كلمة آية الله قاسم في أفتتاح مكتبة جمعية التوعية الإسلامية 15 شعبان 1435هـ

كلمة سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم في أفتتاح مكتبة جمعية التوعية الإسلامية – 15 شعبان 1435هـ ، 14-6-2014م

 

للمشاهدة :

نص الكلمة :

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الغوي الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، واللعن الدائم على أعدائهم إلى قيام يوم الدين.

          بارك الله لنا ولأمتنا أمة الإسلام والإيمان ذكرى ولادة قائدها المنقذ المنتظر عليه السلام، ذكرى ولادة النور الذي ستنكشف بظهوره كل ظلمات الأرض، وتضيئ بنور ربها نور دينه القويم، وقد أختير هذا اليوم -وكان الاختيار موفقا- لافتتاح هذه الجمعية العامرة لتهتدي بهداه، وتأكيدا على ان خطها من خطه، وهدفها من هدفه.

خط القائم عليه السلام خط التوحيد وخط الوحدة الرشيدة، وهدفه أن يعبد الناس ربهم الحق وحده في كل مجال الحياة بلا شريك، وأن تتوحد البشرية كلها على الحق المبين، وهدفه أن يطرد العلم الجهل، والإيمان الكفر، والهدى الضلال والجهالة، وأن يرشد الإنسان وأن يعمل صالحا، وأن يستقيم وتسعد حياته، وأن يفوز كل الفوز بعد مماته.

أيها الأعزاء

نحن أبناء أمة مجيدة، أنجب هذا الأمة وبناها توحيد الله والعلم والعمل، التوحيد باعث على العلم، فأمة موحدة يأخذ بها التوحيد على طريق العلم النافع، والتوحيد باعث على العلم، والعلم تقتضيه ضرورة العمل، والنهوض  لا يتم إلا بهذا الأركان الثلاثة: التوحيد والعلم والعمل في ضوء التوحيد وفي ضوء العلم، وإنه لا نهضة بحق بدون إيمان صدق وعلم حق وعمل صالح.

هذه المؤسسة مؤسسة جمعية التوعية الإسلامية نشأت وستبقى أن شاء الله من أجل التوحيد والعلم والعمل الصالح، وهي لا تملك أن تعطي إلا بما مقدار ما تملك ولا تملك إلا بمقدار ما تُجهدُ نفسها على الطريق الذي يملكها النافع المفيد، ولا تستطيع أن تعطي إلا بما لها من مشاريع تنموية، والمكتبة واحد من هذه المشاريع.

المكتبة قيمتها من قيمة قرأئها ونوع قرائتها، فالقارئ يجب أن يكون على مواصفات منها الذهنية والجدية والفاعلية، وأن يأتي على يدها ما يترتب على القراءة بعد نمو في الفكر  وتفتح في الروح ما هو انتاج يزيد من قيمة المعرفة في الأرض، ويرفع من مستوى الإنسان ويدفع به على الطريق الصحيح.

يجب أن تكون قراءة وقراءة مدروسة مخطط لها، وقراءة لا تقتصر على الفكر وإنما تتعانق فيها الروح والفكر في طلب المعرفة والنضج الذي يرفع من مستوى الإتنسان، مطلوب قراءة دارسة ومستلهمة وذات أثرإنتاجي جديد مفيد كبير، قراءة تقف على الفكر الآخر لا لتتجمد عنده، وإنما لتحاوره، ولتستنطقة وتحاوره وتدخل في أعماقه لتتبين ردئية من جيدة لتقول كلمتها في الحكم عليه.

قد يلتقي فكر القارئ مع الفكر الآخر وقد يختلف معه ولكن بحيث يحتفظ لذلك الفكر بقيمته من دون أن يبخس منها شيئا.

المكتبة فرصة لتخريج عدد من الباحثين العلميين القدرين على إثراء الوضع العلمي والمعرفي وهذا ما يتطلب التخطيط الواعي والجاد لتخريج هذا الفريق، وفريق الباحثيين لا يتخرج تلقائيا ولا بوجود المكتبة فقط؛ وأنما بجهود على المؤسسة أن تبذلها وعلى المجمتع أن يشارك فيها.

الكتابة والبحث لا يعنيان قدرة التعبير و سيولة الكلمة ويسرها دون فكر دقيق له صدقه وعمقه وإشراقه وقدرته البرهانية.

البحث المطلوب بحث لا يُبَعِدَ بين الإنسان وبين الحقيقة؛ إنما ليلتحم بالإنسان بما هو حق وحقيقة، ولا ليهدم في الأرض ما هو صالح وإنما لهدم ما هو فاسد وبناء الصالح من الفكر والنفسية والأوضاع.

أولا: مكتبة الجمعية يجب أن تكون لكل علم نافع ما استطاعت، وأول ذك العلم بالإسلام. مطلوب منها أولا وفي المرتبة المتقدمة بناء معرفة إسلامية صحيحة متينة، وهذا يعني أن تبني من أجل ذلك فريقا متخصصا، لكل ما يعني إعداد هذه الفريق من تربية ذهنية وتدريب ومن توفير كل الظروف المناسبة وكل العوامل المطلوبة لنجاح هذا الفريق.

ثانيا: علينا أن نبحث في كل زوايا مجتمعنا عن الكفاءات الجاهزة وعن الكفاءات المعدة بطبيعتها الأولية إلى النمو وإلى النضج وإلى الجهوزية من أجل هذه المهمة.

 ثالثا: ونضج البحث والرفع من مستوى عطائه نوعيا يساعد عليه الإشراف، دائما الترويض والتعليم والنمو الذهني والنفسي والتربية الصالحة يشارك فيها دور الإشراف إلى حد كبير.

رابعا: وللفرد الباحث انتاجه وقد يكون  ذا قيمة كبيرة، ولفرق الباحث انتاجه الأكثر عمقا وسعة ونضجا، فكما نحتاج إلى الباحث الفرد نحتاج إلى البحث الفريق، ولابد من القيادة العلمية لفريق البحث، وأي فريق بلا قيادة هو  لا فريق.

خامسا: على الجمعية أن تستقبل قابليات البحث وأن تطلبها، وتوفر -كما سبق- كل الفرص الممكنة المطلوبة لنجاح البحث وراحت الباحث.

سادسا: على الجمعية أن تطلب الأساتذة الأكفاء من أجل رعاية الباحثين وفرق البحث.

سابعا: مطلوب من الدراسات المُستَهدَفَةِ للبحث ما يحتاج إليه المجتمع والأمة على مدى الزمن الطويل، وما هو من البحوث الأساس في بناء الفكر الإسلامي وله تأثيره على هوية الأمة ومسارها الفكري في الحياة.

المكتبة والبحث والنتاجات البحثية، والتقدم العلمي في الميادين المختلفة كل ذلك إنما هو مقدمات للشخصية الإنسانية الرسالية ذات الدور العلمي والعملي النافع والقادر على إثراء المجتمع وهداه وصلاحه.

المطلوب أولا وبالذات أن نكون دائما على طريق النمو إنسانيا ورساليا، وعلى مستوى الانتاج العملي الصالح وهذا هو الهدف والقيمة العالية للأهداف الأخرى التي تأتي في مرتبها ثانوية.

أسأل: أين مستقبل من مستقبل؟ أين شعب من شعب؟ أين أمة من أمة؟

مستقبل قراءت له الأمة، مستقبل لم تقراء له الأمة أو لا تملك أن تقراء له أبدا. شعب يغنى بالقراء والباحثين وبقراء منتجين، وشعب يقراء للتسلية وتمضيت الوقت. شعب يقراء سباب وشتاما، وشعب يقراء علما ومعرفة. شعب يطلب العمق والحقيقة، وشعب يبقى عند السطحيات، أين مستقبل هذا الشعب من مستقبل ذلك الشعب؟

أين أمة من أمة؟ أمة  جادة من أمة لا تملك من الجدية شيئا، أمة تعيش على البذل والاستفادة من الوقت في المفيد، وأمة تعيش للهو، وأمة يأكلها الفراغ وأمة تملئ الفراغ بكل مفيد، أين هذه الأمة من هذه الأمة؟ أمتان أحداهما تسلك طريق القمة والأخرى تسلك طريق الحضيض.

أقول لكم أن صادق الفكرمع قدمه جديد حيث من حقه أن يبقى، وباطل الفكر مع حداثته منته حيث من شأنه أن يُتخلى عنه ويقبر، فلنطلب صادق الفكر والحقيقة ولا يكن من طلبنا باطل أو نصرة باطل.

بحثا يجب أن يكون دائماعلى الحق والحقيقة وما فيه بناء الحياة لا هدمها، علينا أن نجيد ذلك ونتذكر ذلك ونلتزم ذلك.

مكتبة مباركة أن شاء الله بأن تكون بداية حركة علمية جديدة نشيطة نافعة في أوساط المؤمنين مثرية بالمعرفة الإسلامية مسهمة في أرتقاء الأمة. مكتبة تنمو وتُنَمي، تستفيد وتُفيد، تضم كتبا لتبدع كتبا نافعة ٍمن جديد.

مكتبة الجمعية يبنغي لها أن تكون مكتبة علمية بعيدة عن كتب التهريج والسب والشتم من أي جهة لأي جهة، أن تكون غنية بالمصادر التي تمد الباحث بما تقضيه حاجة البحث الدقيق الموثق.

والهدف لهذه الجمعية هو لحل الخلافات وبما يتفق مع الحق والحقيقة، لا تغذيتها ولا تسوعتها ولا أن يطلب حلها بهدم الحقيقة، أما الوصول إلى الحقيقة فمسؤولية الباحث نفسه، ومسؤوية إعداد هذه الباحث وفرق البحث، ومسؤولية المشرفين على أهل البحث من أفراد فرق.

وكما سبق الهدف الأول هو الإنسان نضجه ورشده وصلاحه، ولا شيء من ذلك إلا بأن يكون هذا الإنسان على خط ربه الكريم  خاضعا في عبوديته لخالقه تبارك وتعالى.

والحمد لله رب العالمين

زر الذهاب إلى الأعلى