البيانات والبرقيات – (12) 12 ذي الحجّة 1416هـ

ُبارك لاُمّتنا الإسلامية المجيدة، ولشعبنا
المؤمن في البحرين مناسبة عيد الأضحى المبارك برغم الآلام والآهات والأنَّات
والصعاب، ضارعاً إلى المولى القوي العزيز أن يُمطِرَ على المؤمنين من أبناء البحرين
وكافّة المسلمين من شآبيب رحمته وألطافه بهذه المناسبة الكريمة ما يفرِّج الكرب،



بسم الله الرحمن الرحيم

للحلِّ لا للإثارة
أُبارك لاُمّتنا الإسلامية المجيدة، ولشعبنا المؤمن في البحرين مناسبة عيد الأضحى المبارك برغم الآلام والآهات والأنَّات والصعاب، ضارعاً إلى المولى القوي العزيز أن يُمطِرَ على المؤمنين من أبناء البحرين وكافّة المسلمين من شآبيب رحمته وألطافه بهذه المناسبة الكريمة ما يفرِّج الكرب، ويزيح الهمّ، ويداوي الجراح، ويُعزّ الجانب، ويحقّق الأمن والطمأنينة والسلام
وإنّي لأذكر عدداً من النقاط التي تتّصل بأوضاع الوطن الغالي البحرين بهذه المناسبة الجليلة التي لا تنفصل بطبيعتها التشريعية ولا الشعائر الملتحمة بها ـ شعائر الحجّ العظيم ـ عن هموم الأُمّة وصناعة حاضرها ومستقبلها
1 ـ يذكّرنا عيد الأضحى المبارك وهو عيد الأُمّة الإسلامية بكاملها بمناسبة التأكيد على ذاتها الحضارية العالية من خلال الحجّ ومناسكه الإيمانية الرائعة… يذكّرنا بما للشعائر الإسلامية من القدسية وعظيم المنزلة في نفوس أبناء الأُمّة تبعاً لتأكيد الإسلام على ذلك؛ هذه الشعائر التي تمثّل الطابع الإيماني والروحي الحيّ والفاعل لهذه الأُمّة، وهو أمر لا ينفصل أبداً عن هويّتها، ولا يجوز مسُّه بتغيير أو تبديل أو نقص أو زيادة
2 ـ أرى لزاماً عليّ وأنا اُريد أن أتحدّث عن أوضاع وطننا الإسلامي العزيز البحرين أن أُؤكّد مشدّداً على الاُخوّة الشيعيّة، وعلى الاُخوّة السنيَّة في إطار ما فرضته الشريعة المقدّسة من حقوق وواجبات على كل مؤمن بازاء أخيه المؤمن، وعلى كل مسلم بإزاء أخيه المسلم، وعلى أنّ الشيعة والسنّة في كلّ مجتمعاتنا الإسلامية الواعية من حيث التعامل العملي فريق واحد لا فريقان، وصفّ واحد لا صفّان
3 ـ حينما تُثار بعض النقاط التي تتّصل بالوضع في الوطن ينبغي ألاّ تُثار إلهاباً لمشاعر جهة، ولا تحدّياً لجهة اُخرى، وإنّما تُثار من منطلق الإحساس بثقل التكليف، وطلباً للإصلاح وسدّ باب الفتن
4 ـ كانت الأزمة في البحرين إلى وقت قريب أزمة سياسيّة تتّصل بحقوق المواطنة والمطالبة بها. وبدل أن يحلَّها العدل والتفاهم انضافت إليها وللأسف الشديد أزمة جديدة مذهبيّة تتّصل ببقاء الهوية لمذهب أهل البيت(عليهم السلام) وحاضر هذا المذهب ومستقبله. وطرفا هذه الأزمة الأخيرة الحكومة وهكذا المذهب. أمّا الاُخوّة الإسلاميّة النظرية والعملية بين أبناء الشعب المسلم الواحد بسنّته وشيعته في اُخوّة قائمة ثابتة راسخة
5 ـ اُلفت نظر الحكومة إلى أنّ إنهاء استقلالية مذهب أهل البيت(ع) الاستقلالية الثابتة على مدى التاريخ الإسلامي هو اضطهاد يتجاوز أبناء المذهب إلى المذهب نفسه، وهو أمر يستنكره كتاب الله وسنّة رسوله(ص) وتاريخ البحرين كلّه والساحة العالمية بكاملها بما فيها من دساتير ومواضعات عرفية عقلائية، ومن روح تمدّن وحضارة.
6 ـ وتكتنف هذا الأمر مفارقتان واضحتان؛ ذلك أنّه يجري في بلد الاُخوّة الإسلامية في وقت بدأت الحريات الدينية تعود فيه إلى بلدان الاتحاد السوفياتي السابق ومركز الدكتاتورية الشيوعية روسيا وعاصمتها موسكو، ويجري في البحرين التي يتمتّع فيها النصراني واليهودي وعبدة النار والأوثان بالحرية الدينية، فهل ينسجم مع هذا سلب هذه الحرّية عن مذهب من نزل في بيتهم الكتاب وعندهم خزائن علمه، ومكنون وحي رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟!! ومن هم سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق؟!! ومن مودّتهم عند الله دين نزل
به الكتاب (قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المَوَدَّةُ في القُربَى) ومن هم قرناء الكتاب في الحديث المتواتر عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) حديث الثقلين؟!!
7 ـ إذا رُمي بالفتاوى الصادرة من مراجع الشيعة وفقهائهم ومختصّيهم، والتي تحرّم التبعيّة التي تريد الحكومة أن تفرضها على المذهب الشيعي فمعناه إكراه الشيعة على مخالفة فتاوى فقهائهم في أمر يخصُّ المذهب الشيعي نفسه. وهذا يعني بالضبط إلغاء هذا المذهب الذي يقرّر بكلّ وضوح قدسية هذه الفتاوى ولزوم الأخذ بها من قِبل المكلّفين التابعين له، وأنّه لا يجوز لهم الرجوع في أخذ الأحكام الشرعية إلى غير هذه المرجعية أعني مرجعية الفقيه الإمامي. فهل كانت الدولة ملتفتة إلى هذا اللازم الخطير عندما فكّرت في إنهاء استق
لالية المذهب الإمامي؟! هذا اللازم الذي يتمثّل في إحدى مرجعيّة جهة رسمية سنّية للمذهب الشيعي محل مرجعية الفقهاء الشيعة لمذهبهم. للإنصاف فلتتصوّر الحكومة العكس وأنّها ماذا ستقول وماذا ستفعل عندئذٍ
8 ـ ألا تقدِّر الدّولة والشّعب بأنّ لو كان المسجد والمأتم والموكب العزائي والحوزة العلمية عند الشيعة قد فقد استقلاليتها الدينية وتولّت أمرها السلطات الرسمية السنّية لمدّة عشرين سنة مضت مثلاً لقُرِئت الفاتحة على مذهب أهل البيت في البحرين؟
وهل يتوقّع غير ذلك مستقبلاً لو فقد المذهب استقلاليّته اليوم؟! وهل يسع حَمَلَة المذهب وأبناءه أن يرحّبوا بهذا المصير لمذهب لا يرون شيئاً أغلى منه في الحياة؟! وهل رأيتم أو سمعتم أن يأتَمِن مذهب على حاضره ومستقبله يداً من مذهب آخر؛ تكون هي صاحبة القرار النهائي في مصيره؟! نريد إنصافاً لا غير
9 ـ الفتاوى الصادرة بشأن الموضوع، والمحرِّمة له لا يَعْرِف أصحابها لغة الإثارة ولا لغة المزح ولا عهد لهم ولا ميل يسمح لهم بالدخول في سوق المزايدات والمداهنات السياسية الدنيوية، وإنّما هي أحكام شرعية فقهية جدّية ملزمة لا يملكون أمام الله إلاّ أن يبيّنوها للناس إبراءً للذمّة وإرضاء للربّ لا سواه.
10 ـ أُؤكّد على أنّ الأخوّة الإسلاميّة بين المسلمين ضمانتها احترام كلّ منهم الرأي المذهبي للآخر وعدم استعمال القوّة والتنكيل للقضاء عليه. والاُخوة السنّة والشيعية في البحرين؛ اليقين كلّ اليقين أنّهم لا يرضون بشيء من هذه المصادرات بل يرفضونها جميعاً رفضاً تامّاً باتّاً
11 ـ أيّ لون من ألوان التطبيق لمقرّرات التدخّل في المساجد والحسينيّات والموكب العزائي والحوزة العلمية بصورة دفعيّة أو تدريجية عن طريق التعيين ابتداءً لأئمّة الجماعة والخطباء وغيرهم أو الإقرار لهم على مواقعهم استمراراً بحيث يربطون بالجهة الرسمية هو إطلاق ليد التدخّل الرّسمي في مصير مذهب أهل البيت(عليهم السلام) وتشمله الفتاوى المحرِّمة كلّياً كان أو جزئياً دفعيّاً أو تدريجيّاً
12 ـ بالنسبة للمطالب الشعبية؛ تحقيقها تحقيق للأمن والاستقرار، وخلق لأجواء الثقة والتعاون الإيجابي، ويجب أن لا يجرَّ الخلاف القائم بشأنها إلى نسيان حرمة الدماء والأموال والأعراض من أيّ جهة من الجهات. وإنّ ما يسدُّ باب كلّ الشّرور في هذا الخلاف، ويقطع الطريق على تجذّر حالةٍ من العداء الطويل بين الشّعب والحكومة هو الحوار الجادّ العادل في أجواء من الثقة والاطمئنان بصدق الوعد
وختاماً أرفع يد الضّراعة إلى المولى العليّ القدير بأن يُعين أُمّة الإيمان والإسلام على تحقيق يوم العزّ والنصر والمجد، وأن يهدينا إلى سواء السّبيل، وأن يطلق الأسرى والمعتقلين ويشفي الجرحى والمعلولين ويرفع درجات الشهداء من أبناء الإسلام في كلّ مكان وفي الوطن العزيز البحرين ويثمر كلّ الجهود الخيّرة للوصول بالوطن الإسلامي الكبير إلى شاطئ الأمن والسلام وقمّة العزِّ المنيع، والمجد الرفيع.
والحمد لله أوّلاً وآخراً وبه أعتصم وعليه أتوكّل وهو نعم المولى ونعم النصير

عيسى أحمد قاسم
قم المقدّسة
12 ذي الحجّة 1416هـ

زر الذهاب إلى الأعلى