كلمة آية الله قاسم في تدشين شعار عاشوراء 1436هـ “كربلاء … ثورة دين وعقل وإرادة”

آية الله قاسم في تدشين شعار عاشوراء 1436هـ “كربلاء … ثورة دين وعقل وإرادة”

دشين شعار عاشوراء 1436هـ “كربلاء ….. ثورة دين وعقل وإرادة”
25 ذو الحجة 1435هـ، 20-10-2014م

للمشاهدة :

 

نص الكلمة :

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الغوي الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، واللعن الدائم على أعدائهم إلى قيام يوم الدين.

“كربلاء ….. ثورة دين وعقل وإرادة”

أسئلة الكلمة:

أولا: كربلاء ثورة ماذا؟
ثانيا: كربلاء ثورة على ماذا؟
ثالثا: كربلاء ثورة ما هدفها؟
رابعا: كربلاء ثورة من على من؟
خامسا: كربلاء ماذا أنتجت؟
سادسا: كربلاء ماذا تستحق؟
سابعا: كربلاء ماذا من الظلم الذي يواجهها؟

أولا: كربلاء ثورة ماذا؟

كربلاء ثورة دين حق وإيمان عميق ومدرك، وثورة ضمير إنساني مدرك حيٍّ، وبصيرة وقادة، وعقل حرٍّ من عوائق نفس ساقطة، وجاهلية مقيتة، وحساسات أرضية صغيرة، وتطلعات قزمة، وثورة إرادة عملاقة لا توقف منها أمام التحدّيات، ولا تردها عن المطمح الكبير، والهدف العالي الشدائد، وثورة رؤية فسيحة متمدة تخترق حدود الزمان والمكان وثورة إحساس غزير دفاق بكرامة الإنسان -بما هو إنسان- وعلو قيمته والتي عليه أن لا يهينها، وأن لا يقبل لها الهوان. إنها ثورة هذا كله، وثورة كل بعد من أبعاد الإنسانية الشريفة، هذه هي ثورة كربلاء.

ثانيا: كربلاء ثورة على ماذا؟

كربلاء ثورة على الفسق والتمرّد الجاهلي على الله سبحانه، وعلى التحرّر من قيم الدين وأحكام الشريعة وعدلها، وثورة على مناهضة الفضيلة.

ثورة على تعملق الغرائز المادية وسيادتها وعلى حب الدنيا الذي يقضي على إنسانية الإنسان، قرار الإنسان ومسلكة وثورة على حب الدنيا الذي يقضي على إنسانية الإنسان ويوقعه في ألوان المحن، ويفصله عن هدف الحياة، وثورة على العمى والجهل والضلال.

هي ثورة على الأهداف الدونية الحقيرة التي تصدّ الإنسان بما هو إنسان عن هدفه الكبير. وأؤكد لكم أن كل هدف دون الوصول إلى الله ونيل مرضاته وأن كبر في عين أهل الدنيا فهو صغير حقير حقير.
وثورة على الخوف الذي يشل عن الحركة ويفسح الطريق للظلم أن يتبذخ ويبحح، وعلى الرعب الذي يقتل النفس ويستعبدها للطامعين.

هي ثورة على قصور النظر ومحدوية التفكير، وبلادة الذهن، وسوء التقدير.

ثورة على الوقوف عند أي انتصار من الانتصارات الصغيرة، وكل انتصار منفصلٍ عن الانتصار على النفس كان انتصارك سياسيا أو عسكريا أو من أي نوع فإنه صغير ساقط حقير.

ثورة كربلاء ثورة على خمود الإرادة وعلى فتورها وعلى استلامها للظروف المحيطة وهي تملك -أي تلك الإرادة- أن تغير ولو على المدى الطويل.

ثورة على نفس تقبل أن تهون أو تهان.

ثورة على كل تخلف في وضع من أوضاع النفس الكريمة، سواء كان وضعا علميا أو عاطفيا أو روحيا أو كان أي وضع من من واضاع النفس الإنسانية وهذا التخلف وعلى كل وضع من أوضاع حياة الفرد والمجتمع والأمة في مسرح الحياة إذا كان يعاني من تخلف فهذا التخلف ثورة كربلاء ثورة عليه.

ثالثا: ما هو هدف كربلاء؟

هدف كربلاء هدف عميق شامل في تحقيقه تحقيق لكل ما تتطلبه سعادة الإنسان في حياته الحاضرة، والحياة التي هو صائر إليها حتما من بعد هذه الحياة وكل عقيدتنا أن بعد هذه الحياة حياة هي أبقى وهي الحيوان الحق.

هدف كربلاء للإصلاح الشامل المنطلق من إصلاح الإنسان حاكمه ومحكوميه كذلك، والرئيس والأمة، [1] وأن لا يترك لحكم هذا الإنسان أن يفسد الأمة، ولا يترك هذا الإصلاح للأمة أن تسكت على فساد الحكم، ولا أن تمارس الفساد.

وكما يأتي من حكم أن يستهدف إفساد الأمة، يأتي من فئة مفسدة من الأمة تستهدف أن تفسد الحكم، واسقاط الحكم الصالح. فكم كان يحاول الكثيرون أن يفسدوا نقاء حكم النبي صلى الله عليه وآله وحكم علي عليه السلام وكم كانت مجاهدات الجاهلية في أوساط الأمة ومن مخلفات الشعور الجاهلي في وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وفي وجه أمير المؤمنين عليه السلام عن حكم اللاهب المضيئ.

رابعا: كربلاء ثورة من على من؟

كربلاء ثورة الرمز الأكبر للحق والتجسيد الأتم للدين الصدق، ثورة أحد سيدي شباب أهل الجنة والثالث من الأئمة المعصومين من أهل البيت عليهم السلام، وثورة النخبة الايمانية العليا من أبناء الأمة ذلك اليوم على رمز التضحية بالدين [2].

هي ثورة من أكمل إنسان يوم كربلاء وهو الحسين عليه السلام على نموذج من أخس النماذج الإنسانية يوم ذاك وثورة النخبة الإسلامية العليا من أبناء الأمة كحبيب بن مظاهر ومسلم بن عوسجه وزهير بن القين والحر بن يزيد الرياحي على رمز التضحية بالدّين وقيمه وأحكامه الثابتة من أجل الدينا، والمنغمس في جنون شهواتها، والمسترق لرقاب الأمة، وثورة على أمة متخاذلة عن الحق وبائعة لدينها في سبيل دنياها.

وهي ثورة كذلك على أمة مرتدعة هلعة على دنياها ومتنازلة أمام غطرسة الظالم وبطشه عن عزتها، وعلى جماعات نفيعة من هذا الأمة ساعية لاذلالها واستعبادها للظالم بالثمين البخس الخسيس [3].
خامسا: ماذا أنتجدت كربلاء؟

كربلاء انتجت الابقاء على نور الدين وهداه لمن طلبه. وصحيح أن الطريق الوصول إلى الدين فيه غموض ولكثرة المتشابكات والشبهات والتضليلات والسياسيات المنحرفة وما دخل على دين الله يكون الطريق صعبا ولكن يبقى نور الدين وهداد ميسورا بعد جهد لكل طالب.

ومما انتجه كربلاء التميز ين إسلام الرسالة الإلهية [4] وإسلام السياسية الأرضية الهابطة المنحرفة، وإسلام الحكام من عباد الدنيا والتميز بين إمامة الهدى وإمامة الضلال [5].

ومما انتجت كربلاء روح ثورية في هذه الأمة لم تمت ولن تموت ومن منطلق الرؤية للإسلام، وغيرة على دين الله سبحانه لم تذبل ولن يصيبها الذبول.

ومما انتجته كربلاء بصيرة لا يطمسها مكر السياسية، ووعي لا تغالطه ألعابيها. فالسياسة جاهدة ومكدودة ومتواصلة السعي في ان تطمس بصيرة الإنسان المسلم، فبالاستضاءة بكربلاء يمتنع على السياسة ويكون محال عليها إلى أن تصل إلى هذا المأرب الخبيث. وألاعيب السياسة ومكرها وخداعها كبير فإن الشيطان يزودها بهذا المكر الخبيث.

ومما انتجه كربلاء روح تضحية في سبيل الله وعشق للشهادة مستمر مع الأجيال.

وتمسك بالإسلام رغم كل التضليل، وبرغم ما تتعرض له الساحة الإسلامية من إغراقها على يد السياسة المنحرفة من موبقات وافساد ومشاريع فساد.

ومما انتجته كربلاء صحوة إسلامية في هذا الجيل وما بعده آخذة في الاتساع والتصاعد ومدركة معالم الطريق، الصحوة على أهمية الإسلام تحتاج إلى إدراك الطريق والصحوة اليوم كما تتوفر على فهم أهمية الإسلام تتوفر أيضا على إرداك لمعالم الطريق، ومطالبة بعودة الأمة لدينها الحنيف، مجاهدة على هذا الطريق.

ومما انتجته كربلاء تمهيد متواصل وقد بداء ينشط ويعم بدرجة أكبر ليوم فيه إنقاذ للعالم على يد الإمام الثاني عشر من عترة الرسول الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم.

سادسا: وماذا تستحق منا كربلاء، وممن تستحق ما تستحقه؟

أن لكربلاء استحقاقا عاما على الأمة كلها. ولتنظر الأمة لم كانت كربلاء، ولمن كانت، وعلى يد من كانت، وماذا أعطى إمامها العظيم لدين هذه الأمة، ولهذه الأمة نفسها وبماذا ضحى من أجل ذلك؟ وماذا أعقبت ثورته من آثار وبركات لتعرف من بعد ماذا تعطي لثورة الإمام الحسين عليه السلام مما عساه أن يمثل شيئا من المكافئة لتلك الثورة ولتضحياتها الكبار وهدفها العملاق، والأمة فيما تعطيه لكربلاء الإمام الحسين عليه السلام إنما تعطي في الحقيقة لدينها ونفسها وحاضرها ومستقبلها ودنياها وآخرتها [6].

ولينظر محبوا الإمام الحسين عليه السلام ماذا يعطون لموسم إحياء كربلاء، وبأي مستوى من الإيمان والوعي والخلق الكريم، والحرص على وحدة الأمة، والتخلق بخلق الدين، ولأي هدف يبذلون لكي يكون هذا الإحياء وبما يلتقي مع خط الحسين وهدف الحسين عليه السلام.

والإنسانية كلها مدينة للإمام الحسين عليه السلام وثورته في النظر المنصف لأن الحسين عليه السلام كله اخلاص واحترام وحرص على إنسانية الانسان وعزته وكرامته ومجده.

سابعا: وماذا ينال كربلاء اليوم من ظلم؟

أولا: أن توظف كربلاء للأهداف الدنيوية الصغيرة وهي الثورة التي كانت لأعظم هدف تقوم من أجله ثورة [7].

ثانيا: أن توضع في أطر ضيقة ومساحة مخنوقة كإطار فئة خاصة من الأمة أو طائفة من طوائفها وقد كان أفقها أوسع أفق، ومساحتها أعم مساحة وشاملة لكل الأمة ولكل الأمم والشعوب.

ثالثا: أن يتخذها متخذ مثارا للطائفية البغيضة -من هذه الطائفة أو تلك الطائفة- وهي التي كانت من أجل وحدة الأمة وعزتها، وتوحيد جهودها على طريق الله الواحد الأحد العظيم.

رابعا: أن تلوث أجواء إحيائها أي لون من ألوان الهبوط الأخلاقي، وأي مظهر من مظاهر الفسوق والفجور [8].

خامسا: أن يدخل احياء ثورة الإمام الحسين شيء من البدعة وهي المثل العظيم في الأصالة والنقاء الإسلامي والاستمساك الشديد بالإسلام.

سادسا: أن يستاء من احيائها إحياء اسلاميا واعيا رشيدا مساعدا على نشر الهدى والوعي والوحدة الإسلامية مسلم من المسلمين وهي الثورة التي تكرم في كل مسلم اسلامه وإنسانيته وإنما كانت من أجل مسلم وكل إنسان.

سابعا: أن يستقبل موسم إحيائها من بعض خطباء المنبر الحسيني أو العلماء أو أهل الإنشاد ومن أي المشاركين في هذا الإحياء من غير الاستعداد الكافي الذي يتطلبه برغم ما لكربلاء من الأهمية البالغة في تقييم الدين وما لهذا الإحياء إذا جاء ناجحا وبالمستوى المطلوب من أثار إيجابية ضخمة على صلاحها على حياة الأمة وصلاحها.

ثامنا: أن يتخذ موسم عاشوراء وكأنه موسم قبيلة أو أسرة وموسم أمجاد لها أو ظهور وشهرة لها أو كسب أنصار ومتعطفين معها.

أو أن يتخذ وكأنه موسم تجاري بحت من خطيب من الخطباء فيدخل في مساومات طويلة شاقة ملحة مغالية على أجور ما سيقدمه في خطابته، فهذا ليس مما يليق بمكانة كربلاء وموقع كربلاء وثورة الإمام الحسين عليه السلام وشأنه العظيم ورساليته الكبرى [9].

تاسعا: أن يدخل إحيائها ما يدخله ما يدخله من باب التجديد والتطوير من غير مراجعة دقيقة للرأي الفقهي من القادرين على تقديمه وهي الثورة التي لم تفارق شريعة الله في أمر كبير أو صغير[10].

عاشرا: أن يترك لعابثة أو عابث أن يفسد أجواء الإحياء بمانسبة عاشوراء بمنظر من مناظر التبذل أو كلمة ساقطة، أو حركة مغضبة لله سبحانه منافية لدينه وهي الثورة التي تستهدف الحفاظ على طول حياة هذه الأمة وامتداد أجيالها، ويهمها شرف وعفة ونزاهة وشرف المرأة والرجل.
الحادي عشر: ومن أكبر الظلم لهذه الثورة الطاهرة العملاقة أن تسعى أي سياسية منحرفة لحرف هدفها العملاق من شد الناس كل الناس إلى عبودية الله والأخلاص في دينه إلى أهداف ساقطة جائرة من السياسية الدنيوية، ولتركيز وجودها الظالم والتسويق لهذا الظالم واستعباد الناس، واسترقاقهم لها.

هذا بينما كانت ثورة الإمام الحسين عليه السلام لانقاذ الأمة من السياسة المنحرفة عن خط الاسلام والعودة بالأمة إلى للمسار الاسلامي القويم، واخلاص العبودية لله الواحد الأحد.

ثورة كانت لهذا ولتتجه بالمسيرة البشرية لإنسانية على الأرض في كل أجيالها إلى الله وعلى خط عبوديته فيأتي موسم الإحياء الذي يبذل المؤمنون فيه ما يبذلون ليستغله مستغل من أصحاب السياسة الدنيوية المنحرفة ولتجييره إلى صالحه.

الثاني عشر: ويدخل في هذا الظلم العظيم للثورة المباركة أن يبيع طالب دنيا من فرد أو جماعة أو مؤسسة أو موكب أو حسينية دين الله، وتضحيات ثورة الإمام الحسين عليه السلام بثمن سحت من أثمان الدنيا ومواقعها [11].

والحمد لله رب العالمين

———————-
[1] الإصلاح الحسيني الذي استهدفته ثورته عليه السلام ليس إصلاح الحاكم فقط وإنما هو إصلاح للحاكم والمحكومين ولمن يتقدم الأمة والأمة نفسها ،وكما يمكن أن الانحراف هناك فيكمن أن يكون الانحراف هنا. وكان حكم علي عليه السلام حكما أمثل والأمة كانت هي التي تحتاج إلى ثورة.
[2] هناك رمز يجسد الدين أتم تجسيد وهو الحسين عليه السلام وهناك رمز يمثل الانفصال عن الدين والتنكر لقيمه وأحكامه فثورة كربلاء ثورة من الأول على الثاني.
[3] وكم سيعطى أحدنا من ثمن من أثمان الدنيا وإن كان ملك الدنيا كلها وهو تافه وحقير ولا شيء حين يكون المثمن هو دين الله -فلنتق الله- وكما نطالب الأمة يوم كربلاء بقوى الله وتقديم الحق على الباطل فلنطالب أنفسنا بذلك.
[4] إسلام رسول الله صلى الله عليه وآله.
[5] فكان الأمر يمكن أن يكون في أوساط الأمة يمثل حالة إغلاق أمام هذا التميز إلا ما تصل إليه بصيرة الفطرة الإنسان مفطور على التميز بين الحق والباطل وقادر بدرجة وأخرى على التمييز بين رموز الحق ورموز الباطل ولكن ما يعطي البصيرة التامة وما ينير الطريق وما يجعل الباب مفتوحا أمام خيار حر رشيد عند الإنسان في مسألة الإمامة ومسألة من يمثل الإمامة هو ما كان من مثل الإمام الحسين عليه السلام.
[6] والحسين لا ينتظر عطائا من الأمة وإنما كل انتظاره وكل تضحياته كانت من أجل الله وطمعا في ثوابه.
[7] وأنت هنا تخنق وتقتل الثورة وتجهض الثورة وتلغي معنى الثورة -ثور الإمام الحسين عليه السلام-.
[8] غزو خطير وفجور يكبر على الفجور وهو يستهدف ثورة الإمام الحسين عليه السلام وقتل معناها.
[9] لابد أن يُكرم الخطباء ويُعتنى بهم ولكن لا يساموا هذه المساومة فهذا شيء غير مقبول. .
[10] فأنا أءتي بمستواي العادي وبعقلية العامية فأُدخل في هذه إحياء الثورة ويعنّ لي الصغير وما يذهب إليه رأيي القاصر وتسويلات نفسي من أمور لا تليق بالثورة باسم التجديد والتطوير؟ فالمسؤولية مسؤولية مجتمع وليس فرد واحد أن تقف هذه المحاولات.
[11] يبيع أحدهم دين الله ليكسب مالا أو يدفع ضررا إنما يرتكب إثما في حق دين الله سبحانه وتعالى.

زر الذهاب إلى الأعلى