بيان صادر عن كبار العلماء في البحرين حول حماية المساجد

صدر البيان التالي من كبار العلماء في البحرين:

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله أصدق الحمد، وأدومه وأسناه وأشرفه، والصلاة والسلام على خاتم النبيين والمرسلين وآله الطاهرين، وأصحابه الذين صدقوا الأيمان وأحسنوا الصحبة.

أمرٌ لا يصدّق

1- أصبح تهديد المساجد وحياة المصلّين في الجمعات والجماعات أمراً لا ريب فيه، ولا يجادل فيه مجادل.
وهو مسألة أمن مقرعة لا علاقة لها بتوافق أو تخالف في المسألة السياسية بين الشعب والحكومة.

2- وأمر لا يُصدّق أن تسمع عن حكومة من الحكومات أنها تنهى شعبها أو اي فرد من أبنائه عن درء خطر الموت عن نفسه أو أهله عندما يقصد قتله قاتل، وأنها تطالبه بالاستسلام الكامل للتهديد المنهي لحياته، أو أن يرفع صوت الاستغاثة بالغير من دون أن يحرك ساكناً هو نفسه في وجه الخطر المحدق به.
هذا أمر لم يعهد صدوره حتى في أيام الرقّ الصريح من طبقة السادة للعبيد، فكيف يسمع عن حكومات من حكومات هذا العصر المتبجّح بأنه عصر الحرية ؟!

3- والخطر الذي يتهدد المساجد والألوف من المصلين ليس من طبيعته أن يقبل التحرّز منه الانتظار، فإنه خطر مداهم سريع الفاعلية في التدمير والقتل الهائل للمستهدفين.
خطر لا بد من مواجهته بالاحتراس المبكر لأنه يحدث في ثوان ليحطّم كل شيء وينهي الحياة في سرعة البرق للعدد العظيم.
وهذا الخطر لا ينتظر لحظة وصوله المباغت ليستغيث مُستَهْدَفوه بمن يقف على التل من بعيد.
الناس في مساجدهم أمام خطر جدّي واسع لحياتهم… أمام تهديد بتصفيات عامة بشعة ؛ فهل لعاقل أمام هذه الحالة أن يدخر شيئاً مما يسعه لدرء هذا الخطر التدميري الهائل أو تقليل خسائره ؟!

4- إن الذين يتصدون لحراسة المساجد ومصلّى الجمعات وهم من أبناء هؤلاء المصلين وإخوانهم لا يُمثلون تهديداً لأي جهة من الجهات ولا يدخل في هدفهم شيء من ذلك، ولا يملكون تدريباً عسكرياً ولا تسليحاً، وإنما هم مضحون بأرواحهم من أجل حماية أهليهم وتقليل الخسائر عند حدوثها لا سمح الله بأن يكونوا كبش الفداء عن الجُموع الغفيرة من المصلين.
ومن وسوسة السياسة، ومن التهويل الفاحش السيء أن يقال بأن هؤلاء المحسنين يمثّلون خطراً على الدولة، وأنهم ميليشيات عسكرية يخاف منهم على الأمن.
إن الوقوف في وجه هذا العمل المحسن التبرعي إضراريّ حتى لو لم يقصد منه الإضرار، ويترتب أن يحمّل الناس الحكومة عند أي حادث سوء في مسجد من المساجد لا سمح الله مسؤولية لا يسمع معها اعتذار.

5- ولا نقول بأن قيام جماعات متطوّعة بحماية مساجدهم وأهليهم من خطر التفجيرات الغاشمة بأنه كاف عن أي دور تقوم به الجهة الأمنية الرسمية وأنه مسقط لمسؤوليتها مع عدم بذلها الجهد في سبيل هذه الحماية. لكن من المؤكد أن الدور الذي تؤديه هذه الجهة وحسبما شاهده المصلون غير كاف البتّة، ولا يقصي الناس عن حماية أنفسهم ومساجدهم بما يستطيعون. ومن دون ذلك فإن المصير إلى أن تقض المساجد، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يقبله المؤمنون.

6- وليس جيّداً ولا مُستَساغاً أصلاً أن يفتّش مريد الدخول إلى المسجد، ولكن للضرورات حكمها، ولا وسيلة عقلائية يمكن أن تحمي العدد الأكبر من المصلين إلّا أن يعرّض البعض نفسه إلى الخطر بممارسة هذا التفتيش الذي يهدّد القائم به في حياته العزيزة عليه وعلى المؤمنين.
وهو تفتيش لا بد أن يكون مصحوباً بالإحترام للغير والاعتذار والتقدير. هذا من جهة ومن جهة أخرى ولأنه منطلق من الحرص على سلامة المصلّين تراهم يرحّبون به. وهؤلاء المتفقدون لوضع الداخلين للمسجد إنما يقفون عند أبوابه ولا يترصّدون الناس ولا يستوقفونهم في شارع عام أو بعيداً عن حريم المسجد.
وإذا لم ترض الحكومة بهذه المراقبة والتفتيش فالنّاس يسألون ما هو البديل الذي يمكن أن يطمئنوا إليه، وكيف يدفعون عن أنفسهم خطر التصفيات العامة المروعة الظالمة البشعة التي لا تفرق بين كبير وصغير.

7- إن من حقّ المتصدّين لحماية المساجد والمصلين ببذل أرواحهم الغالية أن يشكرهم الشعب والحكومة لا أن يستدعوا للتحقيق والمحاسبة.

8- ثم إن المطروح في حراسة المساجد والمصلين أن تتطوع مجموعة من مصلي كل مسجد بالقيام بهذه المهمة بعيداً عن التحزّب وعن التنظيمات السياسية والتشكيلات العامة من أي لون وطابع، ومثل هذا لا مساس له بوظائف الدولة واختصاصاتها، ولا يشكل خطراً على وضع أمنيّ خاص أو عام.

الموقعون:
السيد جواد الوداعي
الشيخ عيسى أحمد قاسم
السيد عبدالله الغريفي
الشيخ عبدالحسين الستري
الشيخ محمد صالح الربيعي

الخميس 11 يونيو 2015
22 شعبان 1436 هـ

زر الذهاب إلى الأعلى