خطبة الجمعة (445) 26 ربيع الثاني 1432هـ – 1 أبريل 2011م

مواضيع الخطبة:

 

الخطبة الأولى: متابعة النبوّة والرسالة

الخطبة الثانية: الحل الأمني

الخطبة الأولى

الحمد لله الحنّان المنّان، ذي الفضل والإحسان، الحمد لله الذي جعلنا من أتباع النبيين والمرسلين، والمؤمنين بالقرآن الكريم، ومحبّي أئمَّة الدّين، والأولياء والصّالحين، ولم يجعلنا من حزب الشّيطان الرّجيم، وجنده الغاوين. الحمد لله الذي بصّرنا بآياته، وهدانا ببيّناته، وهو أرحم الرّاحمين.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم تسليماً كثيراً كثيراً كثيراً.
أُوصيكم عباد الله ونفسي الأمّارة بالسّوء بتقوى الله العلّي القدير، العليم الخبير، المنعم المتفضِّل، العظيم الجليل الجميل، ومن لم يتّق الله اتّقى غيره، وأين غير الله من الله علوّاً وقدرة، وعلماً وإحاطة، وإنعاماً وتفضّلاً، وعظمة، وجلالاً وجمالاً؟! فلا نستبدلنّ الذي هو أدنى بالذي هو خير.
اللهم صلّ على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنّك أنت التوّاب الرحيم.
اللهم أعذنا من ضلال الغواية، وتضييع الطّريق، ونسيان ذكرك الجميل، وقلّة التّقوى، والتلهّي بالدّنيا، والميل عنك إلى من سواك ياكريم يارحيم، يامحسن يامنيل.
أما بعد أيّها الملأ الطّيب فالحديث في موضوع النبوّة والرّسالة، وفي خصوص 
الإعجاز القرآني:
وللقرآن إعجاز متنوّع لا تُقاومه حجّة، ولايثبت أمامه مقاوم، ولايردّه عقل، وقد تقدَّم أنَّ من ذلك ما كشف عنه الكتاب الكريم من حقائق علميَّة غامضة في الكون كان يمتنع على الرّسول صلى الله عليه وآله بكلّ المقاييس العلمية أن يتوفر على العلم بها لولا الإخبار من ربّ الكون العليم بكلِّ دقائقه وقوانينه وأسراره.
وسبق ذكر بعض الأمثلة لهذه الحقائق التي تضمّنتها آيات من آياته، وهذه بعض أمثلة أخرى تُذكر تأكيداً لهذا البُعْد من الإعجاز:
{ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ}(1).
الآية الكريمة تتحدّث عن مرحلةٍ من مراحل خَلْق السّماء لم تكن لعقل الإنسان صلة بها والتعرُّف على طبيعتها على الإطلاق، ولم تكن له تجربةٌ عمليةٌ، ولا وسيلةٌ حسيّةٌ ذات مِساس بها. فحيث يأتي الإخبار عن طبيعة تلك المرحلة، ويبقى الحكم عليه غامضاً عند عقل الإنسان وتجربته لقرون متطاولة، ثم بعد أن تقدّمت كاميرات الأقمار الاصطناعية تقدّماً هائلاً عبر مسيرة طويلة للعلم البشريّ استطاعت بكشفها أن تقنعه(2) بمضمون ما أخبرت به الآية الكريمة هذا الشيء لايمكن أن يفسّر إلاّ بأن القرآن الكريم من تنزيل العزيز الحكيم.
لقد كانت المعلومات المتراكمة بيد العلماء المختصّين قبل المرحلة الأخيرة من التقدّم العلمي في مجال الفلك، والصور والأفلام الحيّة التي تُظهِر نجماً وهو يتكوّن من كتلة ضخمة من الدّخان الكثيف القاتم تسوقهم إلى تبني النظريّة القائلة بأن السماء كانت ضباباً لا دخاناً(3).
وليسأل أيّ عاقل نفسه هل كان بإمكان محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله لولا الوحي من الله سبحانه أن يُخبر هذا الإخبار الجازم القاطع متجاوزاً حدود ثقافته وبيئته، وحواجز الغيب الكثيفة، وإمكانات الحسّ المُعاش، وخارج الوظيفة الفلسفية للعقل، إذ المسألة ليست مسألة فلسفة؟؟!! {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا(4)…}(5).
وما توصَّل إليه العلم بشأن بداية الكون هو أنه كان عبارة عن سحابة سديمية دخانية غازيّة هائلة متلاصقة ثمّ تحوّلت إلى ملايين الملايين من النّجوم التي تملأ السّماء، ومن جُملة ما أدّت إليه الانفجارات الضخمة من مجموعات النّجوم والكواكب المنظومة الشمسية والكرة الأرضية، ولا يزال العالم في توسُّعٍ مستمر.
وما توصّل إليه العلم من هذا الأمر إنّما هو بفضل ما توفّر لدى الإنسان من تليسكوبات ضخمة، وسفن فضائية متقدِّمة في القدرة على الكشف، وهو ماكان مفقوداً تماماً أيّام الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم.
{وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ}(6).
المتبادر من الآية الكريمة أنّ التوسعة للسماء لأنها المذكورة في السياق، وليس لشيء آخر كالرّزق(7)، وذلك على حدّ ما في الآية التالية:{وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ }(8). أي الماهدون لها بجعلها مهداً مناسباً لحياة الإنسان وحركته، وإقامة حضارته.
وإبقاء السماء في توسّع بقدرة الله سبحانه فوق كلّ المعلومات البشرية المتاحة أيَام ذكر القرآن الكريم لهذه الحقيقة، ومقدّماتُ الوصول إلى هذا الأمر كانت مفقودة، ولم يكن لها من سبيل.
وحديثاً جعلت الأبحاث العلمية المتقدّمة، ووسائل الرّصد والكشف المتفوّقة، والمقدّمات العلمية المتراكمة العلماء يذهبون إلى ما يوافق الآية الكريمة من توسّعٍ دائم للكون.
عن كتاب “حدود النجوم” بقلم الكاتب “فرد هويل”:”أنَّ أقصى سرعة لابتعاد النّجوم عن مركزها حتّى الآن 66 ألف كيلو متر في الثانية، والمجرّات التي هي أبعد منها في نظرنا ومضُ نورها قليل جداً حتى أنه من الصّعب تحديد سرعتها، والصّور الملتقطة من السماء تدلّ على أهمية هذا الكشف، وأنَّ الفاصلة مابين هذه المجرات تتّسع أكثر من المجرّات القريبة منا بسرعة”(9).
ويقول”جورج جاموف” في كتاب “خلق العالم” في هذا الصّدد:”إنَّ فضاء العالم المتشكِّل من مليارات المجرّات في حالة انبساط(10) سريعة، والحقيقة هي أن عالمنا ليس في حالة السّكون، بل انبساطه مقطوع به”(11).
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً}(12).
تربط الآية الكريمة بين استمرار معاناة الإحساس بألم النّار، وبين احتفاظ الجسم بجلده، أو تجدّده له، وذلك على خلاف النّظرة العاديّة التي تربط بين شدّة الألم ودرجة الاحتراق الأعمق للبدن.
ويأتي العلم الحديث ليكتشف أنَّ الجسيمات الحسّية المختصّة بالألم والحرارة إنّما تكون موجودة في طبقة الجلد وحدها.
ومن هنا ركّز القرآن الكريم على تبديل الجلود لاستمرار الألم ليدلّ على أنه من وحي الله المتنزِّل على عبده الفقير إليه.
اللهم صلّ وسلّم على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التوّاب الرحيم.
اللهم ارزقنا تلاوة القرآن، والاستراحة إليه، والأُنْس به، والتتلمذ عليه، والانتفاع بِهُداه، والاقتباس من نوره، ومتابعته.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ، تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ، سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}(13). .

 

الخطبة الثانية

الحمد لله المتصرّف في خلقه، الغالب على أمره، تقديره خير تقدير، وتدبيره أدقّ تدبير، محيط بكل شيء، ولا يحيط به شيء، مالك كل أمر، ولا يملك أحد من أمره شيئاً.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون. اللهم صلّ على محمد وآل محمد.
عباد الله علينا بتقوى الله الذي منه المبدأ، وإليه المعاد، وما من شيء إلا وهو من خلقه، وبيده أمره، ولا استقلال له لحظة عن قدرته ومدده. ألا إنّ الدنيا منقضية، وكلُّ أهلها ماضون، واللقاء الآخرة، وعند الله الحساب، وخير ما ادّخر امرؤٌ ماقدّمه من عمل صالح، ونيّة سليمة، وزادٍ طيب ليوم الحساب.
اللهم صلّ على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنّك أنت التوّاب الرحيم. اللهم اغفر لوالدينا وأرحامنا وقراباتنا وأولادنا وأزواجنا وجيراننا وأصحابنا وكل من أحسن إلينا من مؤمن ومؤمنة، ومسلم ومسلمة.
اللهم اجعل حياتنا حياة الصالحين، ومنقلبنا منقلب المفلحين، ومأوانا جنّة النعيم، ولا تكلنا في دنيا ولا آخرة لأنفسنا أو لأحد من خلقك طرفة عين برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم صلّ وسلّم وزد وبارك على حبيبك المصطفى محمد بن عبدالله الصادق الأمين، خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى علي أمير المؤمنين وإمام المتقين، وعلى فاطمة الزهراء الصديقة الطاهرة المعصومة، وعلى الأئمة الهادين المعصومين حججك على عبادك، وأنوارك في بلادك: الحسن بن علي الزكي، والحسين بن علي الشهيد، وعلي بن الحسين زين العابدين، ومحمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق، وموسى بن جعفر الكاظم، وعلي بن موسى الرضا، ومحمد بن علي الجواد، وعلي بن محمد الهادي، والحسن بن علي العسكري، ومحمد بن الحسن المهدي المنتظر القائم.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وعجِّل فرج وليّ أمرك القائم المنتظر، وحفّه بملائكتك المقرّبين، وأيّده بروح القدس ياربّ العالمين.
عبدك وابن عبديك، الموالي له، الممهِّد لدولته، والفقهاء العدول، والعلماء الصلحاء، والمجاهدين الغيارى، والمؤمنين والمؤمنات أجمعين، وفِّقهم لمراضيك، وسدِّد خطاهم على طريقك، وانصرهم نصراً عزيزاً مبينا ثابتا مقيما.
الشأن المحلّي:
أما بعد فالحديث تحت عنوان: الحل الأمني(14):
يعني الحلّ الأمنّي في بعض صوره وتطبيقاته العملية، وانتشاره، وتفاقمه عزلَ كلّ شيء آخر جانباً، وتحكيم أسلوب القوة الباطشة بكل مفرداته.
ويتناول العزل القيم الدينية، والإنسانية، والأعراف الاجتماعية، وكلّ المواثيق، والدساتير والقوانين، والشّرائع السماوية، وخُلق الفطرة، وضوابط السّلوك، ومقدَّرات الإنسان.
وهذا المنطق لا يمكن أن تقوم عليه حياة، أو يُبنى مجتمع، أو تستقرّ أوضاع، أو أن يؤوب بالناس إلى رشد.
هذا المنطق يمكن له أن يهدم حياة، أو يُحطِّم أجساداً، أن يرهق أعصاباً، أن يهدم مجتمعاً، أن يُبعثر بناءاً، أن يقلق نفوساً، أن يخيف ويرعب ويفزع، أن يزرع بغضاء، أن يولّد أحقاداً، ويستحيل عليه أن يبنيَ ائتلافاً، أن يجمع شَتاتاً، أن يُنعش اقتصاداً، أن يُكسب مودّة، أن يؤسّس لحياة مريحة، وأمن مقيم، وشرعية على الحقيقة.
هذا المنطق يمكن له أن يُخفِّض الصوت الآخر أو يسكنه إلى وقت قصير أو طويل، ولكنّه يعمّق المشكل، ويوسّع الفجوة، ويبعد الشقّة، ويكثف من أسباب الانفجار, ويؤلّب على صاحبه بفعل حكومة الضّمير.
هذا المنطق لا يمكن أن يُسقط قيمة الحقوق، ولا يملك أن يُنسيَها، أو يلغيها، أو يعالج مخاطر التنكّر لها وإهمالها، أو يقبر إلى الأخير الصوت المجاهر بها. فالحاجة إلى الإصلاح ومقتضياته تبقى على ماهي عليه، والمطالبة بها لا تسقط، والمزيد في التدهور والفساد لابد أن ينتهي إلى نتيجته الحتمية من السّحق والدّمار للجميع كما في كلّ الدنيا، وكلّ التاريخ، إذ يستحيل أن تستوي نتائج الفساد والصلاح، والخطأ والصّحيح، والاستقامة والانحراف, والأخذ بما هو حقّ، وماهو باطل، فكلّما افترق الطريق والاتجاه من دون لقاء لابُدّ أن تفترق النهاية.
وإنّ للبغضاء يشتريها شخص أو دولة لثمناً، ولشراء المودّة ثمن آخر. الإساءة والظلم ثمن تُشترى به بغضاء الخلق، والإحسان والعدل ثمن للمودة.
وقد يُكلّف ثمن البغضاء يزرعها مشتريها في نفوس الآخرين أضعاف ما يُكلّفه ثمن المحبة.
والعديد من الناس العاديين والحكومات يكثر الخطأ عنده في هذا المجال.
وهناك أمران لا يفوت عاقلاً إدراكهما: أولهما أنّ سياسة العنف والإرهاب من أيّ حكومة مع شعبها تخلق حالة عداء بين الطّرفين، وثانيهما أنّ هذه العلاقة العدائية لا يستقيم معها أمر شعب ولا حكومة، ولا تعطي راحة لأي من الطرفين، وتنزع الأمن من كل ربوع الوطن.
والحكومة التي تختار الدخول في علاقة عدائية سافرة مع شعبها تجد نفسها مضطرة للاحتماء بقوّة من الخارج.
ومن كان اعتمادك عليه في استمداد القوّة ملّكته أمر قوتك وإضعافك، وإرادتك وقرارك، وجعلت نفسك مرتهناً لرغبته وهواه، واستعبدتها له.
وحتى تظلّ مرتهَناً لإرادة الأجنبي الذي يمدك بالقوة ضدّ طرف آخر فإنه يكون له حرص على أن تبقى علاقتك بهذا الطرف متوتّرة، ويثيرك ضده، ولا يتيح لك فرصة لتصحيح العلاقة بينك وبينه.
وشأن أيّ معارضة في ذلك شأن أيّ حكومة. فالمعارضة التي تعتمد على الخارج، وتستمدّ قوّتها منه، ويكون قِوامها بيده إرادتها مرتهنة لإرادة الخارج، ومصيرها في حكمه، وتتحوّل إلى رأس مال بيده، وورقة يساوم بها لحسابه. فأعان الله المعارضة والثورة في ليبيا التي وجدت نفسها محكومة في قوّتها بقرار الخارج الذي لا يرحم، ولا يتوّرع أن ينتزع منها كلّ ما يمكن انتزاعه، وأن يساوم بها الطرف الآخر، ويمكن أن يبيعها عليه، ويهددها بإسلامها لبطشه وتنكيله، وهو لا ينظر إلا مصلحته، ووضع يده على كنوز لبيبيا، والتحكم في سياستها ومصيرها كيفما يريد.
الصراع في أيّ وطن يكون من ورائه ظلم، وهو مكلف لكل أطرافه، ولكن تزيد محنة الصّراع، وكُلفة الصراع، وخسائر الصراع عندما يكون صراعاً بالوكالة من طرف أو أكثر عن خارج لا تهمّه مصلحة الوطن على الإطلاق.
أما عن الوضع الأمني المحلّي بخصوصه فإن الحالة المعاشة من أعلى درجات حالات الطوارئ، وفيها انفلات في المقاييس، وتُمثّل زيادة في تعقيد الوضع، وتباعداً عن طريق الحل.
الحلّ في الإصلاح الشامل، وفيه الدّواء، وراحة الجميع، وربح الوطن، وسيبرهن الحلّ الأمني على أنه ليس الحل، وأنّه لا يصحّ التعويل عليه، وأنّ الحلّ له مخرج آخر.
وأما عن الطائفية فلن نزرع في هذه الأرض أيّ نبتة لحقد طائفي(15)، وأهم ما يجعلنا كذلك، وأن نعمل في صالح وحدة المجتمع والأمّة هو إيماننا بالاسلام، ووعينا لأهدافه، واحترامنا للحكم الشرعي الذي لا يسمح بالدعوة والتأسيس لفُرقة الأمة، ويدعونا ويلزمنا بالعمل على تثبيت وحدتها.
وهذا حقٌّ ثابت على كل مسلم، والمتخلّي عنه إنّما هو مُفرّط بالإسلام. أمَّا المطالبة بالحقوق بالأسلوب السلمي فهي أمر آخر لا مِساس له بالوحدة الإسلامية، وإنما ينسجم معها، ولا يعترض عليه مسلم، ولا عاقل.
اللهم صلّ على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التوّاب الرحيم.
اللهم بك نلوذ، وبك نعوذ، وإليك نلجأ، وعليك نعتمد فافعل بنا ما أنت أهله، ولاتفعل بنا مانحن أهله يا أكرم الأكرمين، وأرحم الراحمين.
اللهم ارحم شهداءنا وشهداء الإسلام في كلّ مكان, واغفر لأحيائنا وموتانا، واشف جرحانا ومرضانا، وفكّ أسرانا، إنك فعال لما تشاء، وأنت على كل شيء قدير.
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}(16).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- 11/ فصلت.
2- أي الإنسان.
3- كانوا يظنّون أن السماء كانت ضباباً لا دخاناً، الآية الكريمة تقول أنها كانت دخاناً، ويأتي بعد ذلك العلم ليقول بأنها كانت دخانا وليست ضبابا.
4- الرّتق: الالتحام والإلتآم، والفتق: الفكّ والفصل.
5- 30/ الأنبياء.
6- 47/ الذاريات.
7- ربّما حُمل على التوسعة {وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} للرّزق، ولكنّ الرزق لم يُذكر في سياق الآية، وإنما المذكور في سياق الآية هي السماء. فتكون التوسعة للسماء حسب المتبادر الظاهر.
8- 48/ الذاريات.
9- تفسير الأمثل، للشيخ ناصر مكارم الشيرازي، ج 7.
10- انبساط يعني انتشار، توسع.
11- المصدر السابق. توسّع العالم يعتبره ويراه حقيقة علمية لا شكّ فيها، وهذا ما يوافق الآية الكريمة التي جاءت قبل قرون لتؤكد هذا الأمر.
12- 56/ النساء. هذا التبديل للجلود ليذوقوا العذاب.
13- سورة القدر.
14- هناك ما يُسمّى بالأحل الأمني والأولى أن يُسمّى بالإسكات الأمني.
15 قد أخذنا على أنفسنا هذا، ونحن ملتزمون به دائما.
16- 90/ النحل.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى