خطبة الجمعة (499) 21 جمادى الأول 1433هـ ـ 13 أبريل 2012م

مواضيع الخطبة:

الخطبة الأولى: الحب الإلهي

الخطبة الثانية: إعلام ما أصدقه ! – نحن معكم – كلمات قصيرة

الخطبة الأولى

الحمد لله الذي هدانا لدينه، ولم يجعلنا ضلاَّلاً وعمياناً، ومعادين لأوليائه، ومناصبين لأهل طاعته، ومحاربين لأئمة دينه، وموالين لأهل عداوته.
منه المبتدأ، وإليه المنتهى، وبيده الآخرة والأولى، نعمه لا تُعدّ، وآلاؤه لا تُحصى، وثناء إحسانه لا يُقضى.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم تسليماً كثيراً كثيراًً.
عباد الله ما صلح عبد ولا أمة من عباد الله إلاّ بتقواه، وما استقامت حياة النّاس إلا بطاعته. وليس من حق أوضح من حقِّ الله تبارك وتعالى في تقواه وطاعته، وهو أول الحقوق، ورأس الحقوق، ولا حقّ لأحد على أحد إلاّ من حقّه سبحانه، إذ كل نعمة مرجعها إليه، وكلّ إحسان مبتدؤه من عنده، وكل خير مردّه إلى فيضه وعطائه.
فلنلزم عباد الله طاعة الله، ولا ندخلْ في أيّ طاعة تخرجنا من طاعته، وتُدخلنا في معصيته، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولا طاعة له إلاّ من طاعته سبحانه.
اللهم صلّ وسلم وزد وبارك على حبيبك المصطفى محمد بن عبد الله خاتم النبيين والمرسلين وآله الطيبين الطاهرين، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
اللهم لا تؤاخذنا بما كسبت أيدينا، ولا تخرجنا من هدى إلى ضلال، ومن نور إلى عماية، ومن طاعتك إلى معصيتك، ومن رحمتك إلى نقمتك، وأبدلنا عن كلّ ضلالة بالهداية، وعن كل غواية وسفاهة بالرشاد، وعن كل زيغ بالاستقامة، وانتهِ بسعينا إلى رضاك، وامنحنا الجنة والكرامة من فضلك يا كريم، يا رحمان، يا رحيم.
أما بعد أيها الأعزاء من المؤمنين والمؤمنات فالحديث في موضوع:

الحبُّ الإلهيّ:

هدف يصنع القوّة والجمال:
من طلب رضا الجميل كان طريقه إلى طلبَ الجمال واكتسابه، ومن طلب رضا القبيح فوسيلته إليه أن يفعل الرذائل، ويكتسب القبيح.
وليس كجلال الله جلال، ولا كجماله جمال، فالطالب لرضا الله طالب لرضا أجلّ جليل، وأجمل جميل، طالبٌ لرضا الخالق الذي لا يُحدّ له جلال وجمال وكمال.
فهو طلب يجعل العبد على طريق الاستكمال الدائم، واكتساب كلِّ ما يُمكِنه من زينة الجمال للعقل والقلب، والنفس والروح في محاولته الاقتراب من رضا الله الذي لا يناله إلا الجمال.
والرحلة في اتجاه الكمال الإلهي تصنع الجمال، والقوَّة والعظمة من دون أن تعرف لها نهاية، ونقطة توقف لأن الغاية فوق كلّ النهايات، وأبعد من كلّ الحدود.
الطالبون لأن ينالوا رضا الله، والحبّ من عنده ما هو طريقهم إليه؟ كيف عليهم أن يكونوا؟ ماذا يفعلون، وماذا يَدَعُون؟
خذ هذا من وصف القرآن الكريم لمن يحبّه الله، ومن يُبغِضُه:
من يحبَّ الله سبحانه؟
{… وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}(1).
{… إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}(2).
{بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}(3).
{… فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}(4).
{… فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}(5).
{… فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}(6).
{… فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}(7).
{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ}(8).

وإليك من الحديث في هذا الباب:
“إن الله يحب كلّ قلب حزين، ويحب كلّ عبد شكور”(9) حزين لذنبه، وشكور لنعمة ربّه.
وعن الرسول صلَّى الله عليه وآله:”إنَّ الله يحبّ الحييَّ الحليم العفيف المتعفف”(10).
وعنه صلَّى الله عليه وآله:”ثلاثة يحبّهم الله عزّ وجلَّ: رجل قام من الليل يتلو كتاب الله(11)، ورجل تصدّق بيمينه يخفيها عن شماله، ورجل كان في سريّة فانهزم أصحابه فاستقبل العدو”(12).
فهل يسع أحداً يطلب حبّ الله له أن يميل شمالاً أو يميناً عن الصراط السوي، أو يفتر لحظة في معراج الكمال؟!

من يُبغض اللهُ عزّ وجلّ؟
{… وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ}(13).
{… وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ}(14).
{… وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}(15).
{… إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً}(16).
{… إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً}(17).
{… وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}(18).
{… وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}(19).
{… إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ}(20).
{… إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ}(21).
{… إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ}(22).
الفرح بالدنيا، الفرح بالباطل، الفرح المخرج عن الحق لا يحبّه الله.
{لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ…}(23).
فأيّ راغب في حبّ الله لا تنأى به رغبته هذه، وألمُه من غضب الله، وفِراره من غضبه عن كلّ ما قبح من فكر وشعور وعمل، ولا يدفعه ذلك إلى التنزّه عن كلّ انحطاط، كل سوء؟!
وهل لمسلم أن يحبَّ إلا ما أحبَّهُ الله ومن أحبَّه، وأن يُبغض إلاَّ ما أبغضه، ومن أبغضه؟!
وهل تجد رضا أحد يستهدفه مستهدف كرضا الله، وطلبَ أحد كطلب حب الله سبحانه يُربِّي الإنسان هذه التربية، ويرتقي به هذا الرقي، ويصوغه هذا الصّوغ، وينقِّيه هذه التنقية، ويبنيه هذا البناء؟!
لا شيء كذلك، نعم من كانوا لا يحبون إلاَّ من أحبَّ الله، ولا يُبغضون إلاّ من يُبغض الله، ولا يرضون إلا لرضاه، ولا يغضبون إلاّ لغضبه ممن عصم الله من نبيّ مصطفى أو إمام مجتبى فإن طلب حبهم يضع على هذا الطريق. وما طلب حبّهم بمنفكٍّ عن طلب حبِّ الله.
اللهم صلّ وسلّم وزد وبارك على حبيبك المصطفى محمد بن عبد الله خاتم النبيين والمرسلين وآله الطيبين الطاهرين، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
اللهم املأ قلوبنا بحبّك، واجعل حبّنا لك عن معرفة، واجعلنا لا نأتي إلا ما يرضيك، وألبسنا الصفات التي تحبّها في عبادك، واكسنا بزينة التقوى والهدى والعمل الصالح التي نزين بها عندك يا حنّان يا منّان، يا كريم، يا رحيم.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ}(24).

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي فطر عباده على المعرفة، وهداهم إلى النجدين، وأقدرهم على الطاعة والمعصية بلا إجبار على الطاعة، ولا غَلَبة على سلطانه في المعصية، أو تعطيل لإرادته. فما من إرادة لعبد من عبيده إلا وتنزّلها بإرادته أراد العبد عين ما أراد الله، أو أراد خلافه، فقيام إرادة العبد وبقاؤها وسلبها كل ذلك بيد بارئه.
وما جاء به العبد من حسنة فمن فضل ربّه، ولا سبيل له إليها إلا بجوده، وما أتى به من سيئة فبسوء اختياره، وعدوله عن منهج الله وشريعته.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم تسليماً كثيراً كثيراً.
علينا عباد الله بتقوى الله، ولا صِدْق للتقوى من غير العمل الصالح، والإخلاص فيه لوجه الله الكريم، والأخذ بمنهج الدّين الحقّ في كل حركة وسكون، وفي كلّ ما ظهر وبطن من حياة العبد، وما كان منه في ملأ وخلأ.
ومن غاب الله عزّ وجلّ عن قلبه في سرّه لم يكن ظاهر تقواه عن تقوى، ولم يكن ذلك منه توقيراً للعظيم تبارك وتعالى.
فلنراقب النفس في خلواتها، وما عليه حال طاعتها ومعصيتها لمالكها ومدبِّرها ورازقها لنعرف حقيقة فقه هذه النفس وصحوتها وصدقها وخشيتها ومعرفتها بحق ربّها وتقواها، فإن عرفناها فاقهة بصيرة مهتدية حمدنا الله على ما أنعم، وإلاَّ حملناها على الطريق، وأخذنا بها إلى الجادّة، وجاهدناها على ذلك أشدّ مجاهدة.
اللهم صلّ وسلّم وزد وبارك على حبيبك المصطفى محمد بن عبد الله خاتم النبيين والمرسلين وآله الطيبين الطاهرين، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
اللهم اجعل لنا علانية صالحة، وسرّاً أكثر صلاحاً، واجعلنا عندك أحسن منّا في عين النّاس، واكتبنا عندك من الصالحين.
اللهم صلّ وسلّم وزد وبارك على حبيبك المصطفى محمد بن عبدالله الصادق الأمين خاتم النبيين والمرسلين، وعلى علي أمير المؤمنين وإمام المتقين، وعلى فاطمة الزهراء الصديقة الطاهرة المعصومة، وعلى الهادين المعصومين؛ حججك على عبادك، وأنوارك في بلادك: الحسن بن علي الزكي، والحسين بن علي الشهيد، وعلي بن الحسين زين العابدين، ومحمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق، وموسى بن جعفر الكاظم، وعلي بن موسى الرضا، ومحمد بن علي الجواد، وعلي بن محمد الهادي، والحسن بن علي العسكري، ومحمد بن الحسن المهدي المنتظر القائم.
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد، وعجِّل فرج وليّ أمرك القائم المنتظر، وحفّه بملائكتك المقرّبين، وأيّده بروح القدس ياربّ العالمين.
عبدك وابن عبديك، الموالي له، الممهِّد لدولته، والفقهاء العدول، والعلماء الصلحاء، والمجاهدين الغيارى، والمؤمنين والمؤمنات أجمعين، وفِّقهم لمراضيك، وسدِّد خطاهم على طريقك، وانصرهم نصراً عزيزاً مبيناً ثابتاً دائماً مقيماً.
أما بعد أيها الإخوة والأخوات في الله فإلى ما يأتي:

إعلام ما أصدقه!:

لا يوجد في الإعلام الرسمي عندنا اليوم فرق بين حلال وحرام، بين صدق وكذب بل كأنَّ الحرام والكذب أولى من مقابلهما لو تساوى هذا وذاك قيمة عمليَّة في مطلوبهم وأثراً.
هناك عدم حياء، ومجاهرة بالكذب المكشوف، وقلب للحقائق رأساً على عقب.
ندعو إلى احترام الدَّمِ المسلم ودم كل مواطن، واحترام ما هو بقيمة الفَلس الواحد من ثروة الوطن العامّة والخاصّة فما تمضي ساعات على هذه الدعوة الصريحة حتّى نكون في الإعلام الرسميّ محرِّضين على سفك الدم من غير حق.
وندعو إلى السلميَّة ونشدِّد عليها فتنقلب هذه الدعوة في لسان هذا الإعلام إلى دعوة للعنف والإرهاب.
وهذا هو مسلك الإعلام الدائم في التعامل مع الكلمة المخلصة في هذا البلد، وقد صار أخيراً يستغل كلمة قيلت هنا في الدفاع عن العِرض، وردّ العدوان المشهود المستهدِف للنيل منه، وهو استغلال رخيص دنيء مفلس ممن لا يجد حجَّة لتقوّله.
والكلمة التي قالها هذا المنبر تنطلق من فهم ديني صافٍ مشترك بين المسلمين. ومعه الدستور الذي ترضاه السلطة، ومعه العقل وكل الأعراف والمواضعات الدولية، والضمير الإنساني. فلا مؤاخذة أساساً على تلك الكلمة حتى أدنى مؤاخذة..
ندعو لسدِّ أبواب الطائفية، ومدِّ الجسور بين الطائفتين الكريمتين، والصبر على الأخطاء في سبيل ذلك فلا نسمع إلاّ أننا من دعاة الفرقة، ومثيري الفتنة، وممن لا يحترم الآخر.
ندعو إلى حرية التعبير، وإعطاء الشعب حقوقه السياسية والمدنية فنُفاجأ بأننا ندعو إلى حكمٍ مذهبيّ خاص.
أيُّ كلمة خير نقولها(25) تنقلب في لغة الإعلام الرسمي إلى شرّ.
لا نريد أن نستغرب أمر هذا الإعلام، ولكن لنا أن نستغرب أن يجدَ من أحد أُذناً صاغية، وأن لا يُكلّف من يصدِّقُه نفسه بمراجعة ما يصدر من كلمات المخلصين.

نحن معكم:

هناك وصيَّة دينيَّة لي من مسؤول رسمي بالتقوى، وأنا أقبل وصيته، وأشكره على ذلك، وما منّا من لا يحتاج إلى أن يُوصي نفسه، ويوصيَه إخوانه بالتقوى، وما أبرِّئ نفسي إنّ النفس لأمّارة بالسوء إلا ما رحم ربي.
ولكن ليس مما يخالف التقوى أن يُقال عن قوات شغب مستوردة في قبال أجر مدفوع لترويع المناطق السكنية للمواطنين وتغطيتها بسحب من الغازات السامة أنهم غزاة وأنهم مرتزقة.
إذا كانوا في نظر الآخر حماةَ دين، وحماة وطن، ومجاهدين في سبيل الله، وهم يقفون ضدَّ المطالب العادلة لهذا الشّعب وضد حريته الإنسانية الكريمة فذاك له، ولكن ليس علينا أن نشاركه هذا النظر. إننا نرى ذلك ظلماً وعدواناً وجوراً، ولا تردُّد لنا في ذلك.
وليسمح لي من أوصاني بالتقوى أن أسأله أَمِنَ التقوى أن يسجن المئات والألوف لأنهم أبدوا رأيهم السياسي وطالبوا بالحقوق المسلوبة؟! أَمِنَ التقوى أن يُقتل من يُقتل في السجون ويضيع دمهم، ويذهب هدراً؟! أَمِنَ التقوى أن تُجرى محاكمات للمئات ويُحكمَ على من يُحكم عليهم بالعقوبات المشدّدة والأساس اعترافات تؤخذ تحت التعذيب؟! أَمِنَ التقوى أن ترعى السلطة إرهاباً منظّماً موجّهاً لأموال الشّعب، ودمائه تمارسه ميليشيات في وضح النهار أو تتغافل السلطة عنه على الأقل وهي تعلم كيف يتحرك، وبأي أدوات يتحرك، ومن يُصدر له الأوامر، ومن يقوم بتنفيذه؟!
الأسئلة من هذا النمط بالغةٌ حدَّ الكثرة الكاثرة(26).
وهناك قضيتان أنا أؤيدهما كل التأييد، وليت السلطة وهي ترفع شعارهما تؤمن بهما وتلتزمهما.
قضية أن ليس من أحد فوق القانون(27). ففي الوقت الذي أؤكد فيه أن كثيراً من القوانين السارية قوانين جائرة، وأنَّ العدل إنما هو في شريعة الله، وما انسجم معها تمام الانسجام، ولم يخرج عنها في شيء أرى أيضاً أنَّ تطبيق القوانين السارية بانتقائية تستهدف المستضعَف بالضرر، وتستثني أجهزة السّلطة وأهل موالاتها ظلمٌ آخر يُضاف إلى ظلم القوانين في نفسِها.
وإنّ من مطالب الشعب الرئيسة عدل الدستور والقانون، والعدل في تطبيقهما.
هذه قضية والقضية الأخرى من محل التأييد والتي أؤكّد عليها بشدة هي أن يتّجه المسار السياسي في البلد لا لحكم فئة بعينها(28)، ولا حزب بعينه، ولا طائفة بخصوصها، ولا أن يكون مصير الشعب بيد فرد أو أسرة والباقي كالأغنام، وإنما يكون الشعب مصدر السلطات. ولا تعبير عن ذلك إلاّ بأن يكون صوت انتخابي واحد لكل واحد من المواطنين، ويشارك بصورة مباشرة في انتخاب مجلس نيابي كامل الصلاحيات، وبصورة مباشرة أو غير مباشرة في انتخاب الحكومة(29).
والقضيتان مطروحتان في اللسان الرسمي كما يمكن أن تُحمل عليه بعض كلماته ولو كان ذلك في إشارةٍ لأمر آخر(30).

كلمات قصيرة:

1. حياة الأستاذ حسن المشيمع، والحقوقي عبد الهادي الخواجة في مسؤولية الحكومة، والتفريط فيها إثم ديني كبير، واستخفاف بأمن البلد، ودفع للأمور إلى مزيد من التأزيم.
2. رأيي الصريح أن الحراك الشعبي ينال لسلميّته التقدير الكبير، ويُحرج عنف السلطة، وتواطؤ الخارج، والسلمية هي الأسلوب الأولى، وعلى هذا الحراك أن يستمر في سلميته، ويكون على بُعْد 180 درجة من العنف.
3. ما حدث في دوار ألبا وفي محلاَّت جواد التجارية لا انفصال له على الإطلاق عن سياسة الدولة، وهي المسؤول عنه، والصور المنتشرة للحادثتين لا تدع مجالاً للشك في ذلك.
4. على الشَّعب الكريم شيعة وسنَّة أن يكونوا على وعي من دينهم وتقوى من الله، وإدراك لأخوّتهم الإسلامية، وتقدير كاف لمصلحة الوطن، وحرمة الدم المسلم فلا يستجيبوا لأي محاولة تستهدف إشعال حريق طائفي مدمِّر(31).
5. كلما طال أمد الأزمة السياسية زادت خسائر هذا الوطن، وأحدق به خطر أكبر، واستعصت الأمور على الحلّ، والمسؤول عن ذلك هو الدولة. يا أيها الموصون بالتقوى اتقوا الله في بلاده وعباده.
اللهم صلّ وسلّم وزد وبارك على حبيبك المصطفى محمد بن عبد الله وآله الطيبين الطاهرين، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
اللهم أنقذنا من كلّ ضلالة وغواية، واهدنا سواء السبيل، واجعل لنا من أمرنا رشداً، وافعل بنا ما أنت أهله ولا تفعل بنا ما نحن أهله برحمتك يا رحمان يا رحيم يا كريم.
اللهم ارحم شهداءنا وشهداء الإسلام في كل مكان وزمان، ومن قتل مظلوماً في سبيل الله، والموتى المؤمنين والمؤمنات، وفك أسرانا، واشف مرضانا وجرحانا، وكل الأسرى والجرحى والمرضى من أهل طاعتك يا رؤوف يا رحيم.
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (32).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 – 195/ البقرة.
2 – 222/ البقرة.
3 – 76/ آل عمران.
4 – 146/ آل عمران.
5 – 159/ آل عمران.
6 – 42/ المائدة.
7 – 108/ التوبة.
8 – 4/ الصف.
9 – الكافي للشيخ الكليني، ج2 ص99 ط4. الحديث مروي عن الإمام زين العابدين عليه السلام.
10 – المصدر السابق ص112.
11 – يبني فكره، يبني روحه، يبني نفسه، يبني أخلاقية رفيعة، يسمو بذاته من خلال قراءته كتاب الله عزّ وجل.
12 – كنز العمال ج15 ص820.
13 – 190/ البقرة.
14 – 276/ البقرة.
15 – 57/ آل عمران.
16 – 36/ النساء.
17 – 107/ النساء.
18 – 64/ المائدة.
19 – 141/ الأنعام.
20 – 58/ الأنفال.
21 – 23/ النحل.
22 – 76/ القصص. 23 – 148/ النساء.
24 – سورة التوحيد.
25- أو يقولها غيرنا من المخلصين في هذا البلد.
26- وهي محرجة للسلطة بكل معنى دقيق.
27 – هذه قضية مطروحة. أنهم يقولون: ليس من أحد فوق القانون.
28 – وهذا هو المطلوب على لسان السلطة. وربما قرأتموه وسمعتموه.
29 – وذلك بعد أن يصوغ دستور حكمه بنفسه.
هتاف جموع المصلين بـ(فلتسقط الحكومة).
30 – يبعد بالمسألة عن ما هو المقتضى الصحيح.
31 – هتاف جموع المصلين بـ(معكم معكم يا علماء).
32- 90/ النحل.

 

زر الذهاب إلى الأعلى