن العقول والأنظار، لا تدرك ذاته، ولا تنال الأوهام صفاته، ولا حد لجماله، ولا منتهى لجلاله .
أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له، لا تخرج الأشياء عن أقدارها التي قدرها لها، ولا تتمايل عن غاياتها التي حددها لها، ولا تنحرف عن مساراتها التي كتبها عليها، فكل الأشياء مدبرة بأمره، مقهورة لقدره، محكومة لقضائه .وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سار على الهدى، والتزم الطريقة المثلى، وكان القدوة العليا للسالكين إلى العلى، والصالحين من أهل الرشاد والتقوى .
اللهم صل وسلم على النبي المسدد، والرسول المؤيد عبدك المصطفى محمد وآله الذين انتجبتهم لولايتك، وارتضيتهم قادة لعبادك، ومفزعاً يرجع إليه أهل طاعتك وطلاب أحكام شريعتك، وأنوار هدايات دينك.
نستغفرك ونستهديك ونسترشدك ونتوب إليك، ونفر من عدلك إلى إحسانك، ومن غضبك إلى رحمتك، ونعوذ بك من كل شيطان مريد، ومن كل جبار عنيد، ومن كل شر العبيد.
عباد الله ألا فاتقوا الله فإن التقوى خير الزاد ليوم المعاد، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. يوم المعاد يوم فزع وجزع ووجع، ويوم أهوال وشدائد وكربات، ويوم خزي وعار وذل، ولا مركب للنجاة من كل المآسي والشدائد والأهوال والكربات والذل والهوان يوم يقوم الحساب إلا أن يقدم المرء عملاً صالحاً في هذه الحياة ويتخذ من أولياء الله أولياء، ومن أعدائه أعداء، ويستقيم على درب ولاية الله وولاية أوليائه، مستبقاً للخيرات، مسارعاً في المبرات، مفارقاً للمخازي والسقطات والمنكرات، ألا فلنتخفف من أوزارنا وأثقالنا بالتوبة، ونتوضأ من سيئاتنا بالتوبة، ولنقبل على الله، راغبين حتى نصير إليه غداً مفلحين. وإن غداً لناظره لقريب، وإن يوم الرحيل لصعب شديد، لا يخفف من كربه إلا عمل صالح، وإخلاص في العمل وجهاد في الطاعة بلا كسل، وإقبال على الله و ادبار عمن سواه، إلا من كانت محبته من محبته، وطاعته من طاعته، ونصرته من نصرته.
أيها الأخوة المؤمنون والمؤمنات، إن الخير في اليقظة، وإن الشر في الغفلة، وإن ا لنجاة في التدبر والنظر الدقيق والرؤية الصائبة، وما ينتهي إليه ذلك عند المالك نفسه بمتابعة الحق، والأخذ بالصدق، وإن الهلاك في السطحية والنظر الطائش، والرؤية الكاذبة، وما ينتهي به ذلك عند المغلوب نفسه من متابعة الهوى، والاستئناس إلى سراب الدنيا، وبيع النفس بالذي هو أدنى ، وهذا أبشع ما يقع فيه الناس من جهل مهلك وغرور قاتل.
يقع الإنسان فريسة الغرور حين يغيب عنه العقل
ما الغرور؟ سكر الغفلة والغرور أبعد إفاقة من سكر الخمور. الغرور حالة تعتري النفس، شعور كاذب يستولي عليها، يريها الأشياء على غير أوزانها وأحجامها، ويوقعها في الرؤية السرابية الضالة المضللة، تنقلب في نظر المغرور الحقائق، وتتبدل الأشياء ، ويرى الحق باطلاً والباطل حقاً، هوىً في النفس يقوم ويتفاقم، ويشتعل حتى إذا وافى فكرة سطحية مما يوافقه تحولت هذه الفكرة إلى حق حقيق في النفس ا لخاطئة، إنها حالة من السكر، ولكنه السكر العميق الطويل، السكر الذي يستوعب الحياة كل الحياة، والذي قد يستغرق الحياة كل الحياة، حتى يعيش المرء كل حياته في حالة من السرابية والضبابية والجهل المقيت، لا يلقى العاقل مغرورا، ما دام عقل وما دامت إفاقة عقل، وما بقي العقل على تفكيره ونباهته ووعيه، فلن تجد صاحبه مغرورا، إنك تجد الإنسان فريسة الغرور، وفقد الصوابية في الرؤية والشعور، حين يغيب العقل، وحين يختفي الدين من النفس، أو حين ينطلق هذا الدين بلوثاه النفس وأقذار ا لنفس وخالفات السلوك، إذن هناك مجانبة واضحة بين حالة الغرور وبين حالة التعقل والتفكر والنظر الموضوعي المتزن وإصابة الحقائق. جموح الغرور في الاستنامة إلى العدو الشيطان العدو، النفس عدو، قوىً شيطانية في الأرض عدو، قد يكون من الزوج عدو، قد يكون من الولد عدو، قد يكون من البيئة عدو، قد يكون من الشعارات عدو، التعامل مع الأعداء بغفلة أن يغط العقل في نومه، أن يغيب الضمير الديني، أن يغيب المفهوم الديني، أن تختفي الرؤية الدينية، هنا تكون النكبة وهنا تكون النكسة يقع أحدنا فريسة سهلة وصيداً سهلاً لعدوه أي عدو من هذه الأعداء حين لا يكون معه عقله، وحين لا يكون معه دينه، ذاك هو الغرور.
ماهي مصادر الغرور؟ ” وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ” 70/الأنعام
حب الدنيا ومظاهرها مصائد للإنسان
الدنيا بزينتها، الدنيا بزخرفتها، الدنيا بمواقعها، الدنيا بشهرتها، الدنيا بعلاقات الصداقات فيها، الدنيا بمشتهياتها، الدنيا بمرءاها الأخاذ للنفوس البسيطة تغر، وهي تغر وتمر وتضر ، تغر وما أسرع ما تمر وتنتهي، لكن ضررها يبقى مع الخلود و يبقى خسارة كبرى إلى الأبد، هذا مصدر من مصادر الغرور، والاستنامة إلى هذا المصدر العدو الدنيا، وإذا اختفت النظارة الفطرية للنفس البشرية، وخلع امرء نظارة الدين عن بصيرته، صار لا يرى من جمالٍ إلا جمال الدنيا، وصار سهلاً لأن يقع في فتنة الدنيا.
” وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمْ الْأَمَانِيُّ ” 14/الحديد
طموح المركز، طموح الشهرة، طموح المال، طموح الجاه، أن يبني كثيرا، أن يزرع كثيرا، أن يظهر الرقم الأول في المجتمع، أماني تستحوذ على المرء وتأخذه على طريقها، ليرى من بعد ذلك يديه خالية الوفاض، ليرى يديه صفرا، ليرى تبعات بلا مكاسب، ليرى هزائم بلا انتصارات، ليرى خسارة بلا ربح، فإذا به مع الأنفاس الأخيرة يرى أن كل شيء من حياته قد مضى ، ولم تبق معه لذة واحدة من لذائد الحياة، لا لذة شهرة ولا جاه ولا موقع ولا مال وإنما يرى أمامه درباً طويلاً صعباً شائكاً مهولا، غريباً عليه بكل معالمه، فتفزع النفس وتضج، ولكن بعد فوات الأوان. ” فَلَا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ” 33/لقمان
القوى الإستكبارية ليست شيئاً أمام قدرة الله
القوى الكبرى الإستكبارية الطاغوتية صنم ضخم ، صنم من القوة، صنم من العلم، صنم من الأبهة العسكرية، صنم من المال، صنم من جمال الدنيا من جمال البيئة والمرأة، من جمال الأثاث والرياش، القوة الطاغوتية في الأرض صنم يقوم مقام الرب العظيم اللامتناهي في ملايين النفوس من الناس غرورا، مخدوعون مغرورون واهنون وقعوا فريسة الغرور للعدو الكافر حتى اهتزت الثقة في النفس والمبدأ، وهان على الذات الرخيصة أن تبيع قومها، وأن تبيع أرضها، وأن تبيع كرامتها، وأن تبيع كل القيم والمقدسات متمرغة على قدمي الصنم الهزيل الهش، صنم الكفر العالمي والقوة الطاغوتية الاستكبارية في الأرض. رب العباد الذي يعلم أن القوى الكفرية هم جند ما هنالك، كل القوى العالمية الإستكبارية ( جُندٌ مَّا هُنَالِكَ ) ص 11- ليسوا شيئا، أمر تافه أمام قدرة الله عز وجل وقدره، الله الذي يعلم هذا ويعلم ما أنت وما يداعب خواطرك، ومسارب النفس ا لتي يأتي منها الشر إليك، يخاطبك .
“لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ(.)مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ(.) ” 196-197/آل عمران .
سحابة عابرة ما وجدت هذه السحابة قهراً على الله، إنما هي فتنة من فتن الإنسان كفتنة الشيطان ، الدار دار امتحان وبلاء، والدرب إلى الجنة مفروش ليس بالرياحين، إنما مفروش بالأشواك، وعليك أن تقطع الرحلة مجاهداً مكافحاً وأن تمتلك النفس الواعية، والعقل الواعي، وأن تمتلك القدرة والصلابة التي تواجه بها تغرير الشيطان الأكبر أمريكا وأوربا والشرق ا لكافرين، ” مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ(197) آل عمران- أحجار في جهنم مع الذل والهوان والاستكانة والاستغاثة التي لا تجهد.
قوة المؤمن وضعف الجاحدين
” إِنْ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ ” 20/الملك هؤلاء الساقطون، هؤلاء السفلة الجاحدون، هؤلاء الذين يستهوون ملايين من الناس، ويدخلون الغرور إلى أنفسهم والغفلة ويصطادونهم بسهولة ومرونة، هؤلاء هم أنفسهم مغرورون، هم أنفسهم واقعون فريسة للشيطان، لو ملكوا النفس الكبيرة، ولو ملكوا العقل المفكر، لما صاروا إلى ما صاروا إليه من نسيان الله جبار السماوات والأرض وهم في قبضته ليل نهار، هم في قبضته ليلاً نهارا، وإنما هي الغفلة منهم والغرور والسذاجة أن يرو من أنفسهم أربابا، وأن يقدموا أنفسهم للعالم أربابا ليصطادوا شباباً بعد لم يعِ، أو يصطادوا فتاة بعد لم تكتمل، أما الشاب الذي وعى و الفتاة التي كملت، شباب الإيمان، فتاة الإيمان، لا يمكن أن يهتز وجودهما الكبير العملاق أمام عاصفة الكفر وإغراء الكفر وحيلة الكفر. ويترائ لهم أنهم يملكون ما يملكون وأنهم يستطيعون أن يملكوا مصير الأرض، قامت ثورة في الأرض عملاقة كل العالم مجتمع على عداوتها، ثورة الإمام الخميني أعلى الله مقامه، فسحق إرادة الكفر العالمية، سحقتها قبل ذلك إرادة الله وقدر الله وفاعلية الله التي لا تقاومها فاعلية ولا توجد من دونها وبدون إذنها فاعلية. ” بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا ” 40/فاطر
أيضاً هم يقعون فريسة الغرور من بعضهم لبعض، وكلما أراد أحدهم أن يفيق ويرجع إلى الخط اجتمعت قوى الكفر العالمية لترده إلى خط الانحراف وتحجب أن يرى الحقيقة على ما هي عليه وأن يرفع جبينه إلى الله وأن ينفتح قلبه على الله فعاد مرتكساً منكوسا، الحذر الحذر أيها المغرور فوالله لقد سترَ حتى كأنه غفر. ستر الله إمهال، الله يغر الكثيرين إمداد الله يغر الكثيرين، يتوافد عليك النصر، يتوافد عليك الرزق، تتوافر لديك الصحة فتنسى ربك، وتريك نفسك أنك أملك لأمرك من ربك وأن هذا بقضاء وقدر منك ولكنه الغرور إمهال الله، ستر الله، لا يغرن أحدنا أن يستر الله عليه فإن في الستر امتحانا، وإن في الستر مهلة للعودة، فتح باب عودة، وإن يستمر امرء على ما عاند الله عز وجل به وهو يستر عليه فضحه في يوم من الأيام فضيحة لا يستطيع أن يسترها بساتر، من جهل اغتر بنفسه وكان يومه شراً من أمسه، الجهل مصدر آخر من مصادر الغرور، الجهل بالله، الجهل بأخذ الله، الجهل ببطش الله، الجهل بنعم الله، الجهل أمام العبر وأمام العظات، وأمام دروس الحياة، الجهل بما جرى على الماضين، وبما يجري على الحاضرين بالجبال التي تندك، بالطواغيت التي تتساقط، بالقوى الشديدة البشرية التي تذوب، بالشاب المفتول العضل، الذي يتحول في أيام إلى شمعة ذائبة ، من جهل اغتر بنفسه وكان يومه شراً من أمسه.
أقتل الغرور وشره :
” يَاأَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ(6)الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ(7)فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ(8) ” الانفطار.
عقلك وزنه، عواطفك حجمها، نوعها، كل ما فيك من تركيب الله، وتقدير الله، وتدبير الله، وأنت كل لحظاتك في قبضة الله، في قبضة الله بمعنى أن ليس من لحظة تعيشها إلا بفيض من الله، وإلا بعطاء من الله سبحانه وتعالى، ما الذي يصغر الله في قلبك؟في نفسك؟ ما الذي غرك في الله فصغره في نفسك؟ أن وجدت إلهاً آخر؟ أن وجدت خالقاً آخر؟ مدبراً آخر؟ رازقاً آخر؟ حياً قيوماً غير الله؟ أن وجدت هذا الكون يوجد ويقوم ويدوم من غير مدد ولا رفد؟ أن وجدت أنك تقدر على شيء خارج قوانين الله؟ أن وجدت مصنوعاً في الأرض صُنع بغير قدرة الله؟ هذا العالم كله لو اجتمع على أن يوجد ذرة واحدة من غير أن يستعمل قانوناً من قوانين الله ومن غير أن يستفيد مما خلق الله ما استطاع. اجمعوا كل علماء العالم، كل أصنافهم،ليزيدوا الأرض حبة رملٍ واحدة من غير أن يستعملوا قانوناً من قوانين الله، ومن غير أن يعولوا على شيء مما خلق الله، أمن قدرة؟ لا والله لا قدرة.
اللهم إنّا نسألك المغفرة والتوبة وحسن الأوبة والخروج من عمى البصائر، وظلمات الغرور، وسلطان الهوى، ومتابعة عبيد الدنيا، وأعذنا من ضيق القبور، ورعب يوم النشور، وعذاب النار، ومنقلب الأشرار، وكيد الكفار، وما فيه غضب العزيز الجبار ياستار يا غفار.
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات يا أكرم الأكرمين ويا أرحم الراحمين
بسم الله الرحمن الرحيم
” أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ(1)حَتَّى زُرْتُمْ الْمَقَابِرَ(2)كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ(3)ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ(4)كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ(5)لَتَرَوْنَ الْجَحِيمَ(6)ثُمَّ لَتَرَوْنَهَا عَيْنَ الْيَقِينِ(7)ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنْ النَّعِيمِ(8) “
الخطبة الثانية
الحمد لله ولي الحمد كله ، اشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، قديم لا قديم قبله وهو قبل كل قديم ، آخر لا آخر بعده وهو بعد كل آخر ، أزلي لا بداية له أبدي ليس له انتهاء ولا آخرية ولا انقضاء لا تعد آلاءه ولا تحصى نعمه ولا حد لمحامده ولا عد لمننه ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله منارة هدى لا يخبو ومنقذاً من الضلال لا يكبو وناطق حق لا يلهو بينة آياته واضحة دلائله ساطعة براهينه سيرته بيضاء ومحجته نوراء ومقامه سامق وقدره شاهق اللهم صلي وسلم على المصطفى الأمجد والرسول المؤيد والهادي المسدد والقدوة الأرشد والمربي الأحمد عبدك ونبيك ورسولك الحبيب محمد (ص)، اللهم صلي وسلم على الهادية المهدية والرشيدة الولية والطاهرة الزكية فاطمة الزهراء (ع) الراضية المرضية، اللهم صلي وسلم على سيف الإسلام ودليل الإيمان وفالق الهام وترجمان القرآن سيد الأوصياء وإمام الأولياء أمينك في العالمين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، اللهم صلي وسلم على إمامي الهدى ومصباحي الدجى وسيدي الورى والمنقذين من البلوى الرشيدين المسددين والنورين الأبلجين أبي محمد الحسن (ع)، وأبي عبد الله الحسين (ع)، اللهم صلي وسلم على البدور الطوالع والأقمار السواطع والنجوم اللوامع سفن النجاة والقادة الهداة أدلة الرشاد وسادة العباد ومحيي البلاد علي بن الحسين زين العابدين (ع)، ومحمد بن علي الباقر (ع)، وجعفر بن محمد الصادق (ع)، وموسى بن جعفر الكاظم (ع)، وعلي بن موسى الرضا (ع)، ومحمد بن علي الجواد (ع)، وعلي بن محمد الهادي (ع)، والحسن بن علي العسكري (ع)، الأئمة الهداة المهديين عليهم السلام، اللهم صلي وسلم على بقية الماضين وسليل النبيين وولي المهديين ومنقذ العالمين وأمل المستضعفين الرضي العالم والمنتظر القائم (عج)، اللهم اكشف كربه واكشف كربنا به وانصره واجعلنا من أنصاره ومكن له واجعلنا من جنده وأظهر به أمرك واجعلنا من أعوانه يا ولي يا كريم يا ارحم من كل رحيم اللهم من يمّكن له فمّكن له ومن يحاربه فاخذله يا قوي يا عزيز .
عباد الله اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون واهتدوا بهدى الله واستمسكوا بحبل ولايته ولا تدخلوا في ولاء الشيطان وأهله فإن الشيطان لا يدل إلا على ضلال ولا ينتهي بأهله ومن والاه إلا إلى خسران مبين ، اللهم اغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين وتب علينا واهدنا سواء السبيل .
أما بعد أيها المؤمنون والمؤمنات فلنقف قليلاً مع مناسبة هذا اليوم وعدد من قضايانا القائمة بسرعة يقتضيها الموقف، اليوم وفاة الإمام الحسن العسكري (ع)، لا نعرف كثيراً من الأئمة (ع) للظروف القاهرة التي كبلتهم ولكن يكفينا أن نعرف منهم أنهم أخرجوا هذه المدرسة النورانية مدرسة أهل البيت عليهم السلام وأوجدوا نخبها وتيارها الجماهيري الكبير العملاق من المؤمنين والمؤمنات، يكفينا أن نعرف أنهم اخرجوا ذلك من بين فرث ودم، فرث الحكم الغاشم والقبضة الحديدية الطاغية فرث القرارات الأرضية التي تكبل الدين وتقيده وتغله، فرث السلطة القائمة على الهوى ودم العلماء الذين يبيعون دينهم بثمن بخس أو يدفعونه مجاناً بغير ثمن ذلك الفرث والدم الذي يصعب أن يخرج من بينهما لبن خالص يغذي الناس تغذي به النفوس تغذي به العقول تهتدي به النفوس تسمق به الهمم تستقيم به الارادات هذا اللبن الخالص خرج بإذن الله على يد أوليائه صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين من خلال جهد جهيد لا نراه ومن خلال خطط حكيمة وتدبيرات محكمة لم يكشف التاريخ إلا عن بعضها ما نراه من جهاد الأئمة عليهم السلام وما نقف عليه من جهدهم هو القليل وما تكشف من أوراق الأئمة عليهم السلام في التخطيط و الإدارة والتدبير والسياسة للمجتمع الإسلامي من موقعهم الشعبي القيادي في دين الله ما تكشف من هذه الأوراق إنما هو النـزر القليل جداً ولكن الأثر يدل على المؤثر والبعرة تدل على البعير فهذا الإسلام الصافي النقي وهذه المفاهيم القرآنية المشعة وهذه الأجوبة القطعية في أشد المسائل صعوبة وأكثرها اختلافا على مستوى العقيدة، إنما نقف عليها اليوم من جهود الأئمة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، هذا الوجود المتنامي هذا النصر الساحق على أمريكا وإسرائيل والكفر العالمي كله شرقية وغربية من خلال الثورة الإسلامية في إيران المباركة وهذا النصر الهائل الكبير في جنوب لبنان إنما هو من عطاء مدرسة أهل البيت عليهم السلام إنما هو من عطاء الطلاب الذين صنعتهم هذه المدرسة ووعيها وارادتها وهداها، أنت لا ترى الإمام الحسن العسكري عليه السلام بحجمه الكبير وقامته المجيدة وأنّى لك كيف لك أن ترى الإمام العسكري (ع) من خلال السجن ومن خلال المطاردة ومن خلال التغييب للكلمة ومن خلال مطاردة الدور ومن خلال التهميش التاريخي ومن خلال التزوير التاريخي أين لك أن ترى الإمام العسكري (ع) بقامته المديدة التي تفوق كل علم العالم وتفوق كل رجولة العالم وكل صلابة العالم لكن لك أن ترى الإمام العسكري (ع) في جنده الذين يحيون الساحة الإسلامية اليوم بالوعي والمفهوم الإسلامي النقي والدور الإسلامي المشع الساطع، فلقد كانت إمامة عملاقة في ظروف ظالمة خانقة .
أيها الأخوة مسألة التجنيس التي مختلف على ثبوتها وعدم ثبوتها وإن أعطت الصحافة إشارات الثبوت هذه المسألة مسألة تمس حاضر الوطن ومستقبله ومصلحة الشعب والدولة معاً الشعب كل الشعب الشعب صاحب الأرض كل الشعب سنيه وشيعيه والكلام في المسألة من منطلق المصلحة الوطنية التي يحافظ عليها الإسلام حيث إن الوطن وطن إسلامي وهناك أيضاً قلق شديد وبالغ واضطراب كبير يحتاج إلى طمأنه من تصريحات صريحة من قبل المسؤولين، قلق يساور نفوس قسم من المواطنين خوف أن عملية التجنيس تستهدف التهميش والتذويب لقسم من أبناء هذا الوطن الخاص ، لنا حسن ثقة في الدولة خاصة من خلال تدشين مرحلة جديدة في التعامل مع الشعب يخفف من غلوا قلقنا أما أن ينتهي هذا القلق فإنه يحتاج إلى تصريحات صريحة في هذا الشأن .
للزمن قيمة كبرى في نظر الإسلام ولجدولة الزمن أيضاً قيمة أخرى في نظر الإسلام، الإسلام لا يسمح لنا بتضييع لحظة من العمر ، يريد لنا أن نعبئ كل لحظة من العمر بما هو خير وبما هو صلاح وفلاح وبناء ، ويريد منا أيضاً جدولة دقيقةً علمية للوقت .
ولي ملاحظة ليست آنية تتعلق باحتفالاتنا في مناسباتنا الدينية، مناسبات الفرح والحزن، وأن نشاطنا في هذه المناسبات يفتقد احترام الزمن ويفتقد الجدولة العلمية للوقت وهي مطلوبة في الإسلام بشدة إذا أردنا أن نحافظ على الوقت، على وقت الطالب والمدرس وكل المشتغلين بالمطالعة وكل المرضى وكل من له حاجة في الوقت والكل لابد أن يحتاج إلى الوقت وكلما ارتفع الوعي صرنا نشعر بالحاجة الكبيرة للوقت، الاحتفالات ينبغي أن تبدأ في عقب صلاة المغرب والعشاء مباشرة بلا تأخير ولا لحظة واحدة ويبدأ الاحتفال مع عشرة أشخاص وليتكامل العدد بعد ذلك فإن اتخاذ هذه الطريقة سيؤدي إلى التواجد المبكر في الاحتفالات والحفاظ على الوقت وفي ذلك احترام كبير لصلاة الصبح المضيعة ولو أردنا أن نتوسع، وعلينا أن نتوسع لابد من ملاحظة الوقت داخل الأسرة، متى نتناول العشاء متى يحضر العشاء، متى نتفرغ للمطالعة ؟ متى ننام ؟، ينبغي أن نخضع لجدولة عملية يتعاون عليها كل أبناء الأسرة .
لماذا الخياطون رجال هنود وغير هنود للنساء والفتيات المؤمنات والمسلمات ؟ أسأل لماذا ؟؟، لماذا على أقل تقدير هناك تعريض للفتاة لان تقع في فخ ، على أقل تقدير هناك تعريض للفتاة من أبيها ومن أمها لأن تقع في الفخ الذي إذا وقعت فيه وكبت صعب النهوض فاتقوا الله في البنين والبنات .
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) التحريم 5 –
(هناك قضايا أخرى تبقى على جدول الحديث ).
اللهم ارزقنا الإخلاص في العمل، والسلامة في النية، والجد في الطاعة، والبعد عن المعصية، والتوفيق لرضاك، فإنه أبعد الغايات وأسمى المطالب، واكفنا سخطك فإنه لا مخوف يزنه ولا محذور يعدله، اللهم ارزقنا منك رحمة تصرف بها عنا كل سوء وتلقينا بها كل خير، واغفر لنا ما سلف، واعصمنا فيما هو آت يا أكرم الأكرمين، ويا أجود الأجودين.
إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى
وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين .