آية الله قاسم يشارك في حفل تكريم طلبة العدل المنتظر بالمرخ

خلال استضافته في الحفل التكريمي السنوي الذي تُقيمه «العدل المنتظر» …
سماحة آية الله الشيخ عيسى قاسم يؤكد على أهمية التربية الصالحة للأبناء ويشدد على دور الآباء في ذلك.

أكدّ سماحة آية الله قاسم على أهمية التربية الصالحة في حياء الأبناء، وقال: «لو تركت هذا الجيل من أي تربية فكرية ولا نفسية ولا خبروية لبقيَ المادة الخام غير المعطاءة، لكان العالة على مجتمعات الآخرين، وكان على طريق الموت والذوبان، ولو أعطيت عنايتك لهذا الجيل وتعلمت كيف تربيه التربية المنمّية المنقذة المزكية، لاستطعت أن تصنع منه الطيارين والمهندسين والأطباء والفقهاء والمقاتلين والخبراء العظام الذين يحققون مستقبل سعيد للأمة»، مشدداً في الوقت ذاته على دور الآباء في تحقيق ذلك.

جاء ذلك على هامش الحفل التكريمي السنوي الذي أقامته هيئة العدل المنتظر للتعليم الديني مساء يوم الأربعاء الماضي بمأتم المرخ، إذ استضافت على إثره سماحة آية الله قاسم لإلقاء كلمة تربوية، لتقوم بعدها بتكريم المدرسين والطلبة ومؤسسات القرية.

وفي بداية كلمته تطرّق سماحته للحديث عن أهمية العلم والعمل، إذ قال:«هذه قريةٌ من قرى الإسلام، كيف يجب أن تكون؟ وكيف يجب أن تكون كل قريةٍ من قرانا؟ يجب أن تكون الأكثر والأصدق علماً، الأشد سعياً إلى العلم، الأحرص على العلم، وأن تكون أحسن عملا، والعلم كما نعرف بلا عمل يحمّل الإنسان مسؤولية ثقيلة وبدل أن يكون طريقاً إلى الجنة ربما كان طريقاً إلى النار، فكل الأمم تحاول أن تبقى، كانت أممَ حق أو باطل، ولا بقاء لأمة حيث تنفصل عن ميراثها الحضاري».

وأضاف سماحته: «وحيثُ نستطيع أن نُعرّف هذا الجيل، أن له طاقات هائلة، وأن بشراً مثله استطاع من خلال الارتباط بالمنهج الصحيح، من خلال العلم وتعوّد العمل الصالح أن يرقى إلى أكبر الدرجات وأن أُناساً كانوا يتصفون بالجاهلية جاءهم منهج الإسلام، وجاءهم الرسول الكريم (ص) الذي يحمل هذا المنهج، فحوّلهم شيئاً آخر، وأعطى منهم أمةً هي أقوى الأمم وأكثرها استقامة، أعطى منهم أمة كانت تركع للصنم فعادت لا تركع وتسجد إلا لله، وكانت تقتات القدّ وربما اعتلفت ما يعتلفه الحيوان وكانت تقتتل على قبضة من برسيم أو ما يشبهه، ثم صارت طموحاتها الطموحات العالمية الكبيرة، وكان من طموحها أن تنقذ العالم كله وتضعه على خط الله عزّ وجل ».

وبشأن أهمية التربية، أشار سماحته إلى أن: «صنع التربية عجيبٌ هائل، فالتربية السيئة يمكن أن تنحط بكل قدرات الإنسان واستعداداته وقابليته لتحوله من ناحية فعلية إلى صفر، والتربية الصالحة بإمكانها أن تدفع بقابليات الإنسان واستعداداته ومواهبه إلى أوجها وقمتها، لتصنع من هذا الإنسان صناعاً قوياً وفاعلاً لحضارة قوية وثابتة وخالدة، في مقدور التربية أن تبزَّ ثقة الإنسان في داخله لتحوله هباءاً ضائعاً لا يرى في نفسه قدراً في الناس ولا يعطي لنفسه كرامة ولا موقعا، والتربية الصالحة يمكن أن تنفخ روح العزة والكرامة والثقة في داخل هذا الإنسان لتحول من هيكله الجسمي الضعيف إلى شعلة نشاطٍ وإلى عملية عطاءٍ مستمرٍ متدفق يُنتج على مستوى الفكر والشعوب، فالتربية حين يُحسنها صاحبها صنعا، يصنع العجيب في هذا الأرض».

وتطرقّ سماحته إلى دور الآباء، موضحاً أن «هذا الطفل يمكن أن تصنعه من خلال التربية إنساناً مجرماً، ويمكن أن تصنعه إنساناً صالحا، يمكن أن تجعله إنساناً خائفاً مرتعداً ضائعاً، ويمكن أن تصنعه إنساناً واثقاً وقدير على العطاء والإنتاج، فبالنسبة للأخوة الآباء، إذا فكرت في مستقبل طفلك فأودعه يد التربية الأمينة، إن أردته فاسقاً فاجراً خبيثاً سيئاً، خذ به إلى جماعة معينة تصنعه كما تريد، أما إذا أردته التقي العالم والصالح النافع والحيوي الفاعل المغيّر سلّمه إلى جماعةٍ من نوع آخر تصنعه لك كذلك، إذا أردته يبقى الجاهل الذي لا يملك أن يعطي الشيء الكثير وليست له بصيرة ولا يكاد يعرف شيئاً في هذا الكون، فلا تسلمه إلى مربٍ ولا تعلمه وأبقه في الشارع».

واستشهد سماحته بعدة أمثلة قائلاً: «لو زرعنا مائة نخلة في هذه القرية، وسبّلناها، كم سنسدي من جميلٍ للآتين لو قفرت الأرض؟ ، لو زرعت ألف شجرة تفاح ونجحت في زراعتها، وسبّلتها للمؤمنين، كم ستشعر أنك تركت؟ وحقك أن لو خلّفت من بعدك خمسةً من الرجال، صنعهم مالك الصنع الجيّد، أو وقتك وجهدك الفكري، وأي مشاركة من مشاركاتك، لكان ذلك أثرى وأثرى من مليون نخلة، ومن مليون شجرة تفاح، هؤلاء الذين يستطيعون بعد ذلك أن يُثروا العقول والنفوس».

ووصف سماحته الجيل الناشئ بالأرض الخصبة، وقال أنها «إما أن تُهمل، لا تُسقى ولا تُرعى، فتظل على خصوبتها المكتنزة من غير عطاء من ناحية فعلية، وإما أن تُزرَع علقما، فتُعطي، بحيث تُزرع إيماناً وفهماً وعلماً وروحيةً قوية، ونفسيةً عالية، وحباً لله ولأولياء الله ولخط الله، وتُزرع انتماءاً ولائياً صادقاً للحق وأهله، وتُزرع عزيمةً وإرادةً قويةً وشموخاً وكرامةً وعزةً لله، حينما نزرع هذه المعاني لهذا الجيل، ونقدّم له البصيرة والخبرة فإنه سيكون الجيل الجديد الذي يفوقنا في القدرة على التغيير والتفاعل الواعي والمسؤولي مع الأحداث، هنا سنصنع جيلاً لابد أن يُغيّر وجه الحياة».

لمشاهدة الكلمة :

زر الذهاب إلى الأعلى