آية الله قاسم في حفل العام الحوزوي: بقاء الإسلام مرهون بحوزات قوية وجادّة وفاعلة

وقفة استنكارية للتعدي على الرسول (ص).. وكبار العلماء يكرّمون العلاّمة الوداعي
آية الله قاسم في حفل العام الحوزوي: بقاء الإسلام مرهون بحوزات قوية وجادّة وفاعلة

سار :


قال آية الله قاسم في حفل بداية العام الدراسي للحوزات العلمية، الذي أقيم اليوم الخميس بصالة الغدير في سار، إن “بقاء الإسلام مرهون بحوزات قوية وجادّة وفاعلة وناجحة ومتطورة وواعية ومؤمنة كل الإيمان بقيمة الإسلام ونظم الإسلام”.

وخلال الحفل الذي نظمته حوزة المصطفى للدراسات التخصصية التابعة للمجلس العلمائي بالتنسيق مع حوزات البحرين، وبحضور العشرات من طلبة العلوم الدينية يتقدمهم كبار علماء البحرين، بدأ سماحته مخاطبًا الحضور، بالقول: “أنتم منبع فكر ومصدر إشعاع وقادة فكر وشعور وإرادة على خط الله.. أنا أمام معلمين مربين، قادة فكر، مسؤولي تربية، وورثة الأنبياء يحملون فكرهم وتطلعهم”.

وأضاف سماحته “الإسلام كما هو لبناء الفرد هو لبناء الأمة، بل هو لصناعة تاريخ الأرض كل الأرض وضوء هدى السماء، الإسلام لقيادة حركة الإنسان لا لمساحة واحدة من مساحات الحياة، إنه لكل مساحات الحياة.. أريد للدين أن يقود حركة الحياة وأن يسلك بها الطريق الذي يُرى وأن ينتهي بها إلى الله سبحانه.. كان لابُدّ للدين أن يُعرف، أن تتكشف أسراره، أن يُعثر على كنوزه، أن يُبحث عن ذخائره، أن يُتعمّق فيه ويُغاص إلى أغواره “.

وأردف سائلًا: “كيف يقود الدين حركة الحياة وقائدٌ يجهله ومقود لايعرفه منه شيئاً؟”، مستطردًا “من أجل أن يأخذ الفرد طريقه في هذه الحياة بضوء مسار الدين لابد أن يعرف الدين، وهي كذلك الأسرة ومثلها المجتمع… كيف نصدق الدين؟ كيف نؤمن بالدين؟ وكيف نسلّم للدين؟ نبيع الحياة من أجل الدين؟ ونحن لا نعرفه.. لا يمكن”.

وقال آية الله قاسم: “الحركة في الأرض لابد لها أن من العلم بالأرض، ما يطوّع أوضاع الأرض لخدمة الإنسان وتسهيل حياته.. نحن أمام حاجة للعلم بالدين وبأوضاع الأرض وما يتطلبه تطوير هذه الأوضاع.. حركة الإنسان في الأرض تحتاج في هداها إلى الدين، تحتاج في انضباطها الخلقي، في هادفيتها، أن تسمو، أن تكبر على الغلط”.

وتابع “المطلوب فقه الدين لا فقه الشريعة فحسب، والدين عقيدة وشريعة مفاهيم، ورؤى، وأهداف، ومقاصد، وقيم. الدين أوسع بكثير في إطاره من الشريعة والأحكام الفقهية المعروفة.. الحوزة مسؤوليتها لا أن تخرّج فقهاء الشريعة، وإنما مسؤوليتها أن تخرّج فقهاء دين.. فقهاء الشريعة.. لا يملكون الرؤية التي عليها رؤية الدين ولا تتيسّر لهم أن يكتشفوا أعماق الدين وأن يلتحموا بأخلاق الدين”.

وأشار سماحته إلى أن “المؤسسة الرئيسية لوعي الدين، لفكر الدين، للتربية الدينية لترشيد الحركة الدينية ترشيداً إسلامياً ليست إلا مؤسسة واحدة وهي الحوزة.. تبقى الحوزة ضرورة من ضرورات وجود الإسلام، وهي الضرورة الأولى بعد توفيق الله عزّ وجل”.

كما شدد على أن “بقاء الإسلام مرهون بحوزات قوية وجادّة وفاعلة وناجحة ومتطورة وواعية ومؤمنة كل الإيمان بقيمة الإسلام ونظم الإسلام”. وأضاف مخاطبًا العلماء وطلاب الحوزات “أنتم عصبُ الدين، أنتم قلبُ وجود الدين، أنتم المنطلق الأول لوجود أمة إسلامية قوية وفاعلة وقادرة، فانظروا كيف تفعلون؟”.

وفي السياق نفسه لفت إلى أنه “من الحوزة ينطلق بناء المجتمع، ومن الحوزة ينطلق بناء الكيانات الكبيرة.. الحوزة أبقت على الإسلام، على أصالته، على وجوده الفاعل طوال قرون رغم الظروف والمحن والشدائد والفقر والمطاردة والموت.. إذا كانت هذه هي أهمية الحوزة، لنسأل أنفسنا سؤالاً تطرحه النفس على النفس ذاتها: لماذا أسسنا الحوزات؟ لماذا التحقنا بها؟”.

وأكمل آية الله قاسم “لا يمكن أن يكون الإسلام شاخصاً في حياة الناس وهم يجهلونه، قل عن الإسلام المجهول بأنه غير موجود.. لكي يكون الإسلام موجوداً على الأرض لابدّ أن يعرفه إنسان الأرض، أن يعرف أخلاقه.. كم أساء الفهم السيئ للإسلام، وكم شوّه الفهم السيئ للإسلام؟”.

وأردف “كلنا يعرف ان طالب الامس غير طالب اليوم، العلوم توسعت، الدراسات تقدمت، الظروف تحسنت، الكتاب والوسائل العلمية الاخرى تيسرت.. كثرت الأسئلة واشتدت التحديات وكبرت المحاسبة الاجتماعية للحوزة.. كل هذا يفرض على الطالب والأستاذ والإدارة مسؤولية كبرى.. ما يلاحق الطالب من إشكالات اليوم يتطلب تنوعا في المعرفة وتقدما واجتهادا.. الدراسة الحوزوية اليوم ليست تخصصا واحدا كما كان يكون في الغالب بالأمس.. الحاجة إلى التخصص اليوم أكبر.. لو كان الناس كلهم بمستوى علمي واحد لظل مستوى الابتدائي والإعدادي والثانوي من دون معلم”.

واستدرك سماحته “لعل صاحب عقلية بسيطة يستنفد كل طاقته يدخل الجنة، ولعل أكبرعالم في الأرض يهوي إلى النار “. كما ذكر أن “الكل يجب أن يكون في سباق.. نحن نطلب من أحبتنا طلبة الجامعة السّبق ولكن لا نرضى أن يكون طلاب الحوزة مسبوقين.. عيب كبير وفاحشٌ جداً أن منتسب الحوزة يكون أقل تحصيلاً من طلاب الجامعة”.

وقال: “إن حوزاتنا في البحرين تعيش حالة التعدد في العناوين، ولكن عليها أن لا تكون هذه العناوين فاصلةٌ بينها”، مؤكدًا أنه “مطلوب تبادل الخبرات وتنسيق اجتماعات دورية للتغيير والتطوير”.

وكان الحفل بدأ بكلمة لمسؤول حوزة المصطفى للدراسات الإسلامية التخصصية الشيخ أحمد خليل العصفور، قال خلالها “إن هذا الحفل بداية لمشروع تكاملي للحوزات نأمل ان يستمر”، كما تحدث عن تكريم العلامة السيد جواد الوداعي قائلًا: “السيد الوداعي حجة علينا بوجوده في الساحات، وكم دمعت عيوننا لمواقفه”.

بعد ذلك شهد الحفل فقرة تكريم العلامة السيد الوداعي، إذ قام كبار علماء البحرين وعلى رأسهم آية الله قاسم والعلامة السيد عبدالله الوداعي والعلامة الشيخ عبدالحسين الستري والعلامة الشيخ محمد صالح الربيعي بتسليم سماحته باقة ورد ودرع تذكاري بالمناسبة.

وأقيم على هامش الحفل معرض للكتب العلمية، تفاعل معه الحضور بكثافة، كما كان هناك ركن لإصدارات المجلس العلمائي وعدد من المؤلفين البحرينيين.

وفي ختام الحفل أقام العلماء وقفة احتجاجية استنكارًا للتعدي على مقام الرسول الأعظم (ص)، أعربوا فيها عن استعداد الأمة وعلمائها لتقديم كل ما تملك من تضحيات فداء للرسول الأعظم (ص)، كما دعا خلالها المجلس الإسلامي العلمائي إلى وقفات احتجاجية ظهر غد الجمعة في جميع مساجد البحرين تنديدًا استنكارًا ورفضًا لإهانة مقام النبي المصطفى (ص) رسول الإنسانية وسيد البشرية (أرواح العالمين له الفداء).

زر الذهاب إلى الأعلى