خطبة الجمعة رقم (252) 5 من شهر رمضان 1427هـ – 29 سبتمبر 2006م

مواضيع الخطبة:

حديث في الهوى + معركة الكرامة + تقرير البندر

 

معركة حزب الله ضد إسرائيل، هي معركة من أجل الإسلام والأمة والوطن والإنسان، ومن أجل موازين الحق والعدل في الأرض والعزة والكرامة، ولم تكن لبطر ولا أشر

 

الخطبة الأولى

 

الحمد لله الذي خلق الخلائق وهو غنيٌّ عنها، وهي الفقيرة إليه في بقائها فقرها الكامل إليه في حدوثها، لا تستغني بشيء عنه لحظة من لحظات وجودها إذ لا غنيَّ سواه، ولا مالك لشيء إلا به.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم تسليماً كثيراً كثيراً.
أوصيكم عباد الله ونفسي الأمّارة بالسوء بتقوى الله، وتوطين النفس على الرِّضا بقضائه وقدره، والانقياد إلى أمره ونهيه، فإن قضاء الله وقدره قائمان على العدل والحكمة، وأمره ونهيه وهما كذلك لا يستهدفان إلا جلب المصلحة للمكلف، ودرء المفسدة عنه، وليس لله عز وجل في خلقه وطاعتهم من حاجة، وهو الذي يحتاجه كل ما خلق، ومن خلق، وبيده أمر كلّ شيء، وهو على كل شيء قدير.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم. اللهم ادرأ عنا السوء، واكفنا شرّ الدّارين، ولقّنا خيرهما، واهدنا لما اختلف فيه من الحقّ، واجعل أخذنا به، ونبذنا للباطل، ولا تلحقنا بالظالمين أبداً يا أكرم الأكرمين، وأجود الأجودين، يا من هو على كل شيء قدير.
أما بعد أيها الإخوة والأخوات في الإيمان فهذا حديث في الهوى:
والهوى دوافع وشهوات مادية، ورغائب دنيوية في قبال العقل وحكمته، العلم وهداه، والدين ورشده، والوجدان وطهره، والقيم وسموِّها، والموازين والضوابط وعدالتها، والتكاليف الشرعية وبنائها. كل ذلك في كفّة، والهوى في كفّةٍ أخرى.
الهوى طاقة تُضاد وتعادي كل ما ذُكر من عقل وعلم إلخ. كل الثوابت وكل القيم وحكمة العقل، وهدى العلم، ورشد الدين، وطهر الوجدان، وسموّ القيم، وعدالة الموازين والضوابط، وما تستهدفه التكاليف من بناءٍ وتكامل لهذا الإنسان كل ذلك في ضفة، والهوى في ضفة أخرى مقابلة.
نستطيع أن نقرأ شيئا من هذا في النصوص الآتية:
{أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً}(1). الله عزّ وجل والدين الذي ارتضى يحلّ الهوى محلّهما في قلب عبدٍ اتّبع الهوى، فتجدون المقابلة في الآية الكريمة بين الله والدين وبين ما هو الهوى.
ومثل هذه الآية الكريمة الآية الأخرى {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}(2).
هوى يعني العمى في جانب، الله عز وجل والدين الهادي منه تبارك وتعالى في الجانب الآخر.
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}(3).
الآيات دين، والآيات برهان، والآيات علم وهي في جانب، والهوى في جانب آخر، وهي تدفع في اتجاه، والهوى يدفع في اتجاه آخر.
وهناك نصوص أخرى في هذا المجال نتجاوزها الآن.
والهوى له نتائج، ومجموعة الدين والعقل وما دار مدارهما لها نتائج، ونقرأ من نتائج الهوى:
“الشّهوات تسترقّ الجهول”(4).
وكل ذي هوى جهول، والشهوات هي الهوى، والشهوات تسترق صاحبها. عبد الشّهوات أخس عبد، ورقيق الشهوات أخسّ رقيق.
إذا كان العبد عبداً لسيد من الناس ربما كان لذلك السيد مهما ساء شيء من عقل، شيء من حكمة، شيء من رشد، فينعكس ذلك على عبده، أما الشهوات فكلها ضلال، وكلها تيه، وكلها زيغ وانحراف، وكلها جهل، فإذاً عبد الشهوات أخسّ بكثير من عبد غيره.
“عبد الشّهوة أذلّ من عبد الرّق”(5).
وإن كان سيد جبّار ظالم متغطرس يذل من استعبده، لكن ذلك يصغر أمام استعباد الشهوات لمن استرقّته، فرقيق الشهوات دائما خاضع فكرا، خاضع ضميراً، خاضع إرادةً لضغط الشهوات الذي لا يفارقه لحظة، ولسيادة الهوى الذي يستولي عليه بالكامل.
فمن أراد أن يكون أخسّ عبد، وأذل عبد وأكثر الناس محكومية لطرف آخر ضار فليتبع الهوى؛ فإن الهوى لا يبقي عقلاً، لا يبقي عزما رشيدا، لا يبقي حكمة. وعن علي عليه السلام:”من قوي هواه ضعف عزمه”(6)، “غلبة الهوى تفسد الدّين والعقل”(7) إلى آخر هذه الكلمات النيرة التي تعطي صورة بشعة عن النتائج الخطيرة جداً لاستحكام الشهوة ولعبودية الهوى.
أقرأ هذا الحديث أيضا في نتائج الهوى “إنّكم إن أمّرتم عليكم الهوى أصمّكم وأعماكم وأرداكم”(8) بمعنى أهلككم، فالهوى يفقد الإنسان سمعه الإنساني وليس الحيواني، ويفقده بصره الإنساني كذلك بحيث لا يفيد معه علم، يتحول علمه إلى علم الحاسب الآلي، فاحتواؤه على العلم هو احتواء الآلة الصمّاء على العلم بحيث لا يسترشد به ولا يستضيء به في حياته.
أقرأ أيضا في هذا الباب “كم من شهوة ساعة قد أورثت حزنا طويلاً”(9).
حيث تُسقط شهوة الساعة شرفاً بنته السنون الطوال، وحيث تُذلّ شهوة السّاعة أكبر الناس عزّة في قومه، وحيث تنتقل شهوة الساعة بصاحبها من ضفّة الجنّة إلى ضفة النّار، وحيث تلغي شهوة الساعة شخصيةً امتحنتها التجارب واحتلّت مكانها في القلوب، واتّسع أثرها النافع في النفوس. هذه الشخصية المتينة العملاقة يكفي لإلغائها أن تستجيب لشهوة ساعة لا يرضاها الله.
وأما مقاطعة الهوى ومحاربة الهوى فتقول عنها الآية الكريمة {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}(10).
الموقف الصارم من الهوى:
“ضادّوا الشّهوة مضادّة الضدّ ضدّه، وحاربوه محاربة العدوّ عدوّه”(11) انظر إلى ألد أعدائك، واجعله في الخانة الثانية بعد عداوتك للهوى حيث إن الهوى يبيع النفس بالثمن البخس، وحيث إن الهوى يسلك بالمرء غير طريق المجد، وحيث إن الهوى يُذل النفس للأعداء، وحيث إن الهوى يجعلك تقتل شخصيتك وتغتالها بنفسك.
“حقٌٌّ على العاقل أن يقهر هواه قبل ضدّه”(12).
وقد يكون النجاح في مواجهة الهوى سبباً كبيرا جدا في التغلب على الأضداد، فإن أردت نجاحا في هذه الحياة وفي الآخرة فقف شديدا عنيدا أمام هواك.
“غالب الشّهوة قبل قوّة ضراوتها، فإنّها إن قويت (عليك) ملكتك واستقادتك ولم تقدر على مقاومتها”(13).
هناك خيل ذلول، ومطية ذلول يمكن أن تنقاد بسهولة، وفي حالة من الاستسلام الكامل ومن غير مقاومة أصلاً، والنفس تكون هذه المطية إذا قادها الهوى، إذا اتّبعت الهوى واستمرّت على اتباعه غير مقاومة له قادها الهوى كما تقاد المطية الذلول، والهوى لا يقود إلا إلى شرّ.
والشّهوة تبدأ بدرجة من القوّة، وإذا أخذت من النفس موقعها وتقدمت على العقل والدين والرويّة والتجربة والحكمة في النفس انبنت لها قوة أكبر، وتعملقت في النفس حتّى تستطيع أن تهزم كل هذه القوى وبسهولة، ولذلك قالت الكلمة عن علي أمير المؤمنين عليه السلام “غالب الشّهوة قبل قوّة ضراوتها..” قبل شدتها، قبل عنفوانها، قبل أن تبلغ حد العنفوان، وقبل أن تستولي على النفس ” فإنّها إن قويت (عليك) ملكتك” ملكت منك عقلك وحكمتك وعلمك وموقعك وآمالك وطموحاتك ودنياك وآخرتك، ملكت عليك كل أقطار نفسك.
“فإنّها إن قويت (عليك) ملكتك واستقادتك” ذليلا، أسيراً، مطاوعاً، مهزوما من داخل النفس “واستقادتك ولم تقدر على مقاومتها”.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، اللهم اصرف قلوبنا إليك، واجعل إرادتنا في ما نختار من فعل وترك من إرادتك، ولا تجعل في حياتنا لحظة مفارقة عن طاعتك وما يرضيك، يا حنان يا منان يا ذا الفضل والإحسان يا أكرم الأكرمين.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ (4)}

 

الخطبة الثانية

 

الحمد لله الذي لا يخالط علمه جهل، ولا عدله ظلم، ولا قدرته عجز، ولا كماله نقص. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وزادهم تحيةً وبركةً وسلاماً.
عباد الله علينا بتقوى الله، والجهلُ لا تقوم عليه التقوى وإن تراءى لصاحبه أن ما يأتيه منها. التقوى جذرُها المعرفة، ومن عرف اللهَ اتّقاه، ومن أخطأ معرفته لم يُصِبْ رشداً ولا تقوى. والعارف بالله عاشقٌ للحَسَن، آخذ به، مبغضٌ للقبيح تارك له.
اللهم صل وسلم وبارك على محمد وآل محمد، اللهم صل وسلم على علي أمير المؤمنين، وعلى فاطمة الزهراء الصديقة الطاهرة المعصومة، وعلى الحسنين الزكيين الطاهرين، وعلى الأئمة الهادين الهادين من بعد الحسن والحسين: علي زين العابدين، ومحمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق، وموسى بن جعفر الكاظم، وعلي بن موسى الرضا، ومحمد بن علي الجواد، وعلي بن محمد الهادي، والحسن بن علي العسكري، ومحمد بن الحسن المهدي المنتظر القائم.
اللهم صل وسلم وزد وبارك على محمد وآل محمد، وعجل فرج ولي أمرك القائم وحفه بملائكتك المقربين، وأيده بروح القدس يارب العالمين.
عبدك وابن عبديك الموالي له، والممهد لدولته، الفقيه العادل، وفقهاءنا العدول جميعا العاملين في سبيل الله، والعلماء الصلحاء، والمجاهدين الغيارى، والمؤمنين والمؤمنات أجمعين وفقهم لمراضيك وسدد خطاهم على طريقك.
ربنا اغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا، وأبدلنا عن سيئاتنا حسنات مباركات مضاعفات وأنت أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين.
ربنا أعزنا بإخلاص العبودية لك، ولا تذلنا بالعبودية لأحدٍ سواك، فإنه لا رب غيرك، ولا معبود بالحق سواك.
أما بعد أيها الأعزاء من المؤمنين والمؤمنات فهذه بعض كلمات:
فاتني للسفر أن أتحدث على هذا المنبر عن معركة الكرامة، وأستدرك بكلمة قصيرة.
أولاً: معركة الكرامة:
معركة حزب الله ضد إسرائيل، هي معركة من أجل الإسلام والأمة والوطن والإنسان، ومن أجل موازين الحق والعدل في الأرض والعزة والكرامة، ولم تكن لبطر ولا أشر.
معركة إسلامية بما يعنيه الإسلام من عزّة ومن علم وحكمة وإنسانية وعدل وموازين حق، ومن عزمٍ وتصميمٍ وقوة وإيمان.
النصر المعنوي:
إنها معركة منتصرة على المستوى المعنوي يتمثل ذلك في أكثر من بعد وقضية:
‌أ- الثبات على الحق من القلة المؤمنة: عرفت الدنيا كل الدنيا أن القلة المؤمنة قادرة على الثبات والمضي بعزم لا يرتدّ ولا يتقهقر باتجاه الهدف الإلهي الكبير، وهذا نجاح معنوي هائل حيث تتلقّى القوى الجاهلية في الأرض كلّها درساً بأن المؤمن لا يُفلّ عزمه الإيماني بالحديد والنار. الثبات على الحق من القلّة المؤمنة، وفي أقصى درجات الشدّة، مع ذلك الإخلاص الصادق للإسلام وأهل الإسلام نصر تحقق بوضوح لحزب الله في معركته الباسلة.
‌ب- روح التضحية والفداء بلا حدود في سبيل الله تبارك وتعالى كان ذلك درساً آخر جسّدته المعركة على يد حزب الله واضحاً وجليّاً، وإنها لجرأة في ذات الله في وقت يسود فيه التخاذل والتكاسل والجبن والتجبين.
‌ج- جدارة القيادة العلمائية المؤمنة: كان ذلك معلماً واضحاً من معالم هذه المعركة الفاصلة بين الحق وبين الباطل.
وهنا وقفة: في فاصلة زمنية محدودة جداً التقى هذا العالم بقيادة السيد موسى الصدر وكانت ناجحة، وبقيادة الشهيد الصدر الأول وكانت مثالية، وبقيادة الشهيد الصدر الثاني وكانت قيادة رشيدة وصبورة ومواجهة، والقيادة العملاقة للإمام الخميني ومثّلت نقلة كبيرة في عالم اليوم، وأعطت هدى لهذا العالم، وأعطت عزة وكرامة لهذه الأمة وعلّمت الدنيا دروسا لا تنساها، وقيادة الإمام الخامنائي وهو يقف طودا عنيداً أمام إرادة الكفر العالمي كلّه، وقيادة البطل نصر الله وقد دوّخت إسرائيل واستقطبت أنظار العالم، وكل هذه القيادات علمائية مؤمنة ومن بيت الرسالة ولا ننسى أبداً القيادة الرشيدة للسيد محمد باقر الحكيم، ولا المواقف الحكيمة والمخلصة من سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني، وهما متحدران من بيت علي وفاطمة عليهما السلام.
النصر المادي:
اقتحام مواقع إسرائيلية متقدمة، وإيقاع خسائر في الأنفس والممتلكات في الطرف الإسرائيلي لم تكن متصورة لإسرائيل ولا لغير إسرائيل.
الرعب الذي فرضه المجاهدون والقيادة الفولادية على صفوف العدو، تقهقهر القرار الإسرائيلي عمليا وانكسار الإرادة الإسرائيلية التي كانت تطمح وحسب المُعلن في تصفية حزب الله وتجريده من السلاح وفرض السيطرة الغاشمة على لبنان.
إفشال المخطط الأمريكي الإسرائيلي في فرض تجربة الشرق الأوسط الجديد لتحتاج أمريكا وإسرائيل إلى جولة جديدة في هذا الاتجاه وستكون فاشلة أيضا إن شاء الله.
ونتائج أخرى: تعرية الفشل الكبير – ومع الأسف الشديد وهذا لا نسرّ به – الذي تعاني منه أنظمة الأمة وتقصيرها، وأن تأخّر النصر، وتعملق إسرائيل، وغطرسة إسرائيل لا لضعف في الأمة وإنما لوهن في الأنظمة، ولخيانة في الأنظمة، ولتبعية ذليلة من الأنظمة.
تعرية الانفصال الواسع بين الأنظمة وجمهور الأمة في الرؤية والهمّ والولاء والموقف.
التقارب الطبيعي المبدئي الديني بين أبناء الأمة، وقدرة الحدث الجاد والقيادة الرشيدة على توحيد الصفوف، واتّضاح أن الفواصل بين أبناء الأمة سياسية مصطنعة من فعل الأنظمة.
تعزيز ثقة الأمة في خيارها الإسلامي، وقدرته على الحل السريع.
انفضاح الأصوات النشاز المعادية لمصلحة الأمة عن عمد أو جهل وتخلف في الفهم الإسلامي.
ولقد كان خطاب المعركة في جانب حزب الله وقيادته الرشيدة خطابا متفوقا جداً، حقق نجاحا كبيرا حيث الانسجام بين البُعد الوطني والبُعد الإسلامي المنفتح، والبُعد الإنساني العام. ما ضاقت حكمة حزب الله ولا قيادته عن التوفيق – وليس التلفيق – الناجح بين البُعد الوطني، والبُعد الإسلامي في دائرته الواسعة، وبين البُعد الإنساني العام، وقد استطاع هذا الخطاب أن يتحدث بلغة محبّبة لكل طلاب العدل، ولكل طلاب الحق في هذه الدوائر.
القدرة الاستقطابية في دائرة الأمة وخارجها، والجمع بين النزاهة والشرعية لصفوف، والشحن الإيجابي من جهة المقاومة وجماهيرها من جهة أخرى، وليس سهلا أن تلتزم المبدئية وتتقيد بالحكم الشرعي، وتسلك خط النزاهة، وتنأى بنفسك عن منزلقات الكذب والزيف وأن تؤدي الغرض الإعلامي بأكبر درجة من درجات النجاح.
روح الانضباط والهدوء، والسكينة والوقار التي اتّسم بها خطاب القيادة، وعدم الانجرار إلى المهاترات التي قد تسبب شروخاً في صفوف الأمة وداخل كيانها.
الصدق وقوة الطرح والدليل الذي تمتع به الخطاب.
ومجمل القول: إنها معركة رسالية خالدة، وإنه قائد رسالي عظيم، وإنهم لجند مخلصون ثابتون، وإنها لقاعدة عامة واعية في هذه الأمة الكريمة، وإنه لتجاوب مخلص من جماهير الأمة.
ثانياً: تقرير البندر:
من هو البندر؟ وما قيمة تقريره؟
لقد شهد شاهد من أهلها، الرجل مستشار كبير اتخذته الخبرة الحكومية كذلك، وراتبه الضخم من الحكومة، وتقريره من الداخل، وليس من موقع الهامش أو ما وراء الهامش، إنه من موقع المعلومات الخاصة الأكيدة.
إنه بعيد عن المعارضة، ولم يكن معروفا للمعارضة الإسلامية بخصوصها أساساً، حتى الإسم ما كان متداولاً في إطار المعارضة الإسلامية، الرجل ليس شيعيا يمكنُ أن يُتّهم بشيء من الطائفية.
التقرير معه وثائقه، التقرير أحدث إحراجاً واضحاً من جانب الحكومة، التقرير على درجة كبير جدا الخطورة.
تخطيط حكومة، أو خطّ في حكومة ضد شعبها أو فئة منه على أساسٍ عنصري أو قومي أو ديني أو مذهبي خيانة كبرى، وجناية يُعاقب عليها القانون الدولي.
وللشعب المستهدف أو الفئة المستهدفة أن تعمل على حماية نفسها ديناً وعقلاً وعرفاً دولياً، وقانوناً.
والقضية بطبيعتها داخلة تحت عنوان الاضطهاد العام المنظّم والصادر عن سبق إصرار وتصميم.
تقرير البندر مدعوم بواقع مشهود قائم على الأرض، حي، يتمثل في مشاريع ومشاريع، من مثل مشروع التجنيس، والاستيلاء على الدين، والتجهيل، والالتفاف على الدستور، ومن خلال ذلك أقول: هذا التقرير يجعلنا خائفين من الحكومة، وقلقين على حاضرنا ومستقبلنا.
ليست الخائفة الحكومة من الشعب، أو من فئة خاصة منه، الحكومة ليس لها مبرر الخوف من أحد، لأن أحدا من الشعب لم يظهر منه ما ظهر من الحكومة من خلال هذا التقرير، يحق للشعب أن يخاف من الحكومة، وليس للحكومة أن تخاف من الشعب، ولذلك نحن نطالب بتطمينات عملية كافية، أما التطمينات اللفظية فهي من قيمة الصفر، هذا مع احتفاظنا بحق الدفاع عن النفس بكل الطرق السياسية وعلى مستوى الداخل، وعلى المستوى الدولي العام والمنظمات الدستورية.
فكل ما يمكن أن يؤدي إلى تطمين هذا الشعب على سلامة حاضره ومستقبله من مخططات تدميرية، من خطوات سلمية فعليه أن يأخذ بها من أجل الحفاظ على أمنه واستقراره، وأخوّته الوطنية القائمة بين كل مكوّنات وجوده.
ومن جهة خاصة الأوضاع لا يُكتب لها الهدوء بشعارات الديموقراطية من النوع الكاذب المزوّر عن طريق التصويت الالكتروني، وعن طريق التوزيع غير العادل للدوائر، وكل الإجراءات الرسمية التي تصب في هذا الاتجاه. هذه ديموقراطية الإعلام الكاذب، وهي مثله كاذبة.
والتجنيس السياسي الكائد الجائر معلمٌ كبير من معالم المشروع التخريبي التآمري القائم على الأرض، والذي أشار إليه تقرير البندر، لذا فالمسيرة الاحتجاجية ضدّ التجنيس تستحق حالة من الاستنفار العام مع الانضباط والتعقل، ويؤسفني أن وضعي الصحي لا يسمح لي بشرف هذه المشاركة.
وغفر الله لي ولكم.
اللهم صل وسلم وزد وبارك على محمد وآل محمد، واغفر لنا مغفرة جزماً حتماً والمؤمنين والمؤمنات أجمعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
ربنا حاجاتنا لديك معلومة، ولا تنقصك قدرة ولا رحمة، فإليك نرفع هذه الحاجات، ومنك ننتظر الفرج العاجل يا أرحم الراحمين، ويا أجود المعطين.
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 – 43/ الفرقان.
2 – 23/ الجاثية.
3 – 175-176/ الأعراف.
4 – ميزان الحكمة ج10 ص 379.
5 – المصدر نفسه.
6 – المصدر ص385.
7 – المصدر ص385.
8 – المصدر ص 377.
9 – ميزان الحكمة ج10 ص 383.
10 – 40-41/ النازعات.
11 – المصدر ص 383.
12 – المصدر ص384.
13 – المصدر نفسه

زر الذهاب إلى الأعلى