الشيخ القائد يبرئ ساحة المتهمين.. ويسجل وقوفاً دائماً إلى جانب المظلومين

jkdfhjfhjgdkl;df

 

وقوفاً على الخطابات التي أطلقها سماحة آية الله القائد الشيخ عيسى أحمد قاسم حفظه الله المناصرة للمعتقلين المظلومين على مدى السنوات الماضية وفي ظل هذه الأجواء التي نعيشها من فرحة عودة المعتقلين ارتأينا تخصيص هذه الصفحة من أجل وضع تلك الخطابات القيمة.

خطبة الجمعة (384) 14 رمضان 1430هـ – 4 سبتمبر 2009مالوضع المحلي:
البحرين بلد صغير يعيش في محيط عالميّ كبير يعاني من اضطرابٍ كثير متصاعد في العديد من نقاطه وبيئاته المحيطيّة الداخلة فيه، والبحرين نفسها واقعة تحت طائلة التوتر والاضطراب وبما تستتبعه هذه الحالة من سلبيات ضخمة وخسائر كبيرة، وتعطيل لطاقات إيجابيّة فاعلة منتجة.وهو شئ يأسف له كل مواطن عاقل مخلص.لكن يمكن لهذا البلد الصغير أن يخرج من وضعه السّلبي، ويستعيد عافيته، ويأمن ردّات الفعل السيئةَ التي قد تُسبّبها مشاكل المحيط البيئي، أو يتخفّف منها بدرجة ملحوظة.
وأساس ذلك أن تأخذ الحكومة بسياسة عادلة جادّة تعيد للبناء الاجتماعي متانته الطبيعية، وتُعطي للثقة بين الشعب والحكومة، وكذلك بين فئات الشعب نفسه وضعاً مقبولاً ومستقرّاً يساعد على التعاون الإيجابي الخيِّر في صالح هذا الوطن.
وهي مسؤولية حكومية محتّمة لا يمكن للوطن الاستغناء عنها، ولا النأي به عن الهزّات، والشّروخات، والمنزلقات بدونها.
هذه فكرة طُرحت في الزيارة التي تجشّم عناءها سموّ ولي العهد مشكوراً، وهي فكرة غير قابلة للاختلاف، وغير قابل للاختلاف كذلك أن يتعاون الشعب مع هذه السّياسة يوم أن توجد.
وعلى طريق هدف الاستقرار والوئام، وتمتين الثقة لابدّ من التخلص من المشاكل العالقة التي تفرض نفسها على وضع العلاقة وتثقله وتربكه وتزعزعه، ويَستمرُّ بها توالد التوتّرات والهزّات وإنسالُ الأزمَات.وملفاتُ المشاكل متنوّعة، وكلّها يحتاج إلى سرعة الحلّ وجدَّيته، وإن كان منها ما يحتاج إلى تداول جادّ على أن لا يَتَراخى للوصول إلى توافقات عادلة مرضية بين طرفي الخلاف.
أما مثل قضية متهمي كرزكان والمعامير والتي كان التخلّص منها بما يهدّئ الأوضاع، ويأخذُ بخاطر الأطراف، ويُخرج المتهمين من محتهم، ويطلق سراح حرّيتهم محلّ وعدٍ مطمئنٍّ جميل سابق فإنهاؤها طِبْقَاً للوعد وعلى طريقته لا يحتاج إلى تفاوض أو تشاور، بل التأخّر به كلّ هذه المدّة لا يُعرف له وجه، وقد أضرّ بالوضع كثيراً.
واتجه الحديث في جلسة الزيارة إلى استبشاع ورفض ما تقع فيه بعض الوزارات من تأزيم للوضع، وفتح الفرص للفتن، وتفتيت وحدة الشّعب بخلق الخلافات غير المتوقعة بين فئاته كما في حالة إسكان النّويدرات، ورُكِّز على لزوم تصحيح ما وقع بالنسبة لهذه الحالة مع التأكيد على حقّ المواطنين في المناطق الأخرى بأن تُسدّ لهم حاجات الإسكان التي يُعانون منها، وتُحترمَ لهم حقوقهم في هذا المجال وغيره. فكلُّهم مواطنون يجب أن تُرعى مصالحهم، ولا يُتركوا للظّروف السيئة الضّاغطة.
وجرى التأكيد على أنّ المذاهب الإسلامية المستندة إلى كتاب الله الكريم والسّنة المطهّرة لا تعتمد حالةَ العنف والإرهاب المجنون، ولا تحوّل حياة المسلمين إلى حياة احتراب وقتل واستئصال ورعب وفزع دائم. وإنّنا لانجد ما يُبرّر هذه الفرقة القاتلة المستنزفة للجُهد والمال والأمن والدّم المسلم من ثوابت الدّين، ومقتضيات المصلحة المشتركة، وقواعد الخُلُق الإنسانيّ الكريم.
وكان من الحديث أنَّ وليَّ العهد ومن خلال موقعه الرسميّ المتقدّم يستطيع أن يُسهم كثيراً في حلّ مشكلات البلد بصورة مُريحة تجنّبُه المتاعب، وتأخذ به على الطريق الصحيح، وتشيع فيه أجواء الثّقة والاحترام والمحبَّة، وأن يتعاون مع والده جلالة ملك البلاد في ذلك، فإنّه من التعاون على الخير، وهو تعاون محبوب مطلوب مقدور، ولا زلنا نطالب ولي العهد بهذا الدور الفاعل.
ولفت أحد النواب الحاضرين بتركيز لموضوع المدينة الشمالية والحاجة الملحّة إليها.
واتُّفق على أنّ تخلف الوعود ولو لعذر يهدم قيمتها ويسلب قيمة كل وعد قادم في نفوس الناس، وأن معوّل النّاس دائماً على لغة الفعل والواقع وليس على أيّ شيء آخر.
وكل الأمل أن ينعم هذا الوطن بخير الدين والدنيا، وأن يوفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
وإلى جنب حديث ولي العهد في اللقاء كانت له تعاليق جيدة مرضية يرجى أن يترتب عليها أثر إيجابي من ناحية الواقع العملي، ولا توفيق إلا بالله تبارك وتعالى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خطبة الجمعة (340) 10 شوال 1429هـ 10 اكنوبر 2008مأصغر علي وموقوفو كرزكان:
دينيا نحن مطالبون باحترام الدم الذي حرَّم الله سبحانه، وعدم هدره أو تضييعه، ودم المسلم حرام ابتداء لا يُنال منه إلا بموجب شرعي معلوم. وكذلك لا يُحمّل أحد وزر جريمة إلا بمثبت ترضاه شريعة الله العادلة.
قلو ثبت أن أصغر علي قد قتله قاتل ظلما ما كان لمسلم أن يدفع عن القاتل وكان علينا أن نقف جميعا في وجه صاحب الجريمة أيّاً كان إلا أن يطلب العفو من ولي الدم. ولو عُذّب أو أًكره مسلم أو غير مسلم على الاعتراف بالقتل لكان ذلك ظلماً صريحاً.
وهناك قانون شرعي وقانون وضعي، وقضاء شرعي وقضاء وضعي، ولكل منهما أحكامه وضوابطه ومثبتاته، وجزاءاته، وكثيراً ما يفترقان. والمسلم المتدين إنما ينطلق في تقييمه وموقفه من قضايا الشرع وأحكامه وموازينه.
وانطلاقا من هذه الموازين، وعلى أساسها يكون موقوفو قضية أصغر علي أبرياء لا يصح استمرار توقيفهم فضلا عن صدور أحكام قضائية بغير براءتهم.
والتهمة قد ولدت محفوفة بما يشكك في قيمتها فضلا عن فقد المثبت الشرعي بل وحتى القانوني لها.
ويأتي في هذا السياق اختلاف رواية القتل على لسان الجهة الرسمية من جهة وأقرب المقرّبين للشخص من جهة أخرى من حيث الكيفية. فالجهة الرسمية كانت تقول بأن القتل تم حرقا، في حين قال والد الشخص بأنه تم عن طريق الضرب.
والآن جاء أمر الوثيقة الصادرة من الجهة الرسمية والتي تمرّ عادة بمراحل من التدقيق والضبط والتي قد نفت إمكان القتل بالوفاة السابقة على زمن الحادثة المدّعاة بأشهر. ودعوى الخطأ في صدور الوثيقة تبقى مجرّد دعوى ولا تتعدى قيمتُها قيمة الدعوى من صاحب المصلحة فيها.
والمثبت الوحيد لجريمة القتل اعترافات على تقديرها فهي فاقدة للقيمة شرعا وقانونا وعرفا للظروف المحيطة بها، والملابسات التي تمّت فيها، والتي تنكّر لها المنسوبة إليهم أو بيّنوا أنها صادرة عن إكراه لأول فرصة اختيار حصلت لهم أمام القضاء مع توقعهم للضرر البالغ الذي يتهددهم في هذا التصريح.
وقارنوا بين هذا الاعتراف المردود شرعا وقانونا وعرفا في قيمته، وبين قيمة إقرار الجهة الرسمية بسبق تاريخ الوفاة على زمن الجريمة المزعومة والذي جاء عن محض اختيار، وفي حالة تدقيق وضبط.
فكيف يُعتبر ذلك الاعتراف وتقام عليه الإدانة والعقوبة، ويعتذر للإقرار بانتفاء موضوع الجريمة بأنه عن خطأ على أنه من جهة تدقّق وتحقّق وتحتاط لنفسها كثيراً في ما يصدر عنها من وثائق تلزمها؟!
بكلمة موجزة حقَّ جدّاً وبخاصة من ناحية شرعية أن يُخلّى سبيلُ متهمي القضية، وأن يُغلق ملفّها حالاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خطبة الجمعة (347) 29 ذو القعدة 1429هـ 28نوفمبر 2008ممقدّمة العدل تعذيب ظالم:
لا يترك تقرير اللجنة الطبية التي كلفت بمعاينة متهمي كرزكان شكّاً في أن أولئك الشباب يعانون من حالات تعذيب بعضها أتت الفاصلة الزمنية الطويلة على آثارها، وبعضها لم يمحه الزمن، فظلّت آثار التعذيب ظاهرة على أجسامهم الشريفة إلى اليوم كما يقول تقرير اللجنة الطبية.
وهذا التعذيب القاسي هو مقدمة أحكام الإدانة والأساس الذي ستُبنى عليه تلك الأحكام، وبذلك ستكون العدالة تامّة محكمة، نزيهة كلّ النزاهة، مقنعة للشعب كل الإقناع.
الأمر بالعكس تماماً، ولن يقبل الشعب أي حكم بالإدانة يقوم على ما علم من حالات التعذيب البربري الذي كثيراً ما تلقاه المتهمون، وأعلنت عنه أكثر من شهادة طبية برغم من أن المعاينات الطبية لا يسمح بها إلا بعد أن يُعفّى الزمن آثار جريمة التعذيب.
ومن هنا ستبقى الاعتصامات من أهالي المتهمين المطالبة بتخلية سبيلهم مستمرة، وسيدعم مطالباتهم الأحرار المنصفون من أبناء الشعب.
وأي جريمة على تقدير أن وقعت أو تقع على الأرض فهي مدانة، أمَّا تحميل مسؤوليتها هذا الطرف أو ذاك بعينه فيحتاج إلى المثبت الشرعي الذي لا وجود له في واقع القضايا القائمة، وإنما الموجود اعترافات تؤخذ من أصحابها تحت وطأة العذاب الأليم كما تدل عليه الشهادات والقرائن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خطبة الجمعة (321) 11 ربيع الثاني 1429هـ 18 ابريل 2008مأولاً: الدم لا يتقادم:
من أهرق قطرة دم من غير حق فأول خصم له في ذلك هو الله، ومن كان الله خصمه فلا مفر له في أرض ولا سماء، ولا يرخص الدم الحرام إلا إذا رخص الدين أو جهل، وهذا مما لا مراء فيه. وقد أُهرق دم كثير حرام من دماء أبناء هذا الشعب تحت طائلة التعذيب الظالم، أو الرصاص الغادر، والغاز الخانق، أو الاغتيال الغامض، وكل ذلك رفضت الحكومة أن تعاقب عليه، أو أن تكشف مستوره، وكل تلك الدماء لا زالت معلّقة في رقبة الحكومة.
ودم الشرطي المقتول أخيراً دم محترم كغيره من دماء كثيرة سبقته، ولكنه ليس أعز منها، والدم الحرام لا يتقادم. ودماء الانتفاضة، مر عليها زمن، ودماء أخرى قبلها مر عليها زمن، ولكن الدم الحرام لا يتقادم، ولا يُسقط طولُ الزمان كرامته وحرمته، ولا يذهب بحق المطالبة بالقَصاص ممن سفحه، والتحقيق الحق المحايد في كل دمٍ حرام أطل من غير وجه شرعي حقٌّ وواجب، كان هدره اليوم أو مضت عليه سنون، والتحقيق الحق لا يقوم على إكراه وضرب وتعذيب، وأي عقوبة منشؤها هذه الأساليب في الإثبات ظلم وجريمة تستحق العقاب.
وهناك جرائم دموية مكشوفة ارتكبت في حق أبناء الشعب من قبل رجال أمن في المظاهرات السابقة واللاحقة وغيرها، وعلى أيدي المعذبين في الغرف الخاصة لوزارة الداخلية السابقة، وهي لا تحتاج إلى تحقيق بعد أن كانت مكشوفة.
وما احتاج من جرائم إلى تحقيق فلابد أن يكون التحقيق فيه محايداً وشاملا وفي عرض واحد، وبصورة متزامنة بالنسبة لما تنسبه الحكومة إلى غيرها، وما هو منتسب بوضوح إليها.
وحادثة القتل الأخيرة هي إحدى الحوادث التي تحتاج إلى تحقيق موضوعي محايد، ولا يتحد فيها المحقق والشاهد والمدعي والقاضي، خاصة وقد ناقض قول ولي الدم قول الجهة الرسمية في كيفية الوفاة، وبعد أن أكد بعض من أهل النزاهة في قرية كرزكان أن ليلة الحادث كانت ليلة هادئة على مستوى المواجهات المعتادة.
الحق أن لا يضيع دم المقتول، وأن لا يفرق بين دم وآخر مما عصم الله سبحانه، وأن لا يُنال أحد عقوبة لمجرد الظن والتهمة، وتحت طائلة الإكراه وفنون التعذيب، والحق أن التعذيب للإثبات من أقبح الجرائم، وأظلم الظلم الذي يجب أن يُعاقب عليه.
ولنحذر جميعا حكومة وشعبا القتل بظلم، فإن القتل قتّال للشعوب والأمم ما لم يكن بحق، والحق ما شرعه الله عز وجل.
وقد تكرر كثيرا عند هذا القلم وهذا اللسان وعند الكثيرين من أن الأمن يتطلب الإصلاح، والإصلاح غير مستحيل ممن بيده القرار الذي يسنده المال والقوة والسلطة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خطبة الجمعة (345) 15 ذو القعدة 1429هـ 14نوفمبر 2008مالإرهاب الفكري باسم القضاء:
يقولون أن القضية – أي قضية – ما دامت في ذمة القضاء فليس لأحد أن يَنبِسَ ببنت شفة. القضاء مقدّس، القضاء فوق العقول، القضاء فوق كل المعلومات، القضاء معصوم، فلا تُسبق كلمةُ القضاء كما لا تُسبق كلمة الله.
أقول باختصار: جهاز القضاء والذي قد يعيّنه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قابل للملاحظة، وتُرفع شكاوى على ولاة نصّبهم أمير المؤمنين عليه السلام، وما كان علي عليه السلام يستنكف أن يسمع كلمة في من ولاّه ليعزله عندما يكون مظنّة للسوء.
جهاز القضاء قابل للمناقشة، ومعايير التعيين قابلة للمناقشة، وطريقة التعيين قابلة للمناقشة، لسنا أمام مقدّسات، والمرجعية الشرعية للقضاء قابلة للمناقشة، مرة تكون مرجعية القضاء هي الشريعة الإسلامية، ومرة تكون مرجعية القضاء هي القانون الوضعي، ونحن لا زلنا نقدّس شريعتنا، ونرى العدل فيها لا في غيرها، فلنا أن نناقش أي حكم على ضوء الشريعة الإسلامية بما أننا مسلمون، إلا أن ننسلخ من هويتنا.
كثير من القوانين تسلب الحقوق، كثير من القوانين كيدية، كثير من القوانين تستعبد الإنسان، وتركّز الظلم وتبرّر له. أي قضية تأخذ عنوان القانون وإن كانت ظالمة تكتسب قدسية؟! وأي قرار من وزير، أو من وكيل وزير يأخذ قدسية وإن خالف الحق الذي عليه دين الله؟!
ثمّ إن أخطاء القضاء محل للمناقشة، ولماذا لا؟ وإن الرأي في القضية لا يعني قضاء فيها.
الذي يبدي حكما شرعيا في قضية معيّنة، أو رأيا قانونيا في قضية معيّنة، هذا لا يعد قاضيا، القضاء له شأنه، والفتوى لها شأنها.
الكلام الناقد يخلق كما يُقال أجواء تؤثر سلباً على دقّة الحكم، فما بال التهويلات الرسمية، والتشهير، والتسفيه، وتثبيت التهمة إعلاميّاً بالنسبة لأي موقوف من الموقوفين؟ ذاك لا يؤثر على القضاء، وإبداء وجهة نظر فقهية أو قانونية أو ملاحظة موضوعية يؤثر على القضاء؟! أنتم قضاتكم معصومون، فلِم تخافون عليهم؟!
كأنَّه يُراد لنا أن نصدّق جهة واحدة هي الجهة الأمنية في كل قضايا الاتهام، ونكذّب الموقوفين الذين يعانون داخل مراكز التوقيف ما يعانون، ونكذّب أهاليهم، وهيئة الدفاع عنهم، وما نشرته من فضائح قريباً.
ويُراد لنا أن نصدّق بأن الإخوة الموقوفين عند السلطة يعيشون أهنأ الأوقات، ويتمتعون بحرية كاملة، ولا تؤخذ منهم كلمة كرها أبدا، إنما هم مدلّلون هناك، ولا يمسّهم سوء، ولا يخضعون لأي إكراه لأخذ أي اعتراف من الاعترافات، كل ذلك يُطلب منا أن نُصدّقه، وأن تخرس الألسن، وتعمى العيون ليجري كل شيء كما يريد القضاء أو الناحية الأمنية أو غيرها، ويسلَّم بالأمر الواقع.
إطلاق سراح الموقوفين مطلب شعبي، ومعه قواعد القضاء العادل على أي مستوى من المستويات؛ حيث لا عبرة بأي اعتراف وراءه إكراه، وإيقاف الشخص لأسابيع، لأشهر من أجل التوصّل إلى كلمة اعتراف منه هو في نفسه إكراه، هذا إذا لم يكن تعذيب شهدت به أقوال المحامين، وأوضحته لهم الآثار البيّنة على أجساد المتهمين.إبقاء الإخوة الكرام في السجون فيه توتير للساحة، وإطلاق سراحهم فيه تخفيف لتوتر الساحة، والحل كلّ الحل في المعالجة العادلة للملفات العالقة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خطبة الجمعة (329) 9 جمادى الثاني 1429هـ 13 يونيو 2008موقفة مع قضيّة المعذّبين:
1. تعتمد محاكمة المتهمّين في قضية حرق المزرعة والجيب وقتل الشرطي على ما تدّعيه وزارة الداخلية من اعترافات أدلى بها المتهمون في غياهب السجون.
وهذه الاعترافات التي واجهها إنكارٌ صريح للتُّهم أمام القاضي، وإعلانٌ واضح من المتهمين بتعرّضهم لألوان بشعة من التعذيب النفسي والجسدي والتهديدات المرعبة والمسيئة والتي تعاطى خبرها الإعلام، وتحدث عنها البيان الصحفي الصادر عن هيئة الدفاع عن المتّهمين بتاريخ 22 مايو 2008م لا قيمة لها أصلاً على تقدير حدوثها كما هو معلوم من الشرع والعقلاء والقانون.
2. لذلك فإن أحكام الإدانة للمتّهمين والعقوبةَ المترتبة عليها من قبل أي محكمة غير مقبولة بتاتاً عند أي منصف من أبناء الشعب، ولو حدثت فستمثّل صدمة قاسية للرأي العام، وستُسيء إلى الوضع الأمني المضطرب أصلاً بسبب السياسات الظالمة، وما تستتبعه من ردات فعل لا يكاد يُفرَّقُ في التعامل القاسي والمستفز معها من قبل قوات الأمن بين مستوى وآخر. وحادثة إطلاق قوات الأمن الرصاص المطاطي من مسافة قريبة على المواطن الذي نسب إليه مشاركته في اعتصام البلاد حتى أحدثت تهشّماً في جمجمته وكاد يخسر حياته بسببها شاهد واحد من الشواهد المتكررة لفظاظة وفظاعة رد الفعل المتهور لقوات الأمن في مواجهة الاحتجاجات السلميّة.
إن استمرار الوضع على ما هو عليه من إصرار الحكومة على الكيد بالشعب وتأزيم الأجواء بالعديد من المشاكل السياسية والاقتصادية والخلقية والدينية، والتمسك بالدستور المفروض برؤوس الحراب، والتجنيس الظالم، والعبث بشريعة الله معناه أن الحكومة قد اختارت لأبناء الشعب السجون، والمحاكمات، والعقوبات الظالمة، والمطاردات، والمداهمات لأن معارضة الأوضاع الضاغطة والسياسات الظالمة أمر طبيعي ومتوقَّع جدّاً من شعب يعيش الشعور بالعزّة والكرامة، ويتمسك بحقِّه في الحياة الإنسانية اللائقة، والمشاركة في صناعة قرار حاضره ومصيره.
وفي الوقت الذي قد حدّدنا فيه خيارنا الرافض لأسلوب العنف، والذي نوصي شبابنا الكرام دائما باجتنابه نسأل الجهة الرّسمية ما هي الأساليب السلمية التي تراها كذلك؟! وهل بقي أسلوب سلمي للمعارضة في نظر الحكومة؟!
وهل تسمح السياسة القائمة غير المصغية لنداء العقل بأن تكون للشعب قناعة بجدوى لغة العقل ولو بعض الشيء؟ متى يقتنع الشعب بالأسلوب السلمي، ويلتزم بالأسلوب السلمي ولا يغادره، ذلك أن يجد من الأسلوب السلمي جدوى ولو بعض الشيء على المستوى العملي، تعاملوا مع المستوى السلمي تعاملاً إيجابيّاً، اعطوه بعض القيمة، اقبلوا الحوار المنتج سترتفع كل الحالات التي قد تشتكون منها.
كل الأساليب السلمية تُواجَه بالهزء والسخرية بل ويُرمى أصحابها بالإرهاب، والتآمر، وعدم الولاء للوطن، ولم يبقَ مخلص في هذا الشعب للبحرين وأهلها إلا من النوع البندري الذي أنتنت جو الوطن روائح تآمرهم عليه وأزكمت الآناف، والحكومة تصرُّ على التستر عليهم وحمايتهم من طائلة القانون.
وهل يُراد لنا أن نكون متآمرين على هذا الوطن وأبنائه الكرام مع متآمري تقرير البندر الذين فضحهم لنكون صادقي الولاء والوفاء والإخلاص؟! لم يبقَ إلا هذا، وهذا مستحيل.
وهناك من لو ارتكب هذا الإثم الكبير مجرماً للاحقَ ولاءَه التشكيك، ولم يُفلح في إثبات براءته من محاولة تقويضه للنظام لأن الأصل في حقّه عند الحكومة أنه مذنب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خطبة الجمعة (325) 10 جمادى الأول 1429هـ 16 مايو 2008ملا بناء على باطل:
لا بناء على باطل في قضايا الفكر، ولا بناء على باطل في قضايا العمل، ولا بناء على باطل في قضايا الجزاء من مثوبة وعقوبة. هذا ما عليه العقل، وهذا ما يحكم به العدل، وهذا ما يذهب إليه ضمير الإنسان، وهو ما يحتج به العقلاء من كل المشارب. وما يتفرع على الباطل باطل.
وقد جاء عن اللجنة الطبيّة المكلفة بالفحص على متّهمي أحداث ديسمبر حسبما هو عن جريدة الوسط في عددها 2075 بتاريخ الإثنين 6 من جمادى الأولى 1429هـ: رجّحت اللجنة الطبيّة المكلّفة بالفحص على متهمي أحداث ديسمبر/ كانون الأول الماضي وجود معاناة وآلام وندبات وحروق على أجساد المتّهمين الخمسة نتيجة تعرضهم إلى الأغلال والتعليق والتعذيب بحسب الادعاءات التي أوردها المتهمون، وذلك لعدم وجود أسباب أخرى كما بيّنت اللجنة الطبية أثناء استجوابها أمس (الأحد) أمام هيئة المحكمة الكبرى الجنائية”.
وإذا قرأت استجواب النيابة العامّة الذي أجاب عليه الاستشاري علي العرادي عن اللجنة الطبية وجدتَ أن ترجيح اللجنة لما ذكرته صحيفة الوسط متكرراً في الإجابة على أسئلة المستجوب عن النيابة العامة.
هذا ومعاينة اللجنة الطبيّة إنما جاءت بعد أشهر من عمليات التعذيب التي تعرّض لها الموقوفون. وكان الله في عونكم أيها الشباب في معاناتكم المرّة.
هذا حظ موقوفي ديسمبر من التعذيب الظاهرة آثاره بعد شهور، فما حظ الدفعة الأخيرة المرتبط توقيفها بحادث قتل الشرطي الغامضة وقد رافقها من تهويل الإعلام ما رافقها؟!
والتفنن في التعذيب بألوانه المختلفة هو قاعدة الاعترافات الزائفة التي هي مستند الإدانة والأحكام الجزائية والعقوبة الصارمة المترتبة عليها.
فهل يمكن أن يوثق بشيء من هذه الإدانات والأحكام؟! وهل يمكن للشعب أن يستقبلها بصمت؟! المطلوب العدالة ولا عدالة في أحكام أساسها الاعتراف تحت ألم السياط، وألوان العذاب. والحقُّ أن المعذِّب لابد أن يحاكَم، وتوقّع عليه العقوبة. هذا لو كنّا نملك قوانين عادلة، وجهازا تنفيذيا عادلاً ولكن أين العدل؟! أين العدل؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خطبة الجمعة (324) 3 جمادى الأول 1429هـ 9 مايو 2008م
عليّ أن أقول أوقفوا الملاحقات والمحاكمات، وفرّغوا السجون، وافتحوا باب الحوار بحسن نيّة، وبعزم الإصلاح الجدّي المُرضي الذي يحفظ سلامة العباد والبلاد، ولا تؤزِّموا البلد أكثر مما عليه تأزمها بخيار عسكرة الجو العام ومناخات الوطن، والتصعيد الأمني القولي والفعلي، ولا تعبثوا بأخوّة المسلم للمسلم، ولا تبعثروها وتهدموها لأهداف سياسية من النوع المحرَّم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خطبة الجمعة (332) 30 جمادى الثاني 1429هـ 4 يوليو 2008مخيرٌ لهذا البلد:
خير لهذا البلد بكل أهله وبكل من فيه ولشعبه ولحكومته أن لا يُدخله جهاز الأمن الوطني ولا غيره في متاهات الفوضى الأمنية الضاربة، والتي لا رابح فيها وإن تفاوتت القوة الباطشة عند هذا وذاك، وأن لا يُعامل الإنسان فيه المعاملة التي تشعره دائماً باستهدافه في أمور دينه ومصالح دنياه، وهو شعور لا يسمح بأن ينبني معه جسر من جسور الثّقة، ولا يحصل معه تصديق بكلمة خير تأتي يوما على لسان المستهدِف وإن كان الجادّ في كلمته تلك.
إنه الشعور الذي يهدم الجسور، ويقيم الحواجز ولا يبنيها، ويُحطِّم الثقة ولا يؤسس لها، ويولّد حالة التربّص ولا يلغيها. وخير لهذا البلد أن يستعين فيه الحكم بالداخل قبل الخارج، وأن لا يُشترى رضا الأجنبي أيّ أجنبي بسخط الشعب.
وخيرٌ له أن تخلو سجونه من الموقوفين والمحكومين السياسيين، ومن أُلحقت بهم تهمة الإجرام لملابسات وأجواء الأحداث السياسية، وكثيراً ما يُرمى البريء بالذنب في هذه الأجواء والملابسات بغير حقّ ظلماً وزورا.
وخير له أن لا يُسكَت الصوت المعارض، وتُجهض المطالبة بالحق، ويُطلب تثبيت وضع معيّن بما فيه من أخطاء ونواقص، ويتستر على التجاوزات عن طريق استخدام الورقة الطائفية والتلاعب بها ممارسة وإعلاما مما يثير فتنة عمياء مجنونة تخرج عن كل الحسابات والتوقّعات، وما قد يُتوهّم من القدرة على التحكّم والتوقيت والتركيز والتخفيف حيث تشاء الجهة التي ترى نفسها بأنها الأقوى.
وخيرٌ له أن يتوقف اقتضام الأرض إن بقي منها باقٍ لفقراء الناس، وعن الاستحواذ الذي يمارسه كبارٌ ومتنفّذون عما لم تلتهمه بعدُ الأطماع من الثروة. فإن الفساد بكل مراتبه باب لضياع الأوطان ولكن إذا طغى فبطبيعته لابد أن يستتبع الطوفان والدمار. وقى الله هذا البلد وأهله من كل سوء ومكروه.
وخيرٌ لهذا البلد أن يضبط العلاقات السياسية فيه دستور تعاقدي عادل – كما تقدم – يقطع كثيرا من صور النزاع، ويجنّب من خلافات حادة، ومنزلقات سيئة خطيرة.
كل هذا خير لهذا البلد، ولكن ما أكثر ما يخالف الناس ما يعلمون، وما أكثر ما تقصر الإرادة عما عليه القناعة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خطبة الجمعة (384) 14 رمضان 1430هـ – 4 سبتمبر 2009مالوضع المحلي:
البحرين بلد صغير يعيش في محيط عالميّ كبير يعاني من اضطرابٍ كثير متصاعد في العديد من نقاطه وبيئاته المحيطيّة الداخلة فيه، والبحرين نفسها واقعة تحت طائلة التوتر والاضطراب وبما تستتبعه هذه الحالة من سلبيات ضخمة وخسائر كبيرة، وتعطيل لطاقات إيجابيّة فاعلة منتجة.وهو شئ يأسف له كل مواطن عاقل مخلص.
لكن يمكن لهذا البلد الصغير أن يخرج من وضعه السّلبي، ويستعيد عافيته، ويأمن ردّات الفعل السيئةَ التي قد تُسبّبها مشاكل المحيط البيئي، أو يتخفّف منها بدرجة ملحوظة.
وأساس ذلك أن تأخذ الحكومة بسياسة عادلة جادّة تعيد للبناء الاجتماعي متانته الطبيعية، وتُعطي للثقة بين الشعب والحكومة، وكذلك بين فئات الشعب نفسه وضعاً مقبولاً ومستقرّاً يساعد على التعاون الإيجابي الخيِّر في صالح هذا الوطن.
وهي مسؤولية حكومية محتّمة لا يمكن للوطن الاستغناء عنها، ولا النأي به عن الهزّات، والشّروخات، والمنزلقات بدونها.
هذه فكرة طُرحت في الزيارة التي تجشّم عناءها سموّ ولي العهد مشكوراً، وهي فكرة غير قابلة للاختلاف، وغير قابل للاختلاف كذلك أن يتعاون الشعب مع هذه السّياسة يوم أن توجد.
وعلى طريق هدف الاستقرار والوئام، وتمتين الثقة لابدّ من التخلص من المشاكل العالقة التي تفرض نفسها على وضع العلاقة وتثقله وتربكه وتزعزعه، ويَستمرُّ بها توالد التوتّرات والهزّات وإنسالُ الأزمَات.
وملفاتُ المشاكل متنوّعة، وكلّها يحتاج إلى سرعة الحلّ وجدَّيته، وإن كان منها ما يحتاج إلى تداول جادّ على أن لا يَتَراخى للوصول إلى توافقات عادلة مرضية بين طرفي الخلاف.
أما مثل قضية متهمي كرزكان والمعامير والتي كان التخلّص منها بما يهدّئ الأوضاع، ويأخذُ بخاطر الأطراف، ويُخرج المتهمين من محتهم، ويطلق سراح حرّيتهم محلّ وعدٍ مطمئنٍّ جميل سابق فإنهاؤها طِبْقَاً للوعد وعلى طريقته لا يحتاج إلى تفاوض أو تشاور، بل التأخّر به كلّ هذه المدّة لا يُعرف له وجه، وقد أضرّ بالوضع كثيراً.واتجه الحديث في جلسة الزيارة إلى استبشاع ورفض ما تقع فيه بعض الوزارات من تأزيم للوضع، وفتح الفرص للفتن، وتفتيت وحدة الشّعب بخلق الخلافات غير المتوقعة بين فئاته كما في حالة إسكان النّويدرات، ورُكِّز على لزوم تصحيح ما وقع بالنسبة لهذه الحالة مع التأكيد على حقّ المواطنين في المناطق الأخرى بأن تُسدّ لهم حاجات الإسكان التي يُعانون منها، وتُحترمَ لهم حقوقهم في هذا المجال وغيره. فكلُّهم مواطنون يجب أن تُرعى مصالحهم، ولا يُتركوا للظّروف السيئة الضّاغطة.
وجرى التأكيد على أنّ المذاهب الإسلامية المستندة إلى كتاب الله الكريم والسّنة المطهّرة لا تعتمد حالةَ العنف والإرهاب المجنون، ولا تحوّل حياة المسلمين إلى حياة احتراب وقتل واستئصال ورعب وفزع دائم. وإنّنا لانجد ما يُبرّر هذه الفرقة القاتلة المستنزفة للجُهد والمال والأمن والدّم المسلم من ثوابت الدّين، ومقتضيات المصلحة المشتركة، وقواعد الخُلُق الإنسانيّ الكريم.
وكان من الحديث أنَّ وليَّ العهد ومن خلال موقعه الرسميّ المتقدّم يستطيع أن يُسهم كثيراً في حلّ مشكلات البلد بصورة مُريحة تجنّبُه المتاعب، وتأخذ به على الطريق الصحيح، وتشيع فيه أجواء الثّقة والاحترام والمحبَّة، وأن يتعاون مع والده جلالة ملك البلاد في ذلك، فإنّه من التعاون على الخير، وهو تعاون محبوب مطلوب مقدور، ولا زلنا نطالب ولي العهد بهذا الدور الفاعل.
ولفت أحد النواب الحاضرين بتركيز لموضوع المدينة الشمالية والحاجة الملحّة إليها.
واتُّفق على أنّ تخلف الوعود ولو لعذر يهدم قيمتها ويسلب قيمة كل وعد قادم في نفوس الناس، وأن معوّل النّاس دائماً على لغة الفعل والواقع وليس على أيّ شيء آخر.
وكل الأمل أن ينعم هذا الوطن بخير الدين والدنيا، وأن يوفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
وإلى جنب حديث ولي العهد في اللقاء كانت له تعاليق جيدة مرضية يرجى أن يترتب عليها أثر إيجابي من ناحية الواقع العملي، ولا توفيق إلا بالله تبارك وتعالى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خطبة الجمعة (363) 7 ربيع الثاني 1430هـ 3 ابريل 2009مقضية الحجيرة:
أما عن قضية الحجيرة، فقد وضُح أنها مهزلة، فلابد أن يطلق سجناؤها، وسجناء قضية كرزكان، والقضايا الأخرى التي لم تستطع الجهات الرسمية إثباتها، والإقناع بها، وكل سجين لم تُثبِت إِدَانَتهُ الشريعة الإلهية وبالطريقة التي ترتضيها بريء، ولابد أن يُخلّى سبيله.
والحديث عن السجناء ذو أهمية بالغة وضرورية، ولكن مع كونه كذلك إلا أنه حديث عن تداعيات المشكلة، وليس هو الحديث عن صلبها، وإطلاق السجناء لابد منه، وهو مدخل للحل، ولكن لا يقف الحل عنده، والحلّ في روحه وصلبه يكون في التوافق على أمر الملفات المختَلَف عليها.
على الطرفين أن لا يأخذا البلد إلى العنف، فالعنف قَتَّالٌ للطرفين، وعلى الطرفين أن يحسبا لمصلحة الوطن، ومصلحة الوطن هي أن تعترف الحكومة بحقوق الشعب، وأن يعترف الشعب بالاستجابة لهذه الحقوق إذا توفّر الاعتراف العملي من الحكومة بها، ويتمّ التوافق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خطبة الجمعة (359) 8 ربيع الأول 1430هـ 6 مارس 2009مثانياً: لو حكِّم القانون:
سلسلة القضايا التي يتّهم بشأنها مواطنون ويُسجنون ويحاكمون ويحكمون صارت تطول وتطول ولا تتوقف: قضية المزرعة، حرق الجيب، قتل الشرطي، قضية الحجيرة، قضايا أخرى هناك وهناك من القضايا التي تطفح على صفحات الجرائد بين حين وحين غير بعيد.
والقيمة الإثباتية لأدلة التهم لا وزن لها شرعاً ولا قانوناً مع قيام قرائن مضادة، فدعوى قتل الشرطي رافقها الاضطراب من أول الأمر وجاء أخيراً من الطبيب الشرعي المكلّف رسمياً أن موت الرجل عائد إلى الارتطام بالأرض، وظهر من مشاهدة المحامين لتصوير تمثيل المتّهمين لمشهد الحادث المدّعى أن هناك خصوصيات وملاحظات تنفي واقعية الحدث.
والعرض التلفزيوني للاعترافات المرتبطة بقضية الحجيرة صارت محل تندر عند عدد من المشاهدين لها من منطلق عدم الصدقية والمصداقية.
وعن قضية المزرعة هناك شهود نفي، وهكذا بالنسبة لقضايا أخرى مما طرح ويطرح.
أما الوسيلة الكبرى لإثبات التهم فهي اعترافات شهدت أكثر من جهة أن آثار التعذيب التي رافقتها بقيت على أجسام المتّهمين لمدة طويلة.
إذاً لو حُكِّم القانون لما ثبتت تهمة على واحد من المتّهمين، ولجرِّم من مارس التعذيب في حقهم.
وهذا الكلام إنما يحاكم القضايا بحسب ظاهر الأمور لا من منطلق العلم بالغيب، أو الرجم بالغيب، وليس لمن في موقع القضاء طريق لإثبات تهمة غير الوقوف عليها، أو الاعتماد على أدلة الإثبات الظاهرية المعتمدة شرعاً أو قانوناً، وإثبات أي تهمة خارج هذين الطريقين مناف لعدالة الشرع والقانون.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خطبة الجمعة (357)24 صفر 1430هـ 20 فبراير 2009مسجن لمن؟ محاكمات لمن؟
سجن من سجن ويسجن من المواطنين في أمر السياسة، ومحاكمة من حوكم ويحاكم، وتعذيب من عذّب ويعذّب منهم سجن لمن؟ ومحاكمة لمن؟ وتعذيب لمن؟ لهم أنفسهم فحسب، أم لهم وللشعب كلّه؟ لو كان كل ذلك لهم أنفسهم لا غير لكان على ضمير الشعب أن يُنكر، وأن يصرخ، ويعلن الاحتجاج، وكان عليه ديناً أن يفعل ذلك وبصورة أوضح.
وإذا كان وراء سجن المسجونين، ومحاكمة المحاكمين وحكمهم وعذابهم خلفيّة من المطالبة بحقوق الشعب، وإنصافه، والعدل في التعامل معه، والتعبير عن معاناته وضائقته، وعن ضميره ورؤيته ومشاعره، عنى ذلك أن السجون والمحاكمات والأحكام القاسية إنما هي متوجهة أساسياً، وبالدرجة الأولى للشعب نفسه(7)، وحقوقه، ومطالبه، وموقعه، وكرامته، وحاضره ومصيره، ومصالحه، وأمنه واستقراره، وأمانيه وآماله، وأن المستهدف إسكاته، وقهره، وإلغاء إرادته.
ولأن الشعب يجيد فهم هذه اللغة صار ينضاف إلى صرخة الضمير عنده لعذاب السجناء والمحكومين المحركة له في صورة احتجاجات سلمية كالمسيرة والاعتصام والملتقيات والندوات السياسية المفتوحة صرخة أخرى من منطلق شعوره بالاستهداف الخطير الذي يفقده كل وزنه، ويعصف بكل حقوقه ومصالحه، وهذه الصرخة المضافة ملتزمة بطرق التعبير السلمي نفسها، وبروح الإصلاح والحرص والتمسك بها.
ولذلك نطالب بقوة بوقف هذا التنكيل بالبعض تنكيلاً بالشعب، وعقوبة له على المطالبة بحقوقه إنكاراً للمنكر، وحفاظاً على حرمة الحقوق، وتمسّكاً بضوابط الدين، وبكرامة الإنسان.
ويعزز هذه المطالبة والإصرار عليها أننا أمام شعب واع متعقّل لطالما رفع شعار الحوار الهادف صادقاً مخلصا لتجنيب البلد كل المآزق والمنزلقات المؤسفة.
إن إطلاق قيد المسجونين والمحكومين في قضايا السياسة من الأستاذ حسن المشيمع، وفضيلة الشيخ المقداد وكل الآخرين الأعزاء مطلب شعبي لا رفع لليد عنه. وعليه إصرارُ الشعب.
وسيبقى الشعب على تعبيره المتواصل عن قناعاته ومطالباته بالأساليب السلمية المؤثّرة حتى يفكّ قيد المسجونين، ولا تفتح أبواب المحاكمات الكيفيّة، والأحكام المتعسِّفة التي تستهدف الشعب وقضيّته، وحتى تتحقق مطالبه العادلة.
ونكرر مرة بعد أخرى أننا حريصون على تجنيب الوطن أن يكون ساحة صراع، أو حتى ساحة مباراة كلامية ساخنة منفلتة تنزلق به في وادٍ سحيق مليء بالأزمات والكوارث الهائلة المدمِّرة.
وإذا تحدّثنا لمرات عديدة عن الحوار، فنحن لا نتحدث عن حاجة الشعب فحسب، وإنما الحوار حاجة الحكومة والشعب معاً. وإذا شعرت الحكومة بأن ليس لها حاجة في الحوار، وأن اعتماد القوة يكفيها، فإن مثل هذا الشعور، وما وراءه من تفكير من طبيعته لكافٍ جدّاً للبرهنة على أن الحكومة بعيدة كل البعد عن تفهّم التجارب والاستفادة السياسية من دروس الدول والشعوب، وأنها مصابة بدرجة من الغرور القاتل الذي يهدد الوطن كله بالمحق.
لا تجارب الماضي ولا تجارب الحاضر تساعد على أن منطق العنف والظلم والبطش هو الذي يعطي للحكومات استقرارها. هذا المنطق كان عاجزاً عن تحقيق الاستقرار والأمن للحكومات زمن ما قبل الصحوة العالمية للشعوب، وخاصة شعوب هذه الأمة الكريمة الخالدة وانتفاض إرادة إنسانها المقهور فكيف به زمن ما بعدها؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خطبة الجمعة (356) 17 صفر 1430هـ 13 فبراير 2009مللتطوّر حساب:
كان الناس في البحرين وغيرها من مستوى فكري وثقافي واجتماعي وديني ومعرفي بصورة عامّة، وعلى مستوى خاص من الاتصال بأحداث العالم وأخباره، وقضايا السلم والحرب، والحقوق وما إلى ذلك. نعم، كانوا على مستوى، واليوم لهم مستوى جديد.
كانوا أمّة في كل ذلك وهم اليوم أمّة أخرى كذلك.
فلا يقاس الأمسُ باليوم، ولا يقاس اليوم بالأمس فيما يُحكم به على هذا الشعب فيما يناسبه، وما لا يناسبه.
إنّ أمتين بمستوى واحد يمكن أن تحكمهما عقليّة بمستوى واحد، أما الأمة وهي واحدة ولكن على مستويين فيستحيل عليك أن تحكمها بعقليّة واحدة، بأسلوب واحد، بسياسة واحدة. الطفل غير البالغ، والبالغ غير الطفل، وكلما رشد الإنسان كلّما اختلف عن سابقه فيما يُذعن له وما لا يُذعن، فيما يمكن أن يسلّم به وما لا يسلّم.
هذا الشعب كسائر الشعوب كان فيه، وليس كلّه، في يوم من الأيام من يمكن أن يُحكم بأسلوب السُّخرة، أما اليوم فيستحيل عليك أن تحكم طفلا من هذا الشعب بهذا الأسلوب، كان يوجد من يمكن أن يحكم بالقهر والإذلال، وأن تُعمِّق فيه روح الصّغار بفقده مستوى من العلم، ومستوى من الدين، ولقد كان الناس لها عواطف دينية لكن بلا وعي ديني كبير. اليوم أسلوب القهر والإذلال معناه محرقة وطن، هذا بحكم التغيُّر الهائل الذي صار إليه الإنسان ليس في هذا الوطن فقط وإنما في كلّ الأوطان، هذا الشعب كيف كان في بداية القرن العشرين، وكيف هو اليوم؟ طفرة عالية واسعة بين اليومين في التصورات، في الرؤى، في الطموحات، في الإرادة، في فهم الدين، في فهم مسألة الحقوق، هذا وعلينا أن نسجّل أن الشعب في الماضي كانت له وقفات أكبر من وقفاتنا، ومما سمعت بأن قضية سجن عالم حرّكت قطعة من هذا الشعب حركة غيورة لم تتوقف حتى فكّت أسره. كان سجن العالم في المنامة حسن النقل، فخرجت من هذه القرية مظاهرة شعارها “حيّ الموت حيّاه، ومن دنى يومه رحل”، هكذا المسموع والله أعلم.
المهم ولسنا في صدد إثارة العواطف بقدر ما نحن بصدد التأكيد على أن لهذا الشعب قيمة لا يصح تجاوزها، وعلى أن إعمال العقل في الحكم أبقى وأصلح وأنفع وأريح للجميع من أساليب العنف التي قد تعمد لها بعض الحكومات.
الشعب في السبعينات له حجم، وفيه رجال، ولكن اليوم الرجال كثروا، والمستوى تقدّم، والإرادة شبّت أكثر مما كانت عليه، والثقافة الحقوقية توسّعت، والإعلام العالمي وحتى الإقليمي وحتى المحلي يصبّ جديداً في صالح الوعي الحقوقي، وصور المطالبات الحقوقية، وما يصحب هذه المطالبات تصل إلى نفس الشاب والطفل في كل مكان من خلال القنوات المرئية والمسموعة. هذا كله يجعلك أمام إنسان جديد، فكر جديد، إرادة جديدة، تطلّع جديد، فلا تقس إنسان اليوم على إنسان الأمس.
الشعب في السبعينات استحقّ دستورا أرقى من دستور اليوم، وكان له مجلس نيابي بصلاحيات أوسع من صلاحيات المجلس النيابي اليوم، هذا منطق مقلوب، وعلى الحكومة أن تصحح منطقها.
في وسط عالمي مليارات من الناس تنادي بمسألة الحقوق، الدنيا تمتلئ مظاهرات، اعتصامات، تعيش معارك كلّ ذلك من أجل تحسين الوضع الحقوقي للشعوب، في هذا الوسط العالمي لا يصح أن تبقى العقلية السياسية عند أي حكومة، وآليات الحكم وأدواته وأساليبه وذوقه عند مستواه في السابق فكيف به إذا تراجع؟!
الحكومة تحاول أن تحدِّث الفن والغناء ومستوى الرقص، وحتى الوضع الخلقي والديني وبما يأخذ به عن مساره، بينما هي توغل في الرجعية السياسية، وتأخذ بأسلوب القمع للتطلع الشعبي في المشاركة في رسم السياسة العامة، وتعاقب الأصوات المؤمنة المعلنة بهذا الطرح.
الحكومة لا زالت تعتبر الثروة العامة مغنماً شخصيّاً، والشعب عبيدا وإماء(5) يُسيَّرون كما تشتهي السلطات وتقدّر لهم.
ونرى بشأن الساحة أنه لابد من عدل وأمن؛ فلا أمن بلا عدل، لأن أرضية الأمن لا تستقر مع الظلم على الإطلاق.
وإذا كان يومُ أمن مع ظلم فإن كثيرا من الأيام هي أيام خوف واضطراب وقلق في ظلّه، ولا يمكن غير ذلك.
ثم إن الأمن الحقيقي هو الجو الأنسب للعدل، إذ الخوف قد يدفع للظلم، خوفك قد يدفعك لظلم الطرف الآخر، وخوف الطرف الآخر قد يدفع إلى ظلمك. الأمن هو ما قام على الثقة والرضا والاطمئنان من غائلة الطرف الآخر وبغيه وأثرته، وليس ما قام على قاعدة اسجن وعذّب ونكّل وافتك حتّى يُغلب المظلوم على أمره ويرضخ.
متى شعر الشعب والحكومة معاً هنا بالأمن؟ حصل ذلك في بداية الإصلاح، ومع تباشيره يوم أن وثق الشعب في الحكومة بدرجة من الثقة، ولا أدري أن الحكومة وثقت أو لم تثق، والأفضل فرض أن الحكومة وثقت في الشعب ولو من خلال المظاهر المعلنة للرضا والتي ملأت البحرين. حينذاك كان الشعور بالأمن، أما وقد بدأ اللحام ينفك، وبدأت الثقة تتصدّع فقد عاد الخوف، وقد عاد الاضطراب، وكلّ طرف صار يتوجّس من الآخر.
تستطيع الحكومة بكل بساطة أن تجعل الجو جوّا آمنا باستقرار واستمرار لو أصلحت.
الحكومة تقول بلسان حالها: لا إصلاح، ولا أقبل احتجاجا، ولا أفتح باب حوار. أَوَصَلنا قمّة الإصلاح حتّى لا يكون احتجاج، وحتى لا نفكر في مزيد إصلاح، أو هو الإصرار على التخلف والتحكم والتهميش والإلغاء؟!
محاولات الإصلاح من داخل النيابي مسدود بابها ومحارَبة، دعوات الحوار من مساحة بسيطة من الصحافة، ومن المؤسسات السياسية، ومن المساجد والمنابر، من الأصوات العاقلة هنا وهناك، من المسيرات حتى المرخّصة، من الصرخات العفوية تقابَل بالاستكبار والاستعلاء. أكلّ ذلك ثقة بفاعلية أسلوب العنف والتنكيل وركونا إليه؟! بئس المخرج الموهوم من أزمات السَّاحة سجن الأستاذ مشيمع، والشيخ المقداد، والعديد من شباب الوطن، وإعلان المحاكمات، وإصدار الأحكام التعسّفية.
هذا هو طريق التعقيد، وإلهاب الأوضاع، وتهييج النفوس، وتأزيم الساحة، والأخذ بالوطن إلى المنزلقات الخطيرة. والمختار لهذا الطريق مختار لكل ذلك، ولنتائجه المرّة التي يجب على الحكومة أن تكون أول من يعمل على تجنيب البلاد عنها.
أطلقوا سراح الأستاذ مشيمع، وفضيلة الشيخ محمد حبيب، وسراح كل السجناء المحسوبين على قضايا سياسية وأمنية كما عندكم عاجلاً، وأنهوا هذا الملف بصورة كاملة، وادخلوا حواراً جادّاً مع ممثلّي المعارضة، وجنّبوا البلد تداعيات هذه الأحداث تستريحون وتريحون، ويعيش الكل في حال من الأمن والأمان والثقة المتبادلة وهذا ما نطمح إليه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خطبة الجمعة (355) 10 صفر 1430هـ 6 فبراير 2009مالاتهام والسجن:
1. اتّهمْ واسجن، وجرّد المتَّهم من أول لحظة وقبل سجنه، وفي سجنه من حقوقه الدينية والقانونية والوطنية، واضربه أمام أهله، وعذّبه في الزنزانات المظلمة، وتحصّل منه على الاعترافات التي تريد تحت وطأة العذاب والإكراه ليلاً ونهاراً، ثم قدّمه للمحاكمة العادلة بهذه المقدّمات التي تمثل قمة العدالة.
هذا الأسلوب إذا ساد فنحن في غابة، ولسنا في دولة القانون.
2. لا عقل ولا دين، ولا عرف، ولا قانون يحوّل المتّهم بمجرد أن يُتّخذ متهماً من أي جهة من الجهات إلى آلة صمّاء أو حيوان رخيص هابط يحقّ لا في لغة الدين والعقل والعرف الإنساني بل في لغة الغاب أن تُستباح حرماته، ويُتصرف فيه التصرف المطلق بلا قيد من دين أو عقل أو عرف أو قانون.ما الذي استرخص هذا المخلوق الكريم في لحظة واحدة؟ أن اتهمته؟! بمجرد اتهامك له تأتي الأحكام القاسية الخارجة عن كلّ دين وعرف منهالة عليه؟!
وصور الركل والضرب والسحب، والامتهانُ، وسحق الكرامة أمر يشهده الناس في حالات المداهمات للبيوت، والقبض على المطلوبين فضلا عما يجري من فظاعات في أجواء السجون المغلقة التي يشهد آثارها الأهالي والمحامون والأطبّاء حتى بعد مدّة طويلة من وجبات التحقيق التي تقوم على هذه الركيزة.
3. هذه الأساليب من التعامل مع شكاوى الشعوب واحتجاجاتها قادت بلداناً كثيرة قوية، وذات حكومات فولاذية إلى كوارث وطنية مروِّعة، ولم تكسر إرادة الشعوب، وزادت في حدّة الصراع، وأعطته امتدادات جديدة، ووسّعت من رقعته، وزادت من سقفه وكوارثه وويلاته.
4. أي حكومة لا تعي أن حاجتها لشعبها ليست آنية، وأنها لا تستطيع أن تحكم إلى الأخير في ظلّ مفارقة واسعة وعميقة ومستمرة في التوجه والهدف والمصلحة والأمن بينها وبين شعبها فهي مخطئة كل الخطأ في التصور، وما هذا إلا من الغرق في الوهم.
والتعويل دائماً على نسيان الشعوب وإن قست المحنة، وطال زمنها بقليل من الترضيات بعد طول الألم والعذاب ليس في مكانه. وإذا كانت الشعوب بالأمس وما أظنّها يمكن أن تنسى فإن الشعوب اليوم في ظلّ اليقظة العامة من الصعب عليها أن تنسى إذا طال العذاب، فلا يطولن العذاب، ولا يطولن الفراق، والتدارك أسلم للجميع.
5. على المستوى المحليّ بقاء الأستاذ المشيمع، والشيخ المقداد في السجن، والعدد المتصاعد من شباب هذا الوطن ليس الطريق السالك إلى التهدئة. إنّه طريق معاكس يقيناً ولو كانت التهدئة عند الآخر مطلوبة ولو بالقوّة، فإنّ إعمال القوة وبهذه الصورة من المستحيل في أجواء العالم الحاضرة، وفي ظل ما صار إليه وعي الناس وإرادة الناس من المستحيل ينجح في إسكات الشعوب. فلتطلب الحكومة الخير لهذا البلد إن كانت حريصة عليه لا من هذا الطريق الخاطئ. طريقُ التهدئة الإصلاح والحوار الذي يأخذ بالجميع إلى التوافق.
6. المشاهَد أن الاتهامات الموجّهة من الجهة الرسمية إلى مواطنين بالتآمر والتنظيم التخريبي لا تحظى بالثقة المطلوبة، وذلك لأمور:1) كثرة هذه الاتهامات.2) الثغرات الكثيرة في الإخراج.3) اعتماد أسلوب التعذيب في تحصيل الاعترافات.4) التعميمات الكلية لبعض الاتهامات كأن يُقال من البعض المقرّب رسميّاً جدّاً بأنّ طائفة بكاملها صهاينة ومتآمرون وما إلى ذلك.
إذا كان كلّ واحد من هؤلاء متّهماً وهو يعلم زيف التّهمة وكذبها، فكيف يملك أن يصدّق التهمة في الآخر؟
7. نؤكد أن الجميع من أبناء الشعب والحكومة رابح في الوضع الأمني المستقر القائم على العدل والإنصاف والمساواة والمسؤوليات والحقوق المشتركة والمتبادلة، والحرص من الجميع على الأمن والسلام، وأن الجميع خاسر في الوضع الأمني المضطرب فضلا عن الهائج، وهو أمر لا انفكاك بينه وبين سياسة الظلم والتفرقة والاستهداف السيء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خطبة الجمعة (354) 3 صفر 1430هـ 30 بناير 2009مالوضع الأمني إلى أين؟
1. الوضع الأمنيُّ ويتبعه الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والعمراني والثقافي والأخلاقي والديني وغيرها إلى أين؟ إلى مزيد من التدهور والانتكاس أم إلى بداية ازدهار وانتعاش؟ كلّ ذلك إلى تدهور وانتكاسة. وهذا ما يؤسف له شديدا وهذا ما هو قائم، وهذا ما هو متوقع إلا أن يرحم الله، ورحمة الله قريب من المحسنين.
لماذا التدهور والانتكاسة؟
إذا كانت انتكاسة، فالبداية هي انتكاسة وفوضى الوضع الأمني، أما البقية فتتبعه.
ولماذا انتكاسة الوضع الأمني؟
2. المشاكل المؤرّقة من الجانب الحكومي، والشاملة لجانب الدين والدنيا، والملهبة لظهور الناس وضمائرهم في ازدياد على الأيام وإن كان شعار أن الحقبة حقبة الإصلاح مرفوعاً بقوّة على المستوى الإعلامي الرسمي.ابدأ من الخروج العملي على الميثاق، والخلل الدستوري لتمرّ بالتمييز الظالم، وبالتجنيس الإضراري، وبالاستحواذ على الثروة إلا الفتات، بالدوائر الانتخابية، الفرز الطائفي المقيت، هذا إذا لم نتحدث عن اضطهاد طائفي، التضييق الديني والمذهبي، بل المصادرة المذهبية، مشاكل البطالة والإسكان، وهكذا حتى تذهب بك المشكلات بلا توقّف لأنها تزداد ولا تتراجع.
3. كلما زادت حدّة المشكلات وزاد عددها وأصابت بنارها الحارقة عددا أكبر ازدادت المعارضة وجهر صوتها، وعبّرت عن نفسها بصورة أجلى، وتعمّق فقد الثقة بين الشعب والحكومة واتسعت رقعته.
4. وهنا يأتي الأسلوب التقليدي للحكومة: تهم ضخمة خطيرة، سجون، تحقيق بأسلوب ثابت معروف عانى منه الكثيرون الذين خضعوا للتحقيق، وهو تحقيق وأسلوب لا يفشل ولا لمرة واحدة في انتزاع الاعترافات التي يستهدفها والوصول إلى النتائج المطلوبة له، والمرسومة سلفا. ويتبع التحقيق والاعتراف نوع خاص من المحاكمات التي لا تأتي نتيجتها إلا في صورة الإدانة والأحكام المشدّدة مع ما يصاحب ذلك ويتعقبه من احتجاجات تواجه بالقمع الشديد والعقوبات الجماعية القاسية.
5. تتكرر هذه الصورة مرة بعد أخرى لا لتتراجع المعارضة، أو تتوارى، أو تنام طويلا بل لتكبر وتتسع، ويعلو صوتها، وتكون مواجهات جديدة وهكذا.
6. والمشكلة التي تقطع الطريق على الحل، وتصعّد من حالة التوتّر أنّ أي مطالبة شعبية بالإصلاح ومعالجة الفساد من داخل المجلس النيابي، أو من الجمعيات السياسية، من المسجد، من الشارع، من موقع الكتروني، من أي لسان يعدّها الإعلام الحكومي، والموقف الحكومي كذلك تآمراً وخيانة إرهاباً لابد أن يواجه بقوانين جديدة صارمة، وإجراءات عقابية مشدّدة، وحرمان رزق، وتهديد وإرعاب ومطاردة. وقد مرّت سنوات منذ أسس الخلل الدستوري بعد الميثاق لحالة الخلاف، ومناشدات عقلاء المجتمع من مؤسسات أهلية وأفراد وجماعات لا تتوقف داعية الحكومة إلى الحوار الهادئ والجاد والمخلص، بينما الحكومة لا تعطي لكل هذه النداءات والمناشدات أي أذن صاغية، وإذا فتحت الحكومة نادراً نافذة ما للحوار لا تفتحها إلا بتوقيت خاص، وفي ظروف سياسية محسوبة، وللتلميع السياسي الذي قد يدعو إليه ظرف معيّن بصورة ضرورية وعاجلة لتسدّ هذه النافذة نهائيا بعد ارتفاع المقتضي العابر وحالة الضرورة المؤقّتة.
7. الدورة الجديدة من الاعتقالات المتوالية التي أودعت دفعات من شباب الوطن السجون، وانتهت إلى الآن باعتقال الأستاذ حسن مشيمع وفضيلة الشيخ محمد حبيب المقداد والدكتور عبدالجليل السنكيس الذي أفرج عنه مع ضمان محل الإقامة، وعدد من الشباب في إطار الاحتجاجات الأخيرة هي إحدى حلقات المسلسل الأمني الذي تفرزه السياسة الخاطئة للحكومة، وإصرارها على الحل الأمني مستبعدة أسلوب الحوار، والأخذ بخطوات إصلاحية جادّة، والتوافق على معالجة الملفات العالقة.
وهذه الحلقة من المسلسل لن يترشح عنها إلا زيادة الاضطرابات الأمنية حسب المقروء، وضراوة المواجهات، وكأن المستهدف منها أساساً إنما هو صبّ الزيت في النار.
8. نشدد لأكثر من وجه ديني وعقلائي، ولمصلحة هذا الوطن العزيز ومواطنيه، ولاستقرار الحالة الأمنية على ثلاثة أمور محددة وواضحة:1) تخلية سبيل الأستاذ حسن مشيمع وفضيلة الشيخ محمد حبيب المقداد وكل الدفعات الشبابية الذين ارتبط توقيفهم بأحداث الساحة منذ بدايتها وبما يشمل التداعيات الأخيرة المترتبة على سجن الأستاذ ورفيقيه بلا قيد ولا شرط، وبصورة عاجلة.
2) اتخاذ خطوات ومبادرات إصلاحية على الأرض من الجانب الحكومي.
3) التخلي عن الخيار الأمني والعقاب الجماعي، وتفعيل أسلوب الحوار الجدي المنتج لصيغة متوافق عليها بين الحكومة والشعب تسدّ باب الهزّات الأمنيّة والتوتّرات، وتنتج الفرصة لقيام علاقة مستقرّة بين الشعب والحكومة تتصف بكونها أقرب إلى الإنصاف والعدل.
9. من اللائق جداً أن تكون الحكومة قد توصَّلت إلى أن المطالبات الحقوقية لن تتراجع باعتماد الخيار الأمني وسياسة كسر العظم، وأن هذه المطالبات تنطلق من حكم الضرورة الفعلية، والضمير الشعبي الحيّ ولذلك فهي لا تتأثر في جدّيّتها وحرارتها واستمرارها بالظروف الإقليمية والعالمية ولا العلاقات بين الدول في الأكثر، ولا بالكلمات الإعلامية والتهدئات الشكلية، وأن الحل في الإصلاح العملي الذي يجب أن يكون واقعاً مشهوداً، وحلّ المشكلات القائمة لا غير.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خطبة الجمعة (350) 5 محرم الحرام 1430هـ 2 بناير 2009مرابعاً: رواية رسمية:
وقفتم على رواية رسمية بشأن وجود خليّة إرهابية أو تنظيم تخريبي.
ماذا يراد من إعلان هذا الأمر، ومن سوق هذه الرواية على مسامع الشعب؟ هل يراد التصديق؟ مثل هذه الأخبار هناك من هو مستعد لأن يصدّقها دائماً، وبغض النظر عن من يصدّق أو يكذّب، فإنّ مثل هذه الرواية وأمثالها حين تُعرض على أسس الإثبات الدينية، أسس الإثبات العلمية، على قرائن الأحوال الخارجية، وما وفّرته مثل هذه الدعاوى من قرائن فإن الرواية لا تملك قيمة علمية على ضوء كل هذه الأسس والموازين.
لا العلم يساعد على الإثبات، ولا الدين يساعد على الإثبات، والقرائن الخارجية مضادة للقضية تمام المضادة. هذا فهمي، والجهة الرسمية لن تأخذ بفهمي ولا فهمك، ولكن يبقى واجب إظهار الحق.
ومن جهة أخرى، هناك خليّة خطيرة عظيمة الخطر على الوطن كلّه، على أمنه، واستقراره، على وحدته، على مصلحته، على حاضره، على مستقبله، خليّة تستّرت عليها الحكومة، وكمّمت الأفواه دون الإفصاح عن أسرارها، وعن أبعادها، وشخوصها، ونسيجها، وهي الخلية التي تحدث عنها تقرير البندر. ونقول هنا: إذا أردتم أن تُحاكموا أي خلية تدّعون وجودها فنحن نطالب بمحاكمة الخلية الإرهابية التآمرية والتي تحدث عنها تقرير البندر أولاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خطبة الجمعة (339) 20 شعبان 1429هـ – 22 أغسطس 2008مأنجح طريق وأقصر طريق:
للكثير من الأوطان مشكلاتها من خلافات داخلية، ونزاعات، ومن هذه النزاعات ما هو صعب، وما قد يكون أضعف ثقة كل طرف في الآخر.
وتختلف الأوطان في مثل هذه الأوضاع فقد يستمر التصلب فتتصاعد وتيرة الخلاف والنزاع إلى حد الصراعات المدمِّرة ليشهد الجميع موسماً سيئاً من حصاد الكوارث المؤلمة، والخسائر الجمَّة، والمصير الأسود.
وقد يتدخل العقل والدِّين والمصالح المشتركة لِتُوقِف التدهور في الأوضاع، وتمنع الانزلاق في مخاطر كبيرة، ويكون في ذلك رحمة للجميع تنحفظ بها المصالح، وتدرأ بها الخسائر والمفاسد والنكبات.
وأنجح طريق وأقصر طريق لحل مشكلات الأوطان حتّى ما صعب منها هو الأخذ بمبادرات الإصلاح ممن بيدهم القرار لتخفيف حالة الاختناق الضاغط، والأوضاع السيئة، والأزمات المثيرة، وتبريد الأجواء الساخنة.فمبادرات الإصلاح إذا جاءت جادَّة ومخلصة وملفتة تملك قدرة كبيرة على احتواء الأزمات وهي لغة عملية إصلاحية لا تعدلها لغة.
وَلمَوقف واحد جادّ، وتجربة واحدة صادقة من تجارب الإصلاح العملي ومبادراته الفاعلة لتفوق في تأثيرها الإيجابي وبناء الثقة واستعادتها بعد ذوبان سنوات من إعلام الوعود والإغراءات الكلامية التي لا شاهد لها على الأرض.
ومبادرة من هذا النوع تخلق أرضية صلبة لحوار واصل، وتوافق بنّاء.
وإطلاق عدد من الموقوفين أو المحكومين كان مبادرة جيّدة تحتاج إلى استكمالٍ بالإفراج عن كل من بقي منهم لاستتمام هدفها المطلوب بدرجة أكمل، وإلى لإضافة مبادرات أخرى على مستوى البُعد الديني والدنيوي لحياة الشعب، وحوار هادف جاد تُودِّع البلاد بنتائجه المتوافَق عليها واقع الخلافات والنزاعات المخوفة، والأزمات الخطيرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خطبة الجمعة (336) 28 رجب 1429هـ 1 اغسطس 2008مأزمتنا سياسية:
وما سيطرح تحت هذا العنوان خطوط عريضة من غير تفصيل لضيق الوقت.
أزمتنا جذورها سياسية، وتجد مادة مناسبة في الاختلاف المذهبي، والأجواء الإقليمية الطائفية المعاشة.
وتوجد أسباب جانبية يمكن مواجهتها لولا الجذر السياسي للمشكلة.
نجد أن التحسن السياسي يخفف من التوتر الطائفي، وأن أي انتكاسة سياسية تثير هذه المشكلة من جديد وبشكل خطير جداً مما يدل بوضوح على أن المشكلة سياسية أصلا.
والتغلب على الطائفية في الحل السياسي.
والتقارب الشعبي يعيقه الجو السياسي الملبّد بالغيوم والملغّم بأخطر الألغام.
للمجلس الإسلامي العلمائي تجربة على طريق التقارب، وقد جاءت في ضوء شعار وحدة وطنية وإسلامية وهو شعار سابق للمجلس نفسه. فقد بعث المجلس قبل ما قد يزيد على سنة برسائل للجمعيات الإسلامية من الطائفة الأخت الكريمة في البلد، ولا زلنا ننتظر الجواب. كانت رسائل تطلب اللقاء ولو اللقاء الأولي للحوار والتفاهم ومحاولة التقريب.
إطلاق السجناء خطوة إيجابية على الطريق الصحيح، وخيار ناجح ويحمل قابلية تبريد الأجواء تمهيداً لإنجاح إرادة الحل فيما يُطلب، وينبغي.
والخطوة على قيمتها المقدّرة تحتاج إلى إتمام بلافراج عن كل السجناء والموقوفين على ذمة قضايا عدّتها الجهات الرسمية أنها من قضايا الأمن.
وخطوة إطلاق السجناء تتعامل مع تداعيات المشكل. فهناك مشكل هو الشعور المتبادل بالاستهداف، هذا الطرف يشعر بأن الطرف الثاني يستهدفه، والطرف الثاني يشعر بأن الطرف الأول يستهدفه، هذا هو لبّ المشكلة في ساحتنا السياسية.
وهذا المشكل له جذور، وأسباب وهي الملفات والقضايا المختلف عليها، والتي لا زالت معطّلة.
وهناك تداعيات للمشكل نجدها في هذه المواجهات والتوقيفات والمحاكمات وأحكام السجن والقلق الأمني الذي يشعر به الناس هنا.
والعلاج الناجع في أن ننظر إلى الجذور، وأن نبحث في الملفات المختلف عليها عن طريق الحوار، وأن تأتي خطوات إصلاحية تتعامل مع أساس المشكلة لتعود ثقة الطرفين، ولتتضافر جهود السواعد على بناء هذا الوطن البناء الصالح المجيد وهو ما نتمنّاه كل التمنّي، ويجب علينا أن نساعد عليه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خطبة عيد الأضحى المبارك 1426هـالسجناء ثالثة:
نعود لقضية الشباب السجناء المعتقلين والملاحقين للمرة الثالثة لأهميّة الموضوع وإن كانت الموضوعات المهمّة تملأ ساحتنا.
وقد كان لي في القضية نداءان من باب النصيحة لله ولرسوله وللمؤمنين، وحرصاً على سلامة الوطن العزيز وأمنه واستقراره: نداء بإطلاق المعتقلين وعدم ملاحقة الملاحقين، ونداء بتوقف المظاهرات التي كانت جارية بشأن القضية، والآن لا مظاهرات لهذا الوجه فبقي أن تتعاون الحكومة مع الشعب، وتُظهر حسن نية في الموضوع، وتنهي القضية التي ابتدأ الخطأ فيها من عندها بسلامٍ تنقيةً للأجواء، ونأياً بالوطن عن الاحتقانات والتوترات، وأن يأخذ الجميع باللغة التي تقطع الطريق على العُنف، وتمنع من تدهور الحالة الأمنية، ومُجمل الأوضاع، وتعزز الثقة، وتبني جسور التلاقي.
وإن أبلغ لغةٍ على طريق بناء الثقة، وقطع دابر السوء، واستقرار الأمن هي لغة الإصلاح العملي، والمشاريع البنّاءة، والاستجابة للحقوق المنقوصة، والتوقف عن المشاريع والقوانين الحكوميّة المستثيرة والمتحدية. يقابل ذلك إذا تحقَّق بتقدير إيجابي، وبالأخذ بالأساليب السياسية السلمية في المطالبة بتدارك السلبيات، وتصحيح الأوضاع مما لم يصحَّح.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خطبة الجمعة (237) 8 ربيع الأول 1427هـ 7 ابريل 2006مقضية المعتقلين:
ظاهرة المعتقلين السياسيين تُعتبر ظاهرة استثنائية في كل بلد، وهذه الظاهرة تُهدِّد دائما بأحداث وتوتّرات صاعدة ومتفاقمة وخاصة عند حدوث أي عامل مساعد على ذلك.
وتظل الحالة في نفسها في عدد من البلدان ومن غير عوامل مساعدة مرشّحة لخلق أزمات مستجدّة بالإضافة إليها بما هي أزمة حادّة تضغط على الضمير الشعبي اليقظ بصورة عامة، وعلى القلوب المحترقة لأمهات السجناء وآبائهم وزوجاتهم وذويهم بصورة دائمة وخاصة.
وتخطئ الحكومات التي تعتبر أن بقاء المعتقلين السياسيين في السجون مهدّئاً أمنيّاً حيث إن المعتقلين السياسيين أصحاب قضية لا يعيشون همها وحدهم، ولا يمكن للشعب الذي يحتضن قضيتهم أن يسكت على عذابهم. وسجنُهم يُغذِّي الشعور بالقضية ويثيرها عند ذلك الشعب بدرجة أكبر وليس أنه يغيِّبها، وإنَّه ليضيف إليه شعوراً بالمعاناة النفسية لمصيبة من سُجن لصالح القضية، وشعوراً بالإثم لما قد يحتمله من تقصيرٍ من جانبه في أولئك السجناء.
والمعتقلون الذين بدأت قضيتهم بالخطأ الرسمي في حادثة المطار ثم توسّعت في ذيول تابعة لها، لا بد أن تتحمل الجهة الرسمية مسؤولية خطئها الذي ارتكبته في هذه الحادثة والذي لو لم يُحتوَ بسرعة بالنسبة لموضوعه الأصل لساءت الأمور إلى الحد الذي لا يعلمه إلا الله. ويتمثل ذلك الخطأ في الفعل الاستفزازي للضمير الشعبي المقدِّر للقيم الدينية والتي لا يمكن أن يُضحّي بها ولا برموزها في أي ظرف من الظروف.
ونحن نقف من أصل القضية ومن الحكم على الشباب فيها ومن استمرارهم في السجن موقف الإنكار التَّام ونطالب جداً وبشكل سريع بإطلاق سراحهم.كما نهيب بكل الجمعيات والفعاليات السياسية أن تعمل جاهدة على هذا الأمر.
ثم إننا لسنا مع حوادث عنف وحرق وتخريب وضرب من أي جهة رسمية أو شعبية. ولسنا مع السكوت عن المطالبة الشرعية والمدروسة والمنضبطة للموازين الفقهية بالحقوق.
ونرى أن اشتراك أكبر عدد ممكن من الجمعيات والفعاليات السياسية المختلفة في الضغط لصالح الإفراج عن المعتقلين بالأساليب العُقَلائية هو الطريق الأهدأ والأبعد عن الخسائر الوطنية لحل هذا الموضوع المؤرّق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خطبة الجمعة (155) 1 ربيع الثاني 1425هـ 21 مايو 2004مشأننا العام المحلي:
أرى في إطلاق المعتقلين أخذا بالصحيح، وفي الخطوة عدل، وفي الخطوة أمن أكثر، وفي الخطوة فتح لباب الحوار لا الاحتراب. على أن مشكلة المعتقلين مشكلةٌ عرض، وهناك مشكلة جوهر أساس، والعرض ما أن يذهب حتى يعود ما بقي الجوهر، فالعمل لابد أن يكون على تصحيح ما هو الجوهر، وعلى معالجة ما هو الجوهر.
المهم الاتفاق على الحقوق والواجبات والتقيد بها، والاحتكام إليها من خلال دستور أقرب إلى العدل، وأقرب إلى الاعتراف بحقوق الشعب.
والإصلاح حاجة الجميع وليس حاجة طرف واحد، وفي التأخر عنه مضرة الجميع، وكل يوم يمرّ ليتأخر الإصلاح هو في غير صالح البحرين بكاملها.
نحتاج إلى جد في مسيرة الإصلاح، وتسريع خطىً، وأجواء مساعدة من الطرفين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خطبة الجمعة (237) 8 ربيع الأول 1427هـ 7 ابريل 2006مقضية المعتقلين:
ظاهرة المعتقلين السياسيين تُعتبر ظاهرة استثنائية في كل بلد، وهذه الظاهرة تُهدِّد دائما بأحداث وتوتّرات صاعدة ومتفاقمة وخاصة عند حدوث أي عامل مساعد على ذلك.
وتظل الحالة في نفسها في عدد من البلدان ومن غير عوامل مساعدة مرشّحة لخلق أزمات مستجدّة بالإضافة إليها بما هي أزمة حادّة تضغط على الضمير الشعبي اليقظ بصورة عامة، وعلى القلوب المحترقة لأمهات السجناء وآبائهم وزوجاتهم وذويهم بصورة دائمة وخاصة.
وتخطئ الحكومات التي تعتبر أن بقاء المعتقلين السياسيين في السجون مهدّئاً أمنيّاً حيث إن المعتقلين السياسيين أصحاب قضية لا يعيشون همها وحدهم، ولا يمكن للشعب الذي يحتضن قضيتهم أن يسكت على عذابهم. وسجنُهم يُغذِّي الشعور بالقضية ويثيرها عند ذلك الشعب بدرجة أكبر وليس أنه يغيِّبها، وإنَّه ليضيف إليه شعوراً بالمعاناة النفسية لمصيبة من سُجن لصالح القضية، وشعوراً بالإثم لما قد يحتمله من تقصيرٍ من جانبه في أولئك السجناء.
والمعتقلون الذين بدأت قضيتهم بالخطأ الرسمي في حادثة المطار ثم توسّعت في ذيول تابعة لها، لا بد أن تتحمل الجهة الرسمية مسؤولية خطئها الذي ارتكبته في هذه الحادثة والذي لو لم يُحتوَ بسرعة بالنسبة لموضوعه الأصل لساءت الأمور إلى الحد الذي لا يعلمه إلا الله. ويتمثل ذلك الخطأ في الفعل الاستفزازي للضمير الشعبي المقدِّر للقيم الدينية والتي لا يمكن أن يُضحّي بها ولا برموزها في أي ظرف من الظروف.
ونحن نقف من أصل القضية ومن الحكم على الشباب فيها ومن استمرارهم في السجن موقف الإنكار التَّام ونطالب جداً وبشكل سريع بإطلاق سراحهم.
كما نهيب بكل الجمعيات والفعاليات السياسية أن تعمل جاهدة على هذا الأمر.
ثم إننا لسنا مع حوادث عنف وحرق وتخريب وضرب من أي جهة رسمية أو شعبية. ولسنا مع السكوت عن المطالبة الشرعية والمدروسة والمنضبطة للموازين الفقهية بالحقوق.
ونرى أن اشتراك أكبر عدد ممكن من الجمعيات والفعاليات السياسية المختلفة في الضغط لصالح الإفراج عن المعتقلين بالأساليب العُقَلائية هو الطريق الأهدأ والأبعد عن الخسائر الوطنية لحل هذا الموضوع المؤرّق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خطبة الجمعة رقم (249) 4 جمادى الثاني 1427هـ – 30 يونيو 2006مثانياً: مع المعتقلين:
تجدون أنه يطول السكوت عن قضية المعتقلين، على أنهم شباب أعزّاء كرام من شباب هذا الوطن الكريم، وحقّهم ثابت في ذمّة الجميع، فلماذا يطول السكوت عن قضيتهم؟! لأنه إذا كان المطروح هو الكلمة فالكلمة دورها إما التذكير وإما التأثير بإنتاج المطلوب مباشرة.
الحكومة لا تسمع لكلمة، ولا تُصغي أذناً لنصح، والشعب ذاكرته حيّة بالنسبة لقضية المعتقلين وكل قضاياه المأساوية الأخرى.
بتخطيط مدروس، أو بموقف ارتجالي غير مدروس كانت حادثة المطار من قبل الحكومة، وباستهداف مسبّق، أو بنتجية حتمية طبيعية كان الاستفزاز وإشعال نار الفتنة. وهذه الحادثة وما أعقبته بهذه الخلفية الخاصة إنما تكون من مسؤولية الحكومة، ولذلك فنحن نطالب بإطلاق الشباب القابعين وراء القضبان الحديدية في هذا الحر الشديد والذين يُعاملون معاملة أصحاب الجرائم الخلقية، ولا يمتازون بأي خصوصية للمعتقل السياسي في السجون، وهم يخضعون لظروف الاعتقال الذي يخضع له أولئك، ويُعانون من تلوّث الجو البيئي المعنوي بدرجة مهولة، فإلى جانب القسوة الجسدية ولو بلحاظ ظروف الحر الشديد يُوجد جوّ معنوي ملوّث فتّاك.
وقد بحّت أصوات أهالي المعتقلين وغيرهم بنداءات الإفراج، والحكومة لا تسمع نداء استرحام ولا احتجاج، ولا تكترث لمظاهرة أو اعتصام، ولا تعير اهتماماً لكل الوسائل السلمية، وكأنها تريد أن تُيئِّسَ من فاعلية هذه الوسائل لتُوقع البلد في فتنة، وتغرقها في محنة.
مطالبة الجمعيات السياسية وكل العقلاء والشرفاء والمنظّمات الحقوقية ليست تعدُّ ترفاً، وإنما هي واجب حتمي. لا بد أن يطالب الجميع بإنهاء محنة الشباب المعتقلين، وأن يُبذل أقصى ما في الوسع لإنهاء مأساة هؤلاء الأعزّاء.
ونحن نعرف أن الحكومة تتغاضى عن أحداث أخطر من حادثة المطار وما أعقبها من تداعيات، وهذا جيد، لأنه لم يرجع بأثر عكسي وإنما كان مساعدا على تهدئة الفتنة. ونحن نفرح بفرج أي مواطن، وللتسهيل على أي مواطن بما يخدم مصلحة الوطن، ويبعُد به عن المنزلقات.
نعم إن ذلك التغاضي ربما أنتج تهدئة، وجنّب فتنة وهذا ما نطلبه، ولكن الحكومة في جانب آخر من مثل حادثة المطار وما استتبعته نراها تصرّ أن تكون على أشد تشدّد، وأصلب تصلّب، ما التفسير؟ ما الخلفية؟ ما السر؟ ما الفرق؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خطبة الجمعة (235) 24 صفر 1427هـ 24 مارس 2006موضعنا الأمني:
سبق الحديث عن الوضع المحلي من حيث البُعد السياسي وذلك في الأسبوع السابق، ويجري الحديث الآن عن هذا الوضع من حيث البعد الأمني.الوضع الأمني سيء، ويؤلم النفس أنه يزداد سوءاً، وعلينا جميعاً أن نقف في وجه تدهوره. فكثيراً ما يفقد الناس دينهم في الفتنة، وفقد الدين أكبر من فقد الدنيا.وكثيراً ما تُخطئ الحسابات من هذا الطرف أو ذلك الطرف ليجد الجميع أنفسهم أمام مأزقٍ لا يكاد يُوجد مخرج منه.
وإذا كان للعقل أن يعمل بعد الكارثة، وجميلٌ له أن يعمل حينذاك، فإن عليه والأحرى به أن يعمل قبل أن تقع الشدّة ليقي منها.
هناك لغتان: لغة استعراض العضلات من جانب أو أكثر، تصلّبٌ بغير حق، سجون، رصاص، قتل، مسيرات، مظاهرات، حرق، اعتداء، تدمير إلخ، هذه لغة يمكن أن يتبادلها شعب وحكومة لتخسر كل من الحكومة والشعب.وهذه لغة لا يأخذ بها عاقل إلا حين يُخاف أن يضيع الحق، وتنقلب الموازين، وحين لا يوجد أي مخرج آخر.
لغة الحرب معروفة في الأرض، ولكنها اللغة الاستثنائية عند العقلاء وفي الدين. اللغة الأصل والتي أصلحت الأرض في الغالب هي لغة غير هذه اللغة، وهذه اللغة قد يحتاجها أي مجتمع، ولكنها لما لها من خطورة، وفداحة خسائر تحتاج إلى عقل كبير، وأمانة كبرى، وقد احتاجت الحروب وإدارة الأرض في تقدير الله إلى المعصوم عليه السلام.
وانظروا إلى خطورة الحرب، فإن المشهور من الرأى الفقهى يذهب إلى أن الجهاد الابتدائي إنما يكون بقيادة المعصوم عليه السلام، أو نائبه الخاص ولا تكفي قيادة الفقيه ممن له النيابة العامة.

زر الذهاب إلى الأعلى