مقال آية الله قاسم : أسئلة علميَّة

 

بسم الله الرَّحمان الرَّحيم
الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسلام خاتم النبيين والمرسلين وآله الطّاهرين، وصحبه الصّادقين.

أسئلة علميَّة

في موضوع الدّين والسياسة قد يلتقي الاثنان بصورة كلية، وقد يفترقان على درجات مختلفة.
وقد يكون هذا الافتراق على مستوى الطرح من الناحية النظرية والتطبيق العمليّ معاً، وقد يكون على مستوى التطبيق فحسب حيث تلتقي السياسة مع الدين نظريّاً وتخالفه في مجراها العمليّ.
ولا يكون الالتقاء الكلي بينهما إلّا بأن تذوب السياسة في الدّين وتكون وسيلة طيّعة من وسائله في تربية الإنسان، أو يذوب الدين فيها ويكون آلة من آلاتها المستخدمة لتحقيق المصالح التي تهمّها وإن خالف ذلك الدين وتتناقض مع مصلحته التي تتقوم بها مصلحة الإنسان فرده ومجتمعه.
مرة تلتقي رؤية الاثنين، وهدفهما، وقيمهما، وأساليبهما ومرة يتباينان.
ومقولة أن الدّين لا يتدخل في السياسة فرضها أن السياسة لا إمرَةَ للدّين عليها ولا بد أن تكون مساحته لا ملامسة ولا اتصال لها بمساحتها.

والسؤال للمتبنّين لهذا الطرح: أللسياسة أن تتدخّل في الدين وتفرض عليه وصايتها أم أنها تعترف له بالاستقلالية كما ترى الاستقلالية لنفسها ؟
عمليّاً ما عليه السياسة في الغالبية العظمى من أقطار الأمَّة هو التدخل في شأن الدين وبما ينافيه ويناهض أحكامه ومقرراته ومسلماته.
ولا منطلق لهذا التدخُّل إلّا النظر للدين آلة بيد السياسة ووسيلة من وسائل خدمة أهدافها وتحقيق أغراضها. وهذا يعني أن تحل حاكمية الإنسان والسلطة البشرية محل حاكمية الله وتكون مقدمة عليها، أو أنه لا حاكمية لله عز وجلَّ أساساً.

فهل هذا هو الإسلام ؟ وهو سؤال يحقُّ للمسلم أن يطرحه على أخيه المسلم. أو هل بإمكان مسلم ومن وحي إسلامه أن يدعي تقديم حاكمية المخلوق على حاكمية الخالق؟ أو هل لعالم من علماء الإسلام أن يجد شمة دليل ولو يسيرة من قرآن أو سنة على عدم تدخل الإسلام في السياسة، فضلا عن استقلال السياسة وتبعيّة الدّين لها ؟

كيف والرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله قد أسس الدّولة الإسلامية وحكمها وكان القاضي في كل شؤونها ؟ والقرآن يقول عن هذه الحاكمية { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجاً ممّا قضيت ويسلموا تسليماً }.
والأدهى في التدخّل السياسيّ في الشأن الديني أنه يُفرض بالقوّة الأمنية، وقوة الإعلام الهدام المضلل لتنشئة أجيال من الأمة تؤمن في داخلها بفصل الدين عن السياسة وأكثر من ذلك بحق السياسة أن تتدخل في الدين ؛ أجيال تؤمن بهذا الحق، وتؤمن بتجريم أي تدخل من الدين في السياسة التدخل الذي يشمل أي كلمة تنكر على ظلم من ظلم السياسة، ويكون فيها أمر بمعروف أو نهي عن منكر بما يمسّ السياسة.

وهذا ما يعني حالة مسخ خطيرة للإسلام وتزوير جذري له يسقط قيمته. لكن الظنّ بالأمة خير وأن شعوبها لن تقع في هذا الفخ وستكون استجابتها لربّها.

عيسى أحمد قاسم
13 ذو القعدة 1436هـ
السبت 29 أغسطس 2015م

 

زر الذهاب إلى الأعلى