عاشوراء – كلمة عزاء الدراز يوم العاشر من محرم

قيمة كل أمة من هدفها، حجم الأمة، همّها،
إرادتها، طموحها جدها، من حجم هدفها، وهدف كلّ أمة من مثلها الأعلى لا يمكن أن يكبر
هدف أمة مثلها الأعلى، ولا مثل أعلى كالله سبحانه وتعالىfont>

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الغويّ الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله على كلّ حال، الحمد لله على كلّ نعمة، الحمد لله على كلّ بلاء، الحمد لله في الشدّة والرخاء، وصلى الله على سيّدنا وحبيب قلوبنا ونور بصائرنا محمّد وآله الهداة، سادة الأحرار والأباة.

الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. الموت لإسرائيل.. الموت لإسرائيل.. الموت لإسرائيل.. الموت للاستكبار العالمي.. الموت للاستكبار العالمي.. يحيا المستضعفون في الأرض.. يحيا المستضعفون في الأرض.. يحيا دعاة السلام والحرية.. نحن دعاة السلام والحرية.. نحن ضدّ الإرهاب الغربي.. وضد كل إرهاب.. نحن مع أحرار العالم.. ننادي بالحرية والسلام.. نحن أنصار الإمام الحسين.. صوت كربلاء يدوّي لنداء الحرية والسلام…

السلام عليكم أيها الأخوة المؤمنون ورحمة الله وبركاته..
قيمة كل أمة من هدفها، حجم الأمة، همّها، إرادتها، طموحها جدها، من حجم هدفها، وهدف كلّ أمة من مثلها الأعلى لا يمكن أن يكبر هدف أمة مثلها الأعلى، ولا مثل أعلى كالله سبحانه وتعالى، هناك أمثلة عليا أرضية وهمية، وهي أمثلة قاصرة محدودة، تنقلب إلى الطين، أما المثل الأعلى الحق فهو جبار السماوات والأرض، بارئ النسم، مدبر الكون كلّه.

الكمال المطلق هو الله سبحانه ومن كان مثله الأعلى الكمال المطلق الحق فإنّ رحلته إلى الكمال لا تنقطع، وإذا انشدّ النظر إلى الكامل المطلق سبحانه لم يأت من النفس أن تخطو خطوة تراجعية، ولا يمكن للإرادة أن تسقط ، أن تتردّد أن تتلكأ ، أن تتراجع وهي إرادة تنطلق من النظر إلى الله ومن الإنشداد إلى الله، لماذا هوّن على الحسين (ع) ما به؟ لأنّ ما حدث له صلوات الله وسلامه عليه من شدائد كان هو على علم تام بأنه بعين الله، وإذا كانت الشدة بعين الله سبحانه وتعالى فهي ليست بشدّة على النفس، ولا يمكن أن تكبر شدّة على نفس انشدّت لله، ولا يمكن لمصيبة أن تكَرثَ قلبا اتّصل بالله، ولا يمكن لموقف من مواقف التّحدي أن تزلّ عنده قدم ثبت على طريق الله، سّر العظمة عند الإمام الحسين (ع) الصمود، القوّة، الصلابة، الثبات، الإخلاص، الانفتاح هو أنّ الحسين (ع) قلب أخلص إلى الله، وجه أسلم إلى الله، نفس خلت إلا من تقديس الله وتعظيم الله وإجلال الله عزّ وجل، فأنت يا أمّة الإسلام إذا أردت عزة، إذا أردت كرامة وشموخا فليس عليكِ إلا أن تسلكي درب الله… إلا أن توثّقي العلاقة بالله، إلا أن تتهيّئي للتعرف على الله، إلا أن تنشديّ إلى الله سبحانه وتعالى.

يا من جئتم أنصاراً للإمام الحسين (ع)..
إن كنتِ امرأةً أنتِ هنا تحضرين، فكيف تنصرين الإمام الحسين (ع)؟! انظري كيف استطاعت زينب بنت أمير المؤمنين (عليه وعليها السلام) أن تثبت الثبات الذي يعجز عنه الرجال، زينب استطاعت ذلك بإيمانها، من خلال دروس العبادة التي عاشتها كلّ حياتها، من خلال وزنها الثقيل في الإيمان، من خلال التّمسك بالعفّة والطهارة والحجاب، الحجابِ عن السفه، الحجابِ عن الفساد، الحجاب عن الرذيلة، الحجاب عن كلّ ما يسقط، الحجاب عن كل ما يعطي للشهوة تسلّلا في قرار الإنسان، وفي صياغة قرار الإنسان.

أنتِ لن تملكي شخصيّة فولاذية تستطيع أن تقوم بدورٍ من أدوار زينب إلاَّ بأن تكوني شيئاً من عفاف زينب، شيئاً من إيمان زينب، شيئاً من وعيها، شيئاً من عبادتها، شيئاً من تقدّسها، هذا هو الطريق إذا أردتِ لجيلٍ جديد أن يهزّ الأرض كلّ الأرض، وأن يخسف بالكيان الإسرائيلي، وبكلّ كيانٍ ظالمٍ على وجه الأرض، بيدكِ تماماً أيّتها المرأة المسلمة أن تقلبي المعادلة الحاضرة، أن تقدّمي المتأخّر، وأن تؤخّري المتقدّم، أن تجعلي الأمة الإسلامية هي الرائدة فعلاً، أن تجعل الكفر يخسأ أمام الإسلام، ذلك بأن تخرّجي جيلاً مسلماً تقيّاً ورعاً صلباً قادراً على تحمّل الأعباء والمسؤوليات الإيمانية الضخمة، وكيف لكِ أن تصنعي هذا الجيل؟ وكيف لكِ أن تلدي هذا الجيل؟ ليس لك طريقٌ إلا بالرجوع الكامل إلى الإسلام، بالتخلّق بالخلق الإسلامي، بالتزام العفة والطهارة الإسلامية، بأن تتفلي على الموضات الغربية، بأن تتفلي على الموضات الأجنبية، التي تريد أن تحوّلك سلعة رخيصة تفتقدين من خلال وضعكِ السيئ والخسيس ذاك إنسانيتكِ وقيمتك وإيمانك وكل دورك الفاعل في الحياة.

أنت أيها الأب كيف تنتصر للإمام الحسين (ع)؟ خرّج لنا جيلا مؤمنا راقب بنتك، راقب ولدك، ابنِ أسرة إيمانية، تقوم للصلاة في وقت الصلاة، وتقدّس الصوم، وتذهب الحج للحج لا لغيره، وتعرف قيمة الجهاد، وتعيش حبّ الحسين (ع)، بطل العالم، المجاهد الكبير، والإمام المعصوم صلوات الله وسلامه عليه.

أنت أيّها الابن كن شمعة، بل كن شعلة، وكن نورا وهّاجا، كن شمسا في أسرتك إذا كانت أسرتك تعاني من ظلام في السلوك، في الفكر، في المستوى الإرادي، حاول أن تنقذ الأسرة التي تعيشها إذا وجدت فيها هبوطا، إذا وجدت فيها انبسارا، إذا وجدت فيها انحدارا عن الصراط المستقيم، أن تكونوا أنصارا للإمام الحسين (ع) فإنّما تكونون كذلك بهذا.

في ساحاتنا الإسلامية، مستويان من المواجهة، مستوى مواجهة القصور والانحراف والميل عن الصراط في ساحاتنا الإسلامية الداخلية، وهذا يحتاج إلى لون من الجهاد في هذه المرحلة، وهذه المواجهة مواجهة كبرى ومنها ينطلق البناء بعد انطلاقة البناء في داخل النفس، وهناك ساحة جهادية كبرى هي ساحة الجهاد في وجه الصهاينة، في وجه الاستكبار العالمي، لا لنملك الأرض، لنفسد في الأرض، وإنما لنصلح الأرض والإنسان.هاتان الساحتان كلّ ساحة منهما تحتاج إلى لون من الجهاد، في ساحاتنا الداخلية لا نريد أن نكون أنصارا للإمام الحسين (ع) بالسيف، نريد أن نكون أنصارا للإمام الحسين (ع) بالكلمة الرشيدة، بالموقف الرشيد، بالالتفاف بالرموز الدينية المخلصة، بالوعي القرآني، بالتّمسك بالثقافة القرآنية، برفض الغريب، برفض الدخيل من الفكر، برفض الغريب والدخيل من السلوك، من الموضات، من كلّ ما يريد أن يملك علينا ساحتنا في فكرها وفي سلوكها وفي عاداتها وفي كلّ شيء من جزئيّاتها وتفصيلاتها. الثقافة الغربية، الأنماط السلوكية الغربية تريد أن تحتلّكم احتلالا كاملا، أخطر من احتلال الصهيونية لفلسطين، تريد أن تحتلّ قلوبكم، تريد أن تحتلّ أرواحكم، تريد أن تحتلّ فكركم، لتكونوا من بعد ذاك أنصارا للصّهاينة مستسلمين، لتكونوا من بعد ذاك أنصارا للكفر تضحّون بأنفسكم من أجل الكفر عاشقين غافلين ساذجين، هذه معركة. معركة الجهاد الثقافي، معركة الجهاد السلوكي، الجهاد الفكري، معركة تتمثّل في إنكار المنكر، في المجادلة بالتي هي أحسن، في الأمر بالمعروف في النهي عن المنكر، في الزاوية الصغيرة من زوايا المجتمع، في الساحة الواسعة من ساحات المجتمع، كلّما استطعتم أن تجرؤ بكلمة الحق في رشدٍ وفي إسلوبٍ مؤثّر، وفي إسلوب مدروس فلا تبخلوا بكلمة الحق لئلا يغيب الحق من الساحة أكثر مما هو غائب، كلّ ساحاتنا الإسلامية تعاني من نقص، تعاني من تخلّف، تعاني من تردّي وانحدار، والجهاد في إطار ساحتنا الإسلامية العامة أن نجاهد الجهاد الثقافي، أن نجاهد على مستوى الفكر، أن نصرّ إصرارا كبيرا على أن ندرس الإسلام، على أن نستوعب الثقافة الإسلامية، على أن نحول كلّ زاوية من زوايا المجتمع مدرسة، على أن نحول كل بيت من بيوت المسلمين مدرسة، على أن نتمسّك بهذه الشعائر تمسّكا شديدا واعيا من الأعماق وفي تلافيف النفس، من دخيلة النفس وفي المسارب الخفيّة من كينونة الإنسان.
هذا لون من الجهاد، والجهاد في الساحة الأخرى، ساحة المواجهة للاستكبار العالمي، للصهيونية تتحمَّلُ مسؤوليته أول ما تتحمله تتحملها الأنظمة الرسمية، بأن تخرّج من الأمة الإسلامية مقاتلين أشداء، يعرفون حمل السلاح، ويجيدون استعمال السلاح ليكون مليار مسلم في الأرض وأكثر من مليار مسلم ومسلمة في الأرض جنودا لله، يستطيعون أن يخوضوا ساحة الجهاد الدموي ضدّ الصهاينة المغتصبين بكفاءة وجدارة، إنّ الأنظمة الحكمة في البلاد الإسلامية تتحمل هذه المسؤولية وتتحمل مسؤولية أخرى حيث تعمل سلبا على قتل الإرادة في الإنسان المسلم. حرام على الأنظمة في البلاد الإسلامية أن تقتل إرادة الجهاد، أن تقتل إرادة الكفاح في نفس الشاب المسلم، في نفس الشيخ المسلم، في نفس المرأة المسلمة. أطلقي أيّتها الأنظمة في البلاد الإسلامية للإرادة الإسلامية في داخل الإنسان المسلم أن تتفجّر فإنها إن تفجّرت نشرت الخير في الأرض وقضت على الشر، وأنت أيّتها الأنظمة ستكتسبي عزّة، ستكتسبي موقعا رفيعا من خلال رفعة الأمة، أمّا وأنت تبقين الأمة قطيعا من الغنم، وكمّا هائلا مبتسرا يفتقد الكفاءات العلمية، يفتقد خبرة السلاح، يفتقد الرجولة، يعيش حالة التميع، يعيش حالة الجنس الساقط، فأنت والأمة تسقطون جميعا، والأمة ستحاسب الأنظمة كلّها حين لا تعطي الأنظمة الأمة حقّها في الرعاية، رعاية الرجولة، ورعاية الإيمان، ورعاية الدنيا، ورعاية الآخرة، قلوبكم أيها الأخوة مع المجاهدين الفلسطينيين ضدّ الصهاينة لاسترجاع المقدسات، لانقاذ المسجد الأقصى، قلوبكم، مشاعركم، ألسنتكم، أيديكم، أموالكم مهم. كونوا بكلّكم عند الخط الأحمر، وتنتظرون دائما ساعة الصفر لإنقاذ فلسطين، لإنقاذ المسجد الأقصى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

زر الذهاب إلى الأعلى