خطبة الجمعة (478) 21 ذو الحجة 1432هـ – 18 نوفمبر 2011م

مواضيع الخطبة:

 

الخطبة الأولى: نحن والخارج

الخطبة الثانية: البحرين، هل تعيش مشكلة؟ – الحروب الخاطئة

الخطبة الأولى

الحمد لله الخالق الحقِّ الذي لا شيء إلاَّ من خلقه، الرّازق الأصل الذي لا عطاء إلاّ من رزقه، المدبِّر الأوَّل الذي لا جريان لأمر إلاّ بتدبيره.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم تسليماً كثيراً كثيراً.
أوصيكم عباد الله ونفسي المخدوعة بالشيطان والدنيا بتقوى الله لنُكفى غائلتَهما وإضلالَهما، وننجو من مغبَّة ما يؤولان إليه بالنّفس من خسّة وخسارة وهلاك.
ولقد أرديا من النّاس أجيالاً وأُمماً، وسَقَطَت أمام سحرهما عقول وعقول، وذابت أفهام وأفهام، وغوت نفوس، وتاهت أفئدة.
فما تساهلَ مُتساهلٌ أمام كيدهما(1) إلاَّ وفَقَدَ وزنه، وكان صريعاً من صرعى هذا الكيد البليغ.
ولا يَثبتُ عقل ولا قلب ولا نفس لإضلال الشّيطان، وفتنة الدّنيا إلاّ بمجاهدة مريرة، وصبرٍ بليغ، وبالاعتصام بالله، والتوكّل عليه، واللجأ إليه وتقواه>.
اللهم صلّ وسلّم وزد وبارك على حبيبك المصطفى محمد بن عبد الله خاتم النبيين والمرسلين وآله الطيبين الطاهرين، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، واعصمنا من فتنة الدنيا، وكيد الشيطان الرجيم، ومُنّ علينا بنعمة التقوى ودوامها، وبهدىً من عندك لا نضلّ بعده أبداً برحمتك يا أرحم الرّاحمين.
.
أما بعد فهذا موضوع تحت عنوان:

نحن والخارج(2):

العقلُ نعمةٌ كبرى، وجوهرة غالية ميَّز الله بها الإنسان من بين مخلوقات الأرض، وأهَّله بها للتكليف.
ويقف العقل وراء التقدّم الديني والدنيوي في حياة الإنسان، ومنجزاته الحضارية الهائلة.
ومن مسؤولية هذا المخلوق أن يُحافظ على النّعم الموهوبة له من ربّه، لأنها ليست مملوكةً له، وإنّما هي عارية عنده، يستفيد منها، ويُؤتمن عليها، ولأنّه ما فَقَدَ نِعمةً من هذه النعم إلاّ ودخل عليه النّقص، ومسَّ حياته تعب وشقاء، وزيغ وانحراف.
ولكلِّ نعمة من نعم الله عند الإنسان وظيفة بنَّاءة، ودور صالح يخدم مصلحة الإنسان وحياته وراحته وكرامته وسعادته.
ومن مسؤوليته في دين الله تبارك وتعالى أن يُحافظ على هذه الوظيفة، ولا يُفرّط في هذا الدّور(3).
وللعقل تعامُلان؛ تعامل مع الغيب، وتعامل مع السَّاحة الخارجية لحياة الإنسان، ولكلِّ تعامل منهجه وشرطه وعطاءاتُه.
ويغنى تعامل العقل مع السَّاحة الخارجية للحياة برسائل يتلقّاها من الخارج، وبرسائل يبعثها هو إليه، وأفكار تُثريه، وتُوجّهه، وتُطوّره، وتضبط مساره(4).
ينتقل الخارج بمشاهده، وحوادثه، وحركته إلى العقل صورا تنطبع في الذهن عن طريق نوافذه عليه من بصر وسمع ولمس وشمٍّ وذوق.
وللبصر دورٌ واسع جدّاً في تزويد العقل بصور عمَّا عليه الواقع الشاخص في الخارج، وواقعُ حركته.
ومن فَقَدَ حسّاً فقد فَقَدَ علماً، وفاقد البصر يفقد علماً كثيراً. والخطأ في الصور الحسيَّة التي تصل الذهن يُنتج خطأً في الفكر، ويُضلِّل الإنسان، فكان لابد من التدقيق والضبط والعناية بالصور المرسَلَة للذهن.
ومن حبس تفكيره على أمر حقير كان ناتجه الفكري حقيراً، ومن اشتغل نظرُ فكره بأمر مهم كان ناتج هذا النظر مهمّاً كذلك. ومستوى الإنسان من مستوى ناتج تفكيره؛ فصار ينبغي للإنسان ألاّ يصرف طاقته الذهنية في الأمور الحقيرة، والقضايا الهامشيّة، فيخسر موهبةَ العقل الكبيرة، ويحرِم نفسه عطاءاتها الثرة العالية، ويُقزِّم بذلك وجوده، ويُهزِّل من مستواه.
وكما يُرسل الخارج إلى العقل رسائل متفاوتة في القيمة، ولو تجمَّد عند أقلّها مستوى بتفكيره لاستنزفت طاقتَه، وعطّلت دورَه الكبير، فكذلك يُخاطِب الخارج في ذات الإنسان بُعداً آخر له أهميته الكبرى في تحديد السّلوك، وهو بُعد الغرائز والدوافع والمشاعر التي تستجيب لها مواقفنا العملية في الحياة(5).
وباختلاف الغرائز والدوافع تختلف طبيعة الصور التي تُخاطبها وتحركها وتلهبها والواردة للنفس من الخارج.
تتلقّى النفسُ صوراً ينقلها البصر، وتُخاطِب فيها(6) قابلية الحزن فتستثيره، وأُخرى تخاطب قابلية الفرح فتنبهه، وتتلقى صوراً تُطرب، وأخرى تستدرّ عاطفة الرحمة. ومن صور الخارج الواردة على نفس عن هذا الطريق ما يغضب أو يرضي، ومنها ما يضحك، أو يبكي.
ومنها صور جنسية صارخة مستفِزّة مؤجّجة مُلهِبة لا تُبقي ماسكة من دين، أو عقل، أو أيّ قوة رادعة إلاّ طغت عليها وقضت على فاعليتها(7).
وهكذا قد تؤدّي نظرة واحدة من العين إلى الخارج بما تنقله للنفس من صورة مؤثِّرة غلاَّبة إلى تحوّلٍ هائل في سلوك الإنسان، وتنقلُه نقلةً نهائية من ضفّة الخير للشّر، أو من ضفّة الشّر للخير، وتملك عليه وجوده كلّه(8).
ومن هنا تظهر خطورة ما نختاره من صور الخارج لمخاطبة النفس(9). والتساهلُ في استعمال نعمة البصر، والإساءة لهذه النعمة بجعلها معبراً للصور السيئة الواصلة للنفس من الخارج، المستفِزّة لدوافعها الحيوانية إلى الحدّ الذي يحكم النفس، ويأخذ بقيادِها، مهيمنة على العقل، مُعطِّلة للضمير، مُلغية للدين، ناسفة لكلّ الضوابط.
والقلوب(10) المعطوبة، والنفوس الموبوءة ترسل العين لتنقل لها من صور الخارج ما يزيد في فسادها.
أما القلوب السليمة، والنفوس الكريمة فإنما تبعث النظر إلى ساحة الحياة خارجها لتتلقى عنه الصور المربّية والمفيدة.
فاختيار صور الخارج يُحدِّده مستوى النفس، وهذه الصّور بدورها تُشارك في صناعة النفس، وتُغيّر مسارها.
وعن هذا التبادل نقرأ بعض ما عن الإمام علي عليه السلام في هذا المجال:
“اَلعُيُونُ طَلائِعُ القُلُوبِ”(11)، “اَلعَيْنُ بَريدُ القَلْبِ”(12).
فالقلب يُرسل العين لِتُوفّر له صورة عن الخارج مما يتوافق مع مستواه ومشتهاه.
ومن جهةٍ أخرى تقول الكلمة عن الإمام علي عليه السلام:”القلب مُصحَفُ البصر”(13).
فالبصر يطبع صوره المحمولة للقلب فيه(14)، ويُسجّلها في صفحاته، فإنْ كانت صوراً مربّية زادت على هداه هُدىً، وإن كانت سيّئة لوَّثت أجواءه، وكان فيها ضلالُه.
وتأتي تكملة للحديث إن شاء الله.
اللهم صلّ وسلّم وزد وبارك على حبيبك المصطفى محمد بن عبد الله خاتم النبيين والمرسلين وآله الطيبين الطاهرين، واغفر لنا ولوالدينا وأرحامنا وجيراننا وقرابتنا ومن علّمنا علما نافعا في دين أو دنيا من المؤمنين والمؤمنات أجمعين، واغفر لكل مؤمن ومؤمنة، ومسلم ومسلمة، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
أعذنا ربّنا من أن نُسيء استعمال النِّعم، وادفع عنا النِّقم، ووفّقنا لحسن الاختيار، واسلك بنا أهدى السبل، وبلّغنا أكرم الغايات، وأنلنا رضاك يا كريم يا رحيم.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ}(15).

الخطبة الثانية

الحمد لله ربِّ العالمين ذي الجلال والإكرام، والفضل والإنعام، عظيم الامتنان، واسع الإحسان. وسِع كلّ الخلق بإحسانه، وعمّهم جميعاً بفضله وإنعامه، لا وفاء من أحد لعظيم شكره، ولا مخرج له من حقه.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم تسليماً كثيراً كثيراً.
أُوصيكم عباد الله ونفسي الغافلة بتقوى الله، وأن لا نتعدّى حدوده، ولا ننتهك حرماته؛ فإنّه لا خوف من أحدٍ كالخوف من الله، ولا قدرة كقدرته، ولا علم كعلمه، ولا سلطان كسلطانه، ولا أخذ كأخذه، ولا عقوبة كعقوبته، وإنْ وَجَدَ أحدٌ مفرّاً من طالبه، فإنّه لا يجد مفرّاً من الله الذي لا مذهب لأحدٍ من ملكه.
اللهم صل وسلم وزد وبارك على حبيبك المصطفى محمد بن عبد الله خاتم النبيين والمرسلين، وآله الطيبين الطاهرين، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
اللهم إنا نعوذ بك من معصية أمرك ونهيك، ومن كل ميل عن دينك، ورغبة عن ثوابك، أو استخفاف بعقابك، أو تعرُّض لسخطك، أو مفارقة لأوليائك، وقرب من أعدائك. اللهم اهدنا فيمت هديت، وتولّنا فيمن تولّيت، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم صلّ وسلّم وزد وبارك على الصادق الأمين محمد بن عبد الله خاتم النبيين والمرسلين، وعلى أمير المؤمنين وإمام المتقين، وعلى فاطمة الزهراء الصديقة الطاهرة المعصومة، وعلى الهادين المعصومين؛ حججك على عبادك، وأنوارك في بلادك: الحسن بن علي الزكي، والحسين بن علي الشهيد، وعلي بن الحسين زين العابدين، ومحمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق، وموسى بن جعفر الكاظم، وعلي بن موسى الرضا، ومحمد بن علي الجواد، وعلي بن محمد الهادي، والحسن بن علي العسكري، ومحمد بن الحسن المهدي المنتظر القائم.
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد، وعجِّل فرج وليّ أمرك القائم المنتظر، وحفّه بملائكتك المقرّبين، وأيّده بروح القدس ياربّ العالمين.
عبدك وابن عبديك، الموالي له، الممهِّد لدولته، والفقهاء العدول، والعلماء الصلحاء، والمجاهدين الغيارى، والمؤمنين والمؤمنات أجمعين، وفِّقهم لمراضيك، وسدِّد خطاهم على طريقك، وانصرهم نصراً عزيزاً مبيناً ثابتاً قائماً دائماًً.
أما بعد أيها الأخوة المؤمنون والمؤمنات فإلى عنوانين:

البحرين هل تعيش مشكلة؟:

حاول البعض أن يُنكر وجود مشكلة في البحرين، وأن يُصوِّر أن الأوضاع مستقِرّة تماماً، وأنَّ كل شيء في هذا البلد على ما يرام؛ حتى أحرجه الواقع المثقل بالمشكلات، المفعم بالمآسي وأسكته.
وإذا استمرّت المكابرة بالواقع، وقلّة الحياء بالبعض للاستمرار على هذا الإنكار لم تكن حاجةٌ لمناقشته لأن الواقع الصارخ يُكذّبه بما فيه من مسيرات ومظاهرات شاملة لا تنقطع، وما تُواجَه به أساليب التعبير السلمية من ردود فعل عنيفة من السلطة، وهجوم شرس على كل مظاهر الاحتجاج والتعبير عن المطالب الشعبية، ومداهمات لبيوت الآمنين تقتحم عليهم غرف نومهم، وأخصّ حالاتهم الشخصية(16).
إنه إنكار يردُّه استمرار التوقيف، والاعتقال بصورةٍ متزايدة، ومسلسلُ المحاكمات الذي لا توقُّف له، واستباحة المناطق المختلفة ليلاً ونهاراً من القوّات الرسمية المهاجمة.
وهناك الإعلام الذي لا يملّ من السّب والشّتم، وكيل الاتهامات لأبناء الشّعب الشرفاء، والتصريحاتُ الرسمية المكثّفة التي تُظاهِره، ولجنةُ تحقيق استدعاها تعقيد الأوضاع كما يقولون لتمديد مدة تحقيقها.
وكيف يجمع بين القول بأن لا مشكلة، وبين البحث عن حل؟!
ما هي المشكلة؟
قد يقال المشكلة مئاتٌ من السجناء، ألوف من المفصولين، فقد المواطن لأمنه، إصابات جرحى(17)، اختناقات، فقد مساكن، غياب خدمات مدنية كافية، تمييز في الإسكان، في الخدمات، في التوظيف،.. الخ(18).
فالمشكلة حقوقية وحلّها بالإصلاح الحقوقي، ولابد أن تنتهي كل مظاهر الاحتجاج بإصلاحها.
والجواب: أن المشكلة الحقوقية قائمة ومتفاقمة، وثقيلة ومشقية، وجادة ومؤلمة، ولابد لها من حل جذري لا سطحي، وشامل لا ناقص، ودائم لا مؤقّت، ولكنها(19) ليست هي الأصل، وستبقى ما بقيت المشكلة الأصل في ظل الإهمال والتغاضي، وما دام يتجه الإصرار للقفز عليها وتجاوزها وكأنها من نسج الخيال.
كل المشاكل الحقوقية إفراز طبيعي للمشكلة السياسية… للتهميش السياسي… للإقصاء السياسي… للاضطهاد السياسي… لدستور واجَهَه الرفض الشعبي قبل ولادته ويوم ولادته… وفرضته القوة على الواقع رغم الإرادة الشعبية… وظل رفضه قائماً إلى اليوم.
والحق السياسي هو أول حقٍّ للشعب في العلاقة بينه وبين الحكومة، والحقُّ الأساسُ الذي لا يسلم معه أيّ حقٍّ آخر من حقوقه مع سلبه. ولا يمكن أن يُضمن استرداد الحقوق الأخرى المسلوبة في ظل استمرار سلب هذا الحق.
الشّعب الذي لا رأي له في دستور حكمه، ولا القوانين التي تنظّم حياته العامّة، ولا تمثّله سلطة نيابية منتخبة انتخاباً حرّاً عادلاً، وتمارس صلاحياتها النيابية كاملة في ضوء قناعات شعبها المرتكِزة إلى دينه وشريعته، وتقوم بدورها في الرقابة والمحاسبة وطرح الثِّقة ناظرةً إلى مصلحته… الشعب المجرّد من كل ذلك كيف يمكن له أن يُحافظ على حقوقه، ويحمي نفسه من انتهاكات السّلطة المتفرّدة التي تملك القُوّة، وتتحكّم في الثروة، وتُشرّع كما تشتهي وتهوى؟!
ما لم يَسلَمْ هذا الحق السّياسي، فلا سلامةَ لأي حقٍّ من الحقوق. وما لم تُحَلّ المشكلة السياسية، فلا حلَّ لأي مشكلة من المشاكل.
والحلُّ الذي اعتمده الميثاق للمسألة السّياسية هو أن الشعب مصدر جميع السُّلطات.
وهذا التعبير تعبير مبين صريح غير قابل للتأويل، ولكن على المستوى العملي لم يُعطَ شيء من معناه الصريح، وقد عطلته المصلحة السياسية للسلطة بالكامل.
وكلُّ الشعوب العربية اليوم متوجهة لاسترداد حقّها السياسي؛ ومن لم يرتفع صوته مجلجلاً من هذه الشعوب بالمطلب السّياسي مُبكّراً لظروفه الخاصة، فهو في طريقه لأن يوصل صوته إلى كل العالم بهذا المطلب. وأيُّ دائرة إقليمية تحسب حكوماتُها أنها معفية من المطالب بهذا الاستحقاق الشّعبي فهي واهمة جداً، ولابد للصّمت أن يخترق، وللقيد أن ينكسر، وللحقّ أن يعلو، وللشعوب أن تنتصر.
كلّ الشّعوب التي عاشت الحَراك الثّوري، والسياسي لم يتراجع أحدها، والشّعوب الأخرى في تتابع في لحاقها بهذا الحراك، لتزيد من قوّته وفاعليته، وتُصاعِدَ من فورانه وتأثيره.
صار المطلب السياسي يملأ واعية هذه الشعوب ومنها شعب البحرين، ويمثِل همها، وحاجتها العملية، ويملك عليها شعورها، ولم يَعُدْ خاطرة عابرة، وحلماً مما يداعب الخيال.
وهو بذلك أقوى من أن يشهد تراجعاً، أو يُلتفَّ عليه، أو تَشْغَلَ عنه الدعايات، والاختلاقات، والمغالطات، أو تصرف عنه المسرحيّات والترّهات.

الحروب الخاطئة:

كل حرب لا تخدم الإنسانية… لا تُقيم العدل، لا تتمشّى وأحكام الشّريعة الإلهية… لا تُرضي الله سبحانه فهي خطيئة وخاطئة.
كل حرب تشنها الطاغوتية العالمية، والاستكبار العالمي لإذلال الشّعوب والأمم، والسّيطرة على الثروات، والتحكُّم في مصائر الدول هي حروب ظالمة، ومُدانة، ومن أكبر ألوان الفساد في الأرض.
وقد واجَهَت أمتنا الإسلامية في مدّة وجيزة، ولسنوات معدودة أكثر من حرب من هذا النوع بدوافعَ مادية، وتوسّعيّة، وطاغوتية سافرة، وبأسباب مُفْتَعَلَة.
والأمة اليوم أكثرُ وعياً من أيّ يوم مضى، وجماهير أمتنا اليوم على فطنة تامّة بالأهداف الخبيثة لأيِّ حربٍ تشن على أي بلد من بلدان هذه الأمة.
وكلُّ جماهير الصحوة الإسلامية في طول البلاد الإسلامية وعرضها ترى أنَّ أيَّ حرب تشنها قوة عدوانية على أي قُطْر من أقطار هذه الأمة هي حرب على الأمة كلِّها، وتعني الأمّة بكاملها، ورفضُها لها على حدِّ رفضها لضربها هي، ولتهديم منازلها على رؤوس أبنائها.
اللهم صلّ وسلّم وزد وبارك على حبيبك المصطفى محمد بن عبد الله خاتم النبيين والمرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
اللهم ارحم المظلومين من عبادك، واغضب على ظالميهم، وصبّ عليهم العذاب صبّا، وأنزل عليهم نقماتك يا قوي يا عزيز. اللهم وحّد صفوف المسلمين واجمع كلمتهم على التقوى، واجعلهم يداً واحدة على المعتدين يا علي يا عظيم يا قدير.
اللهم ارحم شهداءنا وشهداء الإسلام، والموتى المؤمنين في كل مكان وزمان، وفك الأسرى والسجناء من المؤمنين والمؤمنات في كل أرض، واشف المرضى والمعلولين منهم يا أرحم الراحمين.
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (20).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- أعني الدنيا والشيطان.
2- أعني خارج النفس.
ساحة الحياة الدنيا مليئة بالموجودات، زاخرة بالأحداث، ولكلّ ذلك رسائل إلى العقل، ورسائل إلى النفس، فهل ننفتح على كل رسائل الدنيا أو لا ننفتح إلاّ على ما يحسن اختياره؟ الموضوع يدور حول هذه الفكرة.
3- الإنسان مسؤول عن أن يحافظ على أمانات الله عنده، وعلى دور هذه الأمانات.
4- أي مسار الخارج.
5- وتنطلق في حركتها من ضغطها.
6- أي في النفس.
7- وهنا ينهزم الإنسان.
8- وتُحدِّد مصيره.
9- نحطّّ بنظرنا على صورة فنحن ننقل خطاباً إلى النفس من خلال هذه الصورة، وقد يكون خطابا بانيا، وقد يكون خطابا فيه هدم لها.
10- القلب يُرسل العين بريداً له إلى الخارج.
11- هداية العلم في تنظيم غرر الحكم ص458.
12- المصدر السابق.
13- شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ج20 ص46.
14- أين يطبع البصر صوره؟ يطبعها في القلب..
15- سورة التوحيد.
16- في الحمام أو في غرفة النوم.
17- يصلون بالمئات.
18- والسلسلة هنا طويلة.
19- وبرغم كل ذلك.
19- 90/ النحل.

 

زر الذهاب إلى الأعلى